الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلفية المفترى عليها 1/1

محمود جابر

2011 / 5 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حين اسمع عبارة المفترى عليه أو المفترى عليهم أتحسس رقبتي، فقد جرى ضمهم إلى مجموعات المفترى عليهم، من أول معاوية المفترى عليه، ويزيد المفترى عليه، والدولة الأموية المفترى عليها، وكذلك العثمانيون، وكل هؤلاء كانت أخطائهم أو خطاياهم قد بلغت حد يشيب منه هوله الولدان، ويكفى أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر أن يزيد هدم الكعبة بعد ضربها بالمجانيق، وأن دولة بنى أمية قتلت سعيد بن جبير وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر وقلبهم الإمام الحسين بن على، وكذلك إباحة مدينة رسول الله لجند يزيد ثلاثة أيام استبيحت فيها الأعراض والدماء حتى أفضت هذه المصيبة إلى إفضاء بكارة ألف فتاة مسلمة من مسلمات المدينة هن بنات المهاجرين والأنصار، وكذلك ارتكبت الدولة العثمانية من الأخطاء والجرائم التي أدت بالعالم الإسلامي أن يكون فريسة للغرب المحتل بعد أن تم إفقار هذه الأقطار معرفيا ودينيا، ورغم كل هذا نجد هناك أصوات وكتابات تخرج بين الحين والآخر تقول " المفترى عليهم".
وهذه المرة خرجت عدة أصوات " إخوانية وسلفية وجماعاتية" تدافع وتنافح عن الجماعة السلفية، وأن اتهامهم فى كل كبيرة وصغيرة فى مصر يمثل نموذجا صارخا فى الافتراء، حيث أن الجماعة السلفية فى مصر تمثل نموذج الاعتدال والمنهجية والمحافظة على الإسلام، ولكن ينقص هؤلاء دفاعهم عن أنفسهم ضد الهجمة العلمانية الشرسة التى تتعرض لها مصر، فهل حقا هذا الكلام صدقا؟ وأن السلفية مفترى عليهم ؟
رغم العشرات والعشرات من القنوات الفضائية السلفية، ورغم المئات بل الآلاف من المواقع الالكترونية، هل ما يزال هناك فريق يملك التبجح فى القول ويقول إنهم لا يملكون منفذا إعلاميا، ويبنى كلامه على إنهم وحتى الآن لا يملكون صحيفة واحدة فى مصر!!
وحتى نتبع الموضوع تتبعا علميا ومنهجيا صحيحا لا بد أن نعرف من هم السلفية أولا ، وما هو منهجهم وما هى رموزهم .
السلفية : وفقا لما أورده الدكتور النفيس فى كتابه " نقض الوهابية"
يقول الكاتب السلفي محمود عبد الحميد العسقلاني: معنى كلمة السلفية: هي من كلمة سلف يُسلف بالضم سلفًا بفتحتين أي مضى والقوم السُّلاَّف المتقدمون. وسلف الرجل آباؤه المتقدمون.
والمراد بالمذهب السلفي ما كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين، وأتباعهم وأئمة الدين ممن شُهد له بالإمامة وعُرف عظم شأنه في الدين، وتلقي الناس كلامهم خلفًا عن سلف كالأئمة الأربعة وسفيان الثوري، والليث بن سعد وابن المبارك، والنخعي، والبخاري، ومسلم، وسائر أصحاب السنن دون من رُمي ببدعة أو اشْتُهِرَ بلقب غير مرضي مثل الخوارج والروافض والمرجئة والجبرية والجهمية والمعتزلة فكل من التزم بعقائد وفقه هؤلاء الأئمة كان منسوبًا إليهم، وإن باعدت بينه وبينهم الأماكن والأزمان وكل من خالفهم فليس منهم وإن عاش بين أظهرهم وجمع بينهم نفس الزمان والمكان.
فيكون المراد بالسلف الصحابة -رضي الله عنهم- وقد تُوسِّعَ في هذا المصطلح فشمل من تبعهم بإحسان من التابعين وتابعيهم من أئمة الدين ممن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، سواء كانوا من القرون الخيرية أو ممن جاء بعدهم .
أما الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق فيقول أن كلمة السلفية هي اختصار لتعريف مطول فالقول بأن فلانا سلفي يعني أنه ليس خارجياً مستحلاً دم المسلم بالمعصية، وليس رافضياً ممن يكفر الصحابة، وليس محرفاً متأولاً بالباطل ممن ينفي صفات الله ويحرف معانيها، وليس مشبهاً لله بخلقه وليس حلولياً أو اتحادياً ممن يقول بالوحدة أو الحلول، وليس صوفياً، وليس قبورياً ممن يعبد القبور لها ويقدم النذور، وليس مقلداً متعصباً ممن يلتزم قول إمام بعينه ولو علم أنه يخالف الآية والحديث.. فكلمة السلفي هي تعريف مختصر يختصر كل الاحترازات السابقة وليست السلفية بعد ذلك نسبة إلى إمام بعينه أو شيخ خاص، وإنما هي المنهج والطريق الذي سار فيه الصحابة والخلفاء الراشدون والأئمة المرضي عنهم والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما الشيخ صالح آل الشيخ فيقول:
المسلمون صنفان: سلفيون، وخلفيون. أما السلفيون: فهم أتباع السلف الصالح. والخلفيون: أتباع فهم الخلف، ويسمون بالمبتدعة إذ كل من لم يرتض طريقة السلف الصالح في العلم والعمل والفهم والفقه فهو خلفي مبتدع.
إذا السلفية كما يدعون ليست نسبة لإمام معين وهو كلام ينم عن استخفاف بعقول الناس إذ يكفي أن تقرأ أي كتاب من كتب القوم لترى أن أغلب ما يقولونه هو نقل عن ابن تيميه وابن القيم وابن عبد الوهاب وهم أئمتهم الذين (شُهد لهم وعُرف عنهم ولهم) والمعنى أن (المعروف فيهم ما عرفوا، والمنكر عندهم ما أنكروا، مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم، وتعويلهم في المهمات على آرائهم، كأن كل أمرئ منهم إمام نفسه، قد أخذ منها فيما يرى بعرىً ثقات، وأسباب محكمات).
أما الأطرف من كل هذا فهو تعريف السلفية عند الشيخ عبد الخالق الذي يقول أن هذا التعريف اختصار لتعريف مطول وعندما يكون التعريف مطولا يفقد أهم خصائص التعريف وهو الاختصار ويتحول إلى وصف وشتان ما بين الوصف والتعريف!!.
يمكن أن تصف شيئا هلاميا أسود اللون يرتفع عن سطح الأرض عدة أمتار أو عدة سنتيمترات من دون أن تعرف حقيقة هذا الشيء،وبالتالي فالوصف ليس تعريفا على الإطلاق!!.
يمكنني وصف السلفية من خلال وصف مظهر مدعي الانتماء للسلف الذين يرتدون الجلباب والطاقية ويطلقون لحاهم على عواهنها ويتأبطون كتابا أثناء سيرهم في الطرقات ويسقطون بسم الله الرحمن الرحيم من سورة الفاتحة بعد أن صدر قرار من أبي هريرة بحذفها من القرآن كما أنهم يتميزون بنظرات الاحتقار التي يوزعونها على كل من عداهم إضافة إلى قص ما يتراوح ما بين خمسة إلى عشرة سنتيمترات من السروال لزوم إظهار التواضع لله رب العالمين !!.
الشيء المؤكد أن هذا وصف لصورة قاتمة ولكنه ليس تعريفا بحال من الأحوال!!.
المفارقة الأخرى تكمن في تقسيم المسلمين إلى سلف صالح وخلف مبتدع في حين أن المناهج العقائدية والفقهية التي يتبعها القوم كلها من صياغة هذا الخلف المبتدع.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر فالعقيدة الواسطية التي يعتنقها القوم هي من وضع ابن تيميه الحراني وهو من أبناء القرن الثامن الهجري وكذا ما كتبه تلميذه ابن القيم, فكيف نقبل هذا التقسيم الذي يعتبره القوم أساسا لمعتقدهم؟!.
السلفية إذا لا تعدو كونها إطارا فضفاضا جرى من خلاله تمرير أفكار أغلبها من مبتدعات نجم أنجبه (وخلفه) لنا عصر المماليك, هو ابن تيميه وتابعه محمد ابن عبد الوهاب لا أكثر ولا أقل.
والحقيقة أن التسمية الواقعية للسلفية هى الوهابية ، فعيونهم التي يرون بها هى عين محمد بن عبد الوهاب واجتهاداتهم التي يروجون لها هى اجتهادات تلاميذه ومريديه، والشرطة الدينية التي تحرق الكنائس وتهاجم البيوت بحثا عن الفجور وتعترض طريق النساء غير المنتقبات هى صورة بالكربون من مطوعي السعودية، واغلبهم أصحاب سوابق، ثم خرجوا يفتشون فى ضمائر الناس عن الحلال والحرام.
وليست مصادفة أن نجد راية السعودية مرفوعة فى مظاهراتهم ، ومعلقة فى تجمعاتهم، ومرسومة على صدورهم، وليست مصادفة أن السعودية هى التى تمول نشاطهم، وأنفقت بسخاء على قنواتهم الإعلامية الفضائية، التي تحول فيها هؤلاء من حاملى الدبلوم الفني الصناعي والتربية الرياضية الى نجوم فضائيات .
إنها سلفية الأقمار الصناعية التي وصلت إلى الناس فى غرف نومهم، دون الحاجة الى الذهاب الى مساجدهم، وهو ما ضاعف من أعدادهم أضعافا مضاعفة.
وقد نجح هؤلاء الخبثاء فى الرياض بمعاونة مبارك وحكوماته المتعاقبة فى مخاطبة ود البسطاء فى مصر،عن طريق جمعية أنصار السنة الجمعية الشرعية، وكثير من المساجد السلفية التي تتلقى أموالا طائلة من أثرياء الخليج وحكومتها وفقا لما نشرته ويكليكس ...
والسؤال من هم الوهابية ولماذا تدفقت هذه الأموال إليهم فى مصر ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السلفية الدينية كيف يجب ان ننظر اليها؟1
د.عبد الجبار العبيدي ( 2011 / 5 / 15 - 01:13 )
أخي د.جعفر المكرم،ما يدور بيننا هذه الايام أحسبه حوارا نافعا لنا ولكم وللأخرين.ارجو ان يستمر ويتوسع مع الايام،وكم أتمنى مشاركة الاخرين لنفيد ونستفيد،بعد ان أحلت السلفية فينا نظرية النقل بديلا لنظرية العقل. السلفية يا سيدي الكريم ليست من ابتكارهم فقد وردت في القرآن فتلقفوها على عكس ما وردت وبنوا عليها تصوراتهم التي أدخلت الامة في نفق يصعب الخروج منه الا بتكاتف العلماء لا الفقهاء.،يقول الحق: (بل قالوا انا وجدنا اباءنا على امةٍ وانا على اثارهم مهتدون،الزخرف22 ) ونسوا ان هذا الموقف القرآني يدعوالى ان نحترم التراث لا ان نقدسه،فان التقديس يعني قتل المعاصرة وهذا يعني ان السلفية هي عكس المعاصرة تماماً لتمسكها بعنصر التقديس لا الاحترام فقط،وهي نظرية تدعو الى اتباع خطى السلف بغض النظر عن مفهوم الزمان والمكان وهو امر مخالف تماما للنظرية الجدلية في القرآن الكريم بموجب الاية 54 من سورة الكهف، فالسلفي هو انسان مقلد،اضافة الى انه اهمل الزمان والمكان واغتال التاريخ واسقط العقل وهو هارب من تحديات القرن الواحد والعشرين ومهزوم هزيمة نكراء امام هذه التحديات ،وهي البحث عن الذات في فراغ وليس في ارض


2 - السلفية الدينية كيف يجب ان ينظر اليها.2
د.عبد الجبار العبيدي ( 2011 / 5 / 15 - 01:35 )
الواقع. ولدرجة ان بعضهم يعتقد ان القرآن من التراث ،فهنا وقعوا في اشكالية الصالح لكل زمان ومكان من عدمه ، ونسوا ان النص القرآني ثابت في نصه متحرك في محتواه ،وألا كيف يكون صالحا لكل زمان ومكان ،لانه يتعارض تماما مع نظرية الترادف اللغوية لكون لغة التفكير القديمة قائمة على ادراك المشخص ولم تكن فيها التسميات الحسية قد استكملت بعد تركيزها في تجريدات. ويؤكد ابن جني في نظريته والمعتمدة في نظرية الجرجاني ان اللغة نشات وتطور نظامها وأكتمل بشكل موازٍ لنشأة التفكير الانساني وتطورنظامه وأكتماله،هذا التوجه العلمي لم يكن معروفا عند فقهاء السلف المعتمدين عندهم،فظلت نظرياتهم تنتقل من جيل الى جيل دونما تطور في مفاهيمها فجمدت عقولهم على ما نرى ونسمع منهم اليوم.وخير مثال ما فسره الغزازي الذي ارسلت حديثه الي قبل يومين حين فسر لكم دينكم ولي دين،حين قال:ان الدين عند الله الاسلام ولا اعتراف بأي نص اخر و:أن الديانات الاخرى من نوح الى محمد مرورا باليهودية والمسيحية قد ألغيت نصوصها تماما،علما ان نشأة الدين الاسلامي كانت تطوريه حتى حين جاء بنصوص حضارية قديمة على سبيل العضة والاعتبار،أمر يحتاج الى شرح مطول....


3 - مميزات السلفين
ابراهيم المصرى ( 2011 / 5 / 15 - 02:03 )
تحياتى عزيزى محمود لجراتك على انتقاد البقرة المقدسة اللتى يرتجف الناس فى مصر حين يتناول احد ما شيوخ السلفية العتاة محمد حسان ومن على شاكلتة اطالوا اللحية عنة بعض السنتيمترات ام انقصوا طول الثوب عنة سنتيمترات وتركوا للسلفيات حرية كنس قازورات شوارعنا بجلابيبهن تفعيلا لاقوال المصطفى واضيف لماقلت عن الصفات المميزة للسلفين واقصد المميزة ليس ضربة سكينة او لجأ (سيف قصير) انماسلوكياتهم فهم عابدى البشر(لن تجد سلفى الا مرتميا عند اقدام شيخة)وهم كارهى كل جديد وعنما يتكلمون يشوحون بازرعتهم ويزعطون ويتفتفون وملمح اخر يلبسون الطرح (مصيبة ان يرتضى رجل لحيتة سبرين ان يقلد المرأة ويشاركها الطرحة) ولن تجد فى فضائياتهم سيدة واحدة تقدم برنامج اومن الفنين (اين المنظمات النسوية والحقوقية من ذلك؟)ولن تجد صوت لموسيقى فهى عندهم دون كل البشر امور شيطانية وخطية بحجم الهرم وملمح اخر معظم شيوخهم كوشوا على الستات اى احتكروا الستات بالمخالفة لقانون منع الاحتكار كل شيخ ايم باربع ستات تحل من على المشنقة اخيرا هل السلفين قادرين على الحياة المعاصرة؟


4 - شكرا لك استاذ محمود جابر
وليد مهدي ( 2011 / 5 / 15 - 07:17 )
موضوع جدير بالاهتمام

السلفية فعلا هي ما ذكرت , واضيف لك عنها سيدي الكريم بانها - ردة - فعل تجاه انهيار وتفكك الحضارة الإسلامية , السلفية حالة انكماش في الثقافة الإسلامية ومحاولة إرجاعها إلى كنف الصحراء

دمت بالف خير ايها العزيز


5 - ممتاز
سليمان الفقى ( 2011 / 5 / 15 - 09:37 )
لم تترك لى عزيزى محمود شى اعلق عليه كنت وافى ومستوفى ادامك الله لانارة ظلمت اوطاننا اشكرك


6 - شكرا للاصدقاء
محمود جابر ( 2011 / 5 / 15 - 12:51 )
اولا شكرا للاصدقاء جميعا الدكتور عبد الجبار الاستاذ وليد اخى الفقى وابراهيم المصرى، نحن فقط هنا تعرضنا لاشكالية التعريف وبعض من ملامح هذا التيار وسوف نبرز فى الحلقة القادمة مدى التطابق بين عقائد السلفية الوهابية وبين عقائد اليهود الخاصة بالذات الالهية ..
رجاء المتابعة


7 - لناذا السلفية
الطيب /// عبد الله محمد صقر ( 2011 / 5 / 16 - 01:22 )
هل نحن فى جاجة لفقه جديد ؟ هل نحن فى حاجة الى أناس يوجهونا الى ديننا ؟ هل قطع الاذن من شرع الله ؟ نحن فى أمس الحاجة لمن يزيل الاحتقان الذى زرعه فى الصدور , كما أننا لمن يعلمنا لغة التسامح , ولغة التاخى والعفو والحب , أن أبجدية الحياة تتطلب منا أن نحافظ على الاوطان من كل الدخلاء الذين يريدون تدمير الوطن وهم أبعد الناس عن الدين وفهمه بالطريقة الصحيحة التى ترضى الله , هناك خفافيش الليل الايود الذين يتربصون بالوطن ويبيحون كرامة الناس للخطر والمهانة , أننا جميعا ننتمى لمصر , والذين يشذون عن الاطار العام لشعبنا ويبيحون ما حرمه الله , إنما يلعبون فى الوقت الضائع , وهم يسبحون ضد التيار وسيكون مصيرهم مزبلة التاريخ لانهم يعرضون أمن الناس للخطر الجسيم , هل من العدل أن يهدم قبر انسان , أو يقام الحد على أحد الاشخاص ويقطع أذنه ؟ كم منا سخط على هذا السلوك الذى لا يتمشى مع أى دين .