الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلفيون مع وقف التنفيذ الإسلامي

غازي أبو ريا

2011 / 5 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعض الناس في تونس، بدأوا يحنّون الى عهد الزعيم المطرود بن علي، والبعض في مصر مشتاق للزعيم المخلوع بن مبارك، وفي سوريا، ترتعد غالبية الأقليات فرقا، وكل هذا بسبب التيارات الاسلامية السلفية.
والسلفيون الاسلاميون حكاية غريبة عجيبة، فهم أعطوا أنفسهم هذا اللقب على أنهم يسيرون على خطى السلف الصالح، يتباهون بالخلفاء الراشدين، ويرفعون رؤوسهم في كل محفل اعتزازا بإنجازات الخلافة الاسلامية من الامويين الى العباسيين حتى الاندلس، وهم مع ما يفاخرون به على قطيعة فكرية ودينية شاملة.
السلفية في أيامنا تجسد العصبية والعنصرية وإنكار الآخر، وهي المعادية لكل تجديد وكل علم أو اختراع فهو بدعة من فعل الشيطان، وماذا كان سيفعل الخليفة عمر بن الخطاب بباعثي الفتنة في مصر لو كان هو الحاكم، أنا أعرف ماذا كان سيفعل، كان سيعلقهم على أعواد المشانق فردا فردا، أو على أفضل حال سيفصل رؤوسهم عن أجسادهم حتى يشفي جسم الدولة.
إن الخلفاء الراشدين منزعجون في قبورهم من انتساب السلفيين المعاصرين اليهم وهم منهم براء، فكيف يؤسس فرد أو حزب عقيدته على الكراهية وينسبها الى النبي وصحابته؟!! فهل هناك إساءة للسلف الصالح أعظم من هذه الإساءة؟
أما الخلافة الأموية والعباسية ثم دولة الأندلس، فهذه طورت العلوم جميعا، واجتمعت عقول الناس في الدولة، كان كل المواطنين شركاء، كل العلماء يبدعون، فقد امتدت الدولة الإسلامية من الصين الى اسبانيا، فيها مئات الجنسيات واللغات والأديان، وكان فيها مكان للجميع، حتى عشاق العلم من بلاد خارج الدولة الإسلامية قدموا إليها للتعلم والمشاركة في تقدم البشرية.
كل الخلفاء والولاة والأمراء تقريبا تسابقوا في إغراء العلماء للقدوم الى بلاطهم، لم يستثنوا علما أو إبداعا، من الفلك حتى الطرب، ومن الرياضيات إلى الرقص، وكانت مجالس الفلاسفة تجمع أشخاصا من كل الأديان، ويدافع كل أهل دين عن دينهم دون خشية من قمع مسؤول إسلامي، فهل هذا السلف هو الذي يقصده السلفيون أم أي سلف يقصدون أو يزعمون أنهم ينتسبون إلى إرثه وتراثه؟؟؟!!
لست واعظا، ولا أطمح إلى مثل هذه الوظيفة المربحة جدا في عصرنا، لكنني أنصّب نفسي في وظيفة بغير أجر، وأعلن بأنني قد ضقت ذرعا كملايين غيري من هذه الهجمة السلفية على حاضرنا وماضينا وتاريخنا، وأتحدى السلفيين جميعا أن يقولوا لنا أي سلف صالح هم على هديه يسيرون؟؟
هم الآن يشكلون خطرا على كل الثورات العربية، ويشكلون خطرا على كل نظام أيا كان ومهما كان، وهم يستعدون للانقضاض على الدول العربية، بدون أن يكون لهم أي مشروع سوى صلاتهم وصومهم، أما تفاصيل حكم الناس فهي سر مكنون لا يبوحون به حتى تصبح رقاب الناس على مسافة فتر من سيوفهم. وهم يستغلون أمية العرب، فنصف العرب لا يجيدون القراءة، وقرابة النصف الآخر، وإن كان يجيد، فالقراءة لا تجذبه. ويستغل دعاة السلفية هذه الحالة العربية من خلال المساجد وخطب يوم الجمعة من أجل تسويق كذبة التزامهم بالسير على نهج السلف الصالح.
هذه السلفية أطلقها آل سعود في السعودية لتبرير حكم الجزيرة العربية، ولتبرير الجرائم التي اقترفتها للوصول إلى الحكم، وها هي الآن وبعد أن استقر حكمها، تحارب نفس الأصولية التي اخترعتها. هذه الأصولية التي تقودها فئات لديها طموح الى السلطة، وتعتمد على الفرد الذي كل ذنبه أنه أمي، ليس لذنب اقترفه أو لأنه جاهل عن سبق إصرار، لإن قليلا من احترام المسلم لدينه يمنعه من أن يتبع هذه السلفية المشوهة لكل تاريخ الإسلام.
وهناك من يحاول بخبث أن يقنع الناس بأن السلفية قادرة على الحكم بشكل محترم، ويسوق حزب العدالة التركي نموذجا، وهذا التشبيه كله كذب وتمويه، لأن حزب العدالة التركي لا يختلف عن أي حزب مسيحي في أوروبا، فهو حزب إسلامي ملتزم بالعلمانية، بالضبط كالتزام الخلافة الاموية والعباسية والأندلسية والعثمانية في عهود النهضة. والمجتمع التركي الذي يصوت لحزب العدالة لا يصوت له كحزب سلفي، فلو طرح نفسه كحزب سلفي لن يصل الى سدة الحكم إطلاقا لأن نصف مصوتيه أو أكثر من العلمانيين، ومشروع الحزب نفسه، ليس سلفية منتقاة على أهواء قادته، والعلمانية مرجعية النظام.
ومن أجل الإنصاف، لا ألوم الشعوب العربية إطلاقا، مع إدراكي الكامل بأن أي صناديق اقتراع في أي دولة عربية لن تفرز إلا السلفيين، وكل فجر ديمقراطية سيأتي بعتمة سلفية أقسى بما لا يقاس مما كان، ولا ألوم من سيصوت للسلفيين لأن الأنظمة الحالية تركت مناخا ومرتعا للسلفية، وهي مجرمة مرتين، واحدة من ظلمها، والأخرى من قمع كل الأحزاب المتنورة وفسح المجال للسلفية التي لا تحتاج لتنمو إلا إلى من يقمعها حتى تقوى وتصل الحكم.
السلفية قادمة، ولا أقول ذلك من أجل إحباط أي ثائر ضد ظالم، بل من أجل كشف الحاضر وقراءة المستقبل، والمستقبل القريب لا يبشر بأي خير، وكما قلت في مقالة سابقة بأن مصر وسوريا هما بوصلة العرب، ومصر مع كل هذا الحب لشباب ميدان التحرير، هؤلاء الأبطال الذين هم شرف العرب، مسلمين ومسيحيين، هم دفعوا ثمن تحرير مصر من طاغية، وكل حسرتي على هؤلاء الثوار أنهم الآن يذرفون الدموع على فتنة طائفية نتيجة فراغ أمني شاركوا هم فيه.
أقول وبكل وضوح، الشعوب العربية الآن على ضفة نهر هادر، وتجاوز النهر مكلف جدا. والنهر الجارف هو الجماعات السلفية التي لا سلف لها إلا عقليتها العنصرية الجاهلة التي لا علاقة لها بأي إسلام. وهذه الفئة هي الغالبة في كل صناديق الاقتراع، وسيسقط كثيرون شهداء من أجل اجتياز هذا النهر الجارف، لكن، بعد اجتياز هذا النهر الطاغي، سيصل منا كثيرون إلى شاطئ الأمان.
وحتى لا أضيع غايتي من هذه المقالة، أذكر السلفيين الذين يبيعون المسلمين بضاعة التزامهم بسيرة السلف الصالح، بأنني أتحداهم، نعم، أتحدى كل سلفي بأن يصرح علنا بالسلف الصالح الذي يقتدي به أو بهم، وأقول بكل صراحة، لست متدينا، لكنني مستعد للدفاع بالوثائق التاريخية، وبالنصوص الدينية عن الإسلام والمسلمين من حملة السلفيين الذين بالغوا في استغلال الاسلام، وبالغوا في تشويه تاريخ العرب والمسلمين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم


.. 116-Al-Baqarah




.. 112-Al-Baqarah


.. سي إن إن تكشف عن فظائع مروعة بحق فلسطينيين في سجن إسرائيلي غ




.. نائب فرنسي: -الإخوان- قامت بتمويل الدعاية ضدنا في أفريقيا