الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيخ الفيزازي و حركة 20 فبراير

رشيد طلحة

2011 / 4 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بمجرد خروجه من السجن، سارع شيخ السلفية المدعو الفيزازي إلى إطلاق تصريحات نارية في وجه اليساريين الناشطين في مجال حقوق الإنسان و هم الذين ساندوه في محنته هو و باقي معتقلي ما يعرف بملف السلفية الجهادية، ، و بدل الامتنان لحركة 20 فبراير و خصوصا أعضاؤها المنتمين لقوى اليسار الجذري - الذي ناضل باستماتة كبيرة منذ 2003 من اجل إطلاق كافة المعتقلين السياسيين ضحايا قانون الإرهاب اقتناعا منه أن أغلب الملفات كانت مفبركة و مطبوخة سلفا في دهاليز أجهزة الاستخبارات و أن جل المحاكمات كانت صورية و تفتقر لأدنى شروط المحاكمة العادلة - سعى هذا الشيخ إلى زرع سرطان الحقد لنخر الحركة من الداخل عبر دعوته إلى تطهيرها من شرذمة الزنادقة و الملحدين، و طبعا فمناضلوا اليسار الجذري المنتمين لحزبي الاشتراكي الموحد و النهج الديمقراطي هم المقصودون بقوله.

و رغم أن تصريحاته هذه ليست جديدة علينا و لن تكون غريبة على كل من يتبنى الفكر السلفي التكفيري الاستئصالي الذي يعتبر الشيخ الفيزازي أحد أقطابه في المغرب ، فان خطورته على مستقبل حركة 20 فبراير وعلى الحراك الشعبي - الذي لم تشهد له البلاد مثيلا - يحتم علينا فضح مقاصده الهدامة ما ظهر منها وما بطن و أن ندق ناقوس الخطر حتى نكون يقظين لمواجهة كل المؤامرات التي تستهدف الحركة.

أولا- تصريحاته هذه تزامنت مع خروجه من السجن و قبل ذلك بأيام خرج علينا برسالة ملغومة من داخل زنزانته يحذر فيها الشعب من عواقب الخروج على الحاكم حيث اعتبر ذلك غير جائز شرعا و كأن الحركة كان تهدف لاسقاط الملك، لذلك لا أستبعد من أن إطلاق سراحه كان مشروطا سلفا بأداء مهمة خسيسة لصالح المخزن، و هذه المهمة تتمثل في ارباك الشعب و استغلال العاطفة الدينية لدى الناس البسطاء و زرع سم التكفير داخل الحركة عبر إيهام الناس بكونها تحتضن عناصر مخربة تدافع عن الإفطار العلني في رمضان و تسعى لهدم الأخلاق العامة و نشر الفتنة و الإلحاد.

فبعد فشل أجهزة المخابرات و القوى المستفيدة من الوضع الراهن في التشويش على الحركة منذ اللحظات الأولى لتشكلها في صفحات الفيسبوك باتهام أعضائها تارة بالعمالة للمخابرات الجزائرية و البوليساريو و تارة بالتحريض على نشر الفتنة و تهديد الاستقرار الداخلي و تارة أخرى بوصف أعضائها بالمثليين و الملحدين و العبثيين و غير ذلك من الأوصاف البذيئة التي ستنفر الشعب من دعواتهم للخروج إلى الشارع و التظاهر ضد الفساد و المفسدين و المطالبة بالمزيد من الحريات... لجأت لسياسة فرق تسد عبر تسخير شيوخ التكفير لمواجهة الأصوات التقدمية لأنهم الوحيدين القادرين على إتقان هذه اللعبة كما فعلت الحركة الاسلامية خلال سنوات السبعينات و الثمانينات من القرن الماضي في مواجهة الحركة الماركسية اللينيننية وباقي القوى التقدمية داخل الجامعة.

ثانيا – لقد حاول الفيزازي تخويف الإسلاميين و خصوصا جماعة العدل والإحسان، وهم بالمناسبة أعضاء نشطين في الحركة و داعمين لها، من خلال تصوير حركة 20 فبراير على أنها من صنع العلمانيين و بالتالي فقد تتحول إلى خطر يهدد الهوية الدينية لبلاد الإسلام، فسارع بمطالبة الملك بضرورة التشبث صراحة بالدين الإسلامي و بإمارة المؤمنين باعتبارهما من ثوابت الأمة وخطوط حمراء لا ينبغي تعديها و دعا إلى عدم الإصغاء للأصوات المطالبة بالتنصيص على كونية حقوق الإنسان و سمو المواثيق الدولية على القوانين الوطنية لكونها تتنافى مع الشريعة الإسلامية وهو بذالك يحاول إفراغ نضال الحركة من محتواه و توجيه النقاش العام حول الدستور من جدال سياسي إلى نقاش ديني محض و بالتالي توجيه الصراع ضد النظام الاستبدادي إلى صراع داخلي بين مكونات الحركة.

فإن كانت تصريحاته هذه بداية لتطبيق أجندة خفية فهي كذلك تنم عن عقلية ديماغودية و شوفينية نابعة من فكره الظلامي المتعصب، فالفيزازي يعلم علم اليقين أن دعوة الحركة لإسقاط الدستور الحالي و اعتماد دستور جديد يقطع مع كل أشكال التقديس والاستعباد ويعيد للإنسان المغربي كرامته المسلوبة سيكون بداية انهيار الدولة التيوقراطية التي تجعل من الدين سيفا مسلطا على رقاب المحكومين و من الحاكم كائنا مقدسا يستمد سلطته من السماء و يحكم باسم الإله و بالتالي فلا يجوز انتقاده أو محاسبته.

ثالثا – الفيزازي و أجهزة المخابرات تعلم جيدا أن قوة الحركة تتمثل في وعي مكوناتها بضرورة تجاوز خلافاتها الإيديولوجية و الفكرية و صراعاتها التي لم يستفد منها سوى النظام المخزني و إيمانها بحتمية التوحد و الالتفاف حول مطالب متوافق عليها لا سيما إقرار دستور ديمقراطي تتم صياغته من طرف لجنة منتخبة شعبيا حيث يشكل بداية للقطيعة النهائية مع الدساتير الممنوحة و يتضمن نظام ملكية برلمانية حيث الملك يسود و لا يحكم بالإضافة إلى حل البرلمان و إقالة الحكومة الحالية باعتبارهما لا يمثلان الأغلبية التي قاطعت الانتخابات و استقلال القضاء و تفعيل توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة و تفكيك الأجهزة القمعية و إغلاق المعتقلات السرية و محاكمة المتورطين في الخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان و ناهبي المال العام و غيرها من المطالب.

لذلك، فالسبيل لإضعاف الحركة هو نخرها من الداخل و تفكيك وحدتها و تشتيت أعضائها عبر تحريض طرف على طرف آخر و الزج بالكل في صراعات هامشية تنسيهم أهداف و غايات الحركة.

لذلك يجب أن نكون حذرين من هذه المناورات و نحصن الذات و نستعد للتصدي لكل محاولة لزرع الحقد و الكراهية داخل الحركة و أن نمشي معا في طريقنا حتى تحقيق هدفنا الأسمى و هو بناء نظام ديمقراطي يضمن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran


.. 85-Ali-Imran




.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني