الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إدارة العلمانية في ألمانيا

رباح حسن الزيدان

2011 / 3 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إذا كانت الثورة الفرنسية هي المنعطف الأهم في تاريخ فرنسا،فإن الثورة الدينية والإصلاح البروتستانتي يشكلان النقطة الأهم والأساسية في تاريخ ألمانيا. إن الإشكالية المركزية التي كانت في ألمانيا لم تتمحور حول مكانة الديني في المجتمع و دوره في الفضاء السياسي أكثر مما تمحورت حول التعايش بين طائفتين: الكاثوليكية و البروتستانت. والسؤال الجوهري كان في كيفية أو معرفة تنظيم ممارسة السيادة السياسية مع ضمان الحضور المشترك السلمي لهاتين الطائفتين، حيث لم تنجح إحداهما في هزيمة الأخرى هزيمة نهائية. من هنا جاء أو ولد ما يمكن تسميته [ازدواجية الطائفية] و إقامة أشكال من التعاون بين السلطات العامة و الكنائس .
لقد نشأ في ألمانيا ما يمكن تسميته [العلمانية التشاركية]، وهنا لابد لأي بحث موسع في هذا الموضوع أن يأخذ بعين الاعتبار للنظامين السياسيين أو "الأفكار السياسية" التي عرفها التاريخ الألماني المعاصر، ونقصد هنا النازية والشيوعية، هذان النظامان كانا معاديان للأديان والكنائس. لقد كان للأديان دورها في تخليص ألمانيا من النازية وإعادة بناء البلاد، أيضا المرجعية الدينية و المسيحية أصبحت من ذلك الوقت مصدرا للشرعية في مواجهة الحلفاء الغربيين.
يرى المراقبون للحالة العلمانية في ألمانيا أنه لم يكن من باب الصدفة أن الخطوط الأولى من [القانون الأساسي الألماني] الذي صدر في 23 أيار 1949 بدأت بذكر كلمة الله. فالمقدمة تتضمن أن "وعيا بمسؤوليته أمام الله و البشر، مدفوعا بإرادة خدمة السلام في العالم وبوضعه المتساوي في الحقوق في أوربا موحدة، إن الشعب الألماني قدم هذا القانون الأساسي بموجب سلطته المؤسِّسَة". بمعنى آخر، إن الصراع من أجل استقلال الفضاء السياسي، الدفاع عن الحريات وانتصار الديمقراطية ضد ديكتاتورية القومية، كان بنفس المستوى في ألمانيا، مع تعزيز الموقع المؤسساتي و الاجتماعي للكنائس و سلطتها الأخلاقية . رغم عدم وجود [كنيسة الدولة] في ألمانيا كما ينص الدستور في مادته 137، إلا أن الدولة الألمانية تركت جزءا من فضائها العام للمؤسسات الدينية وهذا ما يمكن رؤيته على مستويات متعددة.
على الصعيد الدستوري، المجتمعات الدينية تم الاعتراف بها " كتعاون مع القانون العام" على أن تكون مهماتها في خدمة المصلحة العامة، وهذا يشمل جميع الأديان والطوائف وليس فقط الكاثوليك والبروتستانت. على صعيد المجتمع، تتدخل الكنائس وفق أحكام مؤسساتية متعددة، وفي مجالات مختلفة [التكوين المهني، المساعدة الاجتماعية، التنمية الإنسانية، الصراع ضد الحرمان والفقر، الصحة...الخ]، وفي أوساط معينة [أطفال، شباب، معاقين، كبار السن..الخ].
على الصعيد الاقتصادي، تم الاعتراف بالكنائس كمؤسسات سياسية تشارك في المنفعة العامة وتدفع الضرائب. يقصد بذلك "الضرائب الكنسية" أو Kirchensteuer. وهذا يساهم في تمويل نشاطات الكنائس المعترف بها. وعلى الصعيد المدرسي،أخيرا، التعليم الديني هو شكل من أشكال التعليم النظامي في المدارس العامة، من دون رقابة حقيقية من الدولة. وعمليا، التعليم الديني هو مادة إجبارية ولها نفس الأهمية كبقية المواد الأخرى في السنوات الدراسية عند التلميذ حتى مرحلة البكالوريا أو السنة الأخير من التعليم الثانوي . يستطيع التلميذ منذ سن الربعة عشرة اختيار درسا في الدين أو درسا في الأخلاق وله الحرية في ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah