الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اول صراع بين الدولة والدين في الاسلام

رباح حسن الزيدان

2011 / 4 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بالرغم من تجمع عوامل الدولة منذ بداية الاسلام , فإن الدولة لم تتولد تلقائياً من التقاء عناصر القوة المسلحة والشريعة والجماعة وتحولها الطبيعي من ادوات رسالة الى ادوات سلطة .
أن ولادتها لم تتحقق الا عبر عملية جراحية خطيرة ومعقدة . فقد أرتبط نشوؤها بأخطر أزمة عاشها الاسلام في تاريخه , ونمت من خلال الصراع والانقسام داخل الدين الرسالي والوعي الاسلامي نفسه , وفي مخاض دموي عنيف ما تزال مضاعفاته حيه في الذاكرة العربية الاسلامية حتى اليوم .
ولم يحصل تقليص الاسلام لدولة الا بعد حرب طاحنة أهلية , وهي التي نسميها في تاريخنا بالفتنة الكبرى .
وبدأت بمقتل الخليفة عثمان بن عفان على أيدي جند الامصار المنطلقين من مصر والعراق . وترجع الروايات التاريخية المتداولة أسباب هذه الازمة التي أدت الى مقتل الخليفة الى أنتشار السخط بسبب صعود البيت الأموي في عهده ومحاباته أبناء بيته وأقاربه في العطايا والهبات . وبعضها يربط التذمر بالنشاط الذي قام به أبن السوداء عبد الله بن سبأ الذي أعتنق الاسلام في أيام عثمان وتنقل كثيراً في الامصار الاسلامية محولا اثارة الفتنة ضد عثمان وضد أسلوبه في الحكم والادارة .
وفي الواقع لم يكن مقتل عثمان الا فاتحة للأزمة الحقيقية التي سوف تضع وجهاً لوجه خليفة المسلمين وأحد أكبر رجال الاسلام وأبطاله , علي بن أبي طالب من جهة , ومعاوية بن أبي سفيان ممثل الارستقراطية القرشية التقليدية , وأحد ولاة الامصار المفتوحة من الجهة الثانية . ويكاد المرء لا يصدق ان مثل هذه المواجهة كان يمكن أن تحدث في ذلك العهد القريب من النبوة , وأن والياً يمكن أن يتجرأ على خليفة مثل علي ويرفض مبايعته وينكر خلافته ثم يخوض حرباً شاملة ضده وأخيراً وأكثر من ذلك ينتصر عليه . وقد نظر الناس عموماً الى هذه الحرب بأعتبارها حرب تنافس الدين والسياسة . وفي هذه الحالة يجسد الامام علي الدين في الوقت الذي يجسد فيه معاوية العقل السياسي المحض .
لكن لا يوجد سبب لتفسير نجاح معاوية في تعبئة الجيوش وحشدها وأقناعها بالوقوف ضد الخليفة . ولا يمكن لفكرة الانتقام أو الثأر لعثمان أن تكون سبباً كافياً لهذا النجاح . ولا يمكن أن تكون هذه الحجة قد سرت بسهولة على جيوش وقواد المسلمين , في مواجهتهم أسرة الرسول وجيش من الصحابة , مرجع الامة ومركز قيادتها العلمية والمعنوية حتى ذلك اليوم .
إن اندلاع حرب شارك فيها جميع المسلمين والذين راودهم الشك وأختلط عليهم الامر وأستمرارها لأكثر من خمس أعوام كادت تقضي بالمعنى الحرفي للكلمة على العرب , وهم لا يزالون على صلة قريبة بالنبوة والوحي , وانتهت بانقسامهم وزوال الخلافة الدينية وقيام الملك الطبيعي لا يمكن ان يعود ببساطة لدهاء رجل مهما كان مركزه , وقد كان مركزه المعنوي والمادي والسياسي أقل بكثير من خصمه . فكل الروايات تؤكد خبرة علي ومراسه وشجاعته الخارقة وبراعته في الحرب والسياسة والعلم معاً .
وأخيراً ليس من الممكن , بعد كل ما ذكرناه عن روح التضحية والفداء التي كانت سائدة بين المسلمين , قبول فكرة الانتصار الساحق والسهل للدنيا والسياسة التي لا مبدأ لها سوى الوصول الى السلطة , على الخلافة التي هي استمرار للنبوة وروحها الدافعة .
ولعل ما استقر عليه الرأي العام الاسلامي بمختلف أتجاهاته , من أن السبب الحقيقي لهذا التحول الكبير في تاريخ الدعوة , هو ميكيافيلية معاوية ودهاءه , يعكس في ذاته حقيقة الصراع وعمقه كصراع بين العقل والايمان , والمصالح القاهرة والمعاني والمبادي الزاجرة , وكانت هذه الفتنة الكبرى هي السبب الرئيسي والمباشر الذي أدى الى تقليص الاسلام الى دولة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال