الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفاهيم المبهمة للعلمانية

رباح حسن الزيدان

2011 / 3 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نتحدث أحيانا عن مفاهيم غير دقيقة أو قابلة للجدل للعلمانية، حيث نعرَّفها من خلال واحدة من صفاتها التاريخية أو بعض التحليلات الخاصة لها. في الواقع، يقودنا هذا التعريف إلى زيادة الضبابية في فهمها ومعرفتها ثم اختزالها لعناصر وصفات ثانوية خاصة بها. ربما تلبي هذه الصفات الثانوية بعض الاحتياجات لفهم طبيعة العلمانية، لكنها تبقى صفات غير مبنية معرفيا أو غير واضحة. وهنا نتطرق إلى ثلاثة مفاهيم مختصرة :
أ ـ العلمانية ليست رفضا للدين، وليست صراعا ضده. بل تحاول الفصل بين الدولة والدين. هذا الفصل ربما يكون صعبا ويؤدي على صراعات، وتجد الدولة نفسها أحيانا مضطرة للصراع من أجل فرضها و الحفاظ عليها، أي على العلمانية.إذن يمكن أن تستخدم الدول أساليب معينة لفرض العلمانية وقد تصل للإرغام و القسر (طبعا نحن هنا نشرح المفاهيم من غير أن نبين رأينا مع أو ضد) . إذن، نرى ومن خلال التاريخ الطويل للعلمانية،أنها لم تهدف إلى إقصاء الدين أو العمل ضده،بل إبعاده عن الدولة وترك الحرية له داخل المجتمع.
في هذا الحالة، ليس للعلمانية أهداف أو مضامين عدوانية ولا أي ازدراء تجاه الدين.على العكس من ذلك، تفترض العلمانية في جوهرها رعاية واحترام مختلف الأديان، وعلى الدولة ضمان وتأمين حرية هذه الأديان وفق طرق وأساليب مختلفة.البعض يقول "العلمانية هي صراع".وفي الحقيقة هي ليست صراع ضد الأديان نفسها، بل صراع للحفاظ على العلمانية ومنع عودة الدين إلى ما يتعلق بالمؤسسات و الفضاءات العامة. ومن هنا يأتي الصراع أو بعض تجلياته بين الدولة والدين، وانطلاقا من ذلك نجد انه من الضروري الانتباه كثيرا حتى يتم الحفاظ على علمانية الدولة. هذا الحفاظ قد يقود الدولة إلى شكل من أشكال الصراع، ولكن يجب ألا يكون صراعا ضد الأديان بل ضد نفوذها وهيمنتها على الدولة ومؤسساتها.
ب ـ العلمانية ليست فقط تمييزا سطحيا بين الزمني والروحي، بل تتطلب فصلا حقيقيا بين السياسي و الديني. هذا الفصل تكون الدولة فيه مستقلة كليا عن الدين ويكون الدين حرا بالكامل. إذن الفصل يجب ألا يكون ناقصا بل كاملا. إن العلمانية ضمن هذا المسار ليست أو لا تشكل مذهبا أو فلسفة، كما أنها ليست إيديولوجية. وحتى لو تحدثنا في السابق عن "العقيدة العلمانية" أو عن "علم الأخلاق العلماني"، فهذا لا يعني أن العلمانية إيديولوجية بحد ذاتها، بل أن نستلهم الأخلاق والأفكار منها من غير تحويلها إلى مذهب أو عقيدة. وأيضا علينا الابتعاد عن تحويل العلمانية إلى دين جديد لها طابع القداسة. إن بناء العلمانية يمكنه أن يعتمد على ثلاثة أفكار يمكن "تقديسها" بشكل من الأشكال اللادينية وهي : العقل، العلم والتقدم. انطلاقا من الابتعاد عن "تديين العلمانية"، يمكن طرح مفهوم "علمنة العلمانية"،أي أن نسحب منها كل صفة أو طابع مقدس أو أي اتجاه يمكن أن يقودها لتصبح إيديولوجيا. إذن العلمانية هنا تكون حقيقية عندما لا تكون إيديولوجيا، وهذا ما يقودنا بدوره للحديث عن نسبية العلمانية ورفض تحويلها إلى مقدس جديد في الوقت الذي جاءت فيه للصراع ضد تقديس كل شيء.
جـ ـ العلمانية ليست، أيضا، عقدا، ميثاقا، أو عقدا اجتماعيا. حيث هناك انتقادات كثيرة توجه لمفهوم "العقد العلماني"، أو "العقد العلماني الجديد" كما كان يحصل في الماضي.ولكن لماذا علينا نقد مفهوم "العقد العلماني" ؟ إذا تحدثنا عن العقد فهذا يعني أنه علينا الإشارة إلى أطرافه وكيف تم الاتفاق عليه، وهل هو بين الدولة والأديان. ونحن كما نعرف، العلمانية هي فصل بين الدولة والدين،بمعنى أنها بعكس العقد أو الميثاق،إلا في حالة أخرى،وهي الاتفاق بين الدولة والأديان على عدم الفصل،وفي هذه الحالة لا يكون لدينا علمانية حقيقية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ضرورة تحديد المفاهيم
ياسمين تونس ( 2011 / 3 / 24 - 03:10 )

سيدي الكريم
شكرا لك على هذا الجهد الذي بذلته لتحديد مفهوم العلمانية، لكن يبدو لي انه يتعلق باللائكية و ليس بالعلمانية لأنك تحدثت في مقالك عن فصل الدين عن الدولة. اللائكية هي إستتباع عملي للعلمانية، اما هذه الأخيرة فهي تصور و موقف من العالم و من الوجود, موقف يقوم على الإيمان بالعلم و على قدرته على حل كل المشاكل و القضايا الإنسانية و الطبيعية. موقف ظهر مع المدرسة الوضعية في القرن التاسع عشر مع ان جذوره تعود الى القرن السابع عشر.
اللائكية هي استتباع لهذه النزعة العلمانية و هي موقف سياسي وايديولوجي يقوم على الدعوة الى ضرورة فصل الدين عن السياسة و هو ما يتيح تحقق اهم مقومات المجتمع المدني ألا و هو حرية المعتقد. لكن الفهم العامي و الشائع يروج لمفهوم خاطىء للائكية و يعتبرها كفرا و اقصاء للدين.


2 - العلمانية حماية للمجتمع من التدمير الذاتى
Amir_ Baky ( 2011 / 3 / 24 - 07:52 )
العلمانية هى قبول الرأى و الرأى الآخر بدون تكفير طرف لطرف. أما الدولة الدينية فيمكن لكل طرف تكفير الطرف الآخر لو حدث إختلاف سياسى. فما أسهل أن يدعم كل طرف وجهة نظره بموقف من التراث الدينى. فلو حدث هذا السيناريو سيتجنب الجميع الدين لشعورهم إنه يناقض نفسه. العلمانية تنظر للدين بوقار لأنه يطور روحانيات البشر و أخلاقهم و أستخدامه فى السياسة كارثة على سمعة الدين و على المجتمع

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah