الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


االإقتصاد السياسى هو علم فائض القيمة

محمد عادل زكى

2011 / 4 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لقد أثار التعريف الذى أعطيته للإقتصاد السياسى، كعلم للنظر فى قانون القيمة، الكثير من الجدل فى الأونة الأخيرة، والحمد لله كان الجدل هذا بين الأصدقاء الذين يجمعنا ود وحميمية رفاقية منذ أزمنة بعيدة، ولقد أثرت فيما يلى إبراز الحجج التى أستند عليها فيما يلى، فقط أوضح أمرين قبل الكلام فى الحجج:
أولاً: أننى لم أقل تعريف علم الإقتصاد السياسى، بل قلت تحديد، إذ الأول لا يقدم سوى الأفكار الجامدة والعازلة، أما الثانى فهو يبسط رحابة فى الفهم تؤدى إلى الأفكار الكلية والهيكلية.
ثانياًً: تحديدى للإقتصاد السياسى كان نصه: الإقتصاد السياسى هو ذلك العِلم الإجتماعى الذى يَنشغل بدراسة النظرية الكمية والنظرية الموضوعية فى القيمة، والتناقُُضات الكامنة فيها، والتى تَتَطورعلى أساسِها الظاهرةُُ الإجتماعية مَحل البحث.
وأقصد تحديداًً بالإقتصاد السياسى هنا، وبمنتهى الوضوح، ذلك الجسم النظرى الذى نتَجَ عن نقد ماركس للرأسمالية، وإنما بإعتبار الجسم النظرى السابق على نقد ماركس تنظيراًً رأسمالياًً للرأسمالية نفسها. وهو بتلك المثابة لا وجود له، كعِلمٍ مُستَقل، قََبل هيّمنة رأس المال، على الصعيد الإجتماعى العالمى، كََظاهرة؛ ويرجع ذلك لسيادة علاقات إنتاج شفافة لم تكن لتسمح بتبلور فائض فى القيمة، فى المرحلة التاريخية السابقة على الرأسمالية. المرحلة التى لم تتعرف بعد على عملية بيع قوة العمل، إذ أن مُبادلة العمل بالمال إنما تُمثل أحد الشروط التاريخية للرأسمال، وتتطلب أمرين:
أولهما: مُبادلة قوة العمل بالمال؛ غير المعروفة فى الأنماط الإنتاجية السابقة، لإعادة إنتاج المال نفسه وتحويله إلى قيم كَمية يَستهلكها المال، لا كَقيم إستعمالية للإستمتاع بها، بل كََقيم إستعمالية للمال نفسه.
أما الأمر الثانى: فهو فصل العَمل الحُر عن الشروط العامة للإنتاج وتَجديد الإنتاج، أى فصل المنتِِِِِِِِج، عن المنتَََََج. عن مواد العمل ووسائل العمل، فى مرحلة أولى، ثم فصله عن الإنتاج نفسه، فى مرحلة ثانية، وهذا يَعنى، مِن ضمن ما يعنى، ضرورة (فصل العامل عَن الأرض) فى مرحلة أولى، كما يعنى أيضاًً، فى مرحلة ثانية، إنحلال كُُُل مِن المِلكية الصغيرة الحُُرة للأرض والملكية المشاعية. إذ أن ضمن إطار هذين الشكلين(الملكية الصغيرة، والمشاعية الحرة)وهو ما يَتَصادم مع الشروط الموضوعية للرأسمال، تكون العلاقة بين العامل والشروط الموضوعية لعمله، علاقة مِلكية"شفافة"وعلى ذلك يتمتع العامل بوجود موضوعى مُستقل عن عمله، ويرتبط الفرد بنفسه بصفتِه كمالك، أى كََسيد لشروط تَجْديد الإنتاج، دون التعرف التاريخى على مُبادلة العمل الحُُر بالمال.
حتى تلك المرحلة التاريخية، وما بها مِن تفصيلات وإختلافات تَخص، مثلاًً، عَمل العبد فى اليونان القديمة، أو عَمل القن فى العصور الوسطى الأوروبية، لم يَكن مِن المتصوَر الحديث عن إقتصاد سياسى كََعِلم إجتماعى، له مِن الأدوات والأليات ما مِن شأنه تقديم التفسير العِلمى للظواهر السائدة آنذاك؛ إذ لم تكن الظواهر الإجتماعية مِن الغموض أو التعقيد بما يستدعى ذلك؛ فلم تكن الخيرات المادية المعدة للإشباع المباشر كى تطرح فى الأسواق.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فليس هناك ثمة سلع مُعَدّة بالأساس للطرح بالأسواق!! وليس هناك ثمة ربح يَتَكون فى حقل الإنتاج!! وليس هناك ثمة إقتصاد مُبادلة نقدية معممة!!ومِن ثم ليس هناك من تفاوت بين كمية السلع المطروحة وبين كمية النقود المتبادلة بتلك السلع!! وليس هناك هذا الفائض فى القيمة!! وليس هناك تلك الأرباح التى تَميل إلى الإنخفاض كُُلما زاد رأس المال المُُضَخ!! ولم يكن هناك كذلك هذا الجيش مِن الإحتياطى العاطل فى حقل الصناعة!! وبالتبع لا يُمكن الحديث عن مُزاحمة بين العامل، المغتَرب، وبين الألة!! وبالتبع كذلك لم يكن ثمة صراع جدلى بين العمل المأجور وبين الرأسمال!! بل ولم يَكُُن ثمة رأس مال، يَفرض نفسه لا كمبلغ مِن النقود، إنما يُهيمن كعلاقة إجتماعية؛ . . . . . . إلى آخر تلك الظواهر الإجتماعية الناشئة والمتكررة، بما يَفرض ظهور العِلم المفسر، والقوانين الإجتماعية الحاكمة.
إذ ما كان الوعى بالأمرين على نحو ما سلف، كان لنا أن نتقدم خطوات إلى الأمام بطرح الحجج التى أستند عليها حين قولى بأن علم الإقتصاد السياسى هو علم النظر قى قانون القيمة:
(1) إن الظواهر الإجتماعية التى تبلورت، وتكررت، حتى صارت من القواعد العامة، والتى نشأ الإقتصاد السياسى كى يُفسرها ويَكشف عن القوانين الموضوعية التى تحكمها، هى ظواهر تعتمد بالأساس على "القيمة"،كمياًً وموضوعياًً، فلولا "الإنتاج الرأسمالى، وتجدده" أى الإنتاج مِن خلال نمط الإنتاج الرأسمالى، وتجدد هذا الإنتاج، ما كان للإقتصاد السياسى الوجود المستقل عن باقى العلوم الإجتماعية.
(2) وذلك، وكما أسلفنا، بأن الظواهر التى طرحت نفسها لم تكن لتتعرف عليها المجتمعات السابقة على الرأسمالية، فلم يكن هناك "رأس مال، كعلاقة إجتماعية"، ولم يكن هناك" تضخم"، ولم يكن هناك ما يسمى بـ "التراكم" ولم يكن الإنتاج يتم بغرض البيع فى السوق، ولم يكن العمل سلعة ، ولم يكن "الربح" ليتكون فى حقل الإنتاج، بل ولم يكن هناك ما يسمى بـ "الربح " إلا فى حدود ضيقة، وتخص العمل التجارى، الذى يقوم بالأساس على الشراء مِن أجل البيع، والعكس، ولكن الشراء أو البيع إنما يكونا لسلع نهائية الصنع. شراء السلع ثم بيعها، وليس تصنيعها ثم بيعها، كان الذى يُمثل القاعدة.
(3) ولأن كُُل تلك الظواهر لم تكن إلا مع ظهور الرأسمالية كنمط إنتاج سائد، فقد كان لابد مِن ظهور عِلم يفسر ويَرُد تلك الظواهر إلى الكُُل الذى تنتمى إليه، ومِن ثم ظهر الإقتصاد السياسى، كعِلم، كى يُفسر، فى المقام الأول:" الظواهر الرأسمالية، بمعنى آخر:كى يفسر الظواهر الإجتماعية التى تتعلق بقوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج وتطورهما الجدلى فى سياق الرأسمالية كنمط للإنتاج".
وعلى وجه التحديد كى يُفسر ذلك التعديل الطفيف، والعميق جداًً فى نفس الوقت، الذى طرأ على نص الصيغة (ن - س – Δ ن) إلى حيث نص الصيغة وكى يُفسركذلك جميع الظواهر التى تتماس مع نص الصيغة الأخيرة، مِن أرباح، وأثمان، وفوائد، وأجور، وريع. وهكذا أفهم الإقتصاد السياسى، كعِلم مُنشغل بالإنتاج وتجدد الإنتاج والوحدة الإنتاجية(مِن الفرد حتى الدولة، مروراًً بالمؤسسات دولية النشاط) ولا يقتصر مفهوم العامل على حقل الصناعة، كما فهمت أوروبا وأفهمت العالم، وإنما ينسحب المفهوم، أياًً ما كان المسمى، على العاملين فى قطاع الزراعة والعاملين فى قطاع الخدمات. طالما نشطت الصيغة (ن- و أ، ق ع- س- Δ ن) إذ مع الرأسمالية تحول الطبيب والمعلم والشاعر وإمام الجامع، والكاهن، إلى شغيلة فى عداد المأجورين.
(4) فالصيغة (ن- و أ، ق ع- س- Δ ن) والتى بمقتضاها، كما سنرى، تتحول النقود (ن) إلى أمرين: وسائل إنتاج(و أ) تتمثل فى مواد العمل، وأدوات العمل، أما الأمر الثانى فهو: قوة العمل(ق ع) تتحول النقود إلى قوة عمل بدفع الأجرة. وحينما يجتمع للرأسمالى، ومِن ثم لعماله الأجراء، الوسائل اللازمة للإنتاج، ينقطع التداول؛ ويبدأ الإنتاج. الإنتاج مِن أجل السوق، وبإنتهاء العملية الإنتاجية تُطرح السلعة فى السوق، وحينئذ تعود (ن) إلى الرأسمالى، ولكنها محملة بـ(Δ) الذى يسمونه الربح(سندرس مصدره فيما بعد) فيُصبح لدى الرأسمالى ليس (ن) فقط، وإنما (ن) +(Δ) ووفقاًً للصيغة العامة تلك وقانون الحركة الحاكم لأداء الرأسمالية، فسوف يقوم أحد الأشخاص بجمع شتات الحرفيين ويضعهم فى مكان واحد ويوفر لهم مواد العمل وأدواته ويدفع لهم الأجرة، وليس عليهم سوى الإنتاج، وإنما لأجل السوق(وقانون الحركة هذا، إنما يعمل فى مؤسسات فورد، وروتشيلد، كما يعمل فى أحقر "ورشة" لصنع أربطة الأحذية فى أحط أحياء القاهرة أو كاراكاس، دون فارق).
(5) والصيغة تلك والتى تُعد القانون العام للرأسمالية، لا يُمكن فهمها إلا إبتداءًً مِن فهم القيمة والكشف عن القوانين الموضوعية التى تحكم عملها، كما تحكم تطورها عبر الزمن. فقانون القيمة بمفرده هو القادر على الإجابة على سؤال كيف تعمل الرأسمالية؟ وكيف تجدد نفسها؟
(6) ماذا نُنتِج؟ وكيف نُنتِج؟ وكيف نوزع المنتَج؟ تلك مِن أهم الأسئلة التى ظهر عِلم الإقتصاد السياسى كى يُجيب عليها، وجميعها لا يُمكن الإجابة عليها إلا إبتداءًً مِن الوعى بقانون القيمة الذى على أساسه تقوم العملية الإنتاجية بأسرها، وإنما إبتداءًً مِن الصيغة العامة التى تمثل قانون الحركة الحاكم لأداء الرأسمالية (ن- و أ، ق ع- س- Δ ن)
(7) الإقتصاد السياسى إذاًً هو عِلم نمط الإنتاج الرأسمالى، فهو ينشغل أساساًً بملف الإنتاج، الذى يخضع للقانون العام الحاكم لأداء النظام الرأسمالى، وما القيمة، والقيمة الزائدة،كمياًً وموضوعياًً، سوى مُرتكز النظام، على صعيد كُُل مِن الإنتاج وتجدد الإنتاج.
(8) الصيغة (ن- و أ، ق ع- س- Δ ن) التى تُُمثل عصب نمط الإنتاج الرأسمالى، وتمثل فى نفس الوقت ركيزة رئيسية فى موضوع علم الإقتصاد السياسى، فقط التى تتمكن مِن تقديم أدوات فكرية نتمكن من خلال التسلح بها حين توجهنا صوب الظاهرة المراد تفسيرها، فالصيغة العامة الحاكمة لحركة الرأسمالية كنمط إنتاج، تمدنا بـعدة أدوات فكرية تقع مباشرة فى حقل الظواهر التى نشأ عِلم الإقتصاد السياسى كى يفسرها، فهى تمدنا على سبيل المثال بـ"القيمة، والقيمة الزائدة، والثمن، والرأسمال، الثابت منه والمتغير، والأساسى منه والدائر، وثمن الإنتاج، وثمن التكلفة، والربح، والأجر كثمن لقوة العمل،....." وهكذا أفهم موضوع وأدوات عِلم الإقتصاد السياسى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوراق الجوافة..كيف تحضر مشروبًا مثاليًا لمحاربة السعال والته


.. دراسة: مكملات الميلاتونين قد تمنع الإصابة بحالة الضمور البقع




.. في اليوم الـ275.. مقتل 20 فلسطينيا بغارات على غزة| #الظهيرة


.. ترقب داخل فرنسا.. انطلاق الجولة الثانية للانتخابات التشريعية




.. اقتراح التهدئة.. تنازلات من حركة حماس وضغوط على بنيامين نتني