الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا أٌنٌفِلتْ ألاٌم البريئة شيرين شمعون البازي؟!!!

كفاح جمعة كنجي

2011 / 4 / 14
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية



فليعذرني كل من قرأ ومازال ما اكتبه، حقيقة لا اعرف لما عندما بدأت، بدأت بالكتابة عن الشهداء الأبرياء الذين رحلوا بصمت، ومازالت ساحة الجريمة مجهولة، مازالوا بدون قبور كباقي الأموات والشهداء.
في ذاكرتي محطات لا تُطوى ولًن يطويها ِسوى الموت
شيرين شمعون البازي أم و إنسانة، صدرها احتضن قلباً ممتلئ بحنانٍ يوازي حنان صدور راهبات العالم كله..
كانت على أعتاب العقد السادس من العمر، أمراض الشيخوخة نخرت جسدها، خطواتها بطيئة نتيجة الأمراض التي استوطنت جسمها .
لم تتباهى بشهادة جامعية ولا ثانوية أو حتى ابتدائية، أنها زوجة وأم، صادقة، لعائلتها وأولادها ولشقيقها الثائر على مدى أعوام عمره ولجيرانها ولكنيستها كنيسة مار يوسف في الشيخان.
لم تكتب منشوراً أو بيانات سياسية ضد احد لم تعمل في الصحافة لتتناول هذا ضد ذاك، لم تدخل تنظيم سياسي، وليست عضوه في حزب أو منظمة، كل يومها ينقضي في الاهتمام بزوجها وعائلتها من أولاد وبنات داخل عشها العائلي
لم تحمل السلاح ولم تقتل ولم تأسر احد ولم تسرق شيئاً ولم تقطع طريق احد ولم تمنع الماء عن فم عطشان

اعتقلت أجهزة النظام الصدامي شيرين شمعون البازي وأجبرتها على مغادرة الشيخان عام 1985 وأبعدت من منزلها عنوة لا لأنها شكلت خطر على النظام والرئيس القائد، بل بحجة وجود ابنها بين البيشمركة، واقتيدت إلى اتروش، هناك أشاروا إلى الجبل المواجه لاتروش.. ابنك يسكن خلف تلك الجبال اذهبي إليه.
لم تشفع شيخوختها كامرأة قد تخطت الستين من العمر. مشت على الأقدام من اتروش إلى جبل كارة صعودا ونزولا مرة على الأقدام وعشرات المرات على الأطراف الأربع.
كان موعد هذه البريئة مع الجبل العاري. فيه اجتمعت مأساة من كل حوب وصوب في طريقها هدها التعب من السير على الأقدام .
لم يكن لها ذنب اقترفته، ولا جريمة ارتكبتها ليرسلها الأشرار إلى الجبال، ذنبها أنها أم.. أم يوسف.. وشقيقة (دنخا ابوباز)
الكتب السماوية والأديان والشرائع والقوانين لا تحاسب إنسان بجريرة آخر باستثناء أولئك المجرمون الذين قدموا من سلالات العصور الحجرية وهولاكو وأحفاد نيرون وقتلة السيد المسيح عليه السلام
ما الذي اقترفتهِ بحق السماء ليرسلك الأشرار إلى الجبل البعيد؟!!، أنهم يدركون لا ذنب لك، لكنهم يا خالتي هم على الدوام شياطين عرفوا كيف يرشون الملح على جروحنا.. بفعلهم هذا وتهجيركم.. امسكونا من اليد التي تؤلمنا وتوجعنا.


من ينسى صداقتك مع (زوزك) ذلك العصفور الذي َفَقدَ والده وَهو رَضيع، كم من المرات كنتما تَتمشيان بخطوات بطيئة.. يده اليسرى ممسكة بقوة أصبع يدك وأنت تناجين الرب تارة عند تعثر خطواته وتارة عند سقوطه على الأرض بكلمات مازالت ترن في مسامعنا:-
ـ يا شِمة آلاها..1 .. يا ِشمة أمشيحا2 . من ينسى أمنيته التي حدثك عنها وهو في حوض السيارة البيك آب الواقفة تحت الأشجار حين قال ( ماما لماذا لا يصلحون السيارة حتى نطير بها ونذهب بعيدا من هنا)!!!!
ومن ينسى معاناتك أيام الحصار في كارة، العطش والجوع، والخوف والموت، وصعود كارة الذي يعجز عنه الرجال وكم مرة عَلقت ملابِسك بالصخور وَمزقتها وهل أرادت الصخور تذكاراً و شهادة لِتحكي للأجيال مِن بَعدكم تِلك القصِص التي حكاها آلا ف الأبرياء في تلك الأيام العِجاف بين الوديان وقمم الجبال. ما زالت الساعات التي مَضيتها أيام الحصار في كارة خلال الأنفال مع أمي في ذاكرتي، الصعود إلى كارة من ( أسيان) وكم من المرات سَندتك بيديِّ وكتفي كَي لا تسقطين للخلف نتيجة التعب والعطش الشديدين. ليس من عادتي السكوت، لكن لا اعلم لما لزمت الصمت في تلك الساعات وبقيت فقط أصغي إليكما وانتما تتحدثان عن كل شيء منذ زمن الطفولة في الشيخان لحين الحصار الخانق في كارة..
اخذ المجرمون حصتهم من دمائنا وغادروا.. لكن يا خالتي لم يتركونا نحيا كما نشاء ولم يتركونا ندفن موتانا كسائر الناس....
ها قد مضى ثلاثة وعشرون عاماً على تلك الأيام السوداء.. ذكرى الذين قتلهم صدام في الأنفال مع داي شيرين مازالت حية بيننا في ضمائرنا.. تنز حزناً ودما ً وأسفا على حال مازال ينكث الجرح كلما طالعنا وجه جحش من مجرمي الأنفال تحول إلى مسئول في العهد الجديد.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

1- تعني باللغة الآشورية يا اسم الرب أو باسم الله
2-تعني بالآشورية يا اسم المسيح

نيسان 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طوبى لكُل الأمهات الباسلات
امين يونس ( 2011 / 4 / 14 - 15:36 )
عزيزي كفاح
رائعٌ ان لا ننسى البطلات المجهولات .. اللاتي ضّحّينَ في أقسى الظروف وعانَينَ من البؤس والجوع والخوف والتهديد وفقدان الأحبة
خالص الود


2 - انها تراجيديا حقيقية
سعد الشروكي ( 2011 / 4 / 14 - 17:45 )
الرحمة لمن ذاق الموت بدون ذنب والفرحمة على روح شيرين. وشكرنا على نقل واقعة قبل 30 سنة.


3 - مليون تحية
هاتف بشبوش ( 2011 / 4 / 14 - 23:33 )
الرائع كفاح ... شئ جميل وواجب ان نتذكر الباسلات المناضلات بين الفترة والاخرى ... انهن الشعلة الوضائة انهن الرمز , انهن التاريخ الذي لايمكن ان ينسى , انهن كل تلك الالام التي مرت على كل الرجال البواسل , وكل الشهداء الذين اصبحوا اليوم في عداد الاموات الاحياء ... احييك ....
اما بخصوص تبديل الصورة ... صدقني هذه المرة الرابعة احاول تغييرها ولم افلح .. لان هناك شروط للتغير ولم استطع لحد الان ان اصل بدقة الى الحجم الذي يستجيب له الويب سايد ... ولكن في الايام القادمة سيكون ذلك ... وانا اعتذر لك كثيرا.....
حبي واحترامي


4 - رد للاخوة المعلقين
كفاح جمعة كنجي ( 2011 / 4 / 15 - 00:15 )

الاستاذ امين يونس والاخ سعد والاخ هاتف شكرا لمشاعركم تجاه الشهداء وانا شخصيا ارى الحديث عن هولاء الابرياء واجب وبالذات للذين عاشوا مع الاحداث وعليهم كتابة ماجرى كشهادة للتاريخ. ولااستطيع ان افرق بين هذا الشهيد وذاك لكن اولئك الابرياء اللذين لاحول ولاقوة لهم مثل داي شيرين موضوع اليوم مثلا يشغل حيز في تفكيري اكثر من الذي كان سياسيا معارضا او مقاتلا معارضا و استشهد كونه اختار الطريق بمحض ارادته وهي قمة العطاء لاشك، ولكنني ارى في الاطفال والنساء وكبار السن الذين عاداهم النظام السابق بجريرة انتماء اولادهم وابائهم للمعارضة وقتلوا بسبب ذلك ،قضية اخرى تثير في نفسي الحزن الدائم.اما بخصوص الصورة اخي هاتف فذلك كان مجرد اقتراح مني المهم مايبدع قلمك من شعر ينساب الى النفس ليرطبها مع تحياتي


5 - رائع
سامر عنكاوي ( 2011 / 4 / 15 - 00:48 )
اخي كفاح كنت رائعا لتذكيرنا بامراة مناضلة رائعة اخت مناضل رائع ابو باز لك المحبة والاحترام


6 - كم تثير كلماتك الرقيقة من مواجع وتهيج ذاكرتنا
سرتيب عيسى ( 2011 / 4 / 17 - 21:44 )
آه ياكفاح.. كم تثير كلماتك الرقيقة من مواجع وتهيج ذاكرتنا على تلك الايام بحلوها وكثير مرها..اني اقرا كل ماتكتب لانك وماتكتبه جزء من تاريخ اعتز به.. احييك واحي قلمك.. كما تجيد الضحك والمزاح يبدو انك تجيد البكاء ايضا..

هزار

اخر الافلام

.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع


.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب




.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني