الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنظمة لا ترحل ... إلا بترحيل شعوبها .

الطيب آيت حمودة

2011 / 4 / 9
المجتمع المدني


وأنا أتابع مُجريات حدث الثورات العربية ضد حكامها هذه الأيام ، راعني مدى خبث الحكام وتشبثهم بالمناصب بمختلف الأساليب و الحيل الدنيئة التي وصلت حد تقسيم شعوبهم بين مؤيد ومعارض ، وتلك صور نشاهدها يوميا في اليمن وسوريا وليبيا ، وتعطي انطباعا راسخا بأن شعوبنا انقسمت على نفسها إلى أطياف ، ليس جنسيا ولا دينيا ولامذهبيا ، وإنما خروجا وولاء ، فمن داع إلى إسقاط النظام ورحيله ، ومن داع في مظاهرات موازية لنصرة الحكام والإستمرار في حكمهم الذي يعتبرونه رشيدا ؟ .
*حكامنا بمبدأ .... الغاية تبرر الوسيلة .
جرأءة الحكام وجبروتهم الإستبدادي التي استمدوها من طول حكمهم ، أهلتهم لارتكاب أبشع الجرائم ضد شعوبهم ، فما يقترفه القذافي ، وعبد الله صالح ، وبشار الأسد ، ضد مواطنينهم العزل يشير بأن حُكامنا لا يُمكنهم التنحي بسهولة حتى وإن أرادوا ، لأن وراءهم ترسانة من المستفيدين الذين يرضيهم بقاء الحال واستمراره ، فهؤلاء الذين تظاهروا لنصرة الأنظمة وتحولوا إلى بلطجة مكشوفة ، هم في حقيقتهم أعداء للعدل وأنصارا للجور ، لا دين ولا وجدان ولا شرف ولا رحمة في خصالهم ، فقد نجح الحُكام في ترويضهم والإكثار منهم ، وقد ملأوا ساحة ( السبعين ) في عدن ، و(الساحة الخضراء )بطرابلس ، أو الذين سبق وأن خاضوا معركة الجمل الخاسرة في ميدان التحرير المصرية ، وهو ما يعني إضرار الأمة بنفسها برغبة حكامها باسم النفع ، فيسوقونها لحرب اقتضاها التجبر والإستبداد والعنت ، بعد أيهامهم بوسائل الدعاية والدعابة بأنهم في نصرة الدين وحفظ شرف الأمة وأبهة الحكام ، وهي دواعي وإن كانت فخيمة في السمع والذهن ، إلا أنها في الحقيقة خيلاء وإيهام ،غرضه تهييج الأمة وتضليلها بعد أن رُوضت مليا بسبب ضعف في قلوبها ، فغدوا كسبحة في يد زنديق ، أو مصحف معلق داخل خمارة ، لهذا كثيرا ما ردد الحكماءُ بأن دولة الإستبداد هي وليدة في بلاد البله والأوغاد ، فالعقلاء من الأمم أسسوا الحكومات لتخدمهم ، وحُكامنا قلبُوا الموضوع برضانا ، فجعلوا من الرعية خادمة مطيعة لهم .
* أنظمة لا ترحل ... إلا بعد إبادة شعوبها .
رغم ازدياد الضغط والغليان الشعبي ، فإن الأنظمة المستبدة لازالت تلعب أوراقها في البقاء ، وهي تحاول تجنب عثرات الأنظمة التي تهاوت سريعا في تونس ومصر ، وخططت لنفسها استراتيجية البقاء أو الإفناء ، وهو ما يترآى فيما يقع في ليبيا من تحطيم للذات وقتل للأنفس باسم شرعية زائفة خطها نظام استبدادي على مدار الأثنتين والأربعين عاما ، من ترويض الناس وجعلهم إمعية النظام ، وهم من يرون على الشاشات مهللين راقصين لبقاء القذافي ....ولا أستبعد أن تستمر الفرقة سجالا ، خاصة مع سكوت العرب ، و مكر الغرب على لسان النيتو ، فانتصار الشعوب أكيد مؤكد ، غير أن تحقيقه لن يتأتى بسهولة ويسر ، فقد سبقته هزات وتردفه أخرى ، إلا أن تستقيم الأمور برجحان فكرة أن الشعوب هي مصدرالسلطات جميعها .
*الغرب ... البترول ومخاطر القاعدة والهجرة .
التلكؤ الذي يبديه الغرب بشأن التعامل مع بؤر الصراع في الوطن العربي في اليمن وسوريا وليبيا والبحرين مرده مصالح بينية ، لم يتضح مستقبلها بعد في تقديرهم ، وإن كان الوازع الإخلاقي يفترض الوقوف إلى جانب الثوار ، إلا أنها تظهر مالا تبطن ، فهي تستهجن الأنظمة وعنفها إلا أنها تقدم العون اللوجيستي والسلاح خلسة خوفا من انقلاب الأمور ، فهم يتعاملون بتقية منقطعة النظير خوفا من ضياع مركزهم وفقدان مكتسباتهم في الأوطان الثائرة شعوبها في مجالات محاربة إرهاب القاعدة ، وحرمانهم من نفط ليبيا القريب ، أوانفتاح بوابات ولوج المهاجرين أبواب أوربا ، على عتبات (لامبيدوزا) وأخواتها في غياب حاكم عربي يحمي الشطآن من جحافل المهاجرين الأفارقة .
*حتى لا يستبدل الإستبداد بآخر أشد .
واجب الشعوب الثائرة على أنظمتها أن تدرك ماهية مايستبدل به ذلك الطغيان ، إن إدراك الغاية محفز قوي على العمل ، وبقدر ما تكون المرامي مبهمة يكون الإقدام ناقصا ، لذا فوسائل الإعلام لها الحظوة في الإفصاح وزيادة المناصرين للثورة ، والخوف كل الخوف هو استبدال طاغية بطاغية أشد ، ولضمان صيرورة محبكة الصنع ، يجب إحكام الإغلاق على الحكام بجعلهم في يد المحكومين عبر قوانين دستورية يتم فيها تغليب المدني على العسكر ، والتشريعي على التنفيذي ، حتى يتيسر التداول على السلطة بالطرق السلمية دون الحاجة لإراقة الدماء ، وتنمية الشعور بأن الأمة مسؤولة عن أفعال من تُحكمه ، فإن لم تحسن الأمة اختيارها أصابها الوهن والمذلة على يد حُكامها ، وبقدر ما تبلغ الأمة رشدها فهي تسترجع لنفسها مجدها وعزها وعدلها .

إن ما وقعَ ويقعُ في الوطن العربي من مظاهرات وخروج عن إرادة السلطان ، مرده إخفاقات متسلسلة ، ونكسات متتابعة متلاحقة على مختلف الأصعدة ، قد يكون للجانب السياسي الحظوة الأساس لما فيها من ابتلاع لحقوق الإنسان ، أو تغليب لحقوق الأقلية على حساب الأكثرية الصامتة ، وكل امتداد وتوسع في سلطات الأنظمة سيعقبه تقليص لها عند نجاح الثورات القائمة ، وشرارة الثورة تنغص مضاجع المستبدين أينما كانوا وحيثما وجدوا ..... ومسألة نجاح ثورات الشعوب مضمون ، وإن شابها نوع من التراخي وطول المدة ، لرسوخ الأنظمة وقدمها وعمق انغراسها في المجتمع ، اجتثاثها واستئصالها يتطلب مزيدا من الحزم والجزم والثورية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد| دبلوماسيون يغادرون قاعة الأمم المتحدة بعد بدء خطاب نتن


.. نزوح من مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان




.. خطاب أمام الأمم المتحدة وتصعيد للقصف على بيروت.. كيف يفسر سل


.. مؤتمر صحفي لوزراء خارجية عرب في الجمعية العامة للأمم المتحدة




.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو أمر بقصف الضاحية الجنوبية قبل بدء خط