الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي مستقبل للسلفية الجهادية ؟!

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2011 / 5 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من سخريات القدر أن يعتبر عصام العريان مرشد جماعة الإخوان المسلمين بن لادن سبباً رئيساً للعنف وأن بموته على الولايات المتحدة أن تسحب قواتها من أفغانستان والعراق. مسؤول تركي بارز اعتبر أن موت بن لادن شيء جيد وأنه بموته سينتهي الإرهاب !
كاتب السطور يختلف مع هؤلاء ويعتقد جازماً أن موت بن لادن لن ينهي العنف في المدى المنظور وسوف يستمر الإرهاب وأعمال الخطف والتفجير بالرغم من مقتل بن لادن، فالقاعدة أو ما يعرف بالسلفية الجهادية باتت مظلة فكرية أيدلوجية تنضوي تحت عباءتها مجموعات وخلايا صغيرة في العديد من دول العالم دون اتصال حقيقي مع القاعدة الأم.
لكن لو حاولنا استعراض منطق وتأثير وشعبوية السلفية الجهادية سنجد أنه منطق مرفوض إنسانياً وعالمياً ومحلياً، فقتل المدنيين ومنهم مسلمين يعد جرائم لا تغتفر ولم تقرها شريعة ولم يجيزها قانون أو ناموس بشري، فما هي الحجج التي تتذرع بها السلفية الجهادية ؟!

أولاً: تكفير المجتمع

لأن المجتمع الذي لا يقيم شرع الله في الأرض هو مجتمع كافر، وهذه الفكرة تسمى فكرة الحاكمية لله، أي جعل كل أمور الحياة محكومة بشرع الله، وهي فكرة تناولها أبو الأعلى المودودي في شبه القارة الهندية ثم نسخها عنه سيد قطب في كتاب " معالم على الطريق ". ولكن هؤلاء لا ينتبهون إلى حقيقة مفادها أن مفهوم هجرة المجتمع الكافر لدى أبو الأعلى المودودي إنما كان يقصد بها المجتمع الهندي الذي يعبد البقر والنار وحتى الفئران وهو الخطأ الذي وقع به سيد قطب حينما سحب تلك المفاهيم على المجتمعات المسلمة التي تؤدي الفرائض الخمس التي بني عليها الإسلام.

ثانياً: تكفير الدولة

الدولة التي لا تقيم وتنفذ شرع الله في الأرض هي دولة كافرة في وجهة نظرهم، علماً بأن دولة مثل مصر تستقي قوانينها من الإسلام بوصفه المصدر الرئيسي للتشريع بحسب المادة الثانية من الدستور. يعتمدون هنا على عبارة " شرع الله " دون تفاصيل تذكر وهي عبارة عامة تحتمل التأويلات واختلاف الفقهاء والمفسرين، ولو أخذنا السعودية كمثال لدولة إسلامية تقيم شرع الله لكي نتساءل: هل انتهت الجريمة في المجتمع السعودي بتطبيق الشريعة ؟! الإجابة هي كلا ولا حاجة بنا للإتيان على انتشار المخدرات واللواط وخلاف ذلك.

الأهم أن نظام الحكم الإسلامي لا يحدد طريقة لاختيار الحاكم بل بيعة، كما لا يحدد مدة زمنية للحكم، ولا طريقة لمحاسبة الخليفة، وفي ظل هذه المعطيات فإن نظام الحكم الإسلامي يعتبر من النظم الثيوقراطية القديمة التي قامت على الفساد والقمع وتكفير المخالفين وإعدام المبدعين وعلماء الفلسفة وإحراق كتبهم، ثم نحن نتساءل عن أسباب التخلف والانحطاط الحضاري في بلادنا.

وعودة إلى الموضوع، فإن السلفيين يعتمدون الافتراض بوجوب العودة إلى السلف الصالح والكتاب والسنة حرفياً لكي تستقيم حياة الناس، فهل هذا من المنطق في شيء، وما رأي التاريخ في هذا الحديث ؟!
أولاً نعتقد أن العودة إلى تطبيق حياة السلف الصالح دون تلفاز ووسائل إعلام أمر غير مقبول في أيامنا هذه، ورغم أن صحيح البخاري وغيره يضج بالأحاديث التي تحرم التصاوير، إلا أنهم يستخدمون الكاميرات الديجتال وينشرون أفكارهم المصورة عبر اليوتيوب ! فهل مسموح لهم هم وحدهم تجاوز صحيح البخاري وحديث الرسول – ص – ؟ ولماذا يصرون بقوة على استخدام السواك بدلاً من معجون الأسنان ؟! ألا يعد ذلك تناقضاً في فهمهم وفي سلوكهم ؟! وطالما يصرون على السواك، لماذا لا يصرون على ركوب الإبل والخيل والحمير بدلاً من وسائط النقل التي ابتدعها الكفار ؟!
ثانياً إن القتل دون سبب أمر غير مقبول إنسانياً، وسوف لن يجدوا مستقبلاً من هو مستعد على التورط معهم، فالقتل مخالف للفطرة الإنسانية وهو محرم في كافة الشرائع السماوية والقوانين الوضعية.

نعلم أن تقارير الأمم المتحدة للتنمية البشرية تشير إلى نسبة 70 % أمية هجائية بين الشعوب العربية، ونعلم يقيناً أن وجود هذه النسبة إضافة إلى تفشي الأصولية الدينية سوف يعرقل أي طموح لشعوبنا بتحقيق أي تنمية، ولكننا على ثقة أيضاً بأن من يسير عكس التطور وعكس حركة التاريخ فسوف يلفظه التاريخ بلا عودة، وإن أسر ضحايا 200 ألف نسمة في الجزائر وأكثر من مليون عراقي سوف تتوقف جيداً وتفكر مليون مرة قبل أن تنتخب حزباً دينياً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة