الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقدة الزواج الطائفي

واثق غازي عبدالنبي

2011 / 5 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كان يحدثني عن خصائص الفتاة التي يمكن لها أن تكون شريكة حياته، ولم أتعجب من تقديمه للشروط الجسدية على أي شرط عقلي أو عاطفي آخر، ولكن ما أدهشني حقاً هو قوله أنه يشترط أن تكون على مذهبه، وأكرر مذهبه وليس دينه. أنه يريد زواج أحادي المذهب وليس فقط أحادي الدين. وهذا النوع من الزواج أحادي المذهب تقف وراءه أزمة طائفية وليست دينية فقط، فإذا كان الدين يفرق بين أبناء الديانات المختلفة، فأن الطائفية تفرق بين أبناء الدين الواحد. ونحن نرى إن بناء أسرة على أساس متعمد من الزواج أحادي المذهب هو تكريس للطائفية المقيتة التي لا تجلب إلى الأوطان سوى الدمار والخراب. وإن أي دعوة إلى الزواج مختلف المذهب هي دعوة إلى نبذ هذه الطائفية. ولا يضن القارئ أن الدعوة إلى الزواج مختلف المذهب دعوة يسيرة التحقق، فالمتأمل لواقع الزواج يجد أنه عادة ما يبنى على أسس مذهبية وطائفية، فالتوافق المذهبي أصبح شرطاً للزواج في العديد من بلدان العالمين الشرقي والغربي، وليس العربي والإسلامي فحسب. ولعل عقدة الزواج الطائفي هذه هي احد النتائج الطبيعية لعقدة احتكار الحق والحقيقة التي تعاني منها جميع الديانات في العالم تقريباً.

ولقد وجدت أن الزواج أحادي المذهب لا يصدر عن الدين الشعبي فقط، كما كنت أضن، بل أنه من ابتكارات الدين الرسمي، الذي هو دين المشتغلين بالشأن الديني كرجال الدين والباحثين والدارسين. فهذا رجل دين مسيحي من كُتاب اليوميات (الذي هو كتاب الصلوات اليومية) يتحدث في تأملاته الإيمانية وفي اليوم السادس منها عن عدم إمكانية زواج المسيحي البروتستانتي من المسيحية الكاثوليكية، لأنها لم تولد ولادة جديدة، وهي الفكرة التي يؤمن بها البروتستانت وتنص على أن الإنسان له ولادتان أحداهما بيولوجية وأخرى روحية فحواها الإيمان بخلاص المسيح، لذلك نجده يكتب: (العالم كله ينقسم إلى وطنين مختلفين لا يجوز لمواطن من أحدهما أن يتزوج من الوطن الآخر ـ وطن أرضي ووطن سماوي ـ أبناء الوطن السماوي هم الذين ولدوا الولادة الجديدة، والذين لم يولدوا كيف يكون لهم وجود في عرف الذين ولدوا؟). إنه لا يكتفي في أن يمنع زواج البروتستانتي من الكاثوليكية بل يعد الكاثوليكية غير موجودة أصلاً لأنها لم تولد بعد. ومن الجدير بالذكر أن جميع المسيحيين مهما تعددت طوائفهم ومذاهبهم يؤمنون بخلاص المسيح إلا أن كل منهم يفهم هذا الخلاص بطريقة معينة قد تختلف عن الآخر.

تزداد عادةً نسبة انتشار الزواج أحادي المذهب في فترات الصراعات الطائفية. فعلى الرغم من عدم امتلاكي لإحصائيات دقيقة إلا أني استطيع القول، ومن خلال مشاهدتي للواقع الاجتماعي في العراق، أن عقدة الزواج الطائفي بين السنة والشيعة ازدادت في سنوات الاحتلال الأمريكي نتيجة للجذب والشد السياسي والديني بين أبناء الطائفتين. ولا أقصد بالطبع أن هذا النوع من الزواج لم يكن موجوداً في السابق، كلا.. ولكننا اليوم نعاني منه بصورة أكبر واشد.

إن ما يدعونا إلى الحديث عن ظاهرة الزواج الطائفي أو الزواج أحادي المذهب هو رغبتنا في التأكيد على أن كل خطابات الوحدة التي يدعوا لها رجال الدين لا معنى لها في نظرنا ما لم تُستثمر في تعزيز الترابط الاجتماعي بين أبناء هذه الطوائف أو المذاهب، ومن أبرزها رابطة الزواج الذي يقود إلى تأسيس أسرة تشكل نواة التآلف الاجتماعي، فالأسرة التي يولد أبناءها من أبوين مختلفين في المذهب تجدهم في الغالب أكثر تسامحاً من أبناء الأسرة أحادية المذهب.

أخيراً نود القول، إن الخطب الدينية الوحدوية لا قيمة لها إذا لم تصبح جزئاً من الواقع. وأن رجل الدين الذي يدعو إلى الوحدة والتآلف بين الطوائف المختلفة ثم يمنع الزواج بين أبنائها، فأن أقل ما يمكن أن يقال بحقه أنه (كذاب).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انظر الى الجوهر
حكيم العارف ( 2011 / 5 / 13 - 06:49 )
اختلف معك ياصديقى

الاتفاق فى الطريق هو شرع الحياه....

اذا كنت انا شخص مثقف واحب الحياه الهادئه وتزوجت فتاه غيرمثقفه وتحب اللهو واللعب ولاتشعر بالمسؤليه .... هل هذا الارتباط هو عادى ام يحتاج الى وقفه !!!

مثال اخر :
انا من عائله تحب الخير وتفعله فى الخفاء بدون اعلانات ... ونحب الصلاه التى تسمو بالروح ... هل يمكننى الزواج من ابنة قاتل وسبب قتله للناس هو انه امر ان يقاتل حتى يؤمنوا بأيمانه !!!

ياراجل الموائمه شئ مطلوب وليس كل مايلمع ذهبا ... انظر الى الجوهر


2 - التحزب الطائفي ليس جوهر
عمر عبدالستار ( 2011 / 5 / 17 - 07:36 )
الأخ حكيم العارف المحترم
طبعا ما تفضلت به صحيح وان الاتفاق هو شرع الحياة ولكن اعتقد ان ما تفضل به السيد واثق عبدالنبي هو مأساة حقيقية يعيشها المسلمون من خلال اعتبار التوافق الطائفي هو شرط اساسي من شروط الاتفاق وهو يعبر عن مدى الشرخ الكبير بين الطائفتين الاسلاميتين السنة والشيعة وهذا يدعونا للاسف
انا شخصيا لا اطلب من رجل ان يتزوج من امرأة من غير طائفته اذا كان هو او اذا كانت هي او اذا كانا كلاهما متشددين طائفيا لان ذلك الزواج سينتهي في اغلب الاحيان بالفشل واذا استمر فانه سيكون متوترا ناهيك عن مشكلة الاطفال فهل يتوجب عليهم اتباع ملة الاب ام ملة الام
النقطة المهمة من هذا الموضوع الذي طرحه السيد واثق ان الزواج الطائفي هو واقع ولكنه واقع مؤلم ويجب ان لانتهاون بانتقاده واستسخافه حتى نجد في انفسنا صحوة
متى نجد الشجاعة بأن نكون اكثر مرونه في تقبل الرأي الآخر لكي نستطيع ان نعيش سعداء متحابين فيما بيننا
كيف يستطيع العراقي ان يحب بلده اذا كان يكره نصف المجتمع لانهم ليسوا من طائفته
كيف يستطيع المسلم ان يحب الانسانية ويقبل بقية الامم
كيف نستطيع ان نعيش ونحن نكره ونكره فهل هذا هو الجوهر؟؟؟؟

اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة