الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احذروا من تدين الأبناء

واثق غازي عبدالنبي

2011 / 5 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثيراً ما يفرح الآباء بتدين أبناءهم والتزامهم بفروض الدين من صلاة وصوم وغيرها، ولكن عادة ما ينقلب هذا الفرح إلى خوف وذعر عندما يبدأ هذا الابن بالعزلة والتجهم والانفعال غير المبرر. ويزداد خوف الآباء عندما يجدون في أبناءهم غلظة غير معهودة فيهم، ورغبة جامحة في التشاجر لأتفه الأسباب وعدم قبول ونفور من كل ما يحيط بهم. وهم ساخطون على تصرفات آباءهم وأمهاتهم وإخوانهم وأخواتهم. فهم يرون أن الآباء مخطئون لأنهم ادخلوا التلفزيون، ذلك الشيطان، إلى بيوتهم. والأمهات مذنبات لأنهن تركن بناتهن يستعملن الهاتف أو الانترنيت. والإخوان تافهون لأنهم يحلقون لحاهم ويلبسون بنطلون الجينز. باختصار، أصبح الأبناء بعد تدينهم لا يرون في أفراد أسرهم سوى أشخاص غرباء عنهم ومتهمون بممارسة الرذائل والآثام. أما هم فيعتقدون في أنفسهم امتلاك الحقيقة والهداية لأنهم يؤدون الفرائض ويطلقون لحاهم ويحرصون على شرف نسائهم بتغليفهن بالسواد، وهذه في نظرهم هي الأفعال التي تفتح لهم أبواب الرحمة وجنان السماء.

لعلي لا أغالي إذا قلت أن هذا النوع من التدين هو أحد الكوارث الاجتماعية التي تعاني منها العديد من الأسر الإسلامية، ويتألم بسببها الكثير من الآباء والأمهات. فالأب الذي يرى في عيني ولده الاحتقار والازدراء لا يمكن له إلا أن يستشعر الغصة والأسى والأسف على ما بذله من جهد في تربيته. والأم التي تتعرض إلى اتهامات الابن لها بالتواطؤ والتأمر على إفساد بناتها لابد لها أن تلعن اليوم الذي حملت فيه هذا الابن في أحشائها. ولابد لكلاهما أيضاً، الأب والأم، أن يلعنوا رجل الدين الذي حرض ابنهما ضدهما وجعل منه ابناً عاقاً لا يعرف الرحمة.

لذلك أيها الآباء عليكم أن تحذروا من تدين الأبناء بنفس مقدار حذركم من طيشهم، فكلاهما التدين الخاطئ والطيش هو انحراف. ولعل التدين الخاطئ أصبح اشد خطراً من بعض التصرفات الطائشة، فلربما يكون أمر التصرفات الطائشة مرحلياً يزول بتقدم العمر، أما التدين الخاطئ فلربما ينمو ويتطور حتى يصبح عنفاً وجريمة عقائدية، يرتكبها صاحبها وهو يعتقد أنه يتقرب إلى الله، وينتظر الموت حتى يبات في أحضان حور العين.

من الجدير بالقول إن على الآباء أن يهتموا بجودة الجامع الذي يرتاده ابنهم وبحسن شخصية رجال الدين فيه، بنفس القدر الذي يحرصون فيه على جودة المدرسة التي يدخلها ابنهم وكفاءة مدرسيها. فلربما يكون المدرس الفاشل اقل خطراً على أبناءنا من رجل الدين المتطرف الحقود، ولربما تكون المدارس المهملة ارحم على أبناءنا من الجوامع التحريضية. فالابن الذي يفشل في المدرسة يمكن له أن ينجح في حرفة أو تجارة ما، أما من يفشل في الحياة والمحبة والرحمة فلا يمكن له أن ينجح إلا في حرفة العنف والقتل والجريمة. لذلك أيها الآباء احذروا من تدين الأبناء واحرصوا على أن يتدين أبناءكم التدين الصحيح الذي يجعل منهم ناجحين في فن المحبة والحياة والتسامح وقبول الآخر المخالف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا على المقال
ناديه احمد ( 2011 / 5 / 16 - 07:17 )
لقد قلت بالظبط ما سمعته كثيرا من امهات واباء يعانون من تعالى اولادهم عليهم , وكلمتهم القاتله التى تقتل ابائهم : لن احترمك طالما بقيت على جاهليتك . رأيت امهات تخاف ان تخطو خطوة واحده بدون ان تسأل ابنها ـ وليس زوجها ـ خوفا من اثارة المشاكل وفرجه الناس .


2 - هذه هي ازدواجية الاديان
فؤاده قاسم محمد ( 2011 / 5 / 16 - 11:11 )
مشاكلنا من الخطوره بحيث اصبحت تشكل خطرا حقيقيا
وان رايت من المراهقين الذكور الذين يتوجهون للديانه فترة مراهقتهم وسرعان ما ينقلبون راسا على عقب بعد اختلاطهم بالمجتمع , ويتوعون لسذاجتهم مؤخرا لكن يصبحون على العكس مما كانوا , لانهم كالعاده كانوا في ازدواجية المتدين.
وحدث ولا حرج على تخلف الاباء والامهات في تربية الابناء , فكل من هب ودب اليوم يخلف ويقول انني ربين ومع الاسف
تحياتي ودمت


3 - من ثمارهم تعرفونهم
نورس البغدادي ( 2011 / 5 / 16 - 17:49 )
لا شك ان موضوع هذه المقالة مهم جدا وهادف وتربوي نابع عن تجارب حقيقية ، وبرأي ان الأخ كاتب المقال قد حصر الآباء والأمهات في زاوية لا يحسد عليها فجعلهم في حيرة في كيفية التصرف ، فأن طبقوا واجبات المؤمنين تجاه اولادهم فسيخلقون في هذه الحالة شخصيات مشوهة وحاقدة في المجتمع وأن خففوا في ارشاداتهم الدينية فسيقعون في فخ العقوبات الدينية التي يؤمنون بها وعذاب الضمير، اذن اين الخلل وما هو الحل ؟ انا بأعتقادي استعمال العقل للوصول الى حل مطمئن هو الوسيلة الصحيحة للتخلص من الأوهام ، فأن كان تطبيق تعاليم اله ينتج عنها اشخاص مشوهين في المجتمع فيجب ان ندرك على الفور بأن هذا الأله هو اله مكار ومضل وان الذي قدمه لنا لكي نعبده ما هو سوى شخص محتال استغل الدين لأغراضه الشخصية لأن من اهم صفات الأله الحقيقي هي نشر المحبة وليس الكره والبغضاء والقتال في سبيله ، لذا يجب محاربة هكذا اله لأنه ضعيف ولا يمتلك الحجة ، تحياتي للأستاذ واثق وللجميع

اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة