الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة الاجتماع العربي

رباح حسن الزيدان

2011 / 4 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أن الخلاف الراهن في الدين ليس مسألة دينية , ولا يرتبط بالعقيدة , ولا حتى بأسلوب فهمها وتفسيرها , بقدر ما يرتبط بالسياسة الكبرى , بما هي نظرية في التنظيم الاجتماعي العام , والرؤية الشاملة التي تحدد في كل جماعة , أسس اجتاعها السياسي وبادئه وغاياته .
وعندما نقول أن الخلاف في الدين ليس مسألة دينية فنحن نقصد أنه ليس نتيجة للجهل أو تشوه الوعي بقدر ما هو أحد مظاهر أزمة الاجتماع العربي ذاته , دينيا كان أم مدنيا ولو كان هناك إجماع على الغايات والوسائل والسياسات الكبرى لما حصلت القطيعة , مهما اختلفت نظرتنا الراهنة للتاريخ عن نظرة أسلافنا , ومهما تبدلت رؤيتنا الدينية , ولتحقق بسهولة الاجماع حول مكانة الدين وطبيعته ومقاصده ودوره .
وتتجسد هذه الازمة بافتقار الاجماع العربي الى مبدأ جامع وملهم في الوقت نفسه , وبالتالي يتفجر الصراع الشامل سواء على صعيد الدولة وإعادة تأسيس توازنات مستقرة للسلطة والسياسة , بما في ذلك بناء العقيدة الاجتماعية , وما تتطلبه من التوصل الى اتفاق واسع حول غايات الاجتماع المدني نفسه , وأهداف السياسة , ووسائل ممارسة السلطة , وطبيعتها , أو على صعيد الدين وأعادة تنظيم السلطة الروحية , أي تجديد المعاني والمفاهيم الدينية , واستيعاب التطور العميق الذي حصل داخل الوعي الديني وتوفير الأطر الفكرية والنظرية والاجتماعية التي تساعده على معرفة نفسه وتحقيق ذاته بشكل طبيعي .
والتقاء أزمة الدولة العربية بأزمة الوعي الديني هو القاعدة الحقيقية للأزمة التي يعاني منها الاجتماع السياسي العربي , والسياسة بالمعنى العميق للكلمة , أي بما هي بناء له . وهو الذي يفسر حالة الافلات والتشتت الروحي الجماعي , وغياب الاجماع , وأنعدام التضامن , وإخفاق محاولات التنظيم الجمعي , حزبيا كان ام قوميا , وتعميم الشعور بالضياع الفكري رغم التقدم المطرد في الوعي النقدي .
كما يفسر هذه المفارقة الكبرىالتي تجعل سياسي الأمس يتصرف بمنطق العقائدي والمبشر الروحي بدين العلمانية , وتحول رجل الدين , أو العقائدي بامتياز , الى رجل سياسة براغماتي وعملي حتى فيما يتعلق بالدين .
لقد تغيرت نظرتنا للدين مثلما تغيرت نظرتنا للعالم , لأن الفكر الديني , بعكس الوحي , ليس من خارج العالم وإنما هو من داخله .
وخطأ المنهج السائد في التعامل مع الدين يكمن في عجزه عن وضع مشكلة العلاقة مع الاسلام ضمن مشكلة أزمة السياسة العامة , وسعيه الى فهم أثره ومشكلاته , بمعزل عنها .
فمن المؤكد أن ما نريده من الدين لا يمكن أن ينفصل عما نريده نحن في المجتمع ومن النظام الاجتماعي عموما .
ومشكلة التجديد الديني نفسها لا تستقل عن مشكلة التجديد الاجتماعي التي لا بد من أن تطرح بشكل متجدد كلما تفاقم ضغط التحديث وزاد الاندماج الفعلي بالنظام العالمي , وبرز بالتالي بصورة أوضح عجز نظامنا المدني السياسي القائم , الفكري والاقتصادي عن حمل مسؤولية هذا الاندماج بنجاح وحل المشاكل التي يثيرها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال


.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا




.. عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي