الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل المؤسسة الدينية مجتمع مدني ؟

رائدة الغرباوي

2011 / 3 / 20
المجتمع المدني


ان من المسلمات انه لاتنمية من دون ديمقراطية فكذلك لا ديمقراطية من غير مجتمع مدني يكون كالاب الشرعي او الام الحاضنة التي تضمن للديمقراطية النمو والاستمرار والازدهار .
يشكل المجتمع المدني البنية التحتية للديمقراطية وهو اشبه بالشرايين والقنوات التي يجري فيها السائل الحيوي للديمقراطية وهما وجهان لعملة واحدة هي ( الحرية ) .
وبما ان المجتمع المدني هو بالاساس ذلك المجتمع غير الديني اي المجتمع المنعتق سياسيا من السلطة المطلقة الدينية التيوقراطية . حيث ظهرت فكرة المجتمع المدني مقابلا ونقيضا للسلطة الدينية المسيحية ولنموذج الدولة الشمولية ولقد نشأ هذا المفهوم في مناخات الصراع مع الكنيسة وانموذج الدولة الشمولية تواصلا مع مفهوم الديمقراطية وحرية الفرد وتشجيعا لمبادراته باعتبارها نشاطا دنيويا محكوما بالعقل والقانون وبعد ان انتقلت فكرة السيادة المطلقة التي كانت للكنيسة آنذاك.
ويرتبط ظهور مصطلح المجتمع المدني بظهور نظريات العقد الاجتماعي خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر في المجتمعات الغربية للدلالة على مجتمع المواطنين الاحرار الذين اختاروا بارادتهم الطوعية حكومتهم وظل هذا المصطلح متداولا في اوساط المفكرين الاجتماعيين وبخاصة هيجل وماركس الى اواخر القرن التاسع عشر ثم انحسر عن الحياة الفكرية والسياسية وانطوى في زوايا النسيان طوال القرن العشرين حتى شاع استعماله في ادبيات العلوم الاجتماعية وراج في الاوساط الاكاديمية والعلمية سواء على المستوى العالمي او العربي حتى شكل المجتمع المدني البنية التحتية للديمقراطية بعد ان شاعت واصبحت نظام الحكم المفضل في اغلب دول العالم .
وكل ما ذكر آنفا يدل على ان المجتمع المدني ظهر مقابل المجتمع الطبيعي والمجتمع الديني فكرة نشوءه كانت للتخلص من استبداد حكم الكنيسة في اوربا , ولكن هذا لايعني ان الديمقراطية او المجتمع المدني يلغي الدين ودور الدين في فترات ومازال صمام الامان في كثير من المجتمعات فلا شك ان للدين ضرورة في مجال الفلسفة والسياسة والدور الاخلاقي والاجتماعي والتربوي والروحي الذي لايمكن لسوى الدين ان ينجزه في الوجود الاجتماعي للناس والمجتمعات البشرية ونحن لانستطيع ان نجعل الاخفاقات والانتكاسات التي شهدتها البشرية طوال عصورها من خلال تجاربها الدينية سببا لرفض الدين ودوره بل بالعكس نجعلها وسيلة لتحليل وفهم ازمة الانسان والمجتمعات البشرية في تعاملها مع الاديان فنحن حينما نأتي على سبيل المثال لتحليل ظواهر الجمود الفكري والتحجر العقلي والتعصب الديني وهي الظواهر التي ما انفكت عنها اكثر المجتمعات الدينية نلاحظ ان بروز مثل هذه الظواهر كان يتم ويشتد في الاجيال المتعاقبة فالحقيقة الدينية حينما تتنزل بها الاديان الالهية نراها ناصعة ونيرة وتستثير عقل الانسان نحو مزيد من التفكير والتأمل ولكنها عادة ما تتحول بعد ذلك من خلال تأويلها وتحويرها وبسبب افقها الواسع الذي يصل احيانا الى درجة الاساطير والخرافة تتحول الى سيف مسلط على رقاب الناس يمنعهم من الانطلاق والتحليق في الافاق الرحبة والواسعة للحقيقة فيسبب مظاهر الاسراف والمبالغات او التقصير التي يبديها الانسان في تعامله مع الدين تكون عاملا لتعطيل او الغاء فاعليته فمن الافضل للانسان ان يقطع اصل المشكلة بتنحية الدين وتقليص استعماله ودوره في الحياة السياسية التي تكملها الديمقراطية والمجتمع المدني فأنا ارى انه اصبح من الضروري ان يكون الدين هو علاقة الانسان بالرب وهي في وجدانه لايعلمها سوى الخالق اماالمجتمع المدني فهو علاقة الناس ببعضهم وعلاقتهم بوطنهم وصيغة حكمهم .فان الديمقراطية التي ولدت المجتمع المدني تعطي لذوي الدين الحرية في معتقداتهم ليمارسوها بكل حرية لكن التطورات السريعة التي طرأت على المجتمعات ومحاولة تسييس كل شئ افضى الى ان البعض استخدم الدين وسيلة لفرض الافكار والقيم على المجتمع وهذا يرجعنا الى استبداد الكنيسة وهذا يناقض الديمقراطية , فالمجتمع المدني انشأه مواطنون او اهالي ويرعى قطاعات لاترعاها الحكومة كروابط المدرسين ونقابات العمال واصحاب المهن والمؤسسات الصحية والخدمية هذا المجتمع يرعاه الاهالي وينفق عليه الاهالي ويديره الاهالي وليس للحكومة علاقة به سوى علاقة الاشراف العام المتمثلة في وضع النظم واللوائح ومراقبة تنفيذها .
ان الدين لايمكن بحال ان يكون مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني لأن الاخير فضاء في دائرة العناية المستجدة في الفكر السياسي ويندرج اساسه الايديولوجي في تفاعل ثلاثة انظمة من القيم والمعتقدات هي الليبرالية والرأسمالية والعلمانية وهي لاتتحقق مع القيم الدينية , فان المجتمع المدني يقوم على قيم نسبية تسمح بالاختلاف والتنوع بينما قيم المؤسسات الدينية مطلقة وتقوم على حراسة قيم مطلقة وما يخشى ان تتضارب هذه القيم لتجعل من المؤسسات الدينية الداخلة في المجتمع المدني باستغلال وجودها ضمن هذا الاخير ( منظمات المجتمع المدني ) كعرين للغول او مراكز لبث الافكار التي تفضي الى نزاعات سياسية وطائفية واجتماعية وخطورتها تؤدي الى حروب اهلية واعتقد ان هذا كان السبب الرئيسي لتخلف المجتمعات الدينية وعدم لحاقها بركب الدول التي اوجدت المجتمع المدني لكي تتخلص من المؤسسة الدينية وهذه الاخيرة تحاول ودون كلل ان تنساب للمجتمع والحياة السياسية كلما سنحت الفرصة وشعرت بضعف تاثيرها الى ان تتمكن وتعاد الكرة مرة اخرى .
واخيرا ان الديمقراطية منهل لينهل منه الجميع من الدينيين والمدنيين ليعيشوا ويتعايشو ويتركوا وليترك خيارات كثيرة وبدائل امام الجماهير للاختيار وليس فرض اختيار واحد ليس له بديل للناس وعندها وبظل الجو الديمقراطي اذا اختار الناس الدين فهذا سيكون بفضل الديمقراطية . ان دور الدين مهم للانضباط الاخلاقي والنفسي وله اهمية كبيرة في كل المجتمعات غربية وشرقية وذلك بنشر تفاصيل الفضيلة التي تؤثر بالفرد ليكمل دوره في المجتمع ولكن سيكون وقارا للدين الابتعاد عن الحياة السياسية التي كثرت فيها المصطلحات والنظريات من جهة والتجاذبات من جهة اخرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب العلوم السياسية بفرنسا يتظاهرون دعمًا لغزة


.. علي بركة: في الاتفاق الذي وافقنا عليه لا يوجد أي شرط أو قيود




.. خليل الحية: حققنا في هذا الاتفاق أهداف وقف إطلاق النار وعودة


.. البنتاجون كأنه بيقول لإسرائيل اقتـ.لوهم بس بالراحة..لميس: مو




.. مستشار الرئيس الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي يتجاوز مسألة استع