الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبذة تاريخية عن نفط العراق - الجزء الثاني

حيدر علي الدليمي

2011 / 4 / 6
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


نبذة تأريخية عن نفط العراق
الجزء الثاني :
من ثورة 14 تموز عام 1958 حتى نظام البعث عام 1968

حيدر علي الدليمي

منذ اكتشاف النفط في العراق في العام 1927 وحتى العام 1950 لم يكن انتاج الشركات ليزيد عن 6.5 مليون طن، ولم ينمو هذا المعدل بعد العام 1950 الا ببطء شديد جداً، وهذا بحد ذاته لايتناسب والأحتياطي النفطي العراقي الثابت والاستثمار العملي المعقول .
ونتيجة للتغيرات التي حصلت بعد الحرب العالمية الثانية في الاقتصاد العالمي والسياسة الدولية، وخصوصاً الشرق الأوسط والمنطقة العربية، حصل ما كان في الحسبان !!
انهار النظام السياسي الملكي في العراق بعد انقلاب عام 1958 وتغير كل شىء وكان من الطبيعي أن تتجه الأنظار الى قطاع النفط الذي أصبح القطاع الأوحد في الاقتصاد العراقي .
في خريف 1958 أي بعد قيام ثورة 14تموز بعدة أشهر بدأت حكومة الثوره والرئيس عبد الكريم قاسم بمفاوضة الشركات لتصليح واقع الحال الخطأ بما يضمن مصلحة الشعب العراقي ومصلحة الشركات المشروعة .
توجه الحكام الجدد وحثوا المختصون والخبراء في القطاع النفطي لتفعيل قطاع النفط .
وجد هؤلاء المختصون ما كان مذهلااً حيث أن الشركات صاحبة الامتياز لم تستغل من ألاراضي التي هي ضمن امتيازاتهم سوى 0.5% من الاراضي المعطاة لهم .
كانت حكومة النظام الجديد تفاوض الشركات حول زيادة حصة العراق من العائدات، حيث أن نسبة ال 50% في الاتفاق هي لاتمثل أكثر من 20% بالحقيقة ... وكانت الشركة صاحبة الامتياز تمانع وتتمسك بالاتفاقيات السابقة .
درست امكانيات الدولة الجديدة وبخبرة وشجاعة النظام الجديد، وجدوا الحجة الأكيدة على أن الحكومة سوف تتخذ اجراءات ضد الشركة الا انها لم تفصح عن مراميها .
كانت الجهود السياسية المعلنة كلها تتجه لايجاد منظمة تدافع عن حقوق الدول المنتجة . وكانت هذه الجهود بزعامة العراق، وبالفعل أسست منظمة ألاوبك .
أمتدت المفاوضات مع الشركات الأجنبية، وكان يترأس الوفد العراقي الرئيس عبد الكريم قاسم شخصياً لثلاث سنوات ولم تستجب الشركات خلالها لمطالب الجانب العراقي، وكان الصبر عنوان الحكومة العراقية على ما تبديه الشركات من مراوغة في التفاوض والتآمر في الجانب السياسي على الساحة العراقية، وما قامت به شركة نفط كركوك بتزويد المتآمرين في مؤآمرة الشواف في الموصل سنة 1959 وبالتعاون مع جمال عبد الناصر القابع خلف الحدود السورية .
في 10 نيسان/ أبريل 1961 وبسبب أنقطاع المفاوضات بين الجانب العراقي والشركات، اضطرت وزارة النفط العراقية الى اصدار بيان تضمن النقاط المدرجة أدناه والتي كانت الحكومة العراقية ترغب بحلها بالمداولات مع الشركات بما يضمن مصلحة الوطن وحقوق الشعب العراقي :
1. احتساب كلفة انتاج النفط والعناصر التي تتألف منها لضمان حق العراق.
2. طريقة تعيين الأسعار التي تُحتسب بموجبها عوائد العراق من النفط.
3. الغاء الخصم الذي تتقاضاه الشركات .
4. تعين المدراء العراقيين واشراكهم في مجالس ادارة الشركات في لندن واشراف الحكومة العراقية على مصاريف الشركات بما يضمن مصلحة العراق .
5. تعريق وظائف الشركات تدريجياً .
6. تخلي الشركات عن الأراضي غير المستثمرة تمهيداً لاستفادة العراق منها.
7. تنازل الشركات عن الغاز الطبيعي الفائض عن حاجة الحقول النفطية وحقول الغاز الأخرى والحيلولة دون قيام الشركات جزافاً بالاستمرار على حرق الغاز مع علمها بضياع ثروة العراق بدون مقابل.
8. ضمان استخدام الناقلات العراقية في نقل النفط العراقي .
9. وجوب مساهمة العراق فعلاً في رأس مال الشركات بنسة لاتقل عن 20% من المجموع العام.
10. وجوب زيادة حصة العراق من عائدات النفط .
11. دفع العوائد بعملة قابلة للتحويل تضمن مصلحة العراق.
12. رفع الغبن والضرر الذي أصاب الجانب العراقي بسبب جور الاتفاقيات ونصوصها غير الواضحة التفسير.
استمرت المفاوضات بين الجانب العراقي والشركات الأجنبية منذ 20 آب/ أغسطس 1958 وحتى 10 نيسان/ أبريل 1961 وعقد خلالها 28 اجتماعاً مع العديد من المقابلات الاخرى .
لم تبدل الشركات خلال هذه الفترة الطويلة اسلوبها بالتعامل التعسفي مع العراق غير مدركه بما فيه الكفاية بأن الوضع قد تغير وأن حكومة الثورة لاتشبه أي من حكومات العهد الملكي البائد ورغم تحلي الوفد العراقي بالصبر وطول البال وتحليه بروح الحكمة والنيات الطيبة يحدوه الأمل بالتوصل مع الشركات الى حلول تضمن حق الشعب العراقي في ثروته النفطية الا أن الشركات تمادت في تعنتها وغطرستها مما أوصل المفاوضات الى طريق مسدود.
اقتنع الجانب العراقي أن الشركات مصصمة على عدم ألاستجابة لأي مطلب من مطالب العراق المشروعة، وهنا باتت الشركات تطلب الاجتماع بالجانب العراقي وبدون أن يكون هناك أي تحول في مواقفها المتعنته.
في 4 آب / أغسطس 1961 بدأت سلسلة من ثلاث اجتماعات بين الوفد العراقي ووفد الشركات كان آخر هذه الاجتماعات في 24 آب / أغسطس 1961 طلب وفد الشركات مهلة تتراوح بين ثلاثة أو أربعة أسابيع للتشاور مع لندن للرد على المطالب العراقية واعداد مذكرة تتضمن شرح لوضع الصناعة النفطية العراقية ثم العودة الى بغداد لاستئناف المفاوضات ثانية آملين أن يلبوا المطالب العراقية .
في أيلول / سبتمبر1961 أستؤنفت المرحلة الأخيرة من المفاوضات ولم تتضمن ردود الشركات سوى الاصرار على رفض المطالب العراقية متذرعة بشتى الأساليب الواهية التي لا تنطلي على المفاوض العراقي.
في 11 تشرين الأول / أكتوبر 1961 عقد الاجتماع الثالث والأخير الذي أوضح اصرار الشركات على رفض المطالب الوطنية العراقية ومن أهمها مساهمة العراق بنسبة لا تقل عن 20% من رأس مال الشركات ورفض الشركات لزيادة عوائد العراق من الارباح بأكثر 50% واوضحت الشركات أن الموافقة على هذه المطالب هو أمر مستحيل.
أن موقف الشركات الظالم تجاه العراق هي بالحقيقة مخالفة صريحة لمعاهدة (سان ريمو1920) والتي جاء فيها تحت عنوان " ما بين الرافدين" لقد تم الاتفاق أنه في حالة تكوين شركة نفط خاصة بالشكل المار بالذكر فأنه سيسمح للحكومة الوطنية أو المصالح الأخرى - أذا رغبت في ذلك – أن تساهم بنسبة 20% من المال الخاص بتلك الشركة . وقد نص على هذه المشاركة في طلب اتفاقية الامتيازات المعقودة بين الحكومة العراقية والشركات المعنية .
وبعد وصول المفاوضات بين العراق والشركات الأجنبية الى طريق مسدود، وجهة الحكومة العراقية انذار الى الشركة صاحبة الامتياز وحدد بزمن، والحكومة العراقية سوف تتخذ الاجرآت التي سوف تحفظ حق العراق . انتهت الفترة المقررة ولم تستجب الشركة المستغلة، فما كان من حكومة العراق ألا أن أصدرت قانون 80 في عام 1961 الذي بموجبه سحب 99.5% من الأراضي العراقية التي كانت خاضعة لاتفاقيات الامتياز نظراً لعدم قيام شركات النفط الاحتكارية باستغلألها، وأبقت لها الحقول قيد الأنتاج مثل جنوب الرميلة والزبير وكركوك وعين زاله، وشمل القانون رقم 80 سحب الطبقات الغير منتجة ضمن تلك الحقول أيضاً ومهد الطريق لتأسيس شركة النفط الوطنية العراقية والتي صدر قانون تأسيسها في 8 شباط / فبراير من عام 1964 وبوشر باعداد تشكيلاتها والتي سوف تعمل بالكوادر العراقية لاستثمار ثرواته الطبيعية والتي ستكون هي الوسيلة لبناء العراق الجديد شبه المتحرر من الاستعمار والذي ينعم جميع أبنائه بالتساوي بكل خيراته الوطنية، وباشرت شركة النفط العراقية بعمليات التطوير فعلياً بعد عام 1968 وذلك في حقل الرميلة والذي بوشر بانتاجه في 7 نيسان / أبريل من عام 1972، والتوصل الى اتفاقية تسوية مع شركات النفط في عام 1973، وتوسعت عمليات شركة النفط الوطنية العراقية وخاصة بعد الطفرة السعرية الأولى وزيادة ايرادات العراق النفطية والتي رافقها استكمال عمليات تأميم شركة نفط البصرة في عام 1975 .
وكرد فعل من قبل الشركات الأجنبية و تحسباً للخطر الجدي المحدق بها فقد قامت بزيادة كميات الحفر بعد الثوره الى حوالي ثلاثة أضعاف ما كانت تقوم به .
ولم تستطيع كل الجهود التي تملكها الشركه صاحبة الامتياز وخلفها دولها من أن تعمل شىء لحكومة العراق الأ العداء وسقطت كل المحاولات القانونية الدولية، وكما أسلفنا فقد فتحت حكومة العراق الامتياز في هذه الأراضي الى شركة وطنية مملوكة 100% من قبل الحكومة العراقية بحقوق الامتياز في هذه الأراضي وهي ( شركة النفط الوطنية العراقية ).
بعد هذا التطور في الامتيازات النفطيه العراقيه حصلت تغيرات سياسيه كبيره في العراق، انتهت عام 1968 بأستيلاء حزب قريب للراديكالية ذو نزعة قومية متشددة بالاستيلاء على السلطة بقيادة صدام حسين، ونصب أحمد حسن البكر رئيساً للجمهورية وبحكم تكوين هذا الحزب العنيفة فأنه يتمتع بقاعدة شعبية ووطنية بحته، تشوب سياساته روح دكتاتوريه وفاشيه، الا أنه اتخذ مواقف متشددة تجاه شركات النفط الاجنبية العاملة في العراق، فقام بتأميم النفط في 1/6/1972 وأصبح النفط كلياً بيد الحكومة العراقية .
فكانت الضربة الثانية بعد قانون رقم 80 لسنة 1961 السابق الذكر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع