الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الدين و الجنس و الحاكم ... الثالوث المٌحرّم
ماجد حسانين
2011 / 4 / 3اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
يبدو لي أن مجتمعاتنا الشرقية العربية رضخت منذ الأزل تحت وطأة أعراف و تقاليد رسَخت في شعوبنا العبودية و الولاء للحاكم و الأب والزوج و المدير و الشاويش.
و كم هي قليلة المرات التي حدث في تاريخنا و أن تعاطى الناس مع الحكم و إستطاعوا أن يختاروا حكامهم و يملو شروطهم عليهم أو حتى إنتقادهم في المجالس العامة أو الخاصة بدون الخوف من الملاحقة و التضييق.
لقد ظل الحاكم هو التابوه الأهم في الثالوث المحرم. و السبب أن ذلك التابوه كان و لايزال في أرجاء الشرق هو الوحيد المفروض بالقوة البشرية.
فشعوبنا التي تحبو نحو إستنشاق نسيم الحرية إعتادت ألا تتعاطى الدين و المقدسات بالإنتقاد أو الإنتقاص لأنها مرتبطة بقوى إلهية فوقطبيعية لا يستطيع الناس تقدير رد أفعالها إذا ما غضبت. أو على الأقل فالكل يعرف أن العقاب الإلهي حاسم و شديد و أبدي و لا مفر منه. و لذلك فقد عكف حكامنا على إنزال العقاب الشديد و التعذيب و لم يكتفو بقتل معارضيهم في محاولة أن يكونوا آلهة.
أما الجنس فهو الشئ الذي يمارسه الجميع و لكن لا أحد يجرؤ الحديث عنه و هو تابوه متصل بشكل كبير بالتابوه الأول و يستمد قوته منه. و الأرجح أن تابوه الجنس نشأ مع الدين منذ البداية و كان و ثيق الإرتباط به. و منذ أن أصبحت الأنثى ملكية خاصة للذكر كان الدين هو المنظم لتلك العلاقة و كان رجل الدين و لا زال هو الجهة التي تقوم بالسماح و المباركة و توثيق الملكية و في بعض أنحاء العالم و تأكيداً للملكية تقوم المرأة بوضع علامة في الجبهة بأنها مملوكة أو محجوزة. وعموماً فقد كان هناك داع لذلك الأمر في عصور ما قبل التاريخ و التي كان الذكور يتقاتلون من أجل الأنثى و لابد أن أحدهم قرر أنه من الواجب عقد هدنة ذكورية و تقسيم الثروة النسائية.
أما التمرد على أو عصيان الحاكم فهو تابوه هش لا أساس له . و قد دأب الحكام على مر القرون على ربط الحاكم بالدين فظهر ما يعرف بالحكم الإلهي و الذي يمثل فيه الملك كلمة الرب و ينوب عنه في الأرض و فلابد و أن تطاع أوامره لأنها أوامر إلهية. و كرس الحكام رجال الدين لتأكيد و ترسيخ الفكرة و إصدار الفتاوي و القرارات الكنسية المؤيدة للحاكم فإختلط الدين بالسياسة و أصبح الحكام أشباه آلهة. و قد نجح الأمر مع الشعوب البدائية في الكثير من أنحاء العالم ثم بدأ التابوه في السقوط بتوالي الثورات في العالم المتحضر. فرأى الناس أن الله لم يعاقبهم لأنهم تمردوا على ملوكهم و أسقطوهم من عروشهم و أعدموهم.
الآن نرى في تونس و في مصر و بعض أرجاء العالم الشرقي سقوط التابوه الأول من الثلاثي المحرم. و تعلمت شعوبنا درساً هاماَ في الحرية. و أرى أيضاً أن دخول الدين في اللعبة السياسية و بعد سقوط الحكام هو أمر مفيد فقد يعني سقوط التابوهين الباقيين. فلن ترضى شعوبنا أن يحكمها أشباه آلهة مرة أخرى. حتى و إن رفعوا الإسلام شعاراً لهم و أخذوا القرآن دستورهم. سيرى الناس أنها فكرة سيئة أن تحكم بدستور لا يمكنك تعديله و الإصلاح فيه. فهل سيرضى المتدينون أن تؤخذ مقدساتهم بالنقد و الحذف و التعديل؟
الحل لهذه المعضلة وجدته أوروبا المسيحية قبلنا بسنوات... فصل الدين عن السياسة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تقارير عن ضربة إسرائيلية قريبة على حزب الله.. وبن غفير يهدد
.. مقترح بايدن للتهدئة في غزة.. الأطراف الفاعلة ترفض الاتفاق |
.. آفاق التعاون الأميركي الإماراتي في مجالات الذكاء الاصطناعي |
.. معضلة اليوم التالي.. حكومة نتنياهو تخلت عن خطة تسليح العشائر
.. رئيسة برلمان سلوفينيا للجزيرة: نهنئ الشعب الفلسطيني باعتراف