الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزوة الصناديق و ديمقراطية العصور الوسطى

أحمد لاشين

2011 / 3 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


" طوبى للشعوب التي ليس بها أبطال " الشاعر الألماني برتولت بريخت

خرج علينا الشيخ " محمد حسين يعقوب " بتعبير سياسي جديد ما كنا لنسمع عنه لولا المهزلة التي مارسها التيار الديني بكافة أشكاله في الاستفتاءات المصرية الأخيرة،وهو تعبير (غزوة الصناديق)،ملخصاً ومختزلاً معاناة الشعب المصري الذي عانى وسيعاني من كل أشكال الوصاية الدينية والسياسية،في مصطلح يحمل في ظاهرة دلالة الرحمة الدينية،وفي باطنه يهدم كل مشروع ممكن للديمقراطية والحرية والدولة الحديثة،فمحاولة الشعب المصري أن يمارس لأول مرة دوره التاريخي في تقرير مصيره،تحولت وبقدرة قادر إلى صراع بين الخير والشر،بين فسطاط الإيمان ـ على حد تعبيره ـ وفسطاط الكفر.فطبيعة الغزوات لابد أن تكون ضد آخر يتم السيطرة عليه وفرض الهيمنة والوصاية الدينية ،والآخر في هذا السياق هم بقية المواطنين المصريين.فالتيار الديني على اختلافه وخلافه قد توحد الآن لكي يُقسّم الوطن الواحد إلى فسطاطين،ويعلن بفجاجة أن الدولة الدينية قادمة ومن لا ينطوي تحت لواءها ،فعليه الرحيل،صيغة تتسق مع العصور الوسطى وليس مع عالم حر حديث.
صناديق الاستفتاء أصبحت رمزاً لصندوق (بندورا)،الصندوق الذي خرج منه بمجرد فتحه شرور العالم تبعاً للأسطورة اليونانية الشهيرة،فهل هناك شراً أكثر من انقسام مجتمع لم يعتاد على قبول الآخر أو المحافظة على حقوق الأقليات داخله ؟!!،مجتمع اعتاد على أبوية سلطوية تسوقه حتى إلى الهاوية،فذهب ليستفتي على تعديلات أقرها النظام السابق،وبدلاً من أن يرفضها بحسم،أقرها بميوعة البحث عن الاستقرار الوهمي،ودوران عجلة الإنتاج التي كانت تعتصر رقبته لصالح حفنة من المنتفعين.أقرها لأنه لا يجرؤ على التغير أو التغيير فاختار أن يظل الحال على ماهو عليه حتى دستور آخر،يوضع بوصاية جديدة،بمعنى أوضح أختار ألا يختار.وأنا هنا لا أصادر على حرية أحد،ولكني أحاول تحليل ظواهر الجميع قد شارك فيها،حتى الأغلبية الحقيقية التي لم تشارك في الاستفتاء والتي تقدر بـ 27 مليون مواطن،من إجمالي 45 مليون ممن لهم حق التصويت.فالأغلبية قد اختارت أن تكون مجرد رد فعل لا أكثر،وستسلم قيادتها لصدفة الصناديق،واستبدال سلطة الأب السياسي ،بأب جديد يفرض وصاية دينية.
فالمجتمعات التي لا زالت تعاني غياب الثقافة أو بمعنى أدق تغييب دور المثقف،لابد وأن تنتهي بها الديمقراطية إلى ديكتاتورية جديدة،ومنها المجتمع المصري،الذي لم يدرك جيداً أن ثورة 25 يناير قامت ضد كل أشكال البطولة الوهمية،ثورة قام بها جيل كان يعاني من أجيال متسلطة تحت مسميات مختلفة،ضد تسلطية الفرد الواحد،ضد فكرة الرمز من الأساس.فقرر المجتمع أن يحاكم الثورة بالانسياق خلف رموز استغلت جهله لتحقيق أوهام الدولة الدينية،أي إقرار بطولة كاذبة جديدة تنفي الآخر أياً كان،فعمدت إلى تشويه الدولة المدنية وتحويل المفهوم من دولة قانون تتساوى فيها جميع الأطراف،إلى دولة تبيح خلع الحجاب ومنع الأذان وغيرها من الشعارات التي امتلأت بها صفحات منشورات ومواقع التيارات الدينية المسيسة،بل أن المهزلة وصلت لمادها حينما ترتبط الموافقة على استفتاء التعديلات الدستورية بمناهضة الأقباط،أي قمع لحق الأقلية في الحياة والتعبير،فعن أي ديمقراطية نتحدث؟!!.
الأمر لا يقتصر فقط على اختزال الديمقراطية بشكل تعسفي على حكم الأغلبية الباحثة عن رمز أبوي جديد أياً كانت نسبة وعيها،ولكن المأساة تكتمل بابتعاد النخب السياسية والثقافية عن الشارع المصري البسيط،فالنظام السابق قد سلم الشارع منذ عقود للتيارات الدينية السلفية لمناهضة السيطرة السياسية للأخوان المسلمين،فأصبحت المرجعية الدينية هي الحكم الأخير في العقلية الشعبية،وأضحى من البديهي أن يتحالف الأخوان مع السلف ـ رغم تاريخ عدائي طويل ـ لتحقيق مصالح متحدة.في ظل توهم بعض النخب أنهم يخاطبون الشارع من خلال المواقع الاجتماعية من فيس بوك وتويتر ،مما أسس لخطاب متعالي لا يحقق إلا مزيداً من الانفصال،وكانت النتيجة فقدان المصداقية.فالشارع المصري لن يتوحد مع هؤلاء الهابطين عليه من سماء العالم الآخر ،ويترك من يفترش معه الأرض.
تصريحات (يعقوب) وغيره من رموز الحركة الدينية،أتت معبرة عن عمق تفكير أغلبية المجتمع ،التي ما زالت تتعامل مع الديمقراطية بوصفها سيطرة الجموع ونفي الآخر،وعدم الاعتراف بحقوق الأقليات،مما يعطينا مؤشر عدم القدرة على التغير أو قبول الاختلاف،فبدلاً أن يكون الصراع على تقرير القانون ودولته،تحولت إلى غزوة للحصول على الجنة وتجنب النار،ثنائية بديهية يعتمد عليها الفكر الديني،ولكنها إن تداخلت مع الحركة السياسية أفقدتها قيمتها،وأفرغتها من مضمونها.والنهايات ماثلة أمام أعيننا في مجتمعات أقرت المشروع الديني ،فتحول معارضيها السياسيون إلى منافقين أو كفرة ملحدين يحق عليهم القول أو الموت الذي سيكون مقدساً في تلك الحالة.
فلنخرج من دائرة البحث عن الأمان الوهمي في نماذج بالية لا تعبر إلا عن مصالحها ،ولندرك جيداً أن الخطر الحقيقي على أي محاولة للتحرر و الحرية،هو انعدام الوعي والانسياق خلف سلطة أبوية أو رمز بطولي نسلمه رقابنا خشية أن نخوض مغامرة التغير التي لم نعتاد عليها لعقود،فالديمقراطية الحقة ليست مجرد مظهراً براقاً ،أو صناديق ممتلئة بأوراق ،وإنما ممارسة متكاملة الأركان الاجتماعية والحضارية . فرغم كل ما حدث لم نصوت بعد لأجل الحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أسوء من الثورة المضادة
Amir_ Baky ( 2011 / 3 / 23 - 21:15 )
لو تم أستفتاء على لون كرة القدم سيخرج هذا الشيخ بفتوى دينية تجعل من أحد الألوان لون شرعى ينصر دين الإسلام و اللون الآخر هو لون الكفر. فلو أستمرت الحياة السياسية فى هذا النهج سيتم أقتياد معظم الشعب المصرى نحو تهريج ديمقراطى لا يقوم الشعب بالإجابة على منطوق الأستفتاءات بل إلى خزعبلات الشيوخ فى تفسيراتهم السياسية. المشكلة لو رجحت كفة اللون الشرعى سيكون نصر إسلامى من وجه نظر الشيخ و لو حدث العكس سيعلن هذا الشيخ الجهاد ضد الكفرة.


2 - القوى السلفية تشارك الحكومة غزوة البندورا
سامي المصري ( 2011 / 3 / 24 - 14:02 )
الأستاذ أحمد أجمل ما في كتاباتك البليغة هو وضوح الفكرة والقدرة على التعبير السهل الذي يصل للعقل في يسر. كارثة فهم الديمقراطية وتطبيقها في مجال ينعدم فيه الوعي، مع رفض استخدام العقل، وسير المجتمع وراء أفكار مُعلَّبة سابقة التجهيز، يتقبلها مجتمع الدهماء في بلاهة، يغتال حق المثقف في الحياة، ويوئد أمال الشعوب في الحرية. كارثة غزوة صناديق البندورا ليست فقط في القوى السلفية الأبوية لكن أيضا في قوى حكومية لها مصالح في قهر الشعب. هل يمكن أن نتصور أن عدد من شارك في الانتخاب هم فقط 18 مليون بينما كان العدد في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة 14 ملين؟!!! وهل ممكن أن نتصور أن عدد من صوت بـ -لا- هم 4 مليون فقط؟!!! مع وجود عشرات الأدلة تؤكد أن غزوة صناديق البندورا صاحبها تزوير حكومي مثل كل مرة لتخرج النتيجة المزورة 77% وهم لا يحتاجون لأكثر من ذلك. هناك عشرات الأدلة بالصوت والصورة تثبت التزوير مع تجاهل حكومي كامل؛
أشكرك لمقالك الهام والمُعبِّر؛


3 - وشهد شاهد من أهلها
سرسبيندار السندي ( 2011 / 3 / 24 - 17:40 )
بداية تحياتي لك يا عزيزي أحمد لاشين ... ودعني أقول لقد شهد شاهد من أهلها ( غزوة الصناديق ) فهل لازل شيخنا يؤمن ونحن في القرن الواحد والعشرين بالغزوات ... وإذا كان ألأمر كذالك فلا يلوم غدا إلا نفسه ومن حوله إذا إنقلب ألأية وصارت غزوته كغزوة أحد ... ولكن العيب ليس في شيخ أحمق متخلف بل العيب في عسكر خان ألأمانة وخان الدماء لأنه لم يصفع مثل هذا الشيخ النكرة على وجهه ثم على قفاه ... ولكن سؤالي أين شباب الثورة الذي شد العزم على التحرر من حكم الطغاة ليسقط في حكم البغاة من ذوي الرايات الحمر ومكفري العقل والفكر والغزوات !؟

ولكن دعني أطمئنك ياعزيزي أحمد شاء شيوخ التخلف والجهالة أم لم يشاءو لأنه لن يصح إلا الصح أمام سيل المعرفة وإنكشاف الحقائق ... ولأن زمن الضحك على ذقون السذج والأبرياء قد ولى كمى ولى زمن الجهاد والتهديد من قوم ليسو بأكثر من أغبياء ... فوالله ما لم يتعضو فلقد حكمو على أنفسهم بالهلاك والفناء وسيرى الجميع خزيهم وذلهم وكيف سيتجرعون كأس المهانة وهم أحياء ... سلامي وإلى اللقاء !؟


4 - وهابي متطرف مكفراتي
عبد الرازق سليمان ( 2011 / 3 / 28 - 16:12 )
محمد حسين يعقوب رجل متطرف الفكر والبصيرة وهو تابع لفكر التحجر والجهل الوهابي المظلم وهذا رجل من قوي خفافيش الظلام في مصر والعالم العربي وهذات الرجل المتاجر بالدين قاسي القلب والبصيرة المكفراتي للمكسلمين وغير المسلمين يجب أن يقدم للمحاكمة العاجلة والحكم عليه بالسجن بالاشغال الشلقة المؤبدة لانه اساء للمصريين للمسلمين قبل المسيحيين وجعلها حرب في ايام الاستفتاء مع ان ترقيع ادستور قديم ولايتكلم عن اي دين ولكن جهله بالدين والقانون والدستور جعله يفتي كا يفتي في فتاوي سفك الدماء للمسلمين المختلفين مع فكره العقيم ويفتي بفتاوي قبيلة أوجماعة طالبان التي تتبع العصور الحجرية فهذا المكفراتي شيطان في صورةشيخ لايؤمن بحوار ولايؤمن بقبول الاخر وهو من وعاظ الجعجعة علي الفاضي وعلي البطال وهو خادم لاسياده الوهابيون العملاء والخونة في بلاد العرب وقنا الله من شرهم وحقظ مصر من مكرهم وحقدهم وفسادهم اللهم أمين


5 - صحوة الموت
احمد فرماوي ( 2011 / 3 / 29 - 17:00 )
إنها صحوة الموت يا عزيزي لهذه التيارات الظلامية والمتخلفة لأن الزمن يسير عكس اتجاه سيرهم وأؤكد لك أنهم وصلوا لأقصى ما يمكنهم الوصول إليه ذلك لأن 5 % فقط من الشعب المصري هو من له استعداد لكي يكون سلفي وأغلب المجتمع يمقت أفكارهم العفنة الرجعية. ولعلمك فإن أغلب من قالو نعم لم يقولوها لسواد عيون الإخوان ( الذين تراجعت شعبيتهم 75 % مقارنة بسنة 2005) ولا بياض لحية اليعقوب الصندوقي ولكن طلباً للاستقرار أو كما خُيل إليهم.


6 - رجل ياكل علي الموائد الشيطانية
صابر توفيق ( 2011 / 3 / 30 - 14:55 )
محمد حسين يعقوب ومعه شلة الفاسد الوهابي محمد حسان واسحاق الحويني ومحمود المصري وابن باز وابن العثيمين ومحمد شومان وجمال المراكبي ومحمد جميل زينو وغيرهم من أئمة الجهل والتخلف الوهابي والذين يأخذون رواتبهم من ال سعود ومن عائد براميل النفط الملعون علاوة علي انشاء قنواتهم الوهابية المضللة علي الفضائيات ومعهم جماعة الأخوان التي تأكل علي جميع الموائد الشيطانية خدمة لمناهج سيد قطب وعبود الزمر وحسن البنا وغيرهم هم من يريدون الاستيلاء علي السلطة في مصر وفي العالم العربي وتدعمهم امريكا وبريطانيا بكل ماتملك لحساب دولة اسرائيل ومحمد يعقوب يقوم بدوره التكفيري لمصلحة هذه القوي المعادية لتعاليم الاسلام وتعاليم المسيحية فهذا الواعظ شيطان من شياطين الوهابية لنشر فجورهم بإسم الدين البرئ منهم الي يوم الدين فهذا الرجل التكفيري كل منهجه تكفير الناس المختلفين معه من المسلمين والمسيحيين في فكره الهابط الذي لايمت لتعاليم الاسلام السمح بصلة يقول مؤخرا انه بيهزر ولكن هو كاب في ذلك لان كل خطبه القديمة علي القضائيات وعلي شرائط الكاسيت والسي ديهات كلها تنطق بكل مايخالف الاسلام الحنيف اااااااامن فتاوي الخرافات


7 - يعقوب عدو للانسانية
صابر توفيق ( 2011 / 3 / 30 - 15:02 )
اااااااامن فتاوي الخرافات والدجل والشعوذة وسفك الدماء وتكفير الناس وزواج الجن بالانس والعكس وشرب بول الابل والعلاج به والنقاب وتكفين المراة واحتقارها ولعن الناس من علي المنابر ظلما وعدوانا كل هذا صادر من هذا
(الجهول الوهابي والرسول الكريم ( يقول المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ولكن هو لايمؤمن بذلك الادب النبوي الطيب خدمة لفكره الجاهلي من ال سعود الخونة لله ورسوله حسبي الله ونعم الوكيل في يعقوب وأمثاله انهم اعداء للانسانية جمعاء

اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا