الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنماط التعليم وتوجهاته المتباينة

صاحب الربيعي

2011 / 4 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مع التطور الكبير للعلوم الإنسانية والمعارف تعددت التخصصات ما تطلب توسيع آفاق التعليم وتنويع أنماطه وتوجهاته ليكون وعاءاً لكل العلوم وتخصصاتها واعداد منهاج دراسية وابتكار أساليب فعالة لتدريسها للنهوض بالواقع العلمي والمعرفي على نحو عام. ولا يمكن عدّ أنماط التعليم المعتمدة كافية لسد كل ثغرات المجال التعليمي، لأن التخصصات العلمية والمعرفية توسعت على نحو كبير واتخذت مسارات مستقلة عن المسارات التعليمية السابقة. وأصبح كل مسار منها يتجه إلى تخصص جديد يختلف عما جرى تصنيفه سابقاً لكنها غير منفصلة على نحو كلي بعدّها منظمومة معرفية متكاملة، لذلك تطلب إعادة تعريف النمط التعليمي وتوجهاته ليصار إلى تعيين مساراته ومناهجه وأهدافه ووسائله التعليمية على نحو دقيق.
يُعرف التعليم الفلسفي : " إنه نمطاً من أنماط المعرفة المختص، بتحليل التناقضات الموضوعية والذاتية والوصفية والجوهرية ".
وعلى نحو متصل يتطلب البحث عن آليات تفكير جديدة وملائمة للتعليم عند إعداد الخطط التعليمية والبرامج القصيرة الأجل أو الطويلة لتواكب عمليات تطور العلوم وتخصصاتها وابتكار أساليب تعليمية ملائمة للمنهاج الدراسية وقدرات المتعلمين على نحو منطقي.
يُعرف التعليم المنطقي : " إنه نمطاً من أنماط التفكير المنطقي في إعداد خطط وتطوير برامج لتحديث المناهج الدراسية وأساليب تدريسها على نحو عقلاني ".
إن تلازم مسارات التعليم وتخصصاته في المنظومة المعرفية يوحد أهدافه العامة على نحو غير مباشر، فمثلاً لا يمكن فصل المناهج التعليمية عن المناهج التربوية على الرغم من مساراتهما المتباينة لأنهما يشتغلان بمنظومة آليات موازية في الغرس التربوي والمكتسبات المعرفية لتحقيق أهدافهما المشتركة.
يُعرف التعليم التربوي : " إنه منظومة الآليات الهادفة إلى تلبية حاجات المجتمع، ونقل خبراته على نحو فعال ".
لا يمكن إنجاز مهام التعليم التربوي على نحو دقيق من دون تشخيص حالة المتعلم النفسية وما تعكسه من سلوك خلال تطورها أو تخلفها وتحديد الامكانات الذاتية لاستيعاب المادة الدراسية، فكل معرفة جديدة وموجه تضيف خبرة نفسية ثقافية تعكس سلوك جديد متوافق مع أهدافها السوية أو غير السوية ما يتطلب القدرة على تحديد مؤشرات التغيير في السلوك بدالة المكتسبات المعرفية على نحو سلبي أو إيجابي لتشخيص مستويات استيعاب المتعلم وإدراكه على نحو عام.
يُعرف التعليم النفسي : " إنه نشاط الذات الفعال وتطورها النفسي، وما يعكسه من تغييرات سلوكية في البنيات ووظائفها الرمزية والإشارية والبنيات المعرفية والدوافع لتحديد المعنى ".
إن تأثير العامل الوراثي كبيراً في تحديد نسبة الذكاء وسلامة الأجهزة العقلية أو تخلفها فكلما كانت الأجهزة العقلية سليمة زادت نسبة الذكاء والاستيعاب، على خلافه عند تخلفها تتأثر نسبة الذكاء سلباً ما يؤثر على الاستيعاب. كذلك العوامل البيئية تؤثر على نحو غير مباشر في تطور العوامل الوراثية أو تخلفها وتؤثر أيضاً في تنمية القدرات الذاتية أو تخلفها ما يتطلب البحث في العوامل الوراثية والبيئية لتحديد سلوكيات البشر بعدّها معياراً لسلامة أجهزتهم العقلية، ومن ثم يجري توظيف نتائجها في عمليات تنظيم النسل وتنقيته من العوامل الوراثية المرضية المعيقة لتطور الجنس البشري.
يُعرف التعليم البيولوجي : " إنه يدرس التأثير المباشر للعوامل الوراثية والتأثير غير المباشر لعوامل البيئة في سلامة الأجهزة العقلية أو تخلفها، لتوظيف نتائجها في عملية تنظيم النسل ".
لا يمكن فهم السلوك البشري على نحو دقيق من دون دراسة الجهاز العصبي وآليات عمله ونشاطه كونه المسؤول عن كل الانفعالات الحسية التي تعكس السلوكيات السلبية أو الايجابية في الحياة العامة وتأثيرها المباشر في النظام الاجتماعي وآليات تحكمه. ولا يمكن الفصل بين العامل الوراثي والعصبي على نحو كلي، وكذلك بين العامل البيئي والعصبي فكلا المؤثرين يتحكمان في سلوك البشر.
يُعرف التعليم الفيزيولوجي : " إنه أحد آليات الأخلاط العصبية لتشكيل الإنعكاسات الشرطية وتواترات النشاط العصبي العالي مثل الردع والتنبيه، والتحريض الايجابي والسلبي، والتحكم والنشاط التحليلي التركيبي للدماغ ".
تكتسب الخبرة التخصصية بدالة الزمن خلال التحصيل العلمي والعملي، فتزيد القدرات الذاتية وتحسن من أداء العمل وتكتسب الخبرة العامة بدالة زمن التواصل مع الآخرين. والخبرة التاريخية على نحو عام خبرة تراكمية تتوارثها الأجيال لتطوير ذاتها، ما يتطلب دراسة آلياتها وعواملها بدالتها الزمنية لاستفاة منها في الحاضر.
يُعرف التعليم التاريخي : " إنه الاستخدام الفعال للخبرة التاريخية الاجتماعية المكتسبة على نحو واعي وموجه في بناء الخبرة الذاتية ".
يكتسب الفرد عضويته في المجتمع عند إقراره بأحكامه العامة من تقاليد وقيم اجتماعية متوارثة تحكم علاقات الأفراد فيما بينهم في إطار النظام الاجتماعي والتي من دونها تسود الفوضى وعدم الاستقرار، ولا يمكن التعويل على نحو كلي على أجهزة ضبط الدولة وتحكمها للحفاظ على استقرار النظام الاجتماعي من دون العمل على تنشئة جيل يعي حقوقه وواجباته تجاه الدولة والمجتمع. إن إعداد البرامج التعليمية التربوية القصير الأجل والطويلة على نحو صحيح تؤسس لعلاقة جديدة بين الدولة والمجتمع فبناء الإنسان السوي من أصعب مهام الدولة حال عدم توافرها على دراسات اجتماعية دقيقة يمكن توظيفها في البرامج التربوية لإعداد أجيال تعي مسؤوليتها.
يُعرف التعليم الاجتماعي : " إنه عاملاً تكوينياً من عوامل التنشئة وأنظمتها الخاصة بعلاقة الوعي الفردي بالوعي الجماعي، وما يصاحبها من عمليات التوجيه والتحكم لبناء الأنظمة الاجتماعية ".
لا يمكن عدّ كل القيم الاجتماعية وأعرافها قيماً سوية بدالة الزمن فما كان صالحاً منها في الماضي ليس شرطاً أن يكون صالحاً في الحاضر، فمن مهام الدولة العمل على انتزاع قيمة أخلاقية ما من لاواعي الفرد بعدّها متعارضة مع قيم الحاضر وغرس قيمة أخلاقية بديلة في لاواعيه تتوافق مع الحاضر. يتطلب تنشئة جيل جديد إعادة تقييم أخلاقيات المجتمع العامة على نحو مستمر وتوظيف نتائجها في إعداد البرامج التعليمية التربوية، فالقيمة الأخلاقية على نحو عام تعكس سلوك ما في المجتمع فإن كان سلوكاً سوياً يتطلب ترسيخ القيمة الأخلاقية في وجدان المجتمع. وإن كان سلوكاً غير سوي تطلب انتراع القيمة الأخلاقية من وجدان المجتمع، وغرس قيمة أخلاقية بديلة تتوافق مع الحاضر.
يُعرف التعليم الأخلاقي : " إنه عملية غرس قيمة أخلاقية من القيم الاجتماعية وأعرافها في الذات على نحو لاواعي ".
لا يمكن التعويل على نجاح البرامج التعليمية التربوية على نحو عام من دون الترويج لمقاصدها العامة كونها تستهدف تنشئة جيل فتي مثقل وجدانه بغرس تربوي اجتماعي غير مدروس على نحو دقيق ومتوافق مع توجهات الدولة وأحكامها العامة، فليس كل القيم التربوية الاجتماعية تخدم توجهات الدولة وأحكامها. ما يتطلب الكشف عن ايجابيات تطبيقات النظام التعليمي ومنهاجه وأساليبه عن طريق استحداث قنوات تواصل ثنائية الاتجاه مع المستهدفين بالبرامج للاستفادة من المقترحات والأفكار الإبداعية لتطوير ستراتيجيات التعليم التربوي.
يُعرف التعليم السيبرنيطيقي : " إنه عملية إعلامية في النظام التعليمي تختص بالتوجيه بإعتماد قنوات التغذية المباشرة والراجعة، ووضع الستراتيجيات والبرامج والخطط وتطويرها ".
ترتبط أنماط التعليم وتوجهاته المتباينة بالنظام السياسي على نحو عام فإن كان نظاماً يولي اهتماماً بتطوير التعليم والتربية في المجتمع، توسعت مجالات التعليم وأنماطه والتربية وتوجهاتها ما يرفع مستوى الوعي الاجتماعي. وفي المحصلة ترفد مؤسسات الدولة بالخبرات العلمية ويجري معالجة المشاكل الاجتماعية على نحو سليم، على خلافه فإن تخلف التعليم وأنماطه والتربية وتوجهاتها يؤثران سلباً في تصدي الدولة للمشكلات الاجتماعية ما يضعف دورها في المجتمع.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل نجح الرهان الإسرائيلي في ترسيخ الانقسام الفلسطيني بتسهيل


.. التصعيد مستمر.. حزب الله يعلن إطلاق -عشرات- الصواريخ على موا




.. تركيا تعلن عزمها الانضمام إلى دعوى -الإبادة- ضد إسرائيل أمام


.. حراك الطلاب.. قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه أميركا بسبب إسرائ




.. لماذا يسعى أردوغان لتغيير الدستور؟ وهل تسمح له المعارضة؟