الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة في العلمانية

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2011 / 3 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


العلمانية هي في تحليلها النهائي هي وسيلة لتطبيق مقولة أن الدين صالح لكل زمان ومكان ، فان أدركنا الابعاد المكانية والزمانية المتغيرة لهذا المفهوم بطبيعة الحال والمعاش ، وعملنا على تطبيق نص حرفي ثابت فاننا سنجد انفسنا امام معضلة تطبيق أمور والنظر في قضايا واستنباط أحكام تجاوزها الزمان وتغير عنها المكان وتغير فيهما البشر وأحوال المعاش والعباد ، فنبتعد في هذه الحالة عن تطبيق العدالة والتي هي المراد الاساسي لله عز وجل ، ذلك لأن العدالة موضوعة لخدمة الناس ولفلاحهم في الدنيا والآخرة وهي بالتالي كمفهوم وكأسلوب حياة مرتبطة بالبشر أي أنها تصبح متغيرة زمانآ ومكانآ وتصبح بالتالي نسبية فما كان يمثل عدالة في السابق قد يكون لم يعد يمثلها بنفس الدرجة في اللاحق ، ولا يعني ذلك كما يقفز لدى أذهان البعض أننا نسعى الى التساهل واشاعة الفوضى فهذه القفزة المفاهيمية لدى هؤلاء انما تبين فعلآ مدى صعوبة العقلية الحدية التي يعانون منها فهي اما أبيض ناصع وفقآ لتعريفهم أو أسود حالك وفقآ أيضآ لتعريفهم ، فمثلآ فاننا نرى أن المرتشون سارقون وعند التنظر في أحكام الدين فامنالعقوبة المناسبة تكون قطع الأيدي وهذا أيضآ اختلف فيه الفقهاء لأن عقوبة قطع اليد لها شروط معينة ولكننا نرى أن الأفضل أن نتعامل معهم على أنهم مفسدون فتكون عقوبتهم الاعدام وبالطبع فان صلبهم في هذه الحالة انما يعد وقوفآ على شكل العقوبة الواردة في القرآن دون انتقال الى المضمون الاساسي و الهدف النهائي لها .

فبالتالي فان ما يعرف باسم فقه المقاصد أو المراد يمثل حقيقة فقهآ رائعآ لادراك الطريق الى المراد الالهي في عباده ولا أقول ادراك المراد الالهي لأن الله جل في علاه سيرث الأرض ومن عليها ونحن لم نصل بعد الى الحقيقة الالهية الكاملة ولهذا فان من سيدخل الجنة باذن الله سيدخلها بعون الله وفضله ، ان العلمانية ليست بدعة ضد الاديان فهي أولآ جاءت ردآ على الحكم بالحق الالهي الذي كان يمارسه بابا روما والذي أسس له الباب جريجوريس الكبير بعد انهيار الامبراطورية الرومانية وكانت النتيجة حروب صليبية عانينا نحن منها بعد صيحة البابا أوربان الثاني في مجمع كليرمونت 1095م هذه ارادة الله وكان يدعو الى استرجاع قبر المسيح - كما يرى المسيحيون - من أيدي المسلمين انتهاءً بفترة الحروب الدينية التي اجتاحت أوروبا طيلة عشرات السنين وانتهت بصلح وستفاليا 1648م بعد أن فقدت أوروبا تقريبآ نصف سكانها .

أما نحن المسلمون فأحوال كل من أفغانستان وباكستان والعراق والصومال ولبنان والسودان وانقسامه وجزائر التسعينيات وأحوال النساء في السعودية التي تحرم عليهم حتى قيادة السيارات وتنظيم القاعدة وأخواته في كل مكان شوهوا فيه الدين الاسلامي الحنيف حتى أصبحت كلمة مسلم تثير الخوف لدى الاجانب ونستطيع أن نسأل اخواننا المهاجرين ، القصد أننا لو أردنا تحكيم الدين بحرفيته نكون قد انتقلنا به من الثبوت الى الجمود متجاوزآ فقه المقاصد والحكمة النهائية ووقفت على الشكل لا المضمون فلا تنسى صديقي أنك قد تحمل بعض الآيات بأكثر مما تحتمل فالقرآن وسائر الكتب السماوية نزلت في زمان ومكان وحضارة وقوم يبعدون عنا آلاف السنين ، وكان يجب أن تكون الأحكام متناسبة مع عقولهم وظروفهم ليؤمنوا فنؤمن نحن بعدهم ونستكمل نحن بناء العدالة فلا نقف على فقه الأولون ونحمله مالا يحتمل فهم أنتجوه لزمانهم وبعض من الزمان اللاحق عليهم .

ان العلمانية في النهاية ليست ضد الاديان لسبب بسيط لأنها كمفهوم لا تدعوا الى الفجور والزندقة والالحاد وانما تدعوا الى اعمال العقل بما يتناسب مع تغير الزمان وسطوة المكان فنبني قوانين مدنية تستقي روح الأديان وهي العدالة- وهي نسبية وفقآ لأحوال الزمان والمكان كما قلنا سابقآ - أما من أراد الايمان فهو له ولكن لا يتاجر به ولايزايد على الناس ولايشيع بينهم التعصب والتطرف ومن أراد الالحاد فهذا شأنه لا شأن غيره فكل نفس بما كسبت رهينة ، ولا تزر وازرة وزر أخرى ، الفقر يورث الكفر وهناك حكام ادعوا الدين والتدين وهم أبعد ما يكونوا عنه وأشاعوا بين الناس الفساد والبعد عن الدين ، ان العبرة يجب أن تكون بالبرنامج الانتخابي والأعمال لا بالسبحة والعمامة والصلاة ، لكن أن نكون فاقدين الثقة في أنفسنا وعقولنا وقدرتنا على انتاج وابداع فقه يعيننا على السير في طريق العدالة والحب الالهي فهو أمر يتناقض مع قول العلامة العظيم ابن رشد لا يمكن أن يعطينا الله عز وجل عقولآ ويعطينا شرائع مخالفة لها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 232-Al-Baqarah


.. 233-Al-Baqarah




.. 235-Al-Baqarah


.. 236-Al-Baqarah




.. 237-Al-Baqarah