الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديني أم دين آبائي؟

واثق غازي عبدالنبي

2011 / 5 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لعل جميعنا يتعصب لدينه ويرى فيه الحق المطلق والصراط المستقيم، ولكن من منا اختار دينه هذا؟ فجميعنا اتخذنا دين آباءنا ضانين انه اختيارنا المحض، في حين أنه اختيار آباءنا ومجتمعنا لنا، لذا فأن الدين في نظري هو اعتناق عاطفي وليس عقلي، لأنه إذا كان اسم أبي محمد وأمي خديجة كتبوا في بطاقة هويتي مسلم، أما إذا كان أسم أبي جورج وأمي ريتا كتبوا في بطاقة هويتي مسيحي، وهكذا في بقية الديانات، بل الأغرب من ذلك انه لو كان اسم أبي عمر وأمي عائشة أصبحت سنياً وإذا كان أبي علي وأمي فاطمة أصبحت شيعياً، كل هذا يحدث لي وعمري لم يتجاوز بضعة أشهر!! هل تصدق هذا؟.

إذا لم أختر أنا ديني ولم تختر أنت دينك، فلماذا أتعصب أنا إلى ديني واعتقد أنه يحتكر الحقيقة؟ ولماذا تتعصب أنت إلى دينك وتعتقد أنه يحتكر الحقيقية؟ لماذا احتكر أنا الجنة وانسب لك الجحيم؟ ولماذا تفعل أنت ذلك بالمقابل؟. ما أريد قوله هو أن لا تستريح لدين أبويك ولا تستسلم أو تطمئن لعقائده. فما آمن به أبويك ليس بالضرورة أن يكون هو الحق المطلق. وهذا لا يعني أن تتمرد على هذا الدين ولكن هذا يدعوك بالتأكيد إلى الدراسة والتأمل والبحث والتقصي، وإذا لم تستطع القيام بذلك فلا تدعي لنفسك احتكار الحقيقة والجنة، فلربما يكون الآخر المخالف لك خيراً منك ولربما يكون نصيبه في الجنة أكبر منك.

ظني أن كل الديانات جاءت لأجل نقد احتكار الإنسان للحقيقة، ولكن الدين نفسه أصبح فيما بعد من أهم مصادر احتكار الحقيقة، وذلك لان اعتناق الدين صار يحدث بالوراثة وليس بالعقل والتأمل والبحث والتقصي كما كان الحال في الزمن الأول لظهور الدين. لعلي لا أغالي إذا قلت أن الدين الذي نؤمن به جمعينا هو دين الوراثة، وحتى الكثير من أولئك الذين يدّعون لأنفسهم الدراسة والبحث والتقصي لم يستطيعوا أن يتخلصوا من عقدة احتكار الحقيقة، لأن العقل متحيز بطبيعة، فقط القلة النادرة هي التي استطاعت أن تفعل ذلك وتتجاوز محيطها الاجتماعي ودينها الموروث إلى فضاءات تقبل الآخر واحترامه. وما فعله هؤلاء القلة هو الذي نريد من الجميع أن يفعلوه. بمعنى أن نتخلى جميعنا عن اعتقادنا الجازم باحتكار الحقيقة، وهذا بالطبع لا يتطلب منا التخلي عن امتلاك الحقيقة، فالامتلاك يسمح بوجود الآخر المخالف أما الاحتكار فلا يقبل بذلك. أن إيماني بامتلاك الحقيقة يسمح لي بان أنسب الحقيقة إلى الآخرين أيضاً، أما إذا ادعيت احتكارها فان الآخر سوف لن يملك عندئذ سوى الضلال والزيف، لذلك علينا أن نتخلى عن ادعاء احتكار الحقيقة ولا بأس بأن نسعى لامتلاكها بالبحث والدراسة والتقصي.

ختاماً أود التساؤل عن جدوى كتابة ديانة أي فرد في بطاقته الشخصية؟. فقد سئلت نفسي هذا السؤال ولم أجد له إجابة، ولعل الكثيرين غيري فعلو ذلك ولم يجدوا إجابة أيضاً. فبطاقتي الشخصية هي عقد مواطنة بيني وبين حكومة بلدي، تضمن لي حقوقي وتفرض علي واجباتي، فهل هذا العقد بحاجة إلى ذكر ديانتي؟ هل تفرق الحكومة في معاملتها بين مسلم ومسيحي مثلاً، فلجأت إلى حيلة ذكر الديانة في البطاقة الشخصية؟ يبدوا أن الإجابة نعم وإلا ما كانت لتصر على مثل هذا الإجراء، أما إذا كانت الإجابة بلا، فما فائدة كتابة ديانتي في بطاقتي الشخصية؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حكمة رهين المحبسين
صلاح البغدادي ( 2011 / 5 / 15 - 04:15 )
يقول ابو العلاء المعري:
ما دان الفتى بحجى ولكن يعلمه التدين اقربوه
وينشى ناشى الفتيان منا على ما كان عوده ابوه

ولو كان اسم ابي كيم واسم امي يان لكانت عقيدة الاباء الصينين هي عقيدتي وهي الحقيقه المطلقه،ولوكان ابي مهراجا وامي من دلهي لكانت الهندوسيه ديني التي اقارع بها كل الاديان
هناك قول منسوب الى زرادشت يقول فيه(لاتوجد حقيقة في الكون وكل شي محتمل)....تحياتي للكاتب الكريم


2 - لا للتبعيه
سليمان الفقى ( 2011 / 5 / 15 - 08:56 )
لابد من البحث والقراءة ولكن ما يرهب الناس هو تهديدهم بالقتل او التبرء منهم او حرمانهم من الميراث علاوة على شجب التبشير من قبل الدولة لغير الدين الاسلامى كمثال فى الدول التى يطلقون عليها الدول الاسلاميه


3 - ايه الحكاية
شاهر الشرقاوى ( 2011 / 5 / 15 - 16:14 )
: واثق
الجزء المقتبس اسفل من موضوعك .الدين والتدين

بالمناسبة، ما هي فائدة كتابة ديانة أي فرد في بطاقته الشخصية؟. سئلت نفسي هذا السؤال ولم أجد له إجابة، ولعل الكثيرين غيري يسألونه ولم يجدوا له إجابة. فبطاقتي الشخصية هي عقد مواطنة بيني وبين حكومة بلدي، تضمن لي حقوقي وتفرض علي واجباتي، فهل هذا العقد بحاجة إلى ذكر ديانتي؟ هل تفرق الحكومة في معاملتها بين مسلم ومسيحي مثلاً، فلجأت إلى حيلة ذكر الديانة في البطاقة الشخصية؟ يبدوا أن الإجابة نعم وإلا ما كانت لتصر على مثل هذا الإجراء، أما إذا كانت الإجابة بلا، فما فائدة كتابة ديانتي في بطاقتي الشخصية؟

والجزء الاتى ردى عليك فى نفس الموضوع

الايمان والعقيدة يا واثق هو معنى ونظرة ورؤية للحياة وللكون ولرب الكون استقرت فى القلب وفى الوجدان والجنان ...وردده الفم واللسان ..وترجمته الجوارح والاركان الى اعمال وسلوكيات واحوال مع الله ومع النفس ومع الاخرين

فالدينى الغير متدين هو انسان منافق ..او فاهم الحكاية غلط

اما موضوع البطاقة .فمهم للدلالة على الهوية ليس للتمييز العنصرى ولكن لحالات الزواج والطلاق والموت .فلكل دين تشريعاته كما تعلم

ايه الحكاية؟؟!!


4 - الدين
جزائرية ( 2011 / 5 / 15 - 18:44 )
إلى الاخ شاهر الشرقاوي
شكرا على إثرائك للموضوع لكني لا أشاطرك الرأي. ففي نظري أن الدين يخص الانسان مع خالقه فأن نجده في بطاقة الهوية يعني أننا نريد تسييسه و الخروج به من نطاقه الخاص. أما عن المعاملات كالطلاق فهذا أمر أدعوك للتساؤل فيه. فتصور أنك تعيش في دولة أوروبية . كيف ياترى ستتعامل مع هذه الأمور؟
إذن في رأيي أنه علينا أن نمضي قدما إلى الأمام والحل لن يكون إلا بفصل الدين عن الأمور الدنيوية وإلا فإن المشايخ سيتعبوننا بارائهم العديدة و المختلفة -وفي كثير من الأحيان- الغريبة عن هذا العصر
تحياتي


5 - الى المحترمة الاخت جزائرية
شاهر الشرقاوى ( 2011 / 5 / 15 - 19:45 )
الى الاخت جزائرية
تحياتى اختى الفاضلة
الدين يا جزائرية له ثلاث محاور ..وكلها تصب فى النهاية فى صالح سعادة الانسان وسلامه النفسى مع الله ومع ذاته ومع الاخر
كوننا نحدد الدين بكونه علاقة خاصة مع الله يجعله عبادة هوى .أوهوى عبادة ..وليس عبادة بالمعنى الذى يريده الله من كونه طاعة له ومنهاج حياة ينظم حياتك وحياة الاخرين وعلاقتكم المبنية على الحق والعدل اولا .ويتم تجميلأها واحسانها بالحب والاحسان .والتفضل بينكم

وشكرا يا خت جزائرية على رقى حوارك ونبل اخلاقك
والسلام عليكى


6 - تكفينا القيم الإنسانية
جزائرية ( 2011 / 5 / 17 - 18:19 )
قد يكون رأيك صحيحا إلى حد ما و لكن في بعض الأحيان نجد أن تأثر الإنسان بالدين يتعدى كونه يصب في سعادته و سلامة نفسه مما يجعله غير متقبل للآخر. و للأسف نجد هذا متجليا خاصة فينا نحن كمسلمين لأننا نعتبر دائما أن ديننا هو دين الحق بدون منازع و لا نقبل أبدا أي انتقاد مهما كان في حين أننا لا نتوانى عن ذم الآخرين ونعتهم بأبشع الصفات وذلك حتى في خطبنا الدينية، فلا أحد منا لا يتذكر إماما سمعه و لو مرة في حياته يقول : اللهم رمل نساءهم و يتم أولادهم. حقيقة لا أريد أبدا أن يسمع أبنائي في يوم من الأيام كلاما كهذا يربيهم على الحقد.
وسأعطيك أدلة أخرى على ضرورة بقاء المعتقدات الدينية بعيدة عن السياسة فمثلا في الجزائر حدث أن ضبط بعض الشباب يأكلون خلال رمضان فزج بهم في السجن و و جدوا عند البعض إنجيلا فكان مصيرهم كذلك. و في مصر مثلا يتناطح المسلمون و الأقباط من أجل الدين. أليس حريا بهم في مثل هذا البلد العظيم أن يلتفتوا إلى بناء دولة متقدمة. لذلك أضن أنه علينا أن نحترم بعضنا بغض النضر
عن دياناتنا فتكفينا إنسانيتنا لتكون دليلا لنا في احترام بعضنا البعض وفي بناء دول حقا ديقراطية.
تحياتي

اخر الافلام

.. الطوائف المسيحية الشرقية تحتفل بأحد القيامة


.. احتفال نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل من الإخوة المسيحيين بقدا




.. صلوات ودعوات .. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسي


.. زفة الأيقونة بالزغاريد.. أقباط مصر يحتفلون بقداس عيد القيامة




.. عظة الأحد - القس باسيليوس جرجس: شفاعة المسيح شفاعة كفارية