الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقلانية.. طريقة حياة

حميد زناز

2011 / 4 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يمكن أن يقول المرء في العقلانية ما يشاء، ويبدع من المفاهيم ما لذّ وطاب، ويبحر في محيطات الكتب ويذكر من أسماء الأعلام ما قرأ وما لم يقرأ. كما يمكن أن يتفلسف ويختار عقلانية ما لبلده أو للوطن العربي برمّته، ويمكن حتى إقناعنا لفظيا بأنّ هناك عقلانيات متعدّدة لا عقلانية واحدة.
ولكن هل ذاك ينفع الناس ويؤسّس لشيء ما؟ هل يقطع التنظير وكثرة الكلام مع اللاعقلانية التي تنخر حياة الناس وتعطّل حياتهم وتقف حجر عثرة أمام دخولهم في العصر؟ ولئن وجدنا تمجيدا نظريا معيّنا للعقلانية في الوطن العربي، فإننا لا نجد لذلك ترجمة سلوكية على أرض الواقع. فهل تكفي دروس في العقلانية ما لم تعزّز بسلوك عقلانيّ حاسم؟ ما هو أخطر هو محاولة عقلنة اللامعقول إذ كثيرا ما يعكّر ذلك صفو العقل ويحوّل الإنسان إلى كائن مستلب، ممزّق تتنازع في داخله العلوم العقلية التي تلقى منهجيا والعقائد التي ورث من الآباء تلقائيا. فلا هو يعيش وفقا للموروث كليا ولا هو تبنّى منطق الحداثة العقلانية. وهكذا يبقى الفرد المسلم في منزلة بين منزلتين إذ لم يحسم الصراع بين العقل والنقل، بل لا يريد أن يحسمه أصلا مستنجدا بابن رشد الفيلسوف. ألم يوفّق جدّه أبو الوليد بينهما؟

ولكن ينسى المسلم الأخير أنّ هذه المحاولة اليائسة هي التي حرمت العرب من الخروج من أسر الإيديولوجية الإسلامية وأغلقت باب الحداثة في وجوههم. فمحنة العقلانية العربية جاءت من ذلك الوهم القائل بإمكانية الجمع بين العقلانية واللاعقلانية. ما موقف الإنسان البسيط حينما يرى مهندسين وأطباء وأساتذة فلسفة.. يرتادون المساجد ويسبّحون ويحمدلون ويقبّلون حجرا أسود؟ هل يقدم المتعلّم العربي المثال الذي يحتذى به؟ كيف لا يتشبّث البسطاء من الناس بالغيب حينما يرون النخبة تؤمن بالدعاء وترفع الأيدي متضرّعة للسماء؟ بتعبير شوبنهاور، أليسوا كهؤلاء العمالقة الذين ينتعلون أحذية أقزام؟ ألم يحن الوقت للاعتراف أنّ العقلانية لم تكن سوى شطحات عابرة في الفكر الإسلامي قديمه وحديثه وأن اللاعقلانية هي جوهره ومنهجه ومبتغاه؟

ستصبح الدعوة للعقلانية مجرّد ثرثرة إن لم تقرن بتصرّفات يومية ملموسة تعطي مع الوقت تراكما عقلانيا قد ينتج وثبة نوعية يمكن أن تغيّر ذهنية الفرد والمجتمع بشكل عامّ. العقلانية هي ما بعد اللاهوت، هي أوّلا وقبل كل شيء تحرّر من قبضة الفقه وهيمنة التقليد وسلطة المقدّس.
تكمن معضلة العقلانية العربية في المعادلة المفقودة التالية : لا يعيش "العقلانيون" كما يفكرون. فكأنهم يفرضون على أنفسهم العيش في سرية أبدية وكان الأحرى بهم أن يعيشوا كما يفكرون، ولو فعلوا لكانوا قد خرجوا من حالة الفصام المزمنة ودخلوا مملكة العقلانية ولكانوا جرّوا معهم الكثير من مواطنيهم. هل يبقى عقلانيا من يمارس همجية الختان على ابنه إرضاء لوالديه ومحيطه وهو يعرف أنها عادة بدائية مشينة؟ وهل من العقلانية في شيء أن تصبّ أغلبية حاملي الأقلام جام نقدها على ختان البنات بينما لا تنبس ضدّ ختان الأولاد ببنت شفة؟ هل هي انتليجنسيا تلك "النخبة" المتمسّكة تمسّكا مرضيا بتقاليد ونصوص فاق عمرها الـ 15 قرنا؟ ما علاقة العقلانية بتلك الزوائد الدودية في خطاب القوم المتعقلنين : إن شاء الله، بقدرة الله، بنصر الله، باسم الله..؟ هل هو عقلاني، بيطري يشرف على ذبح بربريٍّ للحيوانات؟ هل هو عقلانيّ من يقبل أن تذبح دون تخدير ولا يتأثّر بألمها والخنجر يسري في أعناقها وهي حيّة تتعذّب بدعوى أنّ الإسلام يأمر بذلك؟ وربما نفس الشخص يتحفك بخطبة عصماء حول دين الرحمة والعقل! هل يمتّ إلى العقلانية بصلة ذلك الامتناع الذي لا مبرّر له عن الأكل والشرب نهارا مدّة شهر كامل؟ وهل يبقى طبيبا من لا يجد في ذلك ضررا ولا يرى في ذلك العنف الممارس على الجسد والنفس ابتعادا عن العلم والعقل؟ هل من العقل أن تفرض جماعة دينية حدادا على أفرادها كل عام وتمارس الجلد الذاتي العنيف دون أدنى اعتبار لبراءة الأطفال الذين يشاهدون؟ كيف يمكن الجمع بين عقلانية متبجّح بها ومعتقدات مستحيلة رياضيا ومقززة أخلاقيا؟

مثلها مثل الحرية والديمقراطية، للعقلانية ثمن أيضا.. إذ من الواضح أنه من الأريح للإنسان أن يكون لا عقلانيا في البلدان العربية الحالية، بل من الأسهل أن يكون حتى أصوليا متزمتا. وحده العقلاني يقاوم، أفقيا وعموديا. يتصارع مع السلطة القائمة والثقافة اللاعقلانية السائدة وأسسها الرمزية ومرجعياتها المقدسة.. وعليه أن يدفع الثمن. وربما ذلك هو الطريق الوحيد الكفيل ببناء أمن عقلانيّ عربيّ يخرجنا من عصر"إبطال الفلسفة وفساد منتحليها".
* عن موقع الأوان / من أجل ثقافة عقلانية علمانية تنويرية










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذه هي العقلانية وفقه الحياة
سميح الحائر ( 2011 / 4 / 5 - 07:20 )
اذا اردت ان تعرف العقلانية فما عليك الا ان تقرا المجلدات الضخمة في فقه العبادات واليك نماذجا من العقلانية:
من يصلى صلاة رباعية كالعشاء ويشك في عدد ركعاتها التي صلاها فعلى هذا الشك عدة امور وهي:
اذا كان شكه بين ان صلى ركعتين او ثلاث فالصلاة باطلة وعليه اعادتها:
اذا كان شكه بين الثلاث والاربع وهو قائم فعليه ان يبني انها الثالثة وياتي بالرابعة وبعد اكمال الصلاة بصلي صلاة الاحتياط وهي ركعتين من جلوس وركعة من قيام ويعيد الصلاة من جديد:
اما في الحج: يبدا بالطواف من الركن اليماني بحيث يكون كتفه الايسر محاذي للكعبة بنسبة تسعين درجة اما اذا انحرف الكتف الى ثمانين درجة عندها يكمل الشوط وعليه الاعادة والا بطل طوافه وحجه.
ما حكم من رمي الجمرات: و شك في عدد الحصوات التي قذف بها الشيطان بعد فراغه من الحج وهو لا يزال في مكة؟.
حكمه ان يرجع الى منى وياخد حصواة ويقذف الشيطان والا حجه باطل.
الخمس:
هناك اية في القران توجب الخمس على غنائم الحرب ولكن توسع هذا المفهوم الى اشياء اخرى وبالاخص عند الشيعة الذين يوجبون الخمس على قروض البنوك اذا لم تستخدم في غضون سنة وعندها تعتبر من الغنائم ـ هذه هي العقلانية.


2 - هذه هي العقلانية وفقه الحياة ـ تتمة
سميح الحائر ( 2011 / 4 / 5 - 08:09 )
اقتباس-هل من العقل أن تفرض جماعة دينية حدادا على أفرادها كل عام وتمارس الجلد الذاتي العنيف دون أدنى اعتبار لبراءة الأطفال الذين يشاهدون؟ كيف يمكن الجمع بين عقلانية متبجّح بها ومعتقدات مستحيلة رياضيا ومقززة أخلاقيا؟ -
ان اللا معقول يكون معقولا عندما تخدر العقول باحاديث تجارية مختلقة ويرضعها الطفل في حليب امه واليك نماذحا منها:
من زار الحسين (ع) في يوم عرفة فله اجر ماة الف شهيد من شهداء بدر
من زار الحسين (ع) في يوم العاشر من محرم حملته الملائكة على اجنحتها وهو كمن تشحط بدمه في سبيل الله.
يروى حديث عن الامام الثامن من ائمة الشيعة وهو علي الرضا (ع) انه قال:
من زارني على بعد مداي ضمنت له على الله بالجنة.
الجائزة العطمى:
اذا ردت النجاة فزر حسينا ** غدا تلقى الالاه قرير عين
وحاشا النار ان تمس جسما *** عليه غبار زوار الحسين
زيارة العظماء او اعادة الذكرى يجب ان تكون تكريما لهم بما يوافق الذوق العام لا بتعطيل الاعمال او بالنياحة واللطم وجلد الذات وتبذير الاموال الذي ليس لها مردود على المحتفى به والمستفيد الوحيد هم تجار الدين ورجال السياسة.ولكن السؤال هل الاديان قائمة على العقلانية؟؟؟.الجوب لا.


3 - هذه هي العقلانية وفقه الحياة ـ تتمة
سميح الحائر ( 2011 / 4 / 5 - 08:42 )
يقول الشيعة بان هذه الاكوان ومن عليها خلقت لاجل اهل البيت (ع) وهم رسول الله وعلي وفاطمةة والحسنان وذالك في حديث الكساء المروي عن سول الله عندما جمع اهل بيته تحت كساء واحد وعندها نزل جبرائيل يخص الرسول بالسلام ويقول له : ماخلقت ارض ا مطحية ولا سماء مبنية ولا فلك يدور ولا فلكا يجري ولا بحرا يجري ولاشمسا مضيئة ولا قمرا منيرا لاجل هؤلاء الخمسة.
اما السنة تقول نقلا عن الخليفة عمر بن الخطاب (رض) بانه قال ان الله وافقه في ثلاثة او خمسة مواقف وهي :
بانه اقترح على النبي بان يحج نسئه فنزلت آية الحجاب
بانه اقترح على النبي بان يتخذ مقام ابراهيم مصلا فنزلت اية بهذا الشان
بان اقترح على النبي اقتراحا بخصوص اسرى بدر فنزلت اية تؤيد رايه. ولكن وبعد ان مضى الرسول والصحابة واهل البيت ونحن لا زلنا نتقاتل باسمهم بل ونريد ان نطبق حياتهم على حياتنا والمستفيد الوحيد من هذه المهاترات هم الحكام الظلمة الخونة وفقهاء بلاطاتهم وهذه بالنسبة لهم( العقلانية وطريقة الحياة) فاين العقلانية يا ترى وهل الاديان قائمة على العقلانية؟؟

اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال