الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعبة تسييس الدين وتديين السياسة

نبيل هلال هلال

2011 / 5 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لعبة تسييس الدين وتديين السياسة :
من العجيب أن نري اليهود اليوم يسائلون رئيس دولتهم ويحاكمونه على تهم يُرمى بها - فهو لا يعلو فوق القانون ولا يقوى على انتهاكه - بينما كان الخليفة النبوي دائما فوق القانون , ولم نجرؤ نحن المسلمين أن نفعل ما يفعله من نسميهم "أبناء القردة والخنازير".
وكانت نصوص الآداب السلطانية تؤسس لنظرية الحق النبوي والحق الإلهي في الحكم , وتكرس مبدأ الطاعة المطلقة غير المشروطة لمولانا السلطان , ولم ينقصها اختلاق سند ديني بتأويل بعض الأحاديث النبوية واختلاق البعض الآخر .
وفي الغرب " الكافر" ! لهم قصة كفاح طويلة ضد طغيان الملوك وضلال الكهنة , وعَلِموا أنه لا ينبغي أن يكون للكاهن سيف , أو لرجل السياسة قداسة وعصمة . وانتهى بهم الأمر إلى ترسيخ سلطة الأغلبية , فسبقُونا إلى الازدهار والنهضة , وبقينا نرسف في أغلال الخليفة والفقيه , إذ لم نصارع الجبت أو ننافح الطاغوت , بل ولم نجرؤ على مجرد تخيل فكرة التصدي لهما , ولم يكتف الغرب غير المسلم بفصل السلطة الدينية عن السلطة الزمنية , بل قام بترسيخ الاستقلال بين مكوناتهما , ففصَل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية , وهو فصل وَرَدَ في إسلامنا النظري الذي حيل بينه وبين التطبيق كما أسلفنا .
ومنذ الأزل كان ثمة صراع على السلطة بين الحاكم والكاهن منذ أن حَكم القبيلة البدائية أقوى رجالها ونافسه الساحرُ المشعوذ , وأسفرت التجربة الإنسانية المبكرة على أن مصلحتيهما لا تكونان بغير تعاونهما معا . وتلك كانت بداية الدولة الدينية الثيوقراطية التي يقبض فيها حاكم قوي على قَرْنَي البقرة بمباركة شريكه المشعوذ , ليتقاسما ما نهباه معا بينما تتلى التراتيل الدينية في المعبد وسط تهليل "المؤمنين" المغفلين بحياة حاكمهم حامي حمى القبيلة والديار !
والحاكم القوي ونظامه العسكري يحولان المشهد إلى غابة يكون فيها المسيطر هو أقوى الذكور وليس أعقلها .
والناس دوما هم أدوات الإنتاج الحقيقية , وهي أدوات تمتلكها وتسخرها الطبقةُ المسيطِرة - إقطاع أو رأسمالية - وخير وسيلة للسيطرة على هذه الأدوات هو استهدافها بالفكر الديني الذي يقوم كهنة السلطة والملأ بتفسيره على نحو يخدم غايات ومصالح الثالوث , ثالوث تبادل المصالح (السلطان والكاهن والملأ) .
فالسلطان صاحب السلطة غير الشرعية - سواء أكان ملكا أو خليفة أو إمبراطورا - هو الأقوى بجنوده ويفرض بهم شرعيته . والكاهن هو صاحب " العِلم " والعلم الديني خاصة , سواء أكان هذا الكاهن عالم ديني سماوي أو غير سماوي , أو ساحر أو مشعوذ , المهم أن يُعرف بأنه صاحب عِلم خاص ينفرد وحده بفهمه , ويجهله غيره , فيعطي بذلك لنفسه حق التميز على الآخر واستغلاله واستعباده . والضلع الثالث هو صاحب المال سواء أكان إقطاعيا أو رأسماليا , أو كان ضمن مجموعات المصالح الرابطة بين" ضِلعي " السلطان والكاهن والمستفيد من وجودهما على الساحة . وتتأرجح حركة الملأ المرتزق قربا أو بُعدا من أحد الضلعين الآخرين بحسب ما تمليه عليه المصلحة , مصلحته .
وهذا التصنيف الطبقي يحدد دورا بعينه لكل طبقة على نحو يقلص فرص الصراع بينها من أجل المصالح والمغانم فلكل منها حدود متفَق عليها : حدود في الطموح السياسي والمغانم والغايات , لا تتعداه قيد أُنملة , فمثل هذا التعدي يقوض توازن الثالوث برمته . والتسليم من جميع الأطراف والطبقات بهذه الحدود يؤدي إلى السلام الاجتماعي والهدوء الذي يكون عادة على حساب الطبقات الدنيا المطحونة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل