الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأصولية و الإستبداد : قصة حب جميلة

حسن طويل

2011 / 4 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إستغلال الحركات الأصولية لديمومة الإستبداد إستراتيجية محبدة لد يها ، فهي تخشى الحرية و تهاب الديمقراطية و التقدم . إنها بإستعمالها للمقدس كمرجعية ، و كرأسمال رمزي للصراع في الحقول الإجتماعية تعتقد أنها تحتكر الحقيقة و بالتالي تجعل من الإختلاف " خروج عن هذا المقدس " الذي وجدت لتحميه .فهذه الحركات تشكل أحسن تربة لقيام آليات إنتاج قيم الإطلاقية و الإستبداد و الماضوية ، و السبيل الناجع لهدم قيم النسبية و الديمقراطية و الحداثة . فمشروع الأصولية مبني على إلصاق القداسة على خطابها لجعل الآخر المختلف مدنسا - عن وعي أو غير وعي - ويجب تطهيره . إنها تنطلق من قراءة للدين أرتودوكسية و حرفية في أغلب الأحيان ، تتسم بتغييب الشروط التاريخية و الثقافية و الإجتماعية المنتجة للأحداث و النصوص . إن الأصولية هي فعلا قارئة فاشلة للتاريخ و متربص جيدللأحداث بغاية تطويعها وليها لتصبح متوافقة مع إيديولوجيتها ، فنسقها الشبه المعرفي ( وليس المعرفي ) مبني على و جود الحقيقة في زمكان معين ولدى أشخاص معينين وأن كل ماعدا ذلك يعتبر تشويها لهذه الحقيقة . فالقرب من الحقيقة هو القرب الزمني والفكري من مرحلتها التي في نظرهم مرحلة الرسول والخلفاء الراشدين . فالنمودج بدل أن يكون في المستقبل فهو في الماضي ، و الواقع بدل أن يكون في الحاضر يتم ليه ليصبح ملائما للماضي . إنها عملية تصفية أيديولوجية لكل الوقائع والأفكار لتصبح خادمة ومطيعة للحقيقة القديمة . وهذا ما نلاحظه في تصنيفاتها : طب إسلامي ، علم إسلامي ، الإعجاز العلمي ،دولة إسلامية ....
فتحويل الواقع و لو بالشعودة ضرورة أصولية . روح الإستبداد حاضرة بقوة في جهازها المفاهيمي و منهج تفكيرها و ممارستها ؛ فرؤيتها للحياة و الإنسان و التاريخ والسياسة والحكم تقوم على وصاية قلة موكلة من طرف الله لهداية و إدخال الآخرين إلى الطريق الصحيح . فعل الوصاية هذا في عمقه إستبداد ، فهو علاقة بين طرفين أحدهما يملك الكلام بإسم المقدس و الآخر عليه الطاعة و الولاء لأنه مدنس .
الإنسان في نظر التفكير الأصولي هو دو بعد واحد أو بالأحرى تتلخص أبعاده في هذا البعد ألا و هو الدين ، أي وجوده و معناه وكينونته تتحدد بصفته مخلوق للبرهنة على عظمة خالقه وفق دائما قراءة لمن يتاجرون بأنهم أصحاب الفهم الحقيقي لهذا الدين. فالإنسان في نظر المتاجرين بالآلهة لا حق له في ملكية نفسه و جسده و حريته و أفكاره لأنه وجد ليس لنفسه بل ليرضي الإلاه بمفهوم الأصوليين ؛فهناك فرق بين الإلاه التعبدي الإيماني و الإلاه الأصولي الدي ترتكب الجرائم بإسمه و هو في حقيقته مؤول وينحو إلى إقامة الوسائط و المؤسسات الإجتماعية ليخدم أهداف الأصوليين ( عكس الإلاه بمفهوم الصوفيين الذي يهدم هذه الوسائط ، مما يجعل الصوفيين أكثر تحررا خاصة في الإسلام و الا صوليين أكثر ظلاما و تخلفا ). قصور هذا الإنسان يلزم بالظرورة قيام الإستبداد لجعله يهتدي إلى طريق الحقيقة وهو مايسمى في أدبيات الأصولية مهما إختلفت التسميات "الحاكمية ". فالديمقراطية بصفتها حكم الشعب لنفسه هي نقيض الحاكمية التي تعني في نظر الأصوليين حكم الله على الشعب و هو في حقيقته حكم المتاجرين بالدين للشعب .( يستعمل الأصوليين مختلف الكلمات التدليل على الحاكمية : الخلافة -دولة إسلامية -إمارة ...)
المطلق في نظر الأصوليين هو الأصل و الحقيقة أما النسبي فهو المدنس و المشوه ، و لهذا مشروعهم ينظر للنمدجة و التماثل و يبتعد عن الإختلاف و التغاير . وهناك فرق شاسع بين منطقي الثماتل و الإختلاف ؛ الأول تبتلع فيه الأنا الآخر و الثاني تعترف فيه الأنا بحق الوجود للآخر. فالحرية و الديمقراطية مبنيتان أساسا على منطق الإختلاف وعلى النسبية و نبذ إحتكار الحقيقة و الإطلاقية .
الأصولية فنانة في لي التاريخ و متقنة ماهرة لإنتفائه كبعد في قرائته ، فالحاضر و المستقبل يتم ليهما ليوافقا الماضي في لحظة معينة هي بمتابة نهاية للتاريخ و الأفكار ،فيتم تقديس الموتى على حساب الأحياء و تتقوى غريزة الموت على غريزة الحياة و يستبد منهج الإجتهاد بمنهج الإبداع. الحرية و الديمقراطية تنطلقان من الحياة و تهدفانها و تعتمدان على منهجية الإبداع ، بإعتبارهما يهدفان إلى ترك طاقات الإنسان تتحرروتتحطم قيوده وأغلاله ليعطي أقصى مايملك من كفايات و قدرات ، فالحر يحب الحياة و يعشق الإبداع .( هذا ما يفسر الإحتقار الواعي أو الغير الواعي للإبداع و الجديد في الثقافة الأصولية و خاصة الفنون)
الأصولية تستعمل بشطط كبير ميكانيزم التسامي و الثتقيف كأداة لا شعورية لتسمية التخلف و الجهل خصوصية و ثقافة و حضارة ؛ فالأبوية و البداوة و الإستبداد الشرقي و قهر الإنسان هي عادات حضارية لابد من الحفاظ عليها أما قيم الكونية و الشمولية و حقوق الإنسان و الحرية و حقوق المرأة فهي قيم غربية كافرة و أسلحة لتدمير الخصوصية ( هذا مايفسر التضخيم في إستعمال نظرية المؤامرة في الخطاب السياسي و الثقافي للبلدان العربية)
إن الإستبداد ثقافة قبل أن يكون ممارسة وهو يجد أساسه في هيمنة الفكر الاصولي ، شعوريا أو لا شعوريا ، على الساحة الفكرية العربية .فالإعتقاد بملكية الحقيقة و إنتفاء البعد التاريخي و سيادة منطق الثماتل كآليات الفكر الأصولي ، يمكن أن تجدها بقوة عند اليساري أو مدعي الحداثة أو المواطن العادي .مما يجعل من شبه-المواطن العربي يعيش فصام و شيزوفرينيا حادة بين شكل حديث و لكن فرضته المرحلة و عمق تقليداني قاهر ومستبد يحول هذا الشكل إلى مجرد ديكور مشوه
للحداثة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah