الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معنى الوطن

صاحب الربيعي

2011 / 6 / 5
المجتمع المدني


الوطن ليس مكاناً نعيش فيه، وإنما وطناً يعيش فينا خلال كل محطات العمر لأن قيمته تكمن بصلاته المجتمعية وسجله التاريخي عنوان إنتمائنا، فالثالوث المقدس الوطن والدولة والمجتمع دالة على المكان والتاريخ والانتماء. وخوفنا على الوطن يعدّ انعكاساً شرطياً عن خوفنا على تاريخنا الذاتي وصلاتنا الموروثة معه، وحين نخاف من الوطن نهرب بعيداً لنلغي من سجل تاريخنا الشخصي محطة عمرية كاملة ونتعكز على المحطات العمرية اللاحقة لبناء ذات مهزومة من مكانها وتاريخها. التحول في المكان لا يلغي الوجود لأن المكان ثابت يمكن تعويضه بمكان آخر وقدسيته الكامنة في الذات تتغير بدالة الزمن وتراجع الإحساس به، وأن نغادر عنوة وطناً كامناً في ذاتنا نخفيه مثل المهربين في القلب عن حرس الحدود. لكن الأشد قسوة أن نجاهد على طرد الوطن من ذاتنا، حين يصبح عبئاً ثقيلاً علينا في المنفى.
تعتقد (( أحلام مستغانمي )) " أن الوطن لا يرسم بالطباشير والحب لا يكتب بطلاء الأظافر أخطائنا.. التاريخ لا يكتب على سبورة تمسك طباشير وأخرى تمسك ممحاة ".
حين تستهلك محطات عمر بكاملها بحثاً عن اجابة أيهما أكثر أهمية الوطن أم المواطن ؟. تتزاحم الأسئلة في الرأس وتتعطل الذاكرة، فتخلق مبررات قدرية لتخفي الذات عجزها وتصيغ عنواناً جديداً لقدر يجعلك ضيفاً على الوطن وسجيناً في وطن وعبداً في إقطاعية الحاكم.. أليس من الحكمة أن تلعن هذا الوطن ؟.
يقول (( منذر حلوم )) : " يعولون أن المكان ثابت ونحن ضيوف طارئون عليه، بل الوطن هو الضيف، اللعنة على الوطن ".
حين تبتلع السلطة الدولة تحول الوطن إلى إقطاعية للحاكم، ويصبح أفراد المجتمع عبيد تختزل ذواتهم في ذات الحاكم الذي يجيير تاريخ الوطن والمجتمع إلى ذاته ومجد أسرته. ومع الزمن يضفي على نفسه القدسية كونه قدراً سماوياً يجب على المجتمع عبادته بعدّه صورة الإله في أرض الوطن فكل أفعال الخير هي صور لذاته المقدسة وكل أفعال الشر تعدّ صوراً لذات المجتمع الشريرة، وبما أنه يتمتع بصلاحيات الإله فمن حقه أن يسلب أرواح الذوات المعارضة لأحكامه. إنه إله الدولة والمجتمع وخليفة الله في وطن يجعله جهنماً على معارضيه وجنة إلى مناصريه.
تتساءل (( أحلام مستغانمي )) : " هل قدر الأوطان أن تعدّها أجيال بأكملها لينعم بها رجل واحد ؟ ".
لا قدسية لسجن اسمه وطن، يكتسب قدسيته فقط من مواطنيه وحدهم يتقاسمون حبه وآلامه ولا قدسية لوطن يفرط بحياة أبناؤه ولا قيمة لمشاعر حب من طرف واحد، فعلى الوطن أن يحب أبناؤه ليحظى بحبهم. إن احتلال السلطة للدولة والوطن معا مرده خنوع غالبية أفراد المجتمع ويتحمل المتصدون وحدهم أعباء مواجهتها، لكن أسفاً يجني الخانعون ثمار الحرية.
تقول (( أحلام مستغانمي )) : " تباً إلى هذا الوطن الذي يدخل المخبرين وأصحاب الأكتاف العريضة والأيدي القذرة من أبوابه الشرفية.. ويدخلني مع طوابير الغرباء، وتجار الشنطة والبؤساء ".
نريد وطناً نخاف عليه لا نخاف منه، نريد وطناً يحفظ كرامة أبناؤه لنحفظ كرامته، ووطناً يدافع عنا لندافع عنه، ووطناً نفخر به ليفخر بنا... نريد وطناً ندون في سجله تاريخنا لا تاريخ حكامنا، نريد وطناً نعيش أحراراً فيه لا عبيد.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس


.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف




.. لحظة اعتقال الشرطة أحد طلاب جامعة ييل الأمريكية المتضامنين م


.. اشتباكات واعتداءات واعتقالات.. ليلة صعبة في اعتصام جامعة كال




.. تقرير: شبكات إجرامية تجبر -معتقلين- على الاحتيال عبر الإنترن