الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزاء واجب ورثاء لهيبة الدولة والقانون

فاروق عطية

2011 / 5 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صحيت من النوم معمص ومفرهد ومفروس ومهموم كمن لم يذق النوم من شهور. أزحت الستار الداكن عن النافذة حتى يدخل نور الصباح قيبدد الوخم والرخم ويحُسنى على اليقظة. لكن كانت السحب الرخامية تملأ السماء وتحجب ضوء الشمس والسماء تدمع مطرا, فتوجست خيفة من هذا الصباح الكالح الباكى. إغتسلت ونويت الخروج لأداء واجب التصويت فى الانتخابات الكندية اليوم الاثنين الثانى من مايو. فتحت التلفاز لأعرف أخبار الصباح, وكما توقعته يوما مشئوما ظلوما ومطين بطين, كان الخبر الرئيسى هو مقتل المجاهد الإسلامى العظيم أسامة بن لادن, ولهذا السبب كانت دموع السحب تبلل الطرقات. بالقطع سيعم الحزن جميع البلدان العربية والإسلامية وأنا من جهتى أشاطرهم الأحزان وأبثهم العزاء وأطلب لأهله ومريديه الصبر والسلوان وعزاؤنا أنه الآن مع حبيبه يتعانقان. يتهمه البعض ظلما أنه إرهابى ومخالف لتعاليم الإسلام, ولكننى أراه مسلما حقيقيا أجاد قراءة القرآن واختبر سنة نبى الإسلام ووعى كل ما جاء فيها من تعاليم. ولم ينافق ويداور كما ينافق المنافقون ومن يغالطون العالم دهاءً وخبثا ويدعون أن الإسلام دين السلام والمحبة. هو مسلم صحيح الإيمان شديد المعرفة بتعاليمه, ولم يجد حرجا فى أن يعلن للعالم أن الإسلام قد جاء ليسود العالم ولن يتوقف الجهاد والحرب بين دار السلام " البلاد الإسلامية" ودار الحرب "بلاد الكفرة والمشركين" حتى يتحول العالم أجمع إلى دار السلام طوعا أو جبرا. تجلت أعماله الخالدة فى موقعة الحادى عشر من سبتمبر وتمزيق برجى نيويورك والبنتاجون رمزى أمريكا الكافرة المالى والعسكرى. كان هذا فيض من غيض فأعماله الخالدة لا تعد ولا تحصى منها ما تم فى اليمن ومنها ما تم فى نيجيريا أو بلاد أوربا العاهرة. وما أكثر ما أنجب من نجباء ومجاهدين وجندهم فى قلب بلاد الحرب ليكونوا قنابل موقوتة يفجرها بين الحين والحين.منهم من قتل زملاء السلاح فى العراق ومنهم من قوص عشرت من الجنود فى فورت هود ومنهم من فجر قطارات لندن ومدريد ومنهم من حاول تفجير الطائرات فوق سماء الأمريكان, كثير هم أبناء لادن ومريديه منبثين فى كل مكان وهم يعرفون ما يفعلون وسوف ينفذون. مات ابن لادن وهناك فى الشرق ملايين من أبناء لادن يسيرون على الدرب ويواصلون الجهاد ويستكملون الرسالة, وكما يقول العامة بلادنا ولادة يموت عيل نخلف ألف. وأولاد لادن والحمد لله كثيرون كرمال الصحراء, معروفين من سيمائهم ونور وجوههم الموسومة بالذبائب واللحى, ومن ملابسهم المميزة, ونظراتهم الحادة الجاحظة, وهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ومصر بلادنا الحبيبة بالذات بها من أولاد لادن ما لا يعد ولا يحصى, تنوعت أعمالهم الجهادية العظمى والتى سوف يخلدها التاريخ بأحرف من نور ونار. خلدهم التاريخ فى العديد من الغزوات كغزوتى الكشح وغزوة نجع حمادى وغيرها من الغزوات المتميزات فى الزاوئة الحمرة والبلينا وديرمواس وأطفيح وغيرها من القرى التى تركب الجمال والحمير, وآخرها غزوة الصناديق وغزوة تركيع الحكومة ورفض المحافظ الكافر ليحكم إمارة قنا السعودية الإسلامية.
نترك ابن لادن فى عناقه الحار مع حبيبه ونعود لما يحدث فى مصرنا الإسلامية أو كما يسميها أولاد لان مصرستان. فى بعض الأزمات وعندما يفلت الزمام أو يكاد تلجأ الدولة فى بلادنا النائمة إلى طرق نراها ملتوية لحل نراه غير جائز أو عادل لتخطى هذه الأزمات. وبدلا من تفعيل قوة القانون وردع من يفتئتون ويتجرأون على سلطة الدولة نجدهم يلجأون لوساطة رجال الدين اللادنيين والمتلدينين أو لعلية القوم من أثريائها وعمدها وزعماء قبائلها وأعضاء برلمانها, معتمدين على ما يسمى فى دراسات الرأى العام بقادة الرأى الذين بخبرتهم وتفاعلاتهم مع الناس يمكنهم أن يقوموا بدور ملموس خاصة فى الأزمات الداخلية البسيطة. قد يكون هذا جائزا فى حدود محسوبة ومقننة, ولكن ما حدث ويحدث فى مصر بعد اندلاع ثورة اللوتس وتقليص أو غياب سلطة الشرطة أعطى لبعض من كانوا مهمشين وهم لا فى العير ولا فى النفير, قوة قد اكتسبوها من ضعف الحكومة وسطوة قد اكتسبوها من تردد أومساندة المجلس العسكرى المهيمن على الأقدار, فصار لعبهم على المكشوف لصالح أجنداتهم الخاصة, وأوضح أمثلة لذلك ما حدث فى أزمة كنيسة صول أو مشكلة قطع أذن مترى وأخيرا أزمة محافظ قنا. قد يرى البعض أن ليس فى ذلك ما يشين وأن تدخل قادة الرأى فى حل الأزمات محمود وذلك لتوسيع نطاق المشاركة المجتمعية لحل بعض الأزمات قبل أن تصل لمرحلة الانفجار, وأن لها ما يبررها هذه الأيام لعدم اكتمال المؤسسات السياسية للدولة. ولكن ما نلحظه ويلحظه كل من له عين ترى أنه باتساع هذه الممارسات وتكرار لجوء الدولة لأبناء لادن أعطاهم المبرر والضوء الأخضر ليقوموا بما هم يرغبون دون خشية أو خوف لتيقنهم من ضعف ووهن وتراجع هيبة الدولة, فأصبحوا هم الأقوى والأشرس حتى وصل الأمر برئيس الحكومة أن يتوسل إليهم كى يقبلوه ضيفا عليهم بقنا لمناقشة مطالبهم وتنفيذ ما يرغبون. فى كل بلاد العالم المتحضر وحتى فى الكثير من الدول النامية الواعية نجد القضاء هو الجهة الوحيدة المناط بها حسم ما يحدث من اعتداءات على الأرواح أو الممتلكات, وأن الدولة حين تصدر أمرا أو قرارا يكون واجب التنفيذ بحسم يحافظ على هيبة الدولة السيادية من خلال الحكومة المنتخبة ديموقراطيا. ولكن فى بلادنا التى اختلط فيها الحابل بالنابل والحق بالباطل تحل القضايا عرفيا بوساطة رجال الدين وعلية القوم فيُنصَف الظالم ويرضخ للظلم مقهورا المجنى عليه. لرجال الدين واجبهم الروحى والتربوى يقومون به فى دور العبادة وبيوت الصلاة وعليهم أن يكونوا أول من يحترم القانون ليعطوا القدوة والمثل للجميع, لكنهم للأسف قد أعطو لأنفسم حقوقا فوق حقوق البشر وابتعدوا عن واجباتهم المطلوبة منهم, ونصّبوا أنفسهم حكاما وقضاة بل ومنفذين لما به يحكمون. فألغوأ سلطة الدولة وأصبحوا يمارسون كل السلطات. يوجهون الاتهامات ويقومون بالتحقيق, ويقررون العقاب وبنفذون. يرفضون حكم القضاء ويشجبونه ويعلنون على الملأ رفضهم لحكم قضائى بمنع المنقبات من آداء الامتحانات وهن منقبات, مهددين بتحركهم لمقاومة هذا الحكم بالقوة. يقوم شيخ منهم بقيادة مظاهرات يُقسم فيها بأغلظ الإيمان بأنه شخصيا سيتحرك لمهاجمة الكنائس والأديرة إذا لم تخرج المسلمات المحتجزات بها كما يزعمون وعلى رأسهن كاميليا بالرغم من تأكيد شيخ الأزهر وسليم العوا أن كاميليا مسيحية ولم تعلن إسلامها. يتهم بعضهم مسيحى بارتكاب الفحشاء مع مسلمتين منحرفتين ويقبضون عليه ويحاكمونه وينفذون شريعتهم ويقطعون أذنه بل ويحاولون ذبحه, رغم علمهم بارتكاب تلك المسلمات الفحشاء دون اعتراض, وغيرتهم تظهر فقط حين يكون الزانى معهن مسيحيا. ويكفر بعضهم من يقيم الموالد معتبرين إقامة الأضرحة بالمساجد كفر ويقررون الهدم والتنفيذ, وليست هذه الأفعال مجرد تدخل فى سلطات الدولة ولكنه هدم واضح لأسس الدولة المدنية والقانون والدستور, وردة إلى عصور الظلام والتبشير بدولة بوليسية دينية من نوع جديد, وسحقا لهيبة الدولة والقانون ومرحى بدولة المشايخ وأصحاب الذبائب والذقون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مجرد أسئلة عنت لى
بهجت أنور ( 2011 / 5 / 4 - 22:35 )
أرى الكاتب ينعى واحدا من أشد عتاة الإرهابيين ويصفه بأنه أشد المسلمين إيمانا.. هل أنت مؤمن بأسلوب ابن لادن فى ترويع الآمنن؟ وكرر الكاتب مرتين أنه (ابن لادن) الآن مع حبيبه.. من هو ذلك الحبيب وأين هما الآن؟ وأخيرا يحاول الكاتب أن يوصم الإسلام بالإرهاب مع أن الإسلام دين الوسطية والسلام فما رأيك؟


2 - الله وحده يعلم الحقيقة
سيد مرسى ( 2011 / 5 / 4 - 22:42 )
المثل العربى بيقول: عندما تقع البقرة تكتر السكاكين. وأنا أرى بن لادن كمسلم مكافح حاول وجاهد أن ينصر الإسلام ويرفع رايته فى كل مكان وذل الأمريكان فى عقر دارهم. أدعو الله أن يسكنه فسيح جناته ويجعل مثواه مع النبى والصحابة وأولياء الله الصالحين


3 - الرد على تعليق الأستاذ/ بهجت أنور
فاروق عطية ( 2011 / 5 / 4 - 23:18 )
يا عزيزى أنا قناعتى أن ابن لادن ومن يسير على دربه من أشد عتاة المجرمين الذين روعوا العالم ولكن ما كتبته هو ما أراه وأحسه على وجوه وعيون الأغلبية العظمى من شعوب الدول العربية والإسلامية. فهم يعتبرونه من أعظم من أنجبته الأرض إسلاما, وهذه بديهية لأنه يطبق الإسلام كما هو فى كتابه المقدس وسنة نبيه. أما كونه الآن فى أحضان حبيبه فأنت تعلم من هو أحب الناس إليه وإن كان له الكثير والكثير من الأحباب الذين روعوا الدنيا ومنهم على سبيل المثال لا الحصر نيرون وهتلر وموسولينى وستالين وغيرهم من الطغاة. أما أين هم الآن فسؤال يسأل فيه الله الذى أعد الجنة للمتقين ونار جهنم للطغاة والأفاقين. وأخيرا أقول لك الإسلام هو المحرض والأساس لما فيه من آيات واضحات تدعو للقتل والحرق والتدمير وإليك بعض منها:*وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين-. (سورة البقرة الآية 193
فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل أو يَغلب فسوف نؤتيه أجراً عظيماً-. (سورة النساء،


4 - الرد على تعليق القارئ/ سيد مرسى
فاروق عطية ( 2011 / 5 / 5 - 00:51 )
بالطبع لأنك مسلم وتعرف ما هو حقيقة الإسلام فلا بد لك أن تعتبر أسامة بن لادن مجاهدا حقيقيا وقد تصل مرتبته لديك مرتبة أولياء الله الصالحين. أما أن يسكنه الله فسيح جناته فأعتقد أنه يماثل عشم أبليس فى الجنة. فمن قتل نفسا كأنه قتل الناس جميعا وهذا الشيخ الإرهابى قتل الآلاف من الأنفس بلا ذنب أو جريرة طلبا للجنة والحور العين والغلمان المخلدون.. يبقى يقابلنى


5 - الرد على تعليق السيد/ بهجت أنور
فاروق عطية ( 2011 / 5 / 5 - 01:00 )
يا صديقى أنا لست مؤمنا بما قام به هذا الإرهابى من أعمال ولكننى أعرض وجهة نظر مواطنى بلاد العرب والإسلام واعتبارهم ابن لادن من المجاهدين. أما حبيبه الذى هو الآن معه فأنت تعرفه أكثر منى, وله من الأحبار الكثير منهم نيرون وهتلر وموسولينى وستالين وغيرهم من القتلة والأفاقين, أما أين هما الآن فهذا عند الله. وقولك أن الإسلام ضد الإرهاب فإليك بعض الآيات الى تشجع على الإرهاب: *وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين-. (سورة البقرة الآية 193.)
*-فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل أو يَغلب فسوف نؤتيه أجراً عظيماً-. (سورة النساء، الآية 74)
*-سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق وأضربوا منهم كل بنان-. (سورة الأنفال آية 12).
*-فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فأما منّاً بعد وأما فداء حتى تضع الحرب أوزارها-. (سورة محمد الآية 4).

اخر الافلام

.. 163-An-Nisa


.. السياسي اليميني جوردان بارديلا: سأحظر الإخوان في فرنسا إذا و




.. إبراهيم عبد المجيد: لهذا السبب شكر بن غوريون تنظيم الإخوان ف


.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله




.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446