الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسلمون عكس الإسلام

محمد أبوعبيد

2011 / 4 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أكثر الناس جهراً بفخرهم بدينهم هم المسلمون، لكنهم الأكثر عملاً بخلاف تعاليم دينهم. قد يبدو الكلام صادماً للبعض ومجلبة لوابل من النقد ضد قائله. لمَ لا! ما دامت الحقيقة كإبرة النحل، وما دام البعض ما انفك محباً لمساحيق التجميل لتغطية العيوب بدلاً من الاعتراف بها لعلاجها، والاعتراف بداية العلاج.

الحاصل أن الكثير ممن يدينون بدين الإسلام اكتفوا بأداء شعائر العبادات، وكأن سائر المعاملات الأخرى ليست من صلب الدين ويجوز انتهاكها. إن العينين السليمتين تريان بكل جلاء حقيقة القول وصحة مضمونه، ولو انتحل المرء دور "رادار" أو كاميرا مراقبة لالتقط عشرات الصور يومياً من تلك الممارسات التي لو نطق الدين بلسان بشري لقال أنا براء منها وهي ليست مني.
في الوقت الذي تحتاط الدول الصناعية المتقدمة لخطر الإشعاعات، فإن عالم المسلمين ينوء بخطر الإشاعات وأخبار الإفك والبهتان، وإذا ما "فبرك" أحد خبراً بحق امرىء آخر يفتك بسمعته وعائلته فإن أعدادا مهولة من البشر ستتناقله باعتباره صحيحاً من دون رحمة ولا ضمير. ألم يقل الخالق جل شأنه "يا أيها الذين آمنوا إنْ جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"!!.

أما الألفاظ المنتقاة على ألسن الكثيرين في حالة معارضة الرأي، وهي حالة حميدة ، أو عند النميمة، وهي خبيثة ، فيمكن للمرء أن يجعل منها معجماً .إنها، قبل حكم الدين ،لا ترقى إلى مستوى الإنسانية، وحين الدين فإنه ينهى عنها، بيد أن واقع الأمر عكس الدين،وللباحثين عن دليل يمكن تتبع المواقع العنكبوتية التي تتيح للقراء التعليق على ما تنشره ، عندها سيكون الدليل صادماً لكل إنسان بالمعنى الحقيقي لا المجازي.

ألم يسخر الكثير من امرأة بيضاء أو حنطية شرق أوسطية اختارت رجلاً أسود للزواج منه ، أو العكس!. .ألم يهزأ المستهزئون من ثَرية اختارت فقيراً، أحبته، شريك حياتها أو العكس ! . أو من طويلة القامة مع قصيرها أو العكس ! . ألم يحكم قضاة شرعيون بطلاق زوجين لعدم تكافؤ النسب ! . مشاهد سلوكية بشرية لا تنتهي في مقابل مشهد رباني أزلي " إن أكرمكم عند الله أتقاكم" ، أفليس ذلك من صلب الدين!.
إننا الأمة التي يكثر فيها قذف المُحصَنات والتحدث بأعراض الإناث إفكا وبهتاناً ، والتي يكثر فيها الغش في التجارة والصناعة والبناء نظراً لحُب المال حباً جماً ، والتي يكثر فيها الطعن من الظهر لساناً وخنجراً ، والتي تغص بمن حَرَموا شقيقاتهم حقَهن في الميراث . إننا الأمة التي يُدين كثير الناس فيها المغتصَبة بدلاً من معاقبة الفاعل ، والتي يقتلون فيها البنت لمجرد الشبهات على خلفية ما يسمونه "جرائم الشرف" عفواً..جرائم القرف فلا يمكن أن يكون للجريمة شرف.

إننا الأمة التي تمتلىء بمن لا يعيرون للقوانين أي احترام فيتصرفون كما لو أن الشوارع مُلك لهم ، ويتلذذون في إزعاج الآخرين بالنظر والسمع واللسان . والأمة التي تنظر ثلة من ذكورها للمرأة على أنها سيدة المطبخ لا أكثر ،وأنها المتعة لرغباتهم ونزواتهم ، والأمة التي راحت عقول الجَمّ منها في غيبوبة، أو سبات عميق، فصارت عاطلة من العمل ،فلا يعمل سوى اللسان بأمر الأذنين وفقا لما تسمعانه من أكاذيب..إننا الأمة التي تحتوى آلاف العائلات التي تضطهد عاملات المنازل وتحرمهن أجورهن لأشهر والأمة التي يكثر فيها من لا يعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه. ونحن الذين يكثر عندنا التشفي بقتيل ،سقط ضحية كارثة طبيعية، إذا لم يكن من ملتنا ،فلسان حالنا أنه غضب الله حل عليه ...والمزيد المزيد من تلك المشاهد اليومية .. ألم ينهنا الدين عن كل ذلك، لأن الدين المعاملة ودين الإنسانية!!

لأننا أمة منعوتة بكل ما تقدم ذكره ،وهو غيض من فيض حقيقتنا، وما لم يُذْكر هو أكثر ، فإن أولى أمارات ردة الفعل على هذا الكلام ستعتلي ألسن من لم يتقنوا سوى السخرية من كل اعتراف والاستهزاء به لأنهم لا يختلفون عن السلطان الجائر ، ويا مرحباً بكل سخرية من كلمة حق في حضرة ذاك السلطان ،ومثله تغص به أمتنا بالملايين ، لذلك عود على بدء ..أكثر الناس جهراً بفخرهم بدينهم هم المسلمون ، لكنهم الأكثر عملاً بخلاف تعاليم دينهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صدق لسانك يا أخي
مدحت محمد بسلاما ( 2011 / 4 / 18 - 21:30 )
أهنئك من صميم القلب على صدقك وجرأتك على قول الحق. نحن قوم نتغنّى ونفتخر بديننا وبتعاليمه مهما تناقضت، ولا نعرف معنى الدين لأننا اعتدنا منذنشأتنا على الكذب والنفاق والثرثرة ولم نتعلم إطلاقا أن الدين الصحيح هو احترام الآخر واحترام حقوقه بكل معنى الكلمة. جلّ ما نعرفه أننا خير أمة أخرجت للناس ولا نجرؤ على رؤية الحقيقة بأننا أنجس أمة عرفتها البشرية، كطل شيء مزيّف وفاسد في تربيتنا ومؤسساتنا الدينية والتعليمية. أملي أن تكون من روّاد الكلمة الجريئة والفكر النيّر أمام أجيالنا التعطشة إلى كلمة حق وصدق واستقامة. مع فائق التقدير.


2 - الواقع
ابراهيم المصرى ( 2011 / 4 / 18 - 22:43 )
اتوقع الا يهاجمك احد عزيزى محمد لان نقدك موضوعى ويهدف لتصحيح اوضاع يراها كثيرون ويتمنون معالجتها وارجو ان تأخذ فى حسبانك ان مجتمعاتنا العربية فى اغلبها تعيش الفقر وترزخ تحت ثقافة الفقر وفقر الثقافة مما ادى لتهتك العلاقات الاجتماعية وتدنى القيم وهذا شيء عادى جدا سيدى فماذا تتوقع من ناس تعيش فى مقابر او عشوائيات ولم تحظى بتعليم جيد او خدمات اجتماعات فحاصل هذة الظروف سيدى انتج قيم مشوهة ونعانى منها واتمنى ان تتقبل ملاحظتى انك وقعت فى التعميم فجزمت ان المسلمون اكثر الناس مباهاه بدينهم ولكن حقيقة الامر سيدى ان معظم اتباع الديانات اى دين يباهون بة لاعتقادهم انهم ملاك الحقيقة وايضا هل حضرتك تعرفت على كل المجتمعات الاسلامية لتقرر حكمك بكل ثقة؟ تحياتى لك

اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال