الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانصياع الى أبغض الحلال

سيلوس العراقي

2011 / 4 / 4
المجتمع المدني


الانصياع الى أبغض الحلال
في ضوء ما حدث ويحدث في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، من انتفاضات على الحكومات تدعو الى الحرية والتخلص من الحكومات، وهذا بحد ذاته هو هدف هذه الشعوب، وهذا حق طبيعي، ولكن ماهو ليس بطبيعي، هو أن يصبح الهدف الوحيد هو التخلص من الحكومات الحالية من دون رؤية واضحة للهدف التالي : وماذا بعد إسقاط الحكومات الحالية ؟ ليس من جواب في اوساط الشعوب المنتفضة.
من دون انتقاص من قيمة التحركات الشعبية، فانها سوف لن تصل الى بر الامان والحرية التي تتصورها من دون وجود الحكام الدكتاتوريين، مثلما لم تكن على بر الامان عند وجود الدكتاتوريين. لأن في بلداننا دكتاتورية اخرى معصومة، الهية تنزل من السماء، وعلى هذه الشعوب أن تعمل بها، مثلما نرى اليوم الفتاوى الالهية على لسان رجال الدين المسلمين العرب المؤيدة (الاخوان والاصولية) او الرافضة (الاصولية السورية) للتحركات.
اين تكمن المشكلة في بلداننا؟
باعتقادي ان المشكلة في جهل شعوبنا لما تريد بشكل شامل وناضج. وفي أحسن الاحوال فهي ستغير دكتاتورية بدكتاتورية أخرى. دكتاتورية عسكرية تدعي العلمانية كذبا وزورا بدكتاتورية دينية اسلامية سلفية. وكلاهما بغيض ولا يطاق، وهذا ما سيحصل اردنا أم لا ، وافقنا ام رفضنا، والسبب يكمن في عدم نضوج الشعوب الاسلامية بقبول اقصاء الاسلام ورجاله واحزابه عن السياسة والحكم. لذا فان كل التحركات الشعبية مع براءتها وعفويتها ولا اريد الانتقاص بالقول بسذاجتها، ولكن هذه هي الحقيقة المؤلمة، انها تحركات ساذجة مع ما لها في الحق في تحسين معيشتها ونوعية السندويج الذي ستاكله وحرية الاتصال والانترنت (فانها اهداف سطحية لا قيمة لها امام قيم الانسان العليا في الحرية والديمقراطية الصحيحة اليوم)، لذلك سوف لن تحقق لا ديمقراطية الشعب ولا حريته الانسانية المتكاملة، وستقع اخيرا تحت شكل دكتاتوري جديد، ليس لانها ارادته بل لانها لا ولم تفقه حركة التاريخ والتجارب التي سبقتها في العالم، وسوف تعيد حياة عبودية جديدة ولكن هذه المرة باصولية (علمانية !) دينية الهية بوصلتها الوحيدة هي الاسلام وليس الانسان. والدليل على سذاجة هذه الانتفاضات هو خلوها من المطالبات الاساسية الوحيدة التي يمكنها ان تقود الى التغيير الشامل للبلدان العربية مثل: فصل الدين عن الدولة والحكم، عدم تدخل الدين ورجاله في صياغة الدساتير الجديدة، حل الاحزاب الدينية، والحركات الاصولية، واصدار قانون بمكافحتها، تحديد الانسان بالمطلق (وليس بالنسبية او حتى بالنسبة لانتماء معين) بأن يكون الهدف، وحياته والمجتمع الانساني الوطني كمصدر للقوانين والحقوق والواجبات. بل نرى بشكل واضح لمن لديه قليل من الرؤية الواعية والعميقة التشديد على ان يكون الاسلام وشريعته هما الهدف ومصدر الحياة والدستور.
من الواضح ان شعوبنا لم تصل بعد الى مرحلة الوعي والشجاعة الكاملين لقول الحقيقة هذه، لكي تتمكن على اساسها المطالبة بحقوق ومطالبات تنبع من هذه الحقيقة الانسانية لليوم ولكل المستقبل، لذلك لا أمل اليوم وفي هذا الوقت ومع المطالبات المرفوعة المجتزأة عن الحقيقة الوحيدة، لكي تصل الامور الى النهايات الاخيرة الواعدةبمجتمعات جديدة.
ولكن مع كل هذا الذي سيراه البعض احباطا للامال الكبيرة، تكمن المعضلة والحلول:
جميل وحسن أن تتخلص الشعوب العربية من دكتاتورياتها، ولكن هذه الشعوب سوف تدخل في مرحلة تجريب حكم الاسلام وشريعته ، وهذا للاسف الذي لا شجاعة لها لرفضه اليوم، ومن ثم ستعاني من جديد من استبداد الاسلام وعدم امكانيته بان يكون الحل والمنهج الصحيح لبناء مجتمع انساني حديث، ديمقراطي وحر بكل معنى الكلمة يكفل الحياة الحرة الكريمة للانسان. وستعتمد الفترة التي ستبقى فيها هذه الشعوب تحت عبودية الاسلام، على هذه الشعوب بالذات، لان المرحلة اللاحقة من التاريخ شئنا ام أبينا هي مرحلة الحكم على الاسلام كحل لقضايا شعوبه أو بقاءه هو وشعوبه تحت نير عبوديته الازلية للانسان واحتقاره للشعوب وحريتها في الاختلاف والتطور.
أعتقد ان الهدف ليس القضاء على الاسلام ، ولكن المشكلة في ان الاسلام يعتقد ويتخيل بانه قد سلم المقاليد الالهية للتحكم بالانسان. لذا يمكن القول بان على المجتمعات الاسلامية ان تحصر الاسلام في داخل جدران المساجد ان كانت تريد خير الدين، اما اذا كانت تصر على أن يتحكم الاسلام بحياة الشعوب، وهذا معاكس لحركة الحقيقة التاريخية والمعاصرة، فستذبح الاسلام بيديها من دون تدخل اجنبي ومن دون أي مؤامرات. لأن الاسلام والحرية والديمقراطية الشعبية لا يجتمعوا ولا يمكن ان يجتمعوا، بل بينهما عداوة.
ستختار الشعوب المنتفضة أبغض الحلال وهو الاسلام. وموعد هذه الشعوب الاسلامية المغلوب على أمرها في التغيير الحقيقي والصحيح، في تنفس الحرية يوم ستصرخ: لا للاسلام ولرجاله ولاحزابه. والا فستبقى تعاني من روائح القهر والاستعباد والظلم بسبب الدين. مع امنياتي للجميع بالحرية وهواءها العليل والنقي، من دون اي رائحة لاي شكل من اشكال عبوديات الديكتاتوريات العسكرتارية والمخابراتية أوالدينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المحترم العراقي
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 4 / 5 - 12:57 )
تحيه وتقدير
المشكله انهم اي الأسلاميين يعتبرون القران منهجهم وهو مقدس محفوظ ومقدس ولا نقاش فيه
والأخرين مناهجهم من وضع البشر المخطيء دائماً فلا نقاش في منهاجهم والنقاش في منهاهج الغير وعلى هذا الغير تقديم التنازلات والقبول بأحكامهم
تقبل التحيه وانت تذكني بعزيز عراقي اخر

اخر الافلام

.. بيلاي: اللجنة استنتجت أن إسرائيل مسؤولةٌ منذ السابع من أكتوب


.. وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة قلقة بشأن تدهور الوضع ا




.. مصر تنفي مشاركتها في قوة عربية تابعة للأمم المتحدة للسيطرة ع


.. مظاهرة داخل الكنيست للمطالبة بصفقة تبادل الأسرى




.. تحقيق لـ-بي بي سي- يحمل السلطات اليونانية مسؤولية غرق سفينة