الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يجوز طباعة القرآن بآلة الطباعة ,لأن المطبعة صنعها الكفار

نبيل هلال هلال

2011 / 3 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد قطع العقل المسلم مسافة معقولة فى بداية العصر العباسى" أيام هارون الرشيد وابنه المأمون"، ولكنه تباطأ بعد ذلك وما لبث أن توقف عن المسير. ومن يدقق النظر يرى أن هذا العقل يسير الآن القهقرى متوجهاً إلى ماضيه ظناً أنه المستقبل.ويمضى الآخرون بسرعة مذهلة، إذ تتضاعف المعارف الإنسانية مرة كل 18 شهراً تقريباً فى ظل الثورة المعلوماتية الجبارة، وليس بمقدورنا الانتفاع بهذه المعارف فضلاً عن عجزنا عن المشاركة فى إنتاجها. لذا فإن التوقف، مجرد التوقف عن السير، يعتبر انسحاباً للخلف فى حركة تقهقر لن تغفرها لنا أجيالنا القادمة، إذ سنعجز تماماً عن اللحاق بالآخرين، ويقتصر دورنا – كل دورنا – على أداء مهام التبعية وأدوار العبيد للأسياد، وكأننا نكرر تاريخنا أيام الظاهرة المملوكية .
وقد انطفأت وخبَت جذوة البعث العلمى الإسلامى والعربى ابتداء من القرن الرابع الهجرى نتيجة غلق باب الاجتهاد، وما صاحب ذلك من ملابسات وظروف عطلت المد العلمى، وإن لم يحل الظلام الدامس تماماً إلا بعد ذلك بمدة ليست بالقصيرة قلّ فيها الإبداع تدريجياً، ونقص عدد العلماء ولكن استمرت حركة المد العلمى بفعل قوة الدفع الأولى .
وفى القرن الرابع الهجرى حصل التفكك السياسى للدولة الإسلامية، فتفتتت إلى كيانات فسيفسائية، وتعددت الصراعات الدينية، واحتدم الصراع بين السنة والشيعة. بل كثيراً ما ثارت خلافات مذهبية تافهة فى الوقت الذى كانت فيه البلاد مهددة بالهجمات الصليبية، خلافات من نوع هل يجوز الجهر فى البسملة، والترجيع فى الآذان، والقنوت فى الفجر، حتى وصل الأمر إلى استعانة الحنابلة بالعميان الذين كانوا يأوون ببعض المساجد لضرب كل شافعي يمر بهم.
وعانى المفكرون: شأنهم فى ذلك شأن عامة الناس، من سوء الأحوال الاقتصادية فى القرن الرابع الهجرى، حتى إن العالِم الواسع العلم يعجز عن دفع أجرة مسكنه ولا يجد ما يأكل، وكان ذلك نتيجة طبيعية لما تردت إليه البلاد من سوء الأحوال الاقتصادية، حيث تجمعت الثروات والسلطات فى أيدى جماعة من الحكام الفاسدين الذين فقدوا كل إحساس بالعدل والاستقامة وتفننوا فى إذلال الفقراء، وغالوا فى الترف والبذخ ".
والكارثة هى أن غلق باب الاجتهاد معناه النفور من كل جديد، والنظر بشك وريبة إلى كل مُبتدَع واعتباره بدعة تفضى بصاحبها إلى قعر جهنم. وكان رد الفعل الأول تجاه أى جديد مستحدَث هو إبداء الكراهة والنفور دون التروى والنظر فى غايات هذا الجديد ودراسة مرامية وأهدافه، إذ عانى العقل المسلم من الاسترهاب والبطش الذى دفعه إلى طلب الأمان وإيثار السلامة، وردد الناس فى أمثالهم : " من فات قديمه تاه " وقد فوّت هذا الموقف المتشكك فى الجديد، فوت الفرصة على المسلمين من الانتفاع بكثير مما أبدعه الآخرون كما حدث عندما غفلوا عن الانتفاع بالمطبعة، والتى كان اختراعها حدثاً محورياً هاماً فى تاريخ العلم والثقافة والكتاب، وأضاع عليهم غير ذلك من الإبداعات التى أمدت الآخرين بالقوة. ففى الوقت الذى ظهرت فيه المطبعة فى منتصف القرن الخامس عشر، كان إجمالى عدد الكتب فى أوروبا كلها حوالى ثلاثين ألف كتاب معظمها أناجيل وتفاسيرها. وخلال الخمسين سنة التالية زاد هذا العدد إلى تسعين مليون كتاب معظمها فى العلوم العقلية وكان المسلمون مشغولين فى هذا الوقت بمطالعة كتب الصوفية والمواظبة على ترديد كفرياتهم فى حلقات الذكر التى كانوا يقيمونها فى التكايا والخوانق والمساجد. وفى الوقت الذى لم يكفّروا فيه ما جاء فى كتب الصوفية من شرك بالله وازدراء التوحيد، وقبلوها مع الحفاوة والتقديس، نظروا إلى المطبعة على أنها آلة صنعها الكفرة ولا يجوز طباعة القرآن عليها ! الأمر الذى ألحق أضراراً فادحة بأمتنا الإسلامية على صعيد العلم والاستنارة. ومنع السلطان العثمانى بايزيد الثانى اقتناء المواد المطبوعة فى عام 1485م، وتكرر المنع من السلطان سليم الأول عام 1515م. وفى أوائل القرن السادس عشر طبع المسيحيون فى أوروبا أول كتاب باللغة العربية. وكان أول استخدام للمطبعة فى تركيا سنة 1716 وطبع بها أول كتاب عربى سنة 1728، وسرعان ما أغلقت ، وبعد إعادة فتحها كان أول ما طبع فيها كتب التصوف وأهمها الفتوحات المكية لابن عربى !!. ودخلت المطبعة مصر لأول مرة مع الحملة الفرنسية سنة 1798، ولكن لم يزد عدد الكتب العربية المطبوعة بها على خمسين كتاباً حتى نهاية القرن الثامن عشر .
وأنصار غلق باب الاجتهاد هم المتخوفون من كل جديد، وهم عَبَدَة المألوف وأعداء الجديد أياً كان. وهم يظنون أنهم يحتكرون الحقيقة، وأنهم الصفوة التى تختص بالعلم، ومن سواهم يجهل ولا يعلم، لذا جرّموا إعمال العقل من بعدهم، وحرّموا النظر إلى الأمور على نحو مغاير لما يرون، فعندما ظهرت المدرسة كمؤسسة تعليمية فى القرن الخامس الهجرى لم ترق فى أعين بعض علماء المسلمين، إذ كانوا يفضلون عليها نظام التعليم الحر فى الجامع، وتناولوها بالنقد، ولما بلغهم بناء المدارس فى بغداد، أقاموا مأتم العلم، وقالوا: كان يشتغل به – أى بالعلم والتدريس – أرباب الهمم العالية الذين يقصدون العلم لشرفه وكماله، فيأتون علماء ينتفع بهم وبعلمهم، وإذ صار عليه أجر، تدانى إليه الأخساء– جمع خسيس– وأرباب الكسل، ومن هنا هجرت الحكمة ". لقد تم تأثيم الاجتهاد عندما نظر إليه على أنه طريق الابتداع والبدع الذى يؤدى إلى جهنم وبئس القرار، وأنه مخالفة للفقهاء السابقين الذين أضفوا عليهم قداسات علمية ودينية تحول دون الإتيان بغير ما جاءوا به .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام لم يتقدم خطوه واحده الى الامام
حكيم العارف ( 2011 / 3 / 29 - 02:31 )
عذرا للكاتب النشيط نبيل هلال ... اختلف معك فى طرحك للموضوع بهدف اظهار ان الاسلام كان قادرا على النمو والتقدم للاربعة عقود الاولى من ظهور الاسلام ....

وعندما تبحث فى اسباب الظهور الشكلى للحضاره الاسلاميه كما تقول ستجد العديد من الاسباب القويه التى تنفى وجود حضاره اسلاميه منذ البدء ... اهم هذه الاسباب هى صحراوية الاسلام .... اشخاص قادمون من الصحراء وهم مقاتلون بالدرجه الاولى ... الشراسه والطباع القاسيه تمتلكهم ... فمن اين تأتيهم رهفة النحت والرسم والبناء!!

احب ان اقول لك شيئا ليس سرا ... امتداد المعسكر الاسلامى لبلاد الحضارات هى السبب الرئيسى لتلحفهم بحضارات غيرهم ... والدليل على ذلك اختلاف حضارات الاسلاميه فى الشرق عن الغرب ...

وعندما توقف امتداد التوسع الاسلامى وقف تقدم الحضارات الاسلاميه ...


اليس هذا هو التفسير المنطقى الواقع لهذه الاحدث


2 - التقدم العلمي له آليات لا علاقة لها بالدين
نبيل هلال هلال ( 2011 / 3 / 29 - 14:10 )
تحية طيبة لأخي الكريم حكيم العارف, وبعد
لحقيقة أخي الكريم أننا متفقين ,فالأصوب وصف الحضارات بصفات مؤسسيها , فنقول حضارة المسلمين ,أو حضارة المسيحيين ,لا أن نقول حضارة الإسلام أو حضارة المسيحية ,فالتحضر والتقدم له آليات مستقلة لا علاقة لها بالدين أي دين ,إنما هي آليات من أخذ بها تقدم , ومن غفل عنها تاه وتأخر .بدليل أن كثير من الدول المتقدمة الآن ليست على دين واحد بل منها دول وثنية,وما أردت قوله في المقال هو أنه لا علاقة للدين بالتحضر فقد عاش المسلمون فترة عز علمى لما أخذوا بأسباب التقدم ,ثم غابوا في غيابات التأخر لما انصرفوا عن العلم والتعلم ,وفي الحاتين كانت الدولة إسلامية والمسلمون يصلون ويصومون ,وأردت أيضا في المقال التحذير من تسليم أمورنا إلى من يظن أن صلاح الحال في مجرد أداء الشعائر أو إلى من طالت لحاهم وقصرت هممهم وعقولهم


3 - للتطور اسسه وقواعده
حسين الناصري ( 2011 / 3 / 29 - 18:07 )
ان الانسان هو اثمن راسمال حسبما قال ماركس اي ان التطور ينبع من التطور التاريخي للشعوب وتراكم الخبرات وهي الاساس الذي اعتمدته الماركسية وسمته تطور وسائل الانتاج .كيف اذن يحصل هذا التطور في هكذا مجتمع وفيه ضل هذا المسمى اثمن رأسمال مشلول الارادة محكوم عليه بالصمت الابدي حتى نهاية حياته لا يفقه من الحياة مرصودا بالممنوعات والمحرمات ليس له راي ولا يمكن له حتى ان يعرف ما يجري حوله من ثورات العالم في حقول المعرفة وخلاصة القول انه خارج التاريخ

اخر الافلام

.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة