الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانفال كارثة صدامية فريدة النمط

سلام ابراهيم عطوف كبة

2011 / 3 / 18
القضية الكردية


لا تخافوا، ننال نحن خلودا ً
وتنالونَ لعنة ً واحتقارا
نحن شعب الخلود جاء ليبقى
و" لنوري" السعيد ان يتوارى !

لا يجري النظر الى موضوعة التسلح التدميري الشامل بمعيار توازن القوى العسكرية فقط بل من زاوية التحدي الحضاري،لأنها رمز لنتائج عملية تراكمية متعددة الأبعاد والمستويات تضع البشرية امام خيارات صعبة ومفترق طرق خطير.والكيمياوي سلاح دمار شامل استخدمته كلتا الدولتين المتحاربتين،العراق وايران،بالعقد الثامن من القرن المنصرم في الحرب العبثية التي طالت ثماني سنوات،وتحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي والمنظمة الدولية – الامم المتحدة دون ان يتحركا ساكنا.وقد دشن استخدام الكيمياوي في حينه مرحلة تاريخية في الشرق الاوسط اتسمت بفوضى السوق والايرادات الاقتصادية والعسكرية المتنامية من كل حدب وصوب.الكارثة الاخطر ان صدام حسين استخدم الكيمياوي ايضا في حرب ابادة شاملة ضد الشعب الكردي لتحطيم ارادته،وفي سياق سياسة تطهير عرقي فريدة من نوعها.وتزامن ذلك مع حادثة تشيرنوبيل في اوكرايينيا عام 1986 اي على اراضي الدولة العظمى ذات الصداقة الاستراتيجية مع العراق.
احدث استخدام الكيمياوي تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية واخلاقية عميقة وتحولات جيوسياسية - استراتيجية في بلادنا وايران والمنطقة مع ادخال صدام حسين الشعب العراقي في اتون حرب مهلكة كارثية ثانية اثر احتلاله الكويت،نقل بها الازمة الداخلية العامة الشاملة الى خارج الحدود ليحكم قبضته الشمولية على السلطات بالانتهاكات الوحشية لحقوق الانسان،وتصاعد انتهاكات حقوق الانسان والاضطهاد القومي وحدة نفس وجبروت البعبع الديني في ايران.هذه التحولات الجيواستراتيجية هشمت سياسة الامن الاستراتيجي في الشرق الاوسط وانعكست آثار ذلك بحدة على شعوبه،مثلما احدثت تشيرنوبيل التداعيات المماثلة في الدولة العظمى لينهار صرح اكتوبر والسلام العالمي بالبيروسترويكا وتنامي النزعات الانفصالية.
بلغ عدد الهجمات الكيميائية للنظام العراقي في الحرب مع ايران(232)هجوما معظمها داخل الاراضي العراقية.وفي خريف 1986 وحده بلغ عدد ضحايا القصف الكيمياوي(118)الف بعد ان بلغ(10273)اصابة عام 1984 فقط.واستخدم النظام في هجماته الشتوية غازات الخردل،وسيانيدالهايدروجين،والتابون،والسارين،والاعصاب.ولا تتوفر لدينا المعلوماتية الاحصائية عن عدد الهجمات الكيميائية للنظام الايراني في هذه الحرب!واضافة الى الخسائر البشرية الكبيرة سببت المواد الكيمياوية خللا ايكولوجيا وبيئيا خطيرا فتآكلت الطبقة الخصبة من التربة،وابيدت بيولوجيات كاملة،ودمرت المساحات الخضراء.
اواسط نيسان 1987،تعرضت قرية(شيخ وسان)في وادي باليسان في اربيل للقصف الكيمياوي،وجمع الجرحى وكانوا قرابة(400)شخص في مراكز الحجز في اربيل،ثم اختفت آثارهم بعد نقلهم الى خارج المدينة!وقبل ذلك التاريخ بأسابيع قصفت مناطق سركلر،هلدن،قرةداغ،كاني تو واغجلر بالكيمياوي.وفي 5/6/1987،تعرضت قاعدة(زيوة)الانصارية للحزب الشيوعي العراقي في بهدينان الى غارة كيمياوية استشهد فيها رفيقان واصيب(150)رفيق ورفيقة وطفل عانوا جميعا من فقدان الرؤية المؤقت والحروق الجلدية وصعوبة التنفس وآلام المعدة والحروق وشلل الارجل.ثم جاء قصف حلبجة في 16/3/1988 واعدام الناجين في تانجرو بمثابة شرارة التفاتة الاعلام الغربي الى الكارثة المحدقة حيث انتشر الغاز في المدينة مسافات بعيدة في لحظات!
شرع النظام العراقي بحلقته الانفالية الخطيرة اثر موافقة ايران واعلان قبولها بوقف الحرب وقرار مجلس الامن الدولي رقم(598)فهاجم زاخو والعمادية وبامرني وسرسنك والشيخان وسيدكان وباليسان وارتوش.وفي 29/8/1988،هاجم وادي(بازي)فقتل(3000) مواطن.وشملت الحملات الانفالية(33)قرية في دهوك فقط ،بينما تعرضت مناطق تابعة لمحافظتي السليمانية وكركوك مثل شيخ بزيني وشميران الى الهجمات الكيمياوية في تشرين الاول عام 1988.
كانت مذابح(سميل)ضد الآشوريين عام 1933 كارثة بشرية،لكنها متواضعة مقارنة بالكوارث الصدامية منذ اعتلاء البعث العراقي عرش البلاد.وذهب ضحية مذابح(سميل)5000 مواطن تواطأ فيها الحكم الملكي مع الانكليز لكسر التطلعات القومية الآشورية.ثم جاءت كارثة 1954 في فيضان دجلة وهي كارثة طبيعية تلتها كارثة الكوليرا عام 1965.وقدم الشعب العراقي في خضم نضاله الدؤوب والوطني الناجز وفي سبيل التقدم الاجتماعي وعبر ثوراته وانتفاضاته الوطنية التحررية والديمقراطية وضد الارهاب والتخريب قرابين وعشرات الآلاف من الشهداء،وهذه مفخرة يعتز بها الشعب العراقي بقومياته واقلياته.لكن الكوارث الصدامية فريدة النمط وارتقت الى الجرائم الدولية ضد الانسانية!
كان استخدام الكيمياوي من اسوأ الكوارث العسكرية التي افتعلتها دكتاتوريات حمقاء في القرن العشرين،لم تتجرأ حتى اسرائيل من استخدامه ضد البلدان العربية.بينما كان استخدام الكيمياوي ضد الكرد شرخا كبيرا في العقيدة الأمنية والعسكرية العراقية والأمن الاستراتيجي العالمي،فنصبت للنظام العراقي المصيدة - الفخ ليغزو الكويت!والملفت للانتباه عودة الكيمياوي مجددا الى كردستان العراق،بعد ان اثبتت الدلائل استخدام تركيا له ضد مواقع حزب العمال الكردستاني داخل الاراضي العراقية ايلول 2009،وكأن اراضي كردستان العراق قدر لها،بين الحين والاخرى،ان تكون ساحة تجارب لاسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها الدول الاقليمية!بينما لازالت ذاكرتنا مشبعة بمراسيم دفن مئات الاكراد من ضحايا الانفاليات الصدامية في ثمانينات القرن المنصرم،والذين حملتهم النعوش اواخر 2009 واوائل 2010!
استخدام الكيمياوي ضد الشعوب في الحروب الاهلية سابقة تاريخية خطيرة رسخت من مبدأ ربط التطهير العرقي بالدكتاتوريات،وهو جريمة بحق ضد الانسانية لم يألفها التاريخ المعاصر.وشوه استخدام الكيمياوي وفرض العنف المنظم بالحرب والاغتصاب كامل الوجود الاجتماعي في المنطقة والتوازن الاجتماعي العراقي،واعطى الارجحية للعقلية والمغامرة الانتقامية الانقلابية وفتح لها ابواب الانطلاق،مثلما عرض العراق وعموم المنطقة لعربدة واستهتار الولاءات دون الوطنية.وحفز هذا النزوع لعبة العربدة الأمريكية التي تحافظ اليوم على النظام الايراني مثلما حافظت بالامس على صدام الالعوبة احتياطيا لها لتنفيذ مآربها في احتلال العراق ونهب ثرواته والانتقام من البشرية.

بغداد
16/3/2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أطفال يتظاهرون في أيرلندا تضامنا مع أطفال غزة وتنديدا بمجازر


.. شبكات | اعتقال وزيرة بتهمة ممارسة -السحر الأسود- ضد رئيس الم




.. الجزيرة ترصد معاناة النازحين من حي الشجاعة جراء العملية العس


.. طبيبة سودانية في مصر تقدم المساعدة الطبية والنفسية للاجئين م




.. معاناة النازحين الفلسطينيين في غزة تزداد جحيماً بسبب ارتفاع