الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة النبيلة النظام والثقافة والخطاب الإعلامي 2/5

محمد نبيل الشيمي

2011 / 4 / 3
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


" الشعب يريد اسقاط النظام " شعار ردده المتظاهرون على امتداد أرض مصر ... كان هذا الشعار يمثل القطيعة بين نظام مستبد وحاكم طاغية... وبين شعب طلب الحرية والعدالة الاجتماعية ... وقدم أبنائه وقوداً لثورة يتفق الجميع على أنها إحدى أعظم الثورات في تاريخ الإنسانية ان لم تكن اعظمها حيث تهاوي امام مدها نظام فاسد مفسد وحاكم طاغية واسرة ورثت الوطن والمواطن وكانهما عقارات.
كان نظام مبارك فاسداً بكل المعايير والمقاييس بل أن ظاهرة الفساد كانت واضحة للعيان وكان سبباً في إشاعة مناخ يفتقد لثقة شعبه . في عهد هذا النظام تهاوت كل معاني العدل والإنصاف ولم تكن هناك أجهزة قادرة على الرقابة والمتابعة حتى وأن كان بعضها أدى دوره فكانت كل التقارير التي تكشف حالات الفساد مآلها إلى صناديق القمامة ...اوحفظها في إدراج كبار المسئولين ... كان النظام قمعياً عنيفاً استخدم كل أساليب القهر ضد المعارضين خاصة المثقفين وأصحاب الرأي وهي حالة تعكس المدى الذي كان عليه مبارك من كراهية لكل فكر يعمل على تبصير الناس بحقوقهم كان كارها ً للثقافة والمثقفين وكم عانى المثقفون الملتزمون من استخفافه وسخريته منهم وهكذا انحدر الذوق العام في مصر في عهده وأصبح هناك من يسمون كتاب السلطة الذين أسند إليهم رئاسة تحرير الصحف القومية وكافة أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة ... واستخدم جهاز أمن الدولة في ترويع كل من تسول له نفسه لأن ينتقده وأسرته المالكة ونجح مبارك في احتواء بعض المثقفين وضمهم على صفة في مواجهة قوى المعارضة
في عهده انتشرت الأعمال الفنية الهابطة على كافة صعد الفنون والثقافة ويكفي هذا الرئيس أنه كان صديقاً لبعض من الممثلين الهابطين فنياً وهم الذين تصدوا لشباب الثورة واتهموهم بأبشع التهم التي يعاقب عليها القانون كان مبارك يبارك ويدعم كل ما من شانه اقصاء المثقفين الجادين بل واستئصالهم من الحياة الثقافية طالما كان عاجزا عن احتوائهم وضمهم اليه وعمل ذلك من خلال زبانيته الذين جعلهم يسيطرون علي منابر الفكر والثقافة ويذكرني موقف هذا الطاغية مع الأستاذ الدكتور / محمد السيد سعيد الكاتب والمثقف المبدع الملتزم الذي كنت اتمنى أن يكون هو الأستاذ / أسامة انور عكاشة والدكتور عبد الوهاب المسيري على قيد الحياة ليروا الثورة وهي تنتصر لهم ولأفكارهم ... طلب د. محمد سيد سعيد رحمه الله من الطاغية . أثناء معرض القاهرة للكتاب منذ أعوام أن يدخل تعديلات سياسية على نظام حكمة مداعباً أياه بأنه سيدخل بذلك التاريخ ... فماذا كان رد الطاغية أنا لا أريد تاريخاً أو جغرافيا ... أرأيتم إلى هذا التدني وقلة الذوق والتخلف الذي كان عليه هذا الرجل الذي حكم المحروسة وان. ... ما اقترفه هذا الطاغية في حق مصر خاصة فيما يتعلق بالثقافة يحتاج إلى مجلدات ومجلدات ... ولكن سيكون للتاريخ كلمته وسوف يقف طويلاً أمام أسوأ رئيس جاء في تاريخ مصر .
لقد مارس حسني مبارك أبشع أنواع التعذيب ضد المثقفين وهو التعذيب المعنوي وأتصور أنه بخلو الساحة من المثقفين فتح الباب واسعا أمام ظهور تيارات معادية للتقدم تتناقض جذرياً مع مفهوم الحكم الديموقراطي فضلاً عن تداعيات ذلك في صورة التخلف الاجتماعي الناتج عن كبح الفكر وقتل روح المبادرة والإبداع ذلك فإن الاحتلال الناتج عن قمع حرية التفكير والرأي يعمل على إحداث خلل هيكلي في الأداء على كافة الصعد (سياسة / اقتصادية) وهو مثل حي لما شهدناه من استبداد وتسلط وضعف البنية الاقتصادية وانخفاض جودة التعليم واتساع الهوة بين طبقات المجتمع ... الخ بما أدى إلى غياب خلق تيار فاسد من المثقفين الذين تم توجيههم وجعلهم جزءاً من النظام السلطوي الفاسد واصبحوا أحد أركان النظام المدافعين عن أفكاره وممارساته والملاحظ أن هذه الظاهرة ادت الي إخراج المثقفين الملتزمين بقضابا الوطن من دائرة الداعيين للعدل الاجتماعي والرافضين لحالة التزاوج بين السلطة والثروة ... وقد أسفر النظام القمعي الذي حكم به مبارك إلى انحدار الوعي الثقافي وانتشار الثقافة المنحطة الفاسدة عديمة الفائدة وظهر ذلك جلياً في صورة انحدار مستوى الأعمال الفنية والتركيز على قيم الفهلوة والتربح وتمجيد النظام وتغذية النشء بقيم ومأثورات بالية من خلال التزوير في المناهج التعليمية تضمن الولاء والسير في الركب وقبول الواقع وتبريره ومن الرضوخ والتبعية والوقوع في الدونية كقدر مفروض ومن ثم شيوع ظاهرة التزلف والاستلزام والمبالغة في تعظيم الحاكم اتقاء لشره او طمعا في رضاه . كان مبارك بسياساته الخرقاء مسؤلا عن ظهور ونشوء تيارات عنف تشكلت كرد فعل على المطاردات الأمنية المستمرة حيث لا يكون إمام القوى المقهورة غير الالتجاء إلى العنف للتعبير عن نفسها فإن ترسيخ الإحساس بضرورة الالتجاء للعنف راجع إلى إحساس المقهورين إلى أن لا سبيل لحصولهم على حقهم المجتمعي إلا من خلال لغة القسوة ويمكن أن نلاحظ هذا التوجه في زيادة ظاهرة الإجرام والخروج على القانون واتساع دور البلطجية ... ولقد كان لتوجه النظام ضد الثقافة والمثقفين الملتزمين غياب المساءلة حيث خلت الساحة الثقافية المصرية إلا من إتباع السلطة ولا خلاف على أن نظام مبارك كان يعمل دوما على احتواء كافة القوى الفاعلة اجتماعياً سواء كانو من المثقفين أو منظمات المجتمع المدني حتى لا تتمكن هذه القوي من الاضطلاع بدورها والملاحظ أن خلال حكم مبارك تفشي ظاهرة الفساد في البني الثقافية ومع تعسف السلطة من المثقفين الملتزمين وإقصائهم خسر المجتمع تياراً وطنياً يعمل لصالحه من خلال الكشف عن سوءات المجتمع وتعريه الفاسدين وأسفر ذلك عن ظهور فئة مثقفة مستقطبة كانت بمثابة وسائل مسوقة لأفكار المستبدين والفاسدين استخدموا أقلامهم لتضليل المواطنين وتخدير عقولهم وتزييف وعيهم والترويج لإنجازات من صنع الخيال والراصد لحكم مبارك يلاحظ أن هناك قواسم مشتركة بين الصحفيين والإعلاميين التابعين له فهم كالببغاوات في أحاديثهم وكتاباتهم والتي كانت عادة لا تخرج عن تأكيد وتبرير تصرفات النظام والدفاع عنه والتصفيق له والتماهي معه هذا عن النظام والثقافة فماذا عن النظام والخطاب الاعلامي ?
بداية فإن المقصود بالخطاب الإعلامي مجموعة المباديء العامة التي تتحكم بالعملية الإعلامية وتؤلف بمجموعها منهج التعامل والتواصل مع سلوك الفرد والجماعة في المحيط المحلي والإقليمي والدولي طبقاً لقواعد المهنة وأخلاقيات الإعلام بصدق وموضوعية وشفافية
(الخطاب الإعلامي العربي في القرن الحادي والعشرين ـ إبراهيم الداقوقي) والملاحظ في الخطاب الإعلامي المصري في عهد مبارك أنه خطاب كان يعمل في إطار الدعاية للنظام هدفه المحافظة على خط السلطة والإبقاء على الواقع المعاش ومحاولة تجميله وهو خطاب يهيمن على الأذاعة المرئية والمسموعة وعدد من الصحف التي يطلق عليها قومية بخلاف النشرة الحزبية التي كان يصدرها الحزب الحاكم تحت مسمى صحيفة قام النظام بوضع رجاله ممن كانوا اعضاء في ما يسمي بلجنة السياسات في مواقع المسؤليةفي الصحف والمجلات المملوكة للدولةوكذلك المشرفين علي ا.جهزة الاعلام المرئية والمسموعة واستخدمهم ابواقا له علي الرغم من ضعف كفائتهم المهنية وهل يتصور عاقل ان احد رؤساء تحرير صحيفة مرموقة يصل به النفاق الي درجة انه كان ياسي لان المخلوع لم يكن يستمتع بطشة الملوخية ورائحة المنبار وكان محروما من الباذنجان ابوخل متناسيا ان مبارك لم يكن ياكل ما ناكل او حتي يشرب مما نشرب.وغيره الذي وضع من مبارك الذي لم يقرا كتابا في حياته وكانه سارتر مصر ومفكرها الذي لاياتيه الباطل من بين يديه اومن خلفه هؤلاء الذين هاجموا الثورة والثوار وبعدما ادركوا ان النظام تهاوي وسقط غيروا جلودهم وانقلبوا علي القصر وسيده وسيدته والذي يعود الي الصحف القومية يجد العديد من المقالات التي تهاجم النظام وتهيل عليه وعلي رئيسه التراب . وعلى الرغم من الاستحواذ الذي كان ينعم به الخطاب الإعلامي المباركي إلا أنه فشل في تشكيل رأي عام واع قادر على مناقشة مشكلاته في إطار من الحوار وكان يفتقد للمصداقية والموضوعية حيث دائماً ما يلفق أحداثاً لتجميل وجه النظام وكان لا يسمح للمعارضة أو قوى الحراك السياسي يطرح رؤيتها على الرأي العام وعادة ما ينأى بنفسه بعيداً عن المشكلات التي تواجه المواطن المصري كالفساد والبطالة والتفاوت الطبقي وقضايا الديموقراطية والتنمية وحقوق الإنسان ... والملاحظ سماح الدولة في العهد العائد لقوى الإسلام السياسي في الظهور بكثافة من خلال قنوات خاصة تدعو إلى التطرف الفكري والتأكيد على أهمية عدم الخروج على الظلم من خلال فكر أحادي لا يقبل الآخر تواجهة قنوات تمثل قوى المسيحية السياسية المتطرفة وكل من التيارين في حالة تربص بالآخر على حساب الاستقرار والتآخي وأصبحت الساحة الإعلامية المصرية ساحة نزال وقتال فكري تدفع إلى التوتر وتزيد من حدة الاحتقان كبديل لتعزيز واحترام الرأي الآخر وهكذا فإن الخطاب الإعلامي المصري في عهد مبارك استخدم كأداه للصراع بين النظام والقوى المعارضة دون أدنى اهتمام أو دور يغير من الفكر وبشكل الرأي العام ويحارب الموروثات السلبية ويؤكد على شرف ا لمواطنه واحترام حقوق الإنسان ... وهكذا تفشت ظاهرة عدم قبول الآخر عند الجانبين (المسلم / المسيحي) وهو ما مهد الطريق أمامه دعاة العنف في الجانبين .
كان النظام في حالة تربص مستمر بقوي التقدم واستخدم كل اسلحته ضدها ولكن كانت ارادة شعب مصر اقوي وامضي من كل اسلحة النظام ونجحت الثورة التي ستجعل من المواطن المصري مواطنا حرا وقادرا علي احداث التغيير ذلك انه تخلص من القهر ومن ثم اصبح يمتلك ادوات الانطلاق وتعويض سنين ضاعت في ظل نظام ظن انه قوي ولكنه اصبح اثرا بعد عين حتي ولو كانت ذيوله تعبث في الظلام .والي مقالة النظام والاقتصاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟