الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية 1

سعد الله خليل

2004 / 10 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هذا الكتاب – يقول المؤلف – ينزع القباب المقدسة عن قداسات زيوف تحجب العقل (العربي والمصري) عن منافذ الضوء والهواء النقي، وهو يتناول مواضيع شديدةالحساسية بالغة التفجير، يقتحم الميادين المغلقة، ويحطم الأبواب الموصدة، ويتغلغل إلى أعماق المسكوت عنه فيجهر فيه. وقد رفضت نشره ثلاث دور نشر (تقدمية) اثنتان في القاهرة والثالثة في بيروت.
تأليف: المرحوم الأستاذ خليل عبد الكريم – منشورات دار سينا للنشر – الطبعة الثانية (1997).
يرى الكاتب في كتابه هذا أن العرب هم مصدر الكثير من الأحكام والقواعد والأنظمة والأعراف والتقاليد التي جاء بها الإسلام أو شرعها.
ولهذا فهو يميط اللثام عما ورثه الإسلام أو أخذه وأقره من شعائر تعبدية، وعادات ومفاهيم وأعراف اجتماعية وجزائية وحربية وسياسية كانت سائدة في جزيرة العرب، ومعمول بها لدى القبائل العربية السابقة على الإسلام، وخاصة قريش.
وأول ما أخذه من هذه القبائل هي الشعائر التعبدية، التي تتمثل في :
1- - تعظيم البيت الحرام (الكعبة)، والبلد الحرام (مكة):
فعلى الرغم من وجود إحدى وعشرين كعبة في جزيرة العرب- قبل الإسلام-، فإن القبائل العربية قاطبة أجمعت على تقديس (كعبة مكة)، وحرصت على الحج إليها ، يستوي في ذلك من كان لديه كعبة خاصة مثل كعبة غطفان، أم لا. وفي هذا يقول في معلقته زهير بن أبي سلمى المتوفي سنة (54) قبل الهجرة:
فأقسمت بالبيت الذي طاف حوله.............. رجال بنوه من قريش وجرهم
ومن شدة تقديسهم للكعبة، كان الرجل يرى قاتل أبيه في البيت الحرام فلا يمسه بسوء. كما كان العرب يجلون أهل مكة (قريشا)، ويسمونهم (أهل الحرم)، وكان الإصهار إليهم يعتبر شرفا. وكما قال محمد (ص): (ولا تكون العرب كفؤا لقريش، ولا الموالي كفؤا للعرب)، شمس الدين السرخسي- المبسوط- المجلد الثالث- باب النكاح البكر- باب الاكفاء طبعة 1986 دار المعرفة – بيروت.
كما أن سلمان الفارسي لم يستطع أن يتزوج بنت عمر بن الخطاب بعد أن خطبها، لأنه لم يكن عربيا ولا قرشيا، مع أن الرسول (ص) كان يقول عنه: (سلمان منا، من أهل البيت)، لكن ذلك لم يشفع له.
و(خطب سلمان الفارسي بنت عمر بن الخطاب فهمَّ أن يتزوجها منه، ثم لم يتفق ذلك- المرجع السابق ) ،
وحين جاء الإسلام أبقى على تقديس الكعبة ومكة.
2- الحج والعمرة:
كان العرب قبل الإسلام يحجون في شهر ذي الحجة من كل عام، (يرحلون إليها إلى مكة من كل مكان من الجزيرة في موسم الحج من كل عام لتأدية فريضة الحج - د. علي حسني الخربوطلي - الكعبة على مر العصور - ص 24 عدد اقرأ 291 مارس 1967) ، وكانوا يقومون بالمناسك عينها التي يقوم بها المسلمون حتى اليوم وهي:
التلبية- الإحرام، وارتداء ملابس الإحرام- الوقوف بعرفة والدفع إلى مزدلفة، والتوجه إلى منى لرمي الجمرات، ونحر الهدى، والطواف حول الكعبة سبعة أشواط (لم تزدد ولم تنقص)، وتقبيل الحجر الأسود (تعظيما له)، والسعي بين الصفا ومروه، وكانوا يسمون اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية) ، ويقفون في عرفات باليوم التاسع، وتبدأ من العاشر أيام منى ورمي الجمار، وكانوا أيضا يسمونها أيام التشريق، كما كانوا يعتمرون في غير أشهر الحج.
وقد ورث الإسلام من العرب هذه الفريضة بالمناسك عينها، والتسميات عينها، لكنه طهرها من مظاهر الشرك، ونهى عن طواف العرايا، الذي لم يكن من باب الانحلال الخلقي كما يحلو للبعض وصفه، ولكن لشدة تقديسهم للكعبة ولحجرها الأسود، يهابون أن يطوفوا بها أو يقبلوا الحجر بالثياب التي قارفوا فيها ذنوبا.
3- تقديس شهر رمضان
آيات الذكر الحكيم ترفع من شأن شهر رمضان وتعلي من قدره، وتقديس هذا الشهر، أيضا مما ورثه الإسلام من العرب، فقد كان المتحنفون يفعلون ذلك، ومنهم عبد المطلب جد النبي (ص) إذ أنه إذا جاء رمضان شد مئزره وطلع إلى غار حراء وتحنث فيه، وأمر بإطعام المساكين طوال الشهر وكذلك كان يفعل زيد بن عمرو بن نفيل.
4- تحريم الأشهر الحرم
كانت العرب قاطبة تعتبر أشهر ذي القعدة، وذي الحجة، ومحرم، ورجب، أشهرا حرما لأنها الأشهر التي يقع فيها الحج، ولا تستحل القتال فيها. ولما جاء الإسلام أبقى على شعيرة تحريم هذه الأشهر، وحرم القتال فيها (البقرة 194 ) و (المائدة 5 ).
5- تعظيم العرب قبل الإسلام لإبراهيم وإسماعيل
كان العرب قبل الإسلام يعتقدون أن إبراهيم وإسماعيل هما اللذين أقاما بناء الكعبة وفرضا الحج إليها، والإسلام تبنى هذا الاعتقاد. (البقرة 125 - 127 )
عن أنس قال: قال عمر بن الخطاب: وافقت ربي في ثلاث، ووافقني ربي في ثلاث. قلت يا رسول الله: لو اتخذنا مقام إبراهيم مصلى، فأنزل الله ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى- الحافظ الإمام أبو الفرج الجوزي – تاريخ عمر بن الخطاب – قدم له وعلق عليه أسامة عبد الكريم الرفاعي ص 32 – الناشر مكتبة عبد السلام العالمية – الفلكي القاهرة ) ، ومما لا شك فيه أن اقتراح عمر – يسميه الجوزي موافقة- نابع مما ورثه الإسلام من العرب من تعظيم الجد إبراهيم عليه السلام، ومن تقديس البيت الحرام والكعبة.
6- الاجتماع العام .... يوم الجمعة
قال أبو سلمى: أول من قال أما بعد: كعب بن لؤي، وكان أول من سمَّى الجمعة: جمعة، وكان يقال ليوم الجمعة : يوم العروبة. (القرطبي – الجامع لأحكام القرآن – تفسير سورة الجمعة ) ولما جاء الإسلام أخذ الأنصار في (يثرب- المدينة) بهذا التقليد، وقيل: أول من جمّع بالمسلمين في المدينة هو أسعد بن زوارة، وقيل إنه مصعب بن عمير. ولما هاجر الرسول من مكة أدركته الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم، وقد اتخذوا في موضع منه مسجدا، فجمّع به الرسول وخطب أول خطبة له بالمدينة- القرطبي – الجامع لأحكام القرآن – تفسير سورة الجمعة.
ثم نزل قول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع إن كنتم تعلمون- الجمعة 9 )
هذه بعض الشعائر التي استعارها الإسلام من القبائل العربية، وإن عدل في بعضها فلكي تتواءم أو تتلائم وعقيدة التوحيد، ولكن هذا التعديل أو التحوير لا يطمس المعالم الرئيسية لتلك الشعائر ولا يمحو فضل من جاءوا بها.
وسنتابع في الحلقة الثانية الشعائر التعبدية التي ورثها الإسلام عن الحنيفية، والتعليق على رؤية ونظرة المؤلف لهذه الطائفة الدينية.


عرض: سعد الله خليل
عرض وتعليق: كتاب الجذور التاريخية للشريعية الإسلامية - تأليف المرحوم الأستاذ خليل عبد الكريم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah