الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة اليمن ثورة ورود وفل وياسمين

سامي الاخرس

2011 / 4 / 5
المجتمع المدني


اليمن ثورة الورد والفل والياسمين
لم اشأ الكتابة عن اليمن، وما يحدث في اليمن، رغم إنني كنت شاهداً مباشراً لما يحدث في اليمن، وليس لسبب إلاّ لإنني فلسطيني، رأيت في اليمن حباً ما لم آراه في غيرها، حياً وليس عطفاً لكل ما هو فلسطيني، وللقضية الفلسطينية، وهذا الحب عليه إجماع من النظام السياسي اليمني الحاكم، والمعارضة اليمنية، والشعب اليمني عامة، حُب مشفوع بدفء وحرص، وخوف، وقدسية لكل من يحمل إسم فلسطين، وتسهيلاً لكل العقبات التي تواجه الفلسطيني، سواء عقبات على المستوى الشخصي أو العام، يقابلك رجل الأمن بإبتسامة، ولا يتوانِ لحظة في تسهيل مهامك، وكذلك الحال برجل الشرطة ورجل الجيش، ولكي أكون موضوعياً وصادقاً وقبل الولوج بما سأكتب عنه سأسرد حقيقة حدثت معي شخصياً، حيث كان يوم دامي من ايام الثورة اليمنية؟، شهد سقوط أكثر من (56) شهيداً في صنعاء، وأثناء استقلالي لسيارة اعترض طريقنا حاجز للجيش اليمني يقوم بمهام التفتيش والتدقيق، ولمجرد تحدث معي وعرف إنني فلسطيني إبتسم غبتسامه عريضة وأذن لنا بالمرور قائلاً" أنتم على رؤوسنا".
هذا الحب لا يقتصر فقط على الجهات الرسمية اليمنية، بل على قوى وأحزاب المعارضة اليمنية التي تبدي عشقاً للفلسطيني وقضيته، وكذلك الشعب اليمني الرائع العظيم بكل فئاته وشرائحه ومشاربه القبلية والعشائرية.
من هذه الحقيقة وهذا الواقع نحيت بنفسي عن تناول اليمن بالكتابة وعن أحداث اليمن(أو ثورة اليمن)، التي لا زالت حتى راهن اللحظة تقود سميرتها بالورود والعطور، بالرغم من طبيعة المجتمع اليمني وتركيبته العشائرية والقبلية، واحتفاظ كل يمني بقطعة سلاح في منزله، إلاّ أن الشباب اليمني بل والمجتمع اليمني عامة قد خالف كل توقعاتنا ومخاوفنا التي كانت سبباً في مغاردتنا لليمن في هذه الظروف، وكذلك الواقع الأمني المعقد في اليمن، ولكن أثبت الشباب اليمني أن حركتهم وثورتهم تستحق لقب النبالة، وثورة الورود والعطور فعلاً، والنموذج الأنبل حتى راهن اللحظة بالمنطقة وما يحدث بالمنطقة العربية.
مقالي هذا جاء بعد مشهدين الأول الإلحاح من صديقي اليمني ذو القلب النابض بالحب والوفاء، رغم تفهمه لفلسطينيتي، والآخر مشهد الطفلة اليمنية التي كانت تصرخ إرحل إرحل وإنهارت باكية، وهو المشهد الذي أذرفت الدمع بحرقة عليه، وحباً وخوفاً على اليمن، وليس حزناً على أوضاع اليمن.
وجه لي صديقي العزيز سؤالاً هل أنت مع ثورة اليمن؟
الإجابة الطبيعية التي لا تقبل القسمة على أثنين، نعم أنا مع الثورة اليمنية قلباً وقالباً، في مطالبها الاجتماعية الشرعية والعادلة، وفي نهجها السلمي المحافظ على يمن واحد موحد، نعم معها بحدود وآليات التفاهم مع النظام القائم في البحث عن مخرج سلمي يحافظ على يمن واحد، ويقود اليمن لعملية إصلاح شاملة تضع اليمن في مصاف دول المنطقة، وتسير فيه للتطور والتقدم لأن اليمن يستحق أكثر بكثير مما هو عليه الآن.
فثورة اليمن تستحق منا أن نوقد لها شمعة من نور تنير الدرب صوب الإصلاح في القضايا الإجتماعية خاصة، حيث تنتشر باليمن مظاهر لا يمكن الصمت عليها،لأنها تفترس المجتمع اليمني رغم قمدراته السياسية والإقتصادية، ومن أهم هذه القضايا.
الفقر المدقع والمخيف الذي يجتاح اليمن، والذي يعيش فيه أغلب أبناء اليمن، والبطالة المفرتسة التي تفتك بالشباب اليمني، والرشوة والمحسوبية التي تنهش لحم وعرض المؤسسات اليمنية الرسمية وغير الرسمية، والإنهيار المرعب في العملية التعليمية بكل مستوياتها، والأمية وظواهر مخيفة مثل التشرد لدى ألأطفال، ومرتادي الشوارع والمتسولين من كل الفئات والشرائح.
هذه قضايا ملحة تتطلب ثورة اجتماعية حقيقية ضدها، وثورة بناء تقوم على أسس ومبادئ المواطنة المدنية وليس المواطنة القبلية السائدة حالياً في النمط الاجتماعي اليمني.
وهناك جانب آخر مناقض لهذه القضايا وهو ما يتعلق بحرية التعبير والرأي، والذي يمكن لمسه باليمن أكثر من العديد من الدول العربية الأخرى في المنطقة، ولكن هذه الحرية تحتاج لتأصيل وترسيخ وتدعيم، دون المزج ما بين الحرية التعبيرية الديمقراطية، والانفلات التعبيري الهادم.
إذن فالصورة مكتملة في اليمن، هناك نظام سياسي يُدرك حجم الواقع اليمني، ولكنه لا زال متمسك بالسلطة نتيجة قيم ومفاهيم خاصة بالمجتمع التقليدي اليمني، وثورة شباب ومجتمع يطالب بمطاليب شرعية وعادلة برؤية ونظرة ومنهج راقي ورائع يستحق أن يُدرس لما نجحت فيه من خلال المزج بين النموذج المصري والنموذج اليمني المستوحى من طبيعة وفهم اليمنيين لواقعهم، لتنتج ثورة ذات واقع ونمط وهوية معينة.
المشهد في ساحات التغيير والحرية كما يطلق عليه الإخوة اليمنيين، مشهد يدعو للتأمل والتروي في الحكم على فرص نجاحه التي تتنامى يوماً تلو يوم، وتزيد من فرص النجاح، والتي قطت شوطاً كبيراً في خلق حالة من المراجعة الفعلية لسياسات وسلوك النظام في معظم القضايا الاجتماعية، ولكن الثورة رفعت سقف مطالبها لرحيل النظام، وهو ما يحتاج مزيداً من الوقت والمثابرة والصبر في ظل اليمن التقليدي.
كما على الشباب المعتصم والثائر في ساحات التغيير والحرية أن يحذروا من بعض الفئات والشخصيات التي تحاول التسلق والتطفل على ثورتهم أو محاولات التحريض لتشويه المشهد الرائع في ساحة الورود والعطور التي ينسجها الشباب اليمني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهالي الأسرى: عناد نتنياهو الوحيد من يقف بيننا وبين أحبابنا


.. أطفال يتظاهرون في أيرلندا تضامنا مع أطفال غزة وتنديدا بمجازر




.. شبكات | اعتقال وزيرة بتهمة ممارسة -السحر الأسود- ضد رئيس الم


.. الجزيرة ترصد معاناة النازحين من حي الشجاعة جراء العملية العس




.. طبيبة سودانية في مصر تقدم المساعدة الطبية والنفسية للاجئين م