الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العاقبة وسوء المآب بين الهوجة والانقلاب

فاروق عطية

2011 / 3 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


استكمالا للثورات المصرية, فى هذا المقال أتعرض لحدثين فارقين فى تاريخ مصر المعاصر قيل عن كليهما أنها ثورة وإن كان الشعب بحسه الصادق قد أطلق على الأولى هوجة عرابى والثانية انقلاب العسكر وسيكون لنا لقاء بمقال آخر نعرض فيه ما بين الحدثين من ثورات, وقد آثرت الربط بين الحدثين لتشابه كل منهما فى المقدمات والنتائج.
هوجة عرابى: ولد أحمدعرابي أول أبريل 1841 في قرية هرية رزنة بمحافظة الشرقية. تلقى تعليما دينيا حتى عام 1849 ثم التحق بالمدرسة الحربية. ارتقى عرابي سلم الرتب العسكرية بسرعة فقد نال رتبة تحت السلاح (ملازم)عام 1858 وهو فى السابعة عشر ثم رتبة صاع (رائد) عام 1859 ثم رتبة بكباشى(مقدم) 1860 ثم قائمقام (عقيد) 1860, ويعتبر احد المصريين القلائل الذين وصلوا الي هذه الرتبة, شارك في حروب الخديوي إسماعيل في الحبشة. ونتيجة التدخل الأجنبي في شئون مصر بعد صدور قانون التصفية عام 1880, وعودة نظم المراقبة الثناثية, ولجوء رياض باشا إلى أساليب الشدة والعنف مع المواطنين المصريين ومعارضة تشكيل مجلس شورى النواب, وسياسة عثمان رفقى الشركسى وانحيازه السافر للضباط الاتراك والشراكسة واضطهاده للضباط المصريين, وسوء الأحوال الاقتصادية نتيجة تخصيص مبالغ لسداد الديون للاجانب, وانتشار الوعى الوطني بين المصريين, كانت الموجهة بين عرابى والخديوى توفيق حين تقدم عرابى مع مجموعه من زملائه مطالبين الخديوى بترقية الضباط المصريين وعزل رياض باشا رئيس مجلس النظار وزيادة عدد الجيش المصري. لم يتقبل الخديوى هذه المطالب وبدأ في التخطيط للقبض على عرابى وزملائه باعتبراهم من المتأمرين. تنبه عرابى للخطر وقاد المواجهة الشهيرة مع الخديوي توفيق يوم 9 سبتمبر 1881. فى هذا اليوم قال الخديوى: لا حق لكم فى كل هذه الطلبات, وأنا قد ورثت ملك هذه البلاد عن أبائى وأجدادى, وما أنتم إلا عبيد إحساننا. فرد عليه عربى: لقد خلقنا الله أحرارًا, ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا, فوالله الذي لا إله إلا هو لا نُورَّث ولا نُستعبَد بعد اليوم. وحين رأى توفيق التفاف الشعب حول عرابى رضخ لمطالب الجيش, وعزل رياض باشا من رئاسة النظّار, وعهد إلى محمد شريف باشا بتشكيل الوزارة وهى أول نظارة شبه وطنيه في تاريخ مصر الحديث. ألف شريف باشا وزارته في 14 سبتمبر 1881م وعين محمود سامي البارودي ناظرا للجهادية وهو أول مصري يتولي هذا المنصب, وسعى لوضع دستور للبلاد، ونجح في الانتهاء منه وعرضه على مجلس النواب الذي أقر معظم مواده. أصرت بريطانيا وفرنسا على إدارة شئون الخزانة المصرية باعتبارهما أكبر الدائنين, وفعلا تم فرض تعيين مفتشين ماليين على شئون الخزانة المصرية أحدهما إنجليزى والآخر فرنسي. أصر مجلس الأعيان برئاسة محمد سلطان باشا على تغيير وزارة محمد شريف باشا التي قبلت بكل هذه التدخلات في شئون مصر الداخليه. استقال شريف باشا في 2 فبراير 1882 م, وتشكلت حكومة جديدة برئاسة محمود سامي البارودي شغل عرابي فيها منصب ناظر الجهادية. وقوبلت نظارة البارودي بالارتياح والقبول من مختلف الدوائر العسكرية والمدنية, وأعلنت الدستور الذى صدر المرسوم الخديوي به في 7 فبراير 1882 م. دب الخلاف بين الخديوى والبارودى حول تنفيذ بعض الأحكام العسكرية, واستغلت بريطانيا وفرنسا هذا الخلاف لزيادة التدخل فى شئون البلاد, وبعثتا بأسطوليهما إلى شاطئ الإسكندرية بدعوى حماية الأجانب من الأخطار. تم إرسال أسطول بريطانى فرنسي مشترك إلى الإسكندرية على سبيل الإنذار للحكومة المصرية, مما أدى إلى ازدياد شعبية عرابى في مصر والتفاف الناس من حوله من كل الطبقات. تقدم قنصلا الدولتين إلى البارودي بمذكرة مشتركة في 25 مايو 1882 م يطلبان فيها استقالة الوزارة وإبعاد عرابي عن مصر مؤقتًا مع احتفاظه برتبه ومرتبه، وإقامة علي باشا فهمي وعبد العال باشا حلمي ـ وهما من زملاء عرابي وكبار قادة الجيش- في الريف مع احتفاظهما برتبتيهما ومرتبيهما, ورفض البارودى هذه المذكرة واعتبرها تدخلا مهينا فى شئون البلاد الداخلية, وطلب من الخديوي توفيق التضامن معه في الرفض إلا أن توفيق أعلن قبوله لمطالب الدولتين, وإزاء هذا الموقف قدم البارودي استقالته من الوزارة وقبلها الخديوي. ولأن حامية الإسكندرية قد تمسكت بعرابى ناظرا للجهادية, رضخ الخديوى وبقى عرابى فى منصبه وكلف بحفظ الأمن فى البلاد. وفى 11 يونيو 1882 حدثت مذبحة الإسكندرية بسبب ارتكاب حمّار مالطى جريمة قتل لمصرى على إثره قامت أحداث عنف راح ضحيتها 50 أوروبيا وأصيب أحد ضباط الأسطول البريطانى. وجدت إنجلترا وفرنسا في أحداث الأسكندرية فرصة سانحه للتدخل واتهمتا عرابى بتحريض المصريين ضد الأجانب. تزعمت بريطانيا جهود القضاء على عرابى وسحبت فرنسا أسطولها إلى بورسعيد. وجدت بريطانيا الذريعة للهجوم عندما نصبت الحكومة المصرية بعض المدافع على قلعة الإسكندرية فى السابع من يوليو معتبرة هذا عملا عدائيا ضد حكومة صاحبة الجلالة. وفى 10 يوليو 1882 م وجه الأسطول البريطانى إنذارا للحكومة المصرية بتسليم القلعة وإلا ضرب الإسكندرية من البحر. لم يقبل عرابى الإنذار وبدأ الإنجليز ضرب الأسكندريه يوم 12 يوليو 1882 ونزلت قواتهم إليها في اليوم التالي بعد أن قرر عرابى سحب قواته منها والتحصن عند كفر الدوار. وفى 24 يوليو أعلن الخديوى أن عرابى متمردا, واستقبل الأميرال بوشامب سيمور قائد الأسطول البريطاني فى قصر الرمل. وأرسل الخديوي إلى عرابي في كفر الدوار يأمره بالكف عن الاستعدادات الحربية، ويحمّله تبعة ضرب الإسكندرية, ويأمره بالمثول لديه في قصر رأس التين ليتلقى منه تعليماته. رفض عرابي الانصياع للخديوي وبعث برقيات إلى جميع أنحاء البلاد يتهم فيها الخديوي بالانحياز إلى الإنجليز، ويحذر من اتباع أوامره، وأرسل إلى يعقوب سامي باشا وكيل نظارة الجهادية يطلب منه عقد جمعية وطنية ممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وعلمائها للنظر في الموقف المتردي وما يجب عمله، فاجتمعت الجمعية في 17 يوليو 1882م وأجمعوا على استمرار الاستعدادات الحربية ما دامت بوارج الإنجليز في السواحل وجنودها يحتلون الإسكندرية.عزل الخديوي عرابي من منصبه، وعين عمر لطفي محافظ الإسكندرية بدلا منه، ولكن عرابي لم يمتثل للقرار واستمر في عمل الاستعدادات لمقاومة الإنجليز. وبعد انتصار عرابي في معركة كفر الدوار أرسل إلى يعقوب سامي يدعوه إلى عقد اجتماع للجمعية العمومية للنظر في قرار العزل. في 22 يوليو 1882 م عُقِد اجتماع في وزارة الداخلية، حضره نحو خمسمائة من الأعضاء، يتقدمهم شيخ الأزهر وقاضي قضاة مصر ومُفتيها، ونقيب الأشراف، وبطريرك الأقباط، وحاخام اليهود والنواب والقضاة والمفتشون، ومديرو المديريات، وكبار الأعيان وكثير من العمد، وثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة. أصدرت الجمعية قرارها بعدم عزل عرابي ووقف أوامر الخديوي وعدم تنفيذها, وجمعوا الرجال والأسلحة والخيول من قرى وعزب وكفور البلاد. في 28 أغسطس 1882 تقدم الجيش البريطاني غربا من الإسماعيلية (بعد عبور قنال السويس) بقيادة جنرال جراهام وحوصر من قبل الأهالي العزل فطلب الإمداد بمزيد من الذخيرة مما مكنه من القيام بمذبحة كبيرة بين الأهالي. واشتبك مع الجيش المصري في معركة حامية عند القصاصين وقد كاد ان ينتصر الجيش المصري لولا اصابة القائد راشد حسنى. في 13 سبتمبر 1882 الساعة 1:30 صباحا فاجأ الإنجليز القوات المصرية المتمركزة في مواقعها منذ أيام والتي كانت نائمة وقت الهجوم. والقي القبض على أحمد عرابي قبل أن يكمل ارتداء حذائه العسكري. واصلت القوات البريطانية تقدمها السريع إلى الزقازيق ثم استقلت القطار إلى القاهرة التي استسلمت حاميتها بالقلعة عصـر نفس اليوم. بعد دخول الإنجليز القاهرة في 14 سبتمبر 1882 ووصول الخديو قصر عابدين في 25 سبتمبر 1882 تم عقد محاكمة لعرابى وبعض قواد الجيش في المعركة وبعض العلماء والاعيان وتم الحكم عليهم في 3 ديسمبر 1882 بالنفى إلى جزيرة سرنديب (سريلانكا حاليا).
إنقلاب العسكر: تركت حرب 1948 التى انتهت بالنكبة وقيام دولة إسرائيل آثارا عميقة على الجيش المصرى الذى جابه تجربة شديدة القسوة, ملأت الضباط بالمرارة واليأس, عادوا ألى أرض الوطن بعد أن صدمتهم الحقيقة وتولد لديهم اليقين بحقيقة أوضاع المنطقة عامة وداخل مصر خاصة. حقيقة أن تسليح الجيوش العربية لم يكن كافيا لهذه الحرب التى دخلوها دون تخطيط مسبق وسليم، كما أن تنظيمه وقياداته لم تكن على مستوى هذه المهمة القومية الملقاة على عاتقها، الأمر الذى عمق السخط بين ضباط الجيش, فتكونت خلايا الضباط الأحرار بقيادة عبد الناصر. وازداد التناقض بين الجيش والقصر حين انتخب الضباط محمد نجيب لرياسة نادى الضباط (ديسمبر 1951), ورفض القصر التصديق على ذلك وأصر على وضع أحد أعوانه بدلا منه (حسين سرى عامر باشا), مما أدى إلى سرعة تنفيذ الانقلاب العسكرى الذى كان يخطط له. كانت مطالبهم تنحصر فى تصحيح أوضاع الجيش والمطالبة بقيادة وطنية مخلصة وإعادة محمد نجيب لتولى رياسة نادى الضباط. حدث بالانقلاب في منتصف ليلة 23 يوليو 1952م حيث نجح الأميرالاي (المقدم) يوسف منصور صديق الذي تحرك متقدماً ساعة على موعد التحرك الأصلي والمحدد من الحركة سلفاً بالاستيلاء على مبنى هيئة أركان الجيش والقبض على من فيه من قيادات وأُعلن فيه قيام الجيش بحركة لصالح الوطن كتبها جمال حماد وقرأها أنور السادات بالإذاعة المصرية. كان جمال ذكيا حين اختار نجيب للقيام بهذا الدور ليكون واجهة مشرفة للحركة لأنه كان رجلا معروفا بشوشا وسيم الوجه وقورا ومثقفا "حاصل عل ليسانس الحقوق وديبلومين فى القانون تؤهلانه لنيل درجة الكتوراة" والمنتخب منهم رئيسا لنادى الضباط. وكان هو الشخص الوحيد الذى حمل رأسه على كفه ليلة قيام الحركة, ولو كان قدر لها الفشل لكان هو الوحيد الذى سيتحمل وذرها دون الآخرين. كان عبد الناصر يخشى الظهور منذ البداية بحجة أن له أطفال صغار فى حاجة للرعاية سوف يقاسون عند الفشل. وتوجه السادات إلى السينما ليلة 23 يوليو وافتعل معركة مع أحد رواد السينما وأصر على عمل محضر فى قسم البوليس ليكون دليل ابتعاده عند الفشل. أما نجيب الذى تنكر له الجميع فقد كان شجاعا لم يرهبه الموقف وكان مستعدا لتحمل كل العواقب بمفرده. كانت احتمالات فشل الحركة مرجحة لولا الدور الذى لعبته السفارة الأمريكية فى تحييد الجانب الإنجليزى المنحاز إلى الملك، فما كان أيسر قيام عدة طائرات بريطانية من قاعدة قناة السويس لإنهاء التمرد. يقول السادات فى مذكراته عن علاقة الحركة بالأمريكان: فى فجر 23 يولبو فكرنا فى الاتصال بالأمريكان لنعطيهم فكرة عن أهدافنا, وكنا نريد من ذلك الاتصال تحييد الإنجليز. ولم نكن نعرف أحدا فى السفارة الأمريكية, وهدانا البحث إلى على صيرى الضابط المسئول عن مخابرات الطيران وكان صديقا للملحق الجوى الأمريكى "إيفانز" وأبلغ رسالتنا إليه والذى نقلها إلى جيفرسون كافرى السفير الأمريكى الذى اعتبرها لفتة طيبة من جانب الحركة. وكان لانضمام على ماهر باشا المحنك سياسيا والمنشق عن حزب الوفد بقيادة زعيم الأمة مصطفى النحاس باشا إلى شباب ضباط الحركة, والسهولة التى تم بها تنازل الملك فاروق عن العرش لولىّ عهده أحمد فؤاد الثانى, وتحييد السفارة الانجليزية بواسطة أمريكا, والتفاف جماهير الشعب المتعطش للديموقراطية الحقة والحرية, تحولت حركة الضباط إلى ثورة حظيت بتأييد الشعب بجميع طوائفه ما عدا قلة من المتضررين تضم الإقطاعيين وزعماء الأحزاب المنحلة. عند قيام الحركة لم يكن لديها فكر أو مشروع سياسى اجتماعى ظاهر وجاهز. بدأت بشعار هلامى ألا وهو:"الاتحاد والنظام والعمل". ولو نظرنا إلى مجموعة الضباط التى يتكون منها نسيج هذه الحركة لوجدناها مجموعة متنافرة سياسيا وعقائديا، تجمع بين أعضائها الإخوان المسلمون والوفديون واليساريون والشيوعيون، ولم يكن يربط بين هذه المجموعة الغير متجانسة فكريا غير الهدف الأول ألا وهو تصحيح أوضاع الجيش وتطهيره. ولكن بعد انغماسهم فى مشاكل الحكم واحتكاكهم بمعترك الحياة السياسية تبلورت لديهم الرؤى وتفجر البركان السياسى مرورا بالبركان الاجتماعى والاقتصادى, من خلع الملك وإسقاط الملكية وإعلان الجمهورية وتغيير الطبقة السياسية الحاكمة إلى الإصلاح الزراعى وتصفية الاقطاع, وإعلان مجانية التعليم والتأمين الصحى وإعلان حقوق العمال والفلاحين، ثم تأميم قتاة السويس وتحدى بناء السد العالى وصولا للتمصير ثم التأميم.
التشابه بين الحدثين: دائما نقول: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ومع ذلك نشمر عن أذرعنا وندبها فى نفس الجحر مرات ومرات, ونلدغ ونعانى من التسمم وقد نصل لحد الغرغرينا وقطع اليد ولكننا لا نتوب ونكرر نفس الفعل كالمنومين أو المساطيل, وإذا ما صادفنا نفس الثعبان قد نتوجه إليه ونأخذه بالأحضان فالمكتوب مكتوب ولازم تشوفه العين.
1ـ نفس الحجج والمبررات التى قيلت عن فشل هوجة عرابى قيلت أيضا لتبرير اندحارنا فى العدوان الثلاثى 1956 ونكسة 1967 فعلى سبيل المثال قيل فى هزيمة عرابى أنه كان ينتظر الهجوم من الغرب حيث الجيش الانجليزى بالاسكندرية ولم يتوقع قدومه من الشرق عن طريق قناة السويس (قال عرابى فى مذكراته, باعتنا الانجليز بالعدوان على غير استعداد منا, ونسى أن الجيش الانجليزى معسكرا فى مياه الاسكندرية منذ 17 مايو 1882) نفس ما قيل فى النكسة حيث قيل كنا نتوقع الهجوم من الشرق فجاءنا من الغرب..!
2ـ السبب الرئيسى لهزيمة عرابى مشابهة تماما لسبب وكسة 1967. كان جنود عرابى مساء هجوم الانجليز فى سهرة صاخبة على دق الدفوف ولحن الله حى مؤدين الأذكار والدعاء على الأعداء بالأوردة وعدية يس, ارتفعت فيها الترددات حى.. حى .. حى فى الحضرة والذكر الذى أقامه لهم الشيخ عبد الجواد رجل الورع والتقوى. بعد هذه السهرة الصاخبة نام الجنود منهوكين مكدودين, واستغل الانجليز ذلك بالمداهمة والهجوم تحت جنح الظلام بعد أن نام المفقرين المكدودين. زحفوا إليهم بأحد عشر ألف من البيادة وألفين من السوارى وستون مدفعا, وكان جيش العرابيين النائم بملابسه الداخلية يفوقه فى العتاد والعدة (عشرون ألف بيادة, ألفين وخمسمائة من السوارى, وستة آلاف من العربان وسبعون مدفعا). بدأ الزحف الانجليزى من القصاصين دون أن يشعر بهم محمود سامى البارودى قائد الصالحية ودون مقاومة, واستمر الانجليز فى تقدمهم الحثيث, وجنود عرابى نائمين فى العسل, فأمطروهم بوابل من طلقات المدافع, فاستيقظوا مذعورين مولين الأدبار بلا ملابس تاركين أسلحتهم وذخائرخم غنيمة سهلة للانجليز, وقبض على عرابى قبل أن يلبس حذاءه. نفس الظروف فى نكسة 1967 وإن تغيرت الآلاات الموسيقية من الدفوف إلى فرق موسيقية ومطربين ومطربات وراقصات, ومن ذكر وحضرة إلى حفلة أضواء المدينة الساهرة صباحى للطيارين التى أقامتها الشئون المعنوية فى أحد قواعد الطيران بأنشاص ورصدتها المخابرات الإسرائيلية لتدك طائراتنا الرابضة على الأرض وتهدّم مطاراتنا ودفاعنا الجوى وطيارينا نائمين فى العسل متعبين مكدودين, أما ما قيل من تبريرات بعد ذلك مجرد حجج واهية للاعتذار عن الهزيمة.
3ـ كانت تنيجة الحدثين بالغة الخطورة على الوطن, فقد انتهت هوجة عرابى بالاستعمار الانجليزى والاحتلال الذى كبل مصر حتى عام 1954. أما نكسة انقلاب العسكر فقد أدت لتوغل إسرائيل واستيلائها على كل سيناء رابضة على تراب الوطن شرق قناة السويس حتى تم الجلاء باتفاقية كامب ديفيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التاريخ يعيد نفسه
فاطمة أمين ( 2011 / 3 / 24 - 18:03 )
حقا التريخ يعيد نفسه. تشابه غريب بين أسباب هزيمة عرابى ووكسة 67 فى كلاهما كان ضباطنا الأشاوس منغمسين فى التفقير على نغمات الدفوف أو منشكحين على رقصات الغوانى والمطربات وضاعت أحلام البلاد بين هوجة عرابى وانقلاب العسكر. نشكرك يا سيدى على هذه الوجبة التاريخية الدسمة. وأتمنى أن يعى شعبنا الدرس ةيمسك زمامه بين يديه ولا يدع العسكر يتحكمون فى مقدراته


2 - لقد ظلمت ناصر
سيد مرسى ( 2011 / 3 / 24 - 18:24 )
أشكر الكاتب على جهده وأمانته فى سرد تاريخ ثورة عرابى وثورة 23 يوليو حيث قدم الأحداث بتسلسل جميل وصدق وحياد. ولكن هناك نقطة استوقفتنى وأثارت انتباهى وهى عند قيام حركة الضباط قال الكاتب أن ناصر لم يظهر فى الصورة لأنه خشى على أولاده من الضياع لو فشلت الثورة وأن السادات افتعل معركة بالسينما لإثبات وجوده بعيدا.معنى ذلك أن من قاموا بالانقلاب كانوا جبناء وأنا أعتقد أن ناصر لم يكن جبانا بل من أشجع الرجال


3 - الرد على تعليق الأخ/ سيد مرسى
فاروق عطية ( 2011 / 3 / 24 - 18:39 )
أولا أشكرك يا سيد على التقريظ وحسن الظن بما أكتب ولاهتمامك الدائم على قراءة مقالاتى. أما ما لفت انتباهك حول مخاوف ناصر من فشل الحركة وخوفه على أولاده من الضياع فهو شيئ طبيعى , قد يتهور الشخص ولا يخشى على نفسه الموت ولكنه يخشى على أولاده وخاصة وهم كانوا أطفالا. ولم آتى بهذا من عندى ولكن هذا ما قاله ناصر بنفسه عام 1954 فى ريبورتاج معه بصحيفة التحرير حبث سؤل لماذا لم يظهر فى الصورة منذ البداية وقدم محمد نجيب لرياسة الحركة عنه وكانت إجابته ما قرأته يا سيد بالمقال. أما حكاية ذهاب السادات إلى السينما وافتعاله معركة لإثبات وجوده بعيدا عن الأحداث فهو شيئ معروف وتحدث به الكثير من الضباط الأحرار بمذكرتهم كما جاء أيضا بكتاب عبد الناصر (مكتبة الشروق الروسية). ومع هذا فأنا لم أصف أى منهم بالجبن فهم حقا كانوا شجعانا لدرجة تضييع البلاد ووقوعها فى براثن إسرائيل بلا حرب

اخر الافلام

.. حسن نصر الله يلتقي وفدا من حماس لبحث أوضاع غزة ومحادثات وقف


.. الإيرانيون يصوتون لحسم السباق الرئاسي بين جليلي وبزكشيان | #




.. وفد قيادي من حماس يستعرض خلال لقاء الأمين العام لحزب الله ال


.. مغاربة يجسدون مشاهد تمثيلية تحاكي معاناة الجوع في غزة




.. فوق السلطة 396 - سارة نتنياهو تقرأ الفنجان