الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل المسالم والتعليم السلمي

نبيل هلال هلال

2011 / 4 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما نؤرخ لواقعنا الفكري، نجد أن كل قطاعات حياتنا الفكرية تستلهم العقل المسالم، وهو العقل الذى يفكر دائماً فى إطار من المألوف للناس، لا يصدم عرفاً شائعاً وإن كان مخطئاً، ولا يتعارض مع رأى ذائع بالغاً ما بلغ فساده. وهذا ، وإن كان أدعى إلى الاستقرار، يعوق التطور ويمنع التجديد. لذا فالجامعات عندنا تذكرنا بالجامعات الأوروبية فى العصور الوسطى، من حيث أنها كانت تتوخى ما سموه "بالتعليم السلمي"، وهو الذي كان يتمشى دائماً مع اتجاهات الكنيسة التى كانت تعد من أعلى السلطات الأوروبية فى تلك العصور. وعلى هذا النهج تسير كل أجهزة إعلامنا من صحافة وإذاعة وتلفزيون وما يعرض فى المسارح والسينما، وما يطرح فى الأسواق من كتب – ولا تشذ عن هذا جميع المؤسسات الثقافية فى مصر وكلها – فى الأغلب والأعم- تُقاد ولا تقود، وتساس ولا تسوس. فكيف بالله يكون للعقل – بعد هذا كله – دور فعال فى حياتنا الفكرية المعاصرة
ولما كان الطاغية ينظر إلى الحوار على أن فيه شيئاً من الندية بين المتحاورين، لذا رفض أن يتحاور معه أحد، نفياً لشبهة الندية مع من سواه من الرعية، ورفضاً لتجاوزهم الموضع الذى ارتآه لهم وهو أن يكونوا مجرد بيادق صماء على رقعة الأحداث ، حتى إن مستشاري المستبد كانوا يسدون المشورة إليه، إذا اضطروا لفعل ذلك، على وجل واستحياء، حتى لا تُرى على أنها محاورة ونقاش .
ويعمد الطغاة إلى تجهيل الناس، ولا يتحمسون لمحو أمية العامة، فمن السذاجة أن نتوقع من القوة المستبدة أن تقوم بمهمة تعليمية تؤدى إلى تحرير الإنسان، فهى – أى الصفوة – تزعم أن المشروع التعليمي إذا أتيح للعاملين الفقراء، قد يكون متعارضاً مع سعادتهم، لأنه يعلمهم كراهية أنفسهم بدل أن يعلمهم كيف يصبحون زراعاً وعمالاً ممتازين، وبدلا من أن يعلمهم الخضوع، فإنه يعلمهم الجنوح . وما تريده الصفوة "المستبدون" هو أن يظل الناس غير قادرين على التفكير. ومن البداهة أن نقول إن السيطرة تستوجب قطبين أحدهما يسيطر والآخر يُستغل، وليس من سبيل إلى تصحيح هذا الواقع إلا بالثورة التى تستهدف التحرير، والثورة تستوجب ظهور طبقة من القادة تصنعهم المحاولة والتجربة . فالوعي والاستنارة يجعلان الناس أقل ميلاً للامتثال والطغيان وأكثر استعداداً لمناهضة الاستبداد والظلم .
وقد نجحت السياسة التعليمية التي وضعها كرومر في مصر فى إعداد طائفة من الشبان المصريين لشغل بعض وظائف الدولة غير ذات خطر، واستطاع أن يخرج آلات صماء ليس عندهم شئ من الجرأة أو حرية الرأي، والقدرة على الابتكار , وملئت أدمغتهم بمعلومات كثيرة غير مفيدة فى حياتهم، وجل اعتمادهم أثناء دراستهم على الاستظهار والحفظ ، لا على القوى العقلية الأخرى من تعقل وموازنة وابتكار واستنباط، فالطالب المصري يعتمد في تحصيله على ذاكرته وعلى التكرار الآلي للحقائق المحفوظة لا على ذكائه وتفكيره، فينشأ عن ذلك ضيق أفقه وجهله بالحوادث المعاصرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة