الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استرسال في هوى فطري !

تامر المصرى

2011 / 3 / 20
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


استرسال في هوى فطري !
بقلم: تامر المصري.
كفى بالإسلامية رقيا في التشريع، رقيها بالبشر إلى منزلة، حصرها انفراد الإنسان بعبوديته وخضوعه، إلى جهة شريفة واحدة، هي الله وحده لا شريك له. وكفى بالله تكريما للإنسان أن جعل ثوابه، في ما تميل إليه فطرته الأولى، وجعل عقابه فيما يضرها، أي فطرته، ويخاصمها؛ أي مصلحته، ثم جعل رجع الوصال إليه تعالى، في شتى الأمور التي هي دون الشرك، بالتوبة التي يعقبها منه الغفران. ثم كفى بسمو وعلو علامات رضا الله، دنوها من رضا الوالدين، وإعلاء الخالق المتعال لمكانة الأم، في وصيته الإنسان بوالديه، حملته أمه وهنا على وهن.
هذا قول من استرسال، في هوى فطري، غرسه الله في نفس الإنسان، نحو أمه التي كانت له الوطن الأول، وذلك قبل أن يُجلَلَ ذاك الهوى، بهيبة منقطعة النظير، تجعل الإنسان منا، مهما اشتد عوده وقوي بأسه، وعظم شأنه، دون الجرأة لنطق لفظة "أُفٍ" لأي من والديه، انصياعا للأمر الإلهي، والتزاما بالحق الأدبي.
إذ يصادف غدا، يوم الأم الذي اتخذه الناس عيدا، وكانت أمتنا قد اتخذت قبل الناس جميعا، العيد نفسه سنة ثم جعلتها أُما، تسكن فيها كل المترادفات المتجددة، على نحو من التدبر والتفكر، في معاني الانبعاث السلوكي اليومي، الرءوم رأفةً ورحمةً ووداً، بأمٍ تبني إن أعددتها، شعبا طيب الأعراق.
لقد بدا في أحيان كثيرة، أن تشكيل الانتماء للوطن الكبير، إنما يتشكل في غالبه وبدايته، من وحي الأمومة، التي هي أول ما تكون مبعث التضحية والولاء والفداء، أو تكون حافز النقيض، أو تتخذ لنفسها موقعا وسطا. وهو ما يجعل من المرحلة الفلسطينية الممتدة، على وجع السنين الطويلة،تحت احتلال، يدنو أكثر فأكثر، ويقسو كلما دنى، حتى جعل من سبل العيش، عنوانا لمستحيل غلبه الفلسطيني، صبرا وصمودا وثباتا. كما قهره دائما، بالاستعداد الدائم للتضحية، شهيدا وجريحا وأسيرا وناشطا ومنفيا أو مطاردا، كأدوار قيمية ألهمته إياها الأم الفلسطينية، التي كانت عنوانا من عناوين الكفاح الفلسطيني. دون أن تنكفئ الأم أو تمل ممارسة دورها، كشريكة أصيلة في رحلة نضال مستمر، أو تتنازل عن بعثها الإثراء الأخلاقي، المحفز للنفوس إلى وطن وديانة وهوية وقومية.
إن المناسبة التي تحمل في وقتها، رفع أرقى معاني الوفاء والتكريم للأم، على اختلاف الألسنة والأعراق والأديان والألوان، في شتى بقاع الدنيا، تكاد تكون أكثر اختلافا في فلسطين، التي لم تزل فيها الأمهات، يعانين آلام الحسرة، إما لفقد شهيد أو فراق أسير أو توجع جريح. وهكذا المشهد الفلسطيني؛ تستحضره المناسبات بوحي المفارقات والمقارنات، على استقامة الحدث الفلسطيني، على درب الاستثناء، المنافي لطبيعة الأشياء .. وتلك إحدى علامات القدر، المرضي عنه دائما وأبدا.
ففي يوم الأم الذي يسمونه عيدا، نستذكر آهات آلاف الأمهات الفلسطينيات، اللواتي حُرمن من أبنائهن الأسرى، في لحظات تتجلى فيها غُر مشاعر الالتحام، بين البنوة والأمومة، وهو ما لا يلتفت إليه أحد، من عالمنا المنادي بتطبيق عدالة المُثل، التي لا يكون فيها الفلسطيني مشمولا.
نذكر أيضا؛ الأسيرات اللواتي وضعن في السجن، أو تركن أبنائهن خلف الأسوار، دون أن ينزل إلى الإحساس بشعورهن أحد، كعامة أحوال من يعاني، الذين لا يجدون سواهم في مداهم الباكي أحدا. ودون أن يكن، أي الأسيرات، سوى مجرد أرقام مهملة، تتضاعف بعمليات حسابية، مع عدد السنين التي يقضينها خلف الحياة أو في انتظارها، بعد الخروج من السجون والمعتقلات الإسرائيلية، المائلة إلى البرتقالي سلوكا واضطهادا.
فلشريحة الأسرى والأسيرات، وعائلاتهم وعائلاتهن، كل مشاعر التضامن، في هذه المناسبة وغيرها، التي تطغى عليها مناسبة تغييبهم أصلا، الذي فرضته المعتقلات الإسرائيلية البائسة، دون أن يملك واحدنا أن يبرق لهم بقول، أكثر مما قاله نبي الله يعقوب، وقت الشدة والأذى؛ صبر جميل والله المستعان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل روجت منظمة العفو الدولية لارتداء الفتيات الصغيرات للحجاب؟


.. برنامج اليوم | حقوق المرأة المطلقة عربيا




.. مصر | معاناة مستمرة للمرأة المعيلة بعد الطلاق


.. إحدى الحاضرات منى الحركة




.. مسرحية حياة تروي قصص لبنانيات من مدينة بعلبك