الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقائص العقل العربي

نبيل هلال هلال

2011 / 4 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يفتقد العقل العربي القدرة على الرؤية البانورامية الشاملة، ويركز على جزء أو بعض أجزاء من المشهد العام دون احتوائه كله. وقد عجز لطول اعتقاله عن رد الظواهر إلى أسبابها. وهو لايرى الألوان الرمادية، وحسبه فقط اللونان الأبيض والأسود، فلا يرى الحلول الوسطية، فإما براءة أو إعدام، إما كبيرة من الكبائر أو هفوة من الهفوات، إما ملاك أو شيطان. لاحظ ذلك لدى وعّاظنا على المنابر، فهم لا يرون سوى قعر الجحيم أو الفردوس الأعلى، ولا شئ بينهما. وكل مرتكبي الذنوب – أي ذنوب – في نظرهم آثمون مارقون وسيصلون سعيراً، مهما كانت الذنوب بسيطة ومما يقع في دائرة اللمم الذي يغفره الله تعالى – إن شاء – ما دامت هذه الذنوب من غير الكبائر .
وإن تصدق السلطان على بعض رعاياه، يرون فيه المحسن الكبير ويهتفون له بطول العمر، وينسون أنه السارق الظالم المستبد. وإن ربت على الكتف مرة، نسوا الصفع على القفا ألف مرة، وإن قتل ولم يمثل بجثة المقتول عدُّوا ذلك رحمة ورأفة. ويتناسون أنه كلما اجتمعت للمستبد يد بيضاء واحدة، اتبعها ألف يد سوداء، وإن أحسن مرة فإنه أساء ألوف المرات.
وعندما أثير الخلاف الفقهى الشهير حول مسألة "المنزلة بين المنزلتين" بشأن مرتكب الكبيرة، وصف الخوارج مرتكب الكبيرة بأنه كافر، فى حين أن فرقة المرجئة رأت أنه مؤمن (فى محاولة منهم لتبرئة ساحة الأمويين مما اقترفوه من كبائر فى حق الخلق)، ولكن المعتزلة يرونه بين المنزلتين، أى بين الكفر والإيمان ، فهى النظرة الوسطية التى لم يقبلها العقل العربي الذى اعتاد على الميل يميناً والتأرجح يساراً. كما لقى رأى المعتزلة هذا جدلاً كثيراً على الصعيد السياسى لأنه يحمل مضموناً سياسياً، إذ كان يدعم العباسيين ضد الأمويين .
ولا يسع العقل العربى آراء الآخرين ولا يقبل الاختلاف والخلاف، وإنما يصادر ما سواه وينادى بنفيه وإقصائه، ولا يتقبل الانتقاد إذ يرى فيه مساساً مهيناً للذات، ولا يرى المرامى البعيدة بل يكاد لا يرى أبعد من الأنف بقليل. وهو عقل مشوش بفعل التأثيرات القبلية والعصبية، والجهل والأمية .
اذكر كيف درج الخلفاء على اعتبار أنفسهم هم عين الصواب الذى يخطّأ معه ما سواه، فلا يجوز مشاورة الناس، أو إسداء النصح إلى الخليفة، بل عليهم أن لا ينبسوا ببنت شفة في حضرته (حرَّم الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان أن يتحدث الناس بحضرته، شأنه فى ذلك شأن ملوك مصر القديمة).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة