الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شرب القهوة وارتداء (البرنيطة )حرام!

نبيل هلال هلال

2011 / 6 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تراجعت فعالياتنا إلى إنجازات تمت فى أزمان سابقة، إلى بناء الأهرامات وانتصارات حطين وعين جالوت. وتوقفنا عند هذا الحد اكتفاء ورضى باجترار أمجاد الماضى، والتفاخر بمنجزات الأجداد والآباء الأولين، والتغنى بها فى الإذاعة والتليفزيون، بينما ينطلق الآخرون من حولنا بسرعة الصاروخ إلى آفاق جديدة سبق تحديدها بدقة ومهارة ضمن استراتيجيات متكاملة ورؤى استشرافية يقرأون خلالها المستقبل ويخططون له ليصنعوه، عمداً، عن معرفة ودراية والفرق بيّن بين الاعتزاز بماضى أمتنا ومنجزات السلف، وبين الافتتان بهذا الماضى وتقديسه، فنحن لا نرى سوى اجتهادات السابقين، مع عظمتها، ونسقط حقنا فى إعادة النظر فى هذه الاجتهادات فى ضوء المستجدات، وندع هؤلاء السلف يصادرون حقوق الخلف فى سن قوانينهم، وصياغة أفكارهم وفقاً لظروفهم التى تختلف حتماً عن ظروف أجدادهم، وهذا الموقف لهو عين الحجر على الفكر وتكبيل العقل، وكأننا نردد مع شاعر أهل التقليد الأعمى وأتباع السلف :
وكل خير فى أتباع من سلف وكل شر فى ابتداع من خلف ,وكانت سياسة دنلوب التعليمية تهدف إلى تخريج جيل من أنصاف المتعلمين ممن لا يقدرون على القيام بأى عمل فيه تجديد أو ابتكار، ولا بأى نقد منهجى للوضع الراهن ماداموا لا يملكون نظرة تفسيرية نقدية عامة للوجود، ويرون فى الاختلاف والتباين الفكرى لوناً من ألوان الزندقة، ومن الصراع الفكرى جريمة لا تغتفر، ومن دعوة التجديد والتطور بدعة خطرة يجب القضاء عليها بأى ثمن .
وفى عصر العز العلمى للمسلمين كانت المناقشات والمحاورات آلية مقبولة تماماً لاستخلاص الحقائق دونما حظر أو تقييد، فكانت تُعقد المناظرات فى المساجد وقصور الخلفاء والوزراء والأثرياء، ويحضرها فقهاء المسلمين وغيرهم من أهل الملل والنحل الأخرى حتى الصابئة منهم، ويتناقشون ويقلّبون الأمور على أوجهها دون تقييد أو تضييق، وكان الناس يختلفون إلى المساجد ليشهدوا مناظرات الفقهاء وكيف يكون دحض الحجة بالحجة وكيف يُتقبل الرأى الآخر إن كان فيه الصواب، هكذا دون حساسيات، لذا كان ذلك هو المناخ الذى يذكى حركة العلم ويشحذ همم العلماء.
وما وهب الله الإنسان العقل إلا ليستعمله، فهل يتوجب علينا محاذرة ذلك خشية الوقوع فى الخطأ ؟ وإذا تجنب الناس إمضاء آرائهم خشية أن تكون مغايرة للصواب، لآلت أمورهم إلى البوار والكساد. وإذا كان من الخطر تحريم الدفاع عن رأى ما لأننا توارثنا الحكم عليه بالفساد والخطأ، فالأخطر من ذلك هو تنزيه رأى ما عن الخطأ بسبب ذيوع الاعتقاد بصوابه.
يقول جون ستيورات مل:"لو اجتمع الناس على رأى واحد وخالفه فرد فذ، لما كان لهم من الحق فى إخراسه أكثر مما له من الحق في إخراسهم لو استطاع إلى ذلك سبيلا، إذ لا يقدح فى أهمية الرأى قلة المنتصرين له ...، فكأنهم يدعون أن يقينهم هو اليقين المطلق، ولا نزاع فى أن كل إخراس للمناقشة معناه ادعاء العصمة، وذلك أعظم دليل على خطأ القائلين بتقييد حرية الفكر والمناقشة " وكان ينظر إلى أى جديد على أنه بدعه وابتداع يتعين معه استصدار فتوى من رجال الدين بشأنها، حدث هذا عندما عرف العثمانيون شرب القهوة فى أوائل القرن السادس عشر،وحرمها السلاطين بين"1511-1546"،ولكن سرعان ما انتشرت فى حلقات الصوفية. كذلك جرى الأمر بالنسبة للدخان "التدخين"، ولكنه انتشر بعد ذلك فى النارجيلة والغليون .
ولقد قامت الدنيا ولم تقعد عندما أفتى الشيخ محمد عبده بجواز لبس القبعة " البرنيطة الإفرنجية" وعدم تكفير من يرتديها " إذا لم يقصد الخروج من الإسلام أو الدخول فى دين غيره، فإن هذا لا يعد كفراً، وإذا كان لبس البرنيطة لحاجة حجب الشمس أو دفع مضرة أو مكروه أو تيسير مصلحة لم يكن كذلك ". كما حاول الشيخ محمد عبده إقناع المسؤولين عن الأزهر بتدريس مقدمة ابن خلدون لطلبة الأزهر لما فيها – على حد قوله من آراء اجتماعية سديدة وما تكشف عنه من الأسباب المؤدية إلى وقاية الأمم من أسباب البوار. إلا أن مشايخ الأزهر رفضوا ذلك رفضاً قاطعاً وكان سبب الرفض أن (العادة لم تجر بذلك)!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التعليم التعليم هو الأساس
Amir Baky ( 2011 / 6 / 8 - 09:05 )
خطة المتطرفين فكريا و الدكتاتوريين عمليا هو التحكم فى مناهج التعليم و جعل أطفال و شباب الشعوب لا تفكر ولا تحلل ولا تستخدم نعمة العقل حتى يمتطوا الجهلة بعد ذلك. الصراع الحقيقى هو بين العلم و الجهل. فالعلم نور يجعل العقل يفكر و الجهل ظلام يجعل العقل منقاد بلا تفكير. وأتحدى أى شيخ متطرف أن يكون هدفه العلم و المعرفة عمليا. فيمكن تسويق كلام نظرى فى هذا الموضوع ولكن الحقيقة أن كلمة علماء يطلقونها على رجال الدين و ليس على العلماء الحقيقيون وهذه أكبر فضيحة

اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل