الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شكراً اوبرا

رشا أرنست
(Rasha Ernest)

2011 / 5 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حين قررت الكتابة عنها لم اعرف ماذا أقول؟ فكل ما أقوله ربما يكون تكراراً أو إضافة ليس أكثر. فماذا أقول عن امرأة اقل ما يُقال أنها النموذج المثالي لامرأة كسرت القيود. ماذا نكتب عن اوبرا وينفري تلك الأمريكية السمراء والإعلامية الأولى على مستوى العالم التي قالت لا للعنصرية ولا لتهميش المرأة ولا لكل ما هو ضد الإنسانية في برنامج يُعد الأشهر عالمياً؟..... لم تكن تعلم اوبرا حين ولدت بإحدى أحياء كوسيكسو بأمريكا عام 1954 أن لونها الأسمر والذي خلقها الله عليه سيكون النقطة الفارقة في حياتها، لتتحدى كل ظروف رفضها كأمريكية سمراء لتحوله إلى نقطة تحول في تاريخها وتاريخ أمريكا الإعلامي. تلك السمراء التي أبدعت إعلاماً مختلفاً مع برنامجها الشهير منذ 25 عاماً، والذي حمل اسمها فأعطاها كما أعطى للإعلام الأمريكي شهرة واسعة تحولت إلى مدرسة إعلامية.
طفولتها الصعبة لم تقف عند لون البشرة أو الفقر، حيث عمل أبوها بالحلاقة ووالدتها خادمة في البيوت وإنما ازداد صعوبة بانفصال والديها فزادت هي تمسكاً بالوجودية. الإحساس بالوجود والكينونة حتى في اصغر الأشياء كان الهّم الأكبر في حياة اوبرا حتى الآن. الطموح لإثبات الذات كان ينتقل بها سريعاً من مرحلة إلى أخرى، فمنذ أن بدأت كمراسلة لإحدى القنوات وهى بعمر الـ 19 ثم ممثلة مسرحية يليها مقدمة برامج وسؤال مَن أنا؟ كان يُعدّها لتكون هذه المرأة التي لا تُقهر.
استطاعت اوبرا خلال 25 عام إعطاء فرصة لمشاهدين برنامجها أن يُبحروا معها داخل ذواتهم ليكتشفوا مَن هم؟ أعطت الفرصة لكل إنسان أن يعترف بما في داخله ببساطة الأطفال ونضوج الكبار وكانت دائماً تُرجع الفضل إلى إيمانها بان الله يرعى كل ما تقوم به ويُساعدها كي تُساعد هؤلاء.
لا تستطيع أن تميز بينها وبين احد ضيوفها خلال أي حلقة لأنها ببساطة كانت طوال الوقت تأخذ منهم لتُعطيهم. "انتم سرّ نجاح البرنامج" هكذا قالت في أخر حلقة لبرنامجها يوم الأربعاء الماضي 25 مايو 2011. لقد اعتبرت اوبرا أن أهم سبب لنجاح البرنامج هو تحرير ضيوفها من الشعور بالعار، جراء الاعتراف بأخطائهم أو أفعالهم المستنكرة في المجتمع، أو لحوادث ضد الإنسانية كالتحرش أو الاغتصاب تعرضوا لها. ولذلك استطاعت -خلال 4561 حلقة في 25 سنة- الحصول على اعترافات بالآلاف، مباشرة على الهواء، من مدمنين ومثليين وآخرين يضربون زوجاتهم، أو مرضى بالإيدز أو ذوي احتياجات خاصة.
لقد كسرت قاعدة الفتاة الشقراء الجذابة لتُعطي مثالاً حياً لإثبات الذات بالعمل. "طوال البرنامج كانت المشكلة الرئيسية لضيوفي هي كيف يجدوا قيمة لأنفسهم" هكذا اختصرت اوبرا خبرة أكثر من عقدين من الزمن، فكانت تجول في أعماق الناس في بلدان كثيرة تكتشف معهم القيمة الحقيقية لوجودهم. تلك القيمة التي يظل يبحث عنها الإنسان طوال مشوار حياته مدعياً أحياناً انه وجدها وأحياناً أخرى انه فقدها. القيمة التي تعطي لإنسانيته قدراً من الاستحقاق بعيداً عن العرق أو اللون أو الدين.

مِن كسر القيود إلى إيجاد قيمة وجودية، وصولاً إلى الشهرة ودّعت اوبرا وينفري جمهورها بشكل غاية في الروعة والرقي. لم تتكلم بنبرة الملكة المتربعة على عرش الإعلام أو نبرة المرأة المغرورة بما لم يفعله غيرها، وإنما بنبرة امرأة مكافحة عرفت كيف تدير حياتها وتنجح من خلال خبراتها في الحياة. ولم تنسى أن تمنح الفضل في هذا النجاح المنقطع النظير بكل تواضع لفريق عمل البرنامج ولجمهورها الذي أعطاها تلك الفرصة لتكون تلك المرأة التي تفخر بها كل أمريكا ويفخر بها نساء العالم.
شكراً اوبرا من اجل كل شيء ولن نقول وداعاً ولكن إلى اللقاء، لأننا في انتظار طلتك الجديدة من خلال برنامجك الجديد "اون" على قناتك الخاصة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة