الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن اللإسلام السياسي والزمنية

الحسين بحماني

2011 / 3 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في سياق التطرق لمرجعيات "الأحزاب السياسية" في بلادنا (المغرب)، يكثر الحديث عن الإيديولوجيا وكذا عن البرامج السياسية التي تستجيب عادة لتطلعات الممثَلين في الرقي الاجتماعي والاقتصادي... فإن كانت الإيديولوجيا هي "مجموعة من التمثلات والأفكار والتصورات، ذات دور تاريخي في حياة الجماعات"، فهناك من يتحدث عن "إيديولوجيا نقية" وأخرى غير ذلك؛ فقط من منظور القرب أو البعد عن الرصيد القيمي للناس، الذين غالبا ما يميلون اتجاه تقبل بل والدفاع عن الخطاب المنطلق مما يمكن أن يبدو مشتركا بينهم. أي أن هناك من ينطلق، من الحركات السياسية، من "مرجعيات لا تتسق مع مرجعية الشعب من القيم الدينية والأخلاقية" حسب نفس المتحدثين.
ما يسمى بالقيم الدينية يرتبط بالجانب العقدي الذي يحظى غالبا بهالة من الوقار، ويعتبر المساس بها نوعا من المروق عن الدين والخروج من الملة. وبذلك تُعد شكلا من أشكال الطابوهات التي تظل في حالة كمون، وتشتغل في لاوعي الأفراد الذين تعرضوا لسنوات من الحشو ذي الطبيعة السلفية من منظورها السلبي المرتبط بكل نزوع نحو الانغلاق والبدوية والتمسك بالشكليات التي تعبر عن عقلية متخلفة تستحضر الظروف التي عاشها "السلف الصالح"، وتبتغي الرجوع بالمجتمعات قرونا إلى الوراء لإنزال القراءة نفسها للنصوص الدينية على واقع الناس الذين يحكمهم الجمود الفكري. إلا أن إثارة هذه الأشياء توقظ تلك "القناعات" ويُستجاب لها بطريقة عنيفة تعبر عن الطريقة التي لُقنت بها، وتفصِح عن نوع من الحراسة للعقيدة أو ما يسمونه ب"الأمن الروحي".

إن ما يتعرض للنقد على مستوى التراث الديني ليس هو المعتقد، الذي يحظى في حياة المجتمع بالاحترام والتوقير وبالتقديس من قبل معتنقيه، وإنما القراءات التي تضع أساسا لها تلك النصوص الدينية. انطلاقا من هذه الأخيرة يتم التعبير عن القراءات المختلفة لها وفقا لطبيعة المجتمع الذي هو في دينامية دائمة وفي تغير مستمر انسجاما مع سنة الحياة كذلك التي لا تستقر على حال، كما يراعى في التأويل كذلك المصلحة السياسية للجماعات لجعل النصوص تتكلم في اتجاه شرعنة سلوك سياسي معين أو "تحريم" ممارسة قد تتناقض ومصلحة تلك الجماعة. هذا ما حدث ويحدث في الواقع، أي أن في التاريخ الإسلامي الطويل (تاريخ المشاريع الإسلامية وليس تاريخ الدين نفسه) تعرضت النصوص لهذا النوع من التعامل، وهناك من استنطقها، من العلماء، وفق ما وصل إليه عقله من تكوين على مستوى الفلسفة والعلوم الإنسانية كمثال، فأصبح النص الديني موضوعا لتأويلات متعددة قد تبرر السلوكات أو تدينها.

من هنا نقول أن الحركات السياسية المسماة إسلامية في بلدنا تنطلق من مرجعية إسلامية صحيح، وتنطلق من "ثوابت" معينة ولها مشروع من أجل أسلمة الدولة والمجتمع، إلا أنه إسلام مكيف مع الظروف السياسية (ولو من حيث الشكل). إذ بالنظر إلى تاريخ إحدى مكوناتها نجد أن خطابها مع نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات كان خطابا عنيفا من حيث التنظير وكذلك الممارسة، أي من حيث التأويلات التي عن طريقها تجد طريقا لتكفير النظام والمحيط السياسي عامة. ويفرض عليها نفس الخطابُ العمل السري على شكل خلايا يمكن أن تسلح أفرادها لتنفيذ هجومات مسلحة على "أعداء" مفترضين ( تجربة عبد الكريم مطيع واغتيال عمر بنجلون ثم الجماعة الإسلامية). الخطاب تغير مع بداية التسعينيات على الخصوص وأصبحت إيديولوجيا القتل والتكفير إيديولوجيا المشاركة و"التعاون على الخير مع الغير". ما يهمنا هنا أن الخطاب تغير والممارسة كذلك؛ النظام تنازل عن القليل من "شرعيته الدينية" لصالحهم مقابل أن يندمجوا في "محيط صاحب الجلالة" ويعترفوا له ب"إمارة المؤمنين"، فينخرطوا في اللعبة السياسية، لعبة قد يكون الكذب إحدى وسائلها و لعبة البرامج التي لن تتحقق.

إذن دعاة الإسلام السياسي في عملهم السياسي المنظم وفق جماعات و"أحزاب" لا يختلفون عن الآخرين أصحابِ المرجعيات الأخرى إلا من خلال تبنيهم للإسلام ك"دعوة ودولة"، أي أن الدين كقيم وتعاليم لا ينبغي أن يحكم فقط الضمير لدى سياسييهم كما يجب أن يكون، ولكن يجب إلى جانب ذلك أن تمحى القيم الإنسانية الحداثية التي أسست للتسامح بين الناس وحرية المعتقد وحرية التعبير والتفكير والإبداع مقابل الفكر الوحيد والنظرة الوحيدة والتأويل الوحيد للنص الديني على مستوى الممارسة السياسية ثم على مستوى المجتمع، أي ببساطة اختفاء المرجعيات الأخرى وراء شعار "كلنا مسلمون"، ثم تغليف السياسة بالدين الذي يحظى بتقديس الناس. ببساطة قد تكون لديهم مشاريع من نوع ما، إلا أنهم يتسلحون بنوع من الرأسمال الرمزي الذي أعتبره سرقة، لأنه ليس ملكهم وحدهم.
إذا كانت الظرفية السياسية والمصلحة الظرفية لدى هؤلاء تبرر تغيير الخطاب وتغيير السياسة التي تفترض بالضرورة إعطاء تأويلات أخرى لنفس النصوص التي أعطوها تأويلات مخالفة في ظروف مغايرة، فإنهم يقرون ضمنيا بدينامية النص وفق الزمان والمكان ووفق تطور القيم وتغير المعايير التي يستند إليها العقل، إذن فلماذا يتشبثون بمرجعية وحيدة علما أن إخوانهم كذلك يفعلون، ويعطون للنصوص ذاتها تأويلات أخرى؟؟ من هذا المنطلق، لا وجود لمرجعية وحيدة ولو كانت دينية.
إذن لماذا يعادي دعاة الإسلام السياسي الزمنية؛ زمنية النصوص و زمنية العقل البشري الذي يجتهد ويعرض كل شيء للنقد من أجل البناء على أسس سليمة تخضع لمنطق الزمان والمكان المتغيرين إن كانت النصوص تصلح فعلا لكل زمان ومكان؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بعض الحقائق الموضوعية
بشارة خ. ق ( 2011 / 3 / 28 - 05:46 )
الاساس المادي الذي يقوم عليه الاسلام السياسي هو البترول وهو ايل الى النفاذ
معظم الاضطرابات والعنف والتضييق على الحريات والتطرف موجود في العالم الاسلامي ولم تخل منطقة في العالم من هذا العنف حيث وجدت اقليات اسلامية من ابو سياف في الفلبين الى عصابات جنوب تايلاند الى الصين الي الهند الى الشيشان والبلقان الى اوربا الغربية وامريكا
تتجه كل شعوب الارض نحو مزيد من العدل والمساواة والحرية بالالتزام بوثيقة حقوق الانسان بينما يتجه العالم الاسلامي الى مزيد من الظلم والتمييز والعنف بسبب انتشار ايديولوجية الاسلام
ماذا يا ترى سيكون مكان العالم العربي والاسلامي في المستقبل القريب؟
انفجار سكاني يؤمن عمالة رخيصة لكل دول العالم قد بدأ منذ عدة عقود.وانتشار واسع للاسلاموفوبيا اخذ في الاتساع بسبب الارهاب والعنف الاسلامي بالاضافة لفهم وترجمة مراجع الايديولوجية الاسلامية ودول اسلامية يحكمها متطرفون في حالة عداء مع باقي شعوب الارض وانتهاك حقوق الانسان قد يؤدي الى مواجهة كبرى ضد الفاشية الاسلامية.هذا هو السيناريو الاكثر احتمالية والاكثر بشاعة.

اخر الافلام

.. المرشد الأعلى في إيران هو من يعين قيادة حزب الله في لبنان؟


.. 72-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد




.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس