الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيخ الشباب!

علي شايع

2011 / 4 / 27
المجتمع المدني


قبل ان تغني المغنية اللبنانية نانسي عجرم عن "شيخ الشباب". وربما قبل ان تولد بسنوات طويلة، كانت السيدة فيروز تصدح طربا بمديح جدِّ من اهل الشيب والوقار، لتخلّده بذات اللقب في اوبريت رائع من منجز الرحابنة، كان فيه شيخ الاغنية تلك، جديرا بالاعجاب، لانه من صنع خيال شيوخ المبدعين، وليصبح محط محبة تفوق مدائح "عجرم" لشيخ شباب كوى قلبها الفتي كيّا.
ثمة سحنة لرجل كبير ترى في ملامحه ما تحبّه من تجربة اباء عاشوا زمانهم وتجاوزوا الامه املا بالجديد المفيد لقادم الاجيال. بمثل هذه الملامح اطلّ وجه رجل اسموه حكيم الثورة التونسية او (احمد هرمنا)، وبدا فرحا بعيون دامعة، ماسحا بيمناه شيب هامته وهو يصيح مسرورا لنجاح الثورة :" هرمنا من اجل هذه اللحظة التاريخية".. قالها كحكيم اشيب، غسلت مدامعه خارطة تونس، باتجاه امنيات الملايين ممن انتظروا ونالت احلامهم نصيبها من الحقيقة.
الحديث عن احمد هرمنا - كما يطيب له ان يسمى- حديث عن اعمار مهدورة في النسيان، احترفت الانتظار الطويل وعاشت الامل، لذا فهم اشد الناس حرصا على التغيير واكثرهم معرفة بالحياة الاخرى، والنموذج الامثل.
اجيال نزفت الشهداء وصولا الى تلك اللحظة، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من انهكته بلاد لا يشعر الانسان انه يخدمها في الغالب، كادحا تحت ذلّ الطغيان والفساد ورعب حياة اخذت عقول الكثيرين، او غيّبت وعيهم باللحظة التاريخية، حتى تساوى الزمن لديهم وعاشوا السراب.. سراب او تيه شبيه بسؤال شيخ مصري اخترق لحظات ميدان التحرير في القاهرة، لتضعه اقداره امام عدسة مخرج ينهمك بتوثيق ما يجري، فيقاطعه ذلك الرجل الكبير بالسؤال :" هو في ايه..حدّ تخانق مع مراتو؟!".. ثم يمضي ليترك الابتسامة الممزوجة بالحرقة والرأفة على جيل الاباء، بما عاشوه من كوميديا سوداء، تحت سلطة العسكر. فغياب هذا الرجل عن وعيه او عن حياة لا يعيش منها الا افق ما يجري في البيوت من منازعات، سيحتّم بالتاكيد مسؤولية الحاكم عن هذا الغياب القسري.
في القيمة الانسانية للتعاطف مع الضحايا، سيوازي وجه رجل ميدان التحرير المغلوب على امره، وجه احمد هرمنا وشيبته البهية الزاهية بنور القيامة التونسية، وما اصدقها من شيبة حين تقارن في موقف الحال والمال مع شيبات لا تستحق بياضها، فكم ذا لا ننسى يوم خرج على العالم وزير اعلام (الحروب) محمد سعيد الصحاف بعد ان زال صبغ شعره، ونفرت على التلفاز هيئته الجديدة بشكل مستغرب، ليطلّ اطلالته الاخيرة.. خاتما مسلسلا كوميديا اضيف الى لطائف التغيير..ولم يمسح ببياض شيبته تلك ما لحق به من ادران التسلط والاستبداد واشاعة الوهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط