الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إجهاض الثورة «الطائفية» في البحرين

نضال شاكر البيابي

2011 / 5 / 14
المجتمع المدني


شعبٌ ما أساء لأحد، ولم يعادِه إلاّ مَن لم يستطع تطويعه، وحسبه ما صبر عليه من«ظلم ذوي القربى».!
رغم المذابح ، والقتل والتشريد والتعذيب والانتهاكات الصارخة في حق الإنسان( كما رصدت ذلك منظمات حقوق الإنسان المستقلة كـ هيومن رايتس ووتش في تقريرها الشهير الذي صدر مؤخراً)، إلّا إنه رفض أن يستغيث.
النظام البحريني كمعظم الأنظمة العربية يجيّر كل حراك شعبي لـصالح«المؤامرة خارجية» وفي البحرين ستكون المؤامرة الخارجية بمدد وتحريض إيراني طبعا، بحكم غالبية الطيف الشيعي الثائر من جهة، وللعداء المتفاقم بين دول الخليج وإيران من جهة أخرى، إيران الشماعة التي تعلق عليها كل المصائب في الخليج العربي، وأحياناً في العالم العربي برمته ، ومن حسن حظ النظام البحريني، وربما العكس، أن المتظاهرين معظمهم شيعة، فهنا يمكن إقحام إيران بيسر دون أن نشعر بالنشاز. ومتى شعرنا بالنشاز أصلا من إقحام إيران في كل السياقات بصرف النظرعن مدى منطقيتها وموضوعيتها؟!
فهل يمكن أن يشعر المواطن«الشيعي» لاسمح الله بالغبن مهما كان واقعه متخماً بالبؤس والعوز دون توجيهات وإملاءات إيرانية ؟!
إن النظام البحريني يتدحرج شيئا فشيئا نحو المحو ، وهو قاب قوسين أو أدنى كمعظم الأنظمة العربية العتيقة من العدم. ولايمكن التعويل على المدى البعيد على الأبواق الإعلامية والبلهوانيات السياسية التي تحاول عبثاً ترميم ما يمكن ترميمه في بقايا النظام المتصدع والمتداعي، بل المشرف على الموت،الغارق بدماء شعبه، وهو على أية حال ميت سريرياً، ولن يجديه حينئذ التلويح بالورقة المحترقة أصلاً (المؤامرة الإيرانية لزعزعة أمن الخليج) فلا شرعية لثقافة الدم وسدنة القمع .
إن أزمة فقدان الثقة بين الحكومة البحرينية والشعب لا يمكن رتقها لا بأمريكا ولا بغيرها، فالأزمة هي أزمة شرعيّة عميقة. والـ«شرعية» فُقدت بعد أول إطلاق للرصاص الحي صوب الصدور العارية للمتظاهرين سلمياً.
ما تبقى من «الشرعية» التي يستظلّ بها النظام البحريني هي شرعية القمع والعسس ، شرعية تكميم الأفواه وزج الأحرار والتنكيل بهم، رجالاً ونساءً ، شباباً وشيوخاً، وأطفالاً ، في المنافي وغياهب السجون.
الشعب البحريني لم يثُر إلّا بعد عقود من الصبرعلى ضيم القمع وعلى تسويف الإصلاحات طويلا جداً. هذا فضلا عن استمرار حالات التأزيم والتعبئة الطائفية سواء من داخل الإعلام البحريني أو من خارجه عند دول الجوار الشقيقة جدا.
النظام في جوهره «الأحادي» يكمن التشرذم، فأحاديته أنتجت زمرة من المنتفعين ممن أبدعوا في سرقة مال العباد والبلاد، ناهيك عن إبداعاتهم في ابتكار وسائل القمع والسحل والإستئصال حتى وصل الأمر إلى تحول النظام البحريني إلى مملكة قروسطية تغذي العشائرية والطائفية كلما ضاق الشعب ذرعاً من وطأة القمع.
ووسائل الإعلام النفطية ما قصرت والله في التحريض وضخ الشائعات فيما يتعلق بالثورة البحرينية ، وتجلى ذلك من خلال التشكيك المستمر في عروبة الشيعة والطعن في شرعية مطالبهم ، وفقاً لأحكام العالم الرباني العملاق القرضاوي وزبانيته. وكم لهم أيضاً من أيادِ بيضاء على الثورة المصرية المباركة ..!
لقد أفدنا من الانتهاكات الأخيرة في البحرين درساً عظيماً في معنى كونك مواطناً صالحاً ، بصرف النظر عن مذهبك ، فأنت مجرد من إنسانيتك وحقوقك وحريتك وكرامتك ولا يسعك إلّا أن تتألم بصمت حتى لا تتهم بأنك طائفي! بئس الطائفية وأبواقها..!
أن تكون منتمياً بحكم الولادة والنشأة للطائفة الشيعية في دول الخليج العربي ، ينبغي عليك بالضرورة أن تعتاد الألم.وله مبرره ، ومسوغاته ، ودوافعه ، ففي كل يوم ، ستجد من يشكك فيك «عقديا» و«وطنياً» و«إنسانياً» بكل بساطة ، وعليك أن ترد التهم تباعاً ، وعلى أية حال، كل مبرراتك ستدخل حيز التهمة الشهيرة «التقية» فأنت مدان في صمتك وفي كلامك..!
بكل صفاقة يمكنك أن تقول ولن يشعر معظم المؤدلجين بالنشاز : إن الشيعي لا يستحق العدالة.
لا يكاد ينقضي يوم إلّا ستجد مقالاً أو خطبةً أو حديثاً إذاعيا ًأو تلفزيويناً أو صحافيًا موجهاً ومحرضاً بطريقة قذرة، سواء أكانت مكشوفة فاضحة أو مبطنة ضد الشيعة عموماً، من إعلام رسمي وغير رسمي، وكل تلك الحملات البغيضة الطافحة بالكراهية كالعادة تمر دون محاسبة وكأنما ضخ ثقافة الكراهية ضد الشيعة من علامات الإيمان والوطنية !
وهذه الحملات الموجهة قد جنحت في الأونة الأخيرة جنوحاً تصاعديّاً صارخاً قد يكون أكثرها خبثاً وسذاجة في الوقت ذاته تلك الحملات التي توهم الجمهور« السني» أن «الشيعي» يشكل خطراً على الإسلام والمسلمين أكثر من الصهيوني..إلخ هذا الهراء.
ومن المعروف إن تياراً سلفياً همه الأول والمقدّس ، ماضياً ، وحاضراً ، ومستقبلاً، بل عمله المنهجي المسخر من أجل إلصاق أبشع التُهم والرذائل بهذا المذهب وبمؤسسيه ورموزه وأتباعه، وكشف «حقيقتهم الباطنية»وفضح «مخططاتهم السرية الماسونية » التي تريد بالإسلام والمسلمين شراً. وكل تلك التُهم طبعا لها «أسسها التاريخية »!!
خلافاً للشائع ، لا تنبجس الطائفية من رحم المساجد والحسينيات ، إنما في دهاليز السياسة أولاً ومن ثم تتناسل في دور العبادة.
الذي يؤسف له أن الحقد الطائفي البغيض صار هو الموجه للفكر والتربية والتعليم والإعلام والفن ولمصادرة الحقيقة والتاريخ وتشويه الحقائق.. فأي وعي يتيم بعدئذ قد يقف على قدميه إزاء هذا الاخطبوط الطائفي ؟!
إن المتضرر الحقيقي من التحريض الطائفي هم الشباب، رجالاً ونساءً، من كلتا الطائفتين الذين يحترقون في أتون محرقة لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
ثورة البحرين قام بها الشعب بكل طبقاته ، بكامل أجياله وتنوعاته واختلافاته، ولم تكن متخندقة ايديولوجياً كما يحاول بعض المرتزقة تشويهها وتحويرهاعن سياقاتها، الثوار في البحرين أرادوا شيئاً واحداً به تتحدد كرامة الإنسان، بل لا يكون إنساناً حقاً إلاّ به.أرادوا : الحرية.. فهم لم ينتموا إلاّ للحرية بتعدد دلالاتها.
إن«الشيعي» اللامؤدلج لا يطمح لنظام ديني كالنظام الإيراني ، و«السني» اللامؤدلج لا يطمح أيضًا لنظام ديني على هيئة نظام طالبان، كلاهما يطمح لدولة مدنية، دولة الحقوق والمساواة، دولة القانون والحريات، فخليق بالدولة المدنية إنهاء المأساة الطائفية.
هذه الأسطر ليست إلّا حرقة ألم حيال التمادي في تزوير الحقائق وشيوع ثقافة الكراهية والتحريض باسم الله ورسوله والحقيقة المطلقة على الأبرياء والأحرار.
دمعة بحجم السماء للأحباء والشرفاء ، رجالاً ونساءً، في البحرين بمختلف أطيافهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لكم
حسن ( 2011 / 5 / 15 - 01:33 )
ليس هناك طائفية في البحرين هي سياسة اتبعتها قناة البحرين لتشويه الثورة في البحرين بالظبط كما حدث في مصر تونس ليبيا اليمن القنوات الرسمية التابعة للأنظمة هي من تحاول تشويه الثورات نحن لم نطالب ولن نطالب بدولة الولي الفقيه نؤمن بالطرف الآخر من اخواننا من الطائفة السنية الكريمة لذلك نطالب بمملكة دستورية والبعض الآخر يطالب بأسقاط هذا النظام ونحترم آراء الآخرين هاكذا هي الديموقراطية. اخي هناك تقرير يسمى (بتقرير البندر ابحث عنه في الأنترنت ستتوضح لك امور اخرى
شكرا لكم يا احرارا مصر


2 - الثورة الأصعب
محمد يوسف ( 2011 / 5 / 15 - 11:00 )
ثورة الشعب البحريني الذي لا يتجاوز في عدده المليون نسمة
هي الأصعب في الثورات العربية ،، فأن كانت ثورة تونس تتحدى النظام البوليسي
وثورة مصر تتحدى اتفاقية السلام الأسرائيلية ،، وثورة ليبيا تتحدى مجنون
وثورة اليمن تتحدى الديكتاتورية وثورة سوريا تتحدى الدموية

تحدت ثورة البحرين الحكومات القبلية التي تعلمت على لغة عصابات قطاع الطرق ،، فهي اليوم تتحدى 6 مجانين وتتحدى بقاء الأسطوال الخامس الأمريكي على ارضها وتتحدى الدموية والديكتاتورية

ثوار البحرين طالبوا بالدولة المدنية ،، التي يكافئأ فيها كل شخص على جهده ،، سواء كان مسلم او مسيحي ،، شيعي او سني ،، او حتى من اي ديانة اخرى
كان مطالبها ان يحكم من يكون فيه الكفاءة في ادارة الدولة

لأن النظام الحالي ،، عندما تطالب ببناء مستشفى او مدرسة ،، يجب ان تدخل على المسؤوليين وتبجلهم بقصائد وترفعهم لمقام قريب من الألوهية وبعدها تدخل على الوزير وتعمل فيه قصيدة ايضاً وتمدحه ووو وبعدها تدخل على رئيس الوزراء وتكتب فيه احسن القصائد (مضمونها انه لولا خليفة بن سلمان لما تتطورت البحرين) وبعد كل هذا الذل ،، ربما واعيد ربما يتم بناء المستشفى !!!

اخر الافلام

.. لحظة اعتقال الشرطة الأمريكية طلابا مؤيدين للفلسطينيين في جام


.. مراسل الجزيرة يرصد معاناة النازحين مع ارتفاع درجات الحرارة ف




.. اعتقال مرشحة رئاسية في أميركا لمشاركتها في تظاهرة مؤيدة لغزة


.. بالحبر الجديد | نتنياهو يخشى مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة ال




.. فعالية للترفيه عن الأطفال النازحين في رفح