الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجلسات العرفية واحترام القانون

مرثا فرنسيس

2011 / 4 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الجلسات العرفية واحترام القانون
تُعبر جملة"جلسة عرفية او جلسة صلح" عن محاولات ودية لتهدئة نزاع او خلاف وانهاء حالة الغليان والرغبة في الانتقام التي تنتاب كلا الطرفين المتنازعين او المختلفين على سبب ما قد يكون غير مستحق للنزاع ، ولكن يشتعل الموقف بتدخل البعض او خروج كلمات مهينة وجارحة من احد الأطراف او ممن ينتمون له ضد الطرف الآخر؛ فتحتقن النفوس وتمرض القلوب وتغيب العقول؛ فيصبح القط جملا والحبة قبة وقد ينتهي الأمر بقتل او اصابة احد الأطراف المتنازعين او أحد ذويه وهو بكل تأكيد امر لايتمنى اي انسان حدوثه وقد تصلح هذه الجلسات العرفية او جلسات الصلح لانهاء حالة الشد والنزاع بين افراد الاسرة الواحدة او بين الجار وجاره او بين احد العاملين وصاحب العمل. ولكن مايلفت النظر ان تحل هذه الجلسات كبديل للمحكمة! ويتبوأ كبير الجلسة مقعد القاضي والأخطر أن يستبدل القانون بأحكام جاهلة مثل النفي والتهجير والتجريس وقد يصل الأمر إلى هنك العرض. وهذا احلال وتبديل غير مقبول في كل الحالات ، فاذا اعتدى طفل او صبي او شاب على صديقه او جاره بالضرب او بأي نوع من التعدي ونشأ عن ذلك تشاجر عائلتين فمن المفضل تدخل آخرين بعقد جلسة صلح حتى تهدأ النفوس ويعم السلام، ولكن هل من المقبول أو المعقول ان تعقد جلسة صلح بين بلطجي وبين مواطن عادي بسيط في كل الأحوال ؟ هل من المقبول ان يصدر مواطن الحكم على مواطن آخر؟ بل ويقوم بتنفيذ العقوبة فيكون القاضي هو الجلاد وكأن هذه الواقعة تحدث في الغابة! هذا بكل يقين غير مقبول على الاطلاق. اين سلطة القانون عندما يجرم ويعاقب انسان انسانا آخر مثله ينتمي لنفس الوطن والنظام والقانون.
وقد طالعتنا الصحف والاخبار بمثل هذه التعديات غير المقبولة شكلا وموضوعا دون أن تهتز لها اي سلطة معنية بتحقيق العدالة وضمان حقوق المواطنين، سواء كان الشخص الموقع عليه هذه العقوبات مذنبا او غير مذنب! فهل اُعطي حق الدفاع عن نفسه أم لا؟ من المسئول عن تجريم سلوكيات المواطن؟ بدلا من اجراء التحقيق المطلوب لمعرفة دوافع واسباب هذه الجرائم الشنعاء تجرى جلسات صلح وفيها أطراف رسمية لتوطيد هذه الجلسات العرفية وخلق دولة داخل الدولة. وفي أغلب هذه الجلسات يتم الضغط على الجانب الأضعف ومحاولة اقناعه بالترغيب أو الترهيب بأن الصلح خير!
هل تُجدي جلسة عرفية بين مواطن تم توقيع عقوبة عليه من أشخاص آخرين-مهما كانت انتماءاتهم السياسية او الدينية- ومهما كان حجم الجرم من حرق منزله وسيارته وقطع اذنه واحداث جرح قطعي في رقبته؟ مع الأخذ في الاعتبار انه قد يكون مذنبا او برئ .ولكن من له سلطة محاكمته واثبات الحقيقة وتنفيذ العقوبة التي لم ينص عليها قانون أو شرع؟
هل نتوقع ان يوافق المجني عليه على الصلح بهذه السهولة؟ هل المطلوب منه ان يسامح ويغفر ويتنازل عن حقوقه الانسانية ضغطا واجبارا؟ حسنا ، ولكن اين حق القانون؟ واين هيبة القانون بالنسبة لبقية المواطنين؟ اين هيبة القانون من أولئك الذين يقررون وينفذون هدم اضرحة أولياء الله الصالحين لدى اعتقاد طائفة من الناس، لأن الهادمين يعتقدون أن ذلك وثنية. ،اين القانون من التهديدات العلنية التي يطلقها البعض من خلفية مراكزهم الدينية، اين القانون من الذين استباحوا لأنفسهم طرد مواطنين آمنين من مساكنهم مهما كانت الاسباب؟ هناك العديد من الممارسات المشابهة يقوم بها بعض المتعدين الذين اعطوا لأنفسهم حق محاكمة الغير تحت أي مسمى. أحد هولاء الخارجين على القانون قام بقتل مزارعا شابا بأن هشم رأسه بالفأس لأنه لا يصلي ويسب الدين! اين سيادة القانون على الكبير والصغير، على الوزير وعلى الغفير وهذا من اهم مطالب ثورة 25 يناير ليتحقق الأمان لكل مواطن يعلم علم اليقين ان هناك قانون يضمن له حقوقه ويطالبه بواجباته؟ نريد سيادة القانون على من يتخطى اشارات المرور وايضا على كل من يعامل المواطن بعدم احترام من مرجعية منصبه الحكومي او موقعه العسكري، نريد ان يُحترم القانون وليُترك التنازل والتسامح لرغبة الانسان الشخصية وليس نتيجة التهديد والوعيد والضغط عليه للتنازل عن حقوقه كمواطن،نريدالتفرقة بين الخلافات العادية التي قد تصلح معها جلسات الصلح وبين الجرائم التي يتسبب عنها قتل او عاهات مستديمة أو هدم مبان لها قدسيتها كالكنائس والأضرحة، وتستلزم تدخل القانون لضمان أمان المواطن، وتستلزم أيضا معاقبة كل من اقام نفسه قاضيا وجلادا للآخرين. اليوم وقد اصبحت الثورة في شهرها الثالث مازالت التعديات من البلطجية ومن السلفيين ومن اعداء الثورة ومن فلول النظام السابق ومن المستفيدين من عدم عودة الحياة والأمان لمصر من جديد.
القانون هو القانون ولا يمكن ان تحل محله الجلسات العرفية او جلسات التصالح لأنها بكل بساطة لن تحقق العدالة، لأنها كالمسكنات التي تتعامل مع الأعراض الخارجية للمرض بينما يستفحل المرض ويتوغل ويصبح من المستحيل علاجه.
محبتي للجميع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عزيزتى مرثا
سفير فريد المصرى ( 2011 / 4 / 3 - 20:17 )
كلما تتقدم الايام والشهور والسنين لنصبح فى عصور متقدمة كلما اجد اننا نتأخر ونرجع للخلف وكأننا فى العصور الجاهلية السبب واضح وهى ارتفاع نسبة الجهل والأمية فى مجتماعتنا كم أشعر بحزن شديد لما اشاهدة من جهل وعدم وعي سوف نظل هكذا دائما السلبية هى سمات فكرنا شيئ واحد فقط هو من سيغير المجتمع وهو شيئ من الصعبب تنفيذة وهو تغيير البشر أنفسهم او تغيير عقولهم وما ترسخ بها من افكار قديمة ومسممة لا اعرف هل انتظر الامل والتغيير او افقد الأمل فى حدوث اى تغيير بالمجتمع . اشكرك عزيزتى مرثا تقديرى واحترامى لك .


2 - إلى كاتبة الموضوعات الجريئة
عرفة خليفة الجبلاوي ( 2011 / 4 / 3 - 21:56 )
تكثر الجلسات العرفية عندما تضعف الدولة وتقل هيبتها. لا يمكن تسود هذه الظاهرة في دولة ديكتاتورية كالتي كان يحكمها عبد الناصر أو صدام أو في دولة ديمقرتطية تكرس قوتها وهيبتها للمساواة بين المواطنين واحترام القانون.
السلطة الضعيفة تطنش عند وجود مخالفات جسيمة أو خرق واضح للقانون، وتفرح وتطرب للجلسات العرفية لأنها تريح كاهلها من مسئولياتها الأساسية. بل تطرب وتشارك في هذه الجلسات كأم العروسة.
زاد وغطى أن أصبحت مقولات السلفيين والإخوان تكتب بنصها في بيانات المجلس العسكري وفي وتنطق بحرفها على لسان مسئوليه. في موضوع هدم كنيسة إطفيح قال محمد حسان (بدون زيادة لبنة أو نقصانها) وكان يقصد القية والصليب وجاء بيان المجلس بذات النص. قال د. عصام العريان عن المادة الثانية: أنها مادة فوق دستورية. واليوم يقولها بنصها اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس. أنا أعرف أن المادة فوق الدستورية لا توضع في الدستور.
تقديري لشخصك الكريم


3 - عزيزتي مرثا
ليندا كبرييل ( 2011 / 4 / 4 - 04:57 )
هذه سمة المجتمع القبلي عندما تصبح كلمة القانون في أسفل السافلين وكلمة رئيس القبيلة هي العرف والقانون . ولا أعتقد أننا سننجو من هذه الحالة في القريب ، لا بد أن نخوض صراعات طويلة ومنظمة وواعية لتحديث البلد وفرض القانون بالقوة على الكبير والصغير . شكراً لك


4 - فتح للطريق أمام جرائم جديدة
أمجد المصرى ( 2011 / 4 / 4 - 10:39 )
تحية للأستاذة الكاتبة و السادة المعلقين ، الجلسات العرفية خارج نطاق القانون هى إهدار متعمد لهيبة الدولة و إعلان صريح بعدم الاعتراف بسلطاتها و مؤسساتها ، و لقد كان من المؤسف أن يتورط المجلس الأعلى للقوات المسلحة ( الذى يحكم مصر حاليا ) فى حضور و مباركة جلسات عرفية لإجبار مواطنين على التنازل عن حقوقهم القانونية بعد الاعتداءات التى وقعت بحقهم ، و فى ذلك إعفاء للجناة من العقوبة و فتح للطريق أمام جرائم جديدة ، أى أن سلوكيات الجيش فى المرحلة الحالية تؤثر سلبا على مستقبل البلد وتخصم من رصيد مدنية الدولة


5 - عزيزي سفير فريد
مرثا فرنسيس ( 2011 / 4 / 4 - 19:15 )
بالأمل ننتظر ان يتحسن الوضع في مصر، سيادة القانون على المواطن مهما كان مركزه الاجتماعي وسلطته ، سيأتي بنتيجة مريحة للجميع،
شكرا ولك كل التقدير والاحترام


6 - هل نقول أن الثورة لم تأتِ بأي إصلاح؟؟
جيني حايك ( 2011 / 4 / 4 - 22:57 )
هل أصبحت مصر أسوأ من قبل ؟؟
من حيث أن يسطو مصري على أخيه المصري
بسبب وجهة نظر شخصية من طرف واحد فقط
قطع إذن وحرق بيت وسيارة لقبطي من قبل مصري عادي..والدولة تتفرٌج
يعني أخبار بتخلي القلب يتمزٌق أسى وحزنا
يا ترى هل سيأتي اليوم يا أخت مريم أن نرى مصر واحدة بأفرادها
يهتم افردها بحياتهم اليومية فقط
ويتركون الله بحاله
تقديري ومحبتي


7 - أخي الفاضل عرفة خليفة الجبلاوي
مرثا فرنسيس ( 2011 / 4 / 5 - 14:50 )
اتفق معك ، وقد تصلح الجلسات العرفية في تهدئة الجو عند حدوث بعض الخلافات البسيطة ولكنها بكل تأكيد لا تصلح في مواجهة جرائم بشعة تقضي على الأمان والسلام الذي نتمناه في مجتمعنا. هذا التهاون في سلطة القانون يؤدي الى الفوضى وازدياد البلطجة والاجرام
شكرا لتعليقك
تقديري واحترامي


8 - الصديقة العزيزة ليندا
مرثا فرنسيس ( 2011 / 4 / 5 - 18:27 )
سنخوض صراعات بأقلامنا واصواتنا حتى تتوقف هذه المهازل، كيف يمكن تصور عقد جلسة صلح مع بلطجية يحرقون ويعتدون على المواطنين تحت اي مسمى؟ سيادة القانون يجب ان تحقق العدل بين كل المواطنين، ومانراه هذه الأيام غير مطمئن على الاطلاق
شكرا لكِ
تقديري واحترامي


9 - الفاضل امجد المصري
مرثا فرنسيس ( 2011 / 4 / 5 - 19:41 )
تحليل منطقي، هذه الجلسات اهدار متعمد لهيبة الدولة، كما انها تفتح الطريق امام جرائم جديدة،وهي ايضا تؤخر جدا السيطرة على البلطجية والمجرمين والمتشددين والمتعصبين الذين يصولون ويجولون لارهاب وترويع المجتمع، ولو لم يفرض القانون احترامه على الكل سيزداد اعداد وانواع هذه الاعتداءات والجرائم
شكرا لك أخي المحترم
تقديري واحترامي


10 - الصديقة الغالية جيني
مرثا فرنسيس ( 2011 / 4 / 6 - 23:31 )
صدقا عزيزتي مصر الجميلة لا تستحق ان تترك بلا قانون او تترك ليهدمها المغرضين ،وقريبا سيأتي اليوم الذي تعود مصر لشموخها واعتزازها ، الجلسات العرفية فعلا كارثة خاصة ان هناك جرائم يتم التعامل معها بالجلسات العرفية وهنام امور ابسط يتم التعامل معها بالاحكام العسكرية
شكرا لمرورك الكريم
تقديري واحترامي

اخر الافلام

.. استمرار اعتداءات المستوطنين اليهود على الحافلات المحملة بالم


.. كل يوم - اليهود قبل 48.. شتات بلا وطن واستيطان بلا حق




.. الأردن في مرمى تهديدات إيران وحماس والإخوان | #التاسعة


.. د. جمال شقرة أستاذ التاريخ المعاصر والحديث:كانت هناك مقترحات




.. الأردن في مواجهة الخطر الإيراني الذي يهدد سيادته عبر-الإخوان