الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيفارا ....مقهى ومطعم

سوسن بشير

2004 / 11 / 3
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


هذه العبارة قد تُفاجئ السائق والراكب والماشي، وربما الجالس أو المقيم في شوارع القاهرة، خاصة إن كان يعرف شيئاً عن جيفارا، وعليه أن يعرف الإنجليزية أولاً،لأن عبارة العنوان تلك ، ما هي غير إعلان كبير منتشر في أرجاء القاهرة مكتوب بالإنجليزية، ولا أشير هنا في معنى المفاجأة، إلى أي أثر سلبي أو إيجابي مباشر، إنما فقط وقع المفاجأة، أي الدهشة، الذي قد يعيد إلى أذهان البعض قضية، دارت في بريطانيا منذ بضعة أعوام. وطرفا القضية هما، شركة فودكا بريطانية ومصور كوبي. استخدمت الشركة صورة شهيرة لجيفارا للإعلان عن منتجاتها، والمصور هاله الأمر، فالصورة التي التقطها منذ عقود للثائر الكبير، وغدت بعد وفاته الصورة الأشهر، ستستخدم للإعلان عن زجاجة فودكا.الطريف في الأمر أن الإعلان الكبير المنتشر في شوارع القاهرة،يحمل رسماً مطابقاً لنفس الصورة المذكورة،لكن توفي مصورها على أية حال،وحتى لو كان حياً ربما لن يسمع عن مقهى ومطعم جيفارا القاهري،وإن سمع عنه لن يعامله معاملة زجاجة الفودكا.
و ربما يطرح الإعلان في ذهن البعض الآخر رؤى سعيدة، حول ذيوع الأفكار الاشتراكية و اليسارية، بصورة جماهيرية في شكل مقهى ومطعم،أو طرح فكرة الثورة بشكل عام،على الشباب الذين سيرتادون المكان،وسيسألون "من هو جيفارا؟".
ولجيفارا مع الشعب المصري مصادفات، فمن المعروف أن جيفارا المولود في الأرجنتين عام 1928،لم يصبح ثورياً ويتعرف بشكل حقيقي على مؤلفات ماركس،إلا بعد تخرجه من الجامعة كطبيب،فانفتاحه على الدنيا بدأ بتخرجه عام 1952،عام الثورة المصرية. ومقتله على يد القوات البوليفية،جاء في عام 1967،عام النكسة المصرية العربية.
وبينهما زار جيفارا مصر عام 1965،والتقى جمال عبد الناصر،و خطب في فلاحين مصريين في شبين الكوم.
وربما يفيدنا الرجوع إلى مقال كتبه الناقد المصري الكبير،واليساري أيضاً "فاروق عبد القادر"،بمناسبة الذكرى الثلاثين على مقتل جيفارا،وكان بعنوان"قائد حرب العصابات ضحية الخيانة"،والرجوع لهذا المقال في نقطة محددة،هي مراجعته لصفات الثائر جيفارا،لإهدائها للشباب الذين لا يكادون يذكرون عنه شيئاً بحد وصفه.
فيحدد فاروق عبد القادر خيطاً واحداً،ينتظم حياة جيفارا،وما هذا الخيط إلا "تحدي العقبات ومقاومة صور العجز والضعف"،بدءً من مقاومته للربو بالرياضة،وإصراره على التجوال في دول أمريكا اللاتينية،لاكتشاف حقيقة الوضع البشري فيها،الذي تأكد له أنه مزري،مما جعله يعيش على الحد الأدنى للمعيشة،وصولاً إلى قناعته بأن ما تحقق بنجاح جهده إلى جوار كاسترو،والذي تكلل بسدة الحكم في كوبا لكاسترو،و له وزيراً،لا يكفيه عن طلب العدالة الاجتماعية لباقي دول أمريكا اللاتينية،مروراً بقناعته بأن عليه صوغ أيديولوجية جديدة،بعد أن أصبح مثقفاً وثورياً ومقاتلاً،حيث يستخلص دروساً من كل معركة ،ليضع قانون الجماهير لتحرير نفسها من الحكومة المستبدة عبر حرب العصابات.
وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف حول قضية حرب العصابات، هنا تكون عودتنا إلى إعلان المقهى والمطعم، الذي كتب بالإنجليزية، محدداً الموقع في شارع بأحد أرقى أحياء القاهرة (لن يدخله أمثال من دافع عنهم جيفارا على أية حال) قد يكون صاحبه من محبي جيفارا لأي سبب، وقد تكون فاتحة سلسلة محلية، أو تكملة لسلسلة أخرى عالمية، لكن علينا أن ننتبه، فهذه الحالة لا تتشابه مع سلاسل المطاعم التي يؤسسها مشاهير بأنفسهم،ويطلقون عليها أسماءهم.الأسئلة تفرض نفسها في حالة جيفارا، فالرجل الراحل منذ عقود،لم يكن نجم تمثيل أو رقص أو غناء،وإنما نال شهرته تلك التي يستعيرها البعض ، بسبب ما ارتبط به، من قيم الثورة والاشتراكية والعدالة والحرية،يناقضها على الطرف الآخر،القيم الاستهلاكية الرأسمالية ،التي تخاطب شريحة محددة دون غيرها في دولة نامية،وتظهر هذه القيم أول ما تظهر في سبل الإعلان عنها،قبل الخوض في تفاصيلها.مما يجعل السؤال الأساسي:ألم يجانب أصحاب هذا المشروع الصواب،بإطلاق اسم جيفارا عليه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف


.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام




.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا


.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال




.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل