الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكراهية والقسوة في المجتمع العراقي (عرس الدجيل أنموذجا)

محمد محبوب

2011 / 6 / 8
المجتمع المدني


المشاهد والأعترافات البشعة الخاصة بمجزرة عرس الدجيل التي عرضت للجمهور مؤخرا صدمت كل ذي ضمير حي وأقضت مضاجع الشرفاء ولاينبغي أن نمر عليها سريعا دون التوقف عندها وأستخلاص العبر والدروس ، ولعل البعض لايريد ذلك ويعتقد أن المطالبة بأطلاق سراح ناشطي التظاهرات الأربعة أهم بكثير من الوقوف عند جريمة بشعة حصلت في أطار فتنة طائفية سقط فيها الكثير من الضحايا.

شهد تاريخ العالم تسجيل الكثير من الجرائم المماثلة، بل أكثر دمويا ووحشيا مما حدث في مجزرة عرس الدجيل، حدث ذلك على خلفيات صراع ديني أو طائفي أو أثني وغير ذلك، حتى في أوربا والولايات المتحدة حيث معاقل الديمقراطية وحقوق الأنسان حاليا أرتكبت بشاعات لم يعرف التاريخ لها مثلا.

أريد هنا أن أتوقف عند نقطتين في غاية الأهمية : الأولى توقيت عرض مثل المشاهد والأعترافات ، والثاني الخلفيات الدينية والأجتماعية المسوغة لأرتكاب مثل هذه الجريمة.

والسؤال المر هنا والمتعلق بالتوقيت ،هل حقا يجري توظيف مثل هذه المآساة المرعة في صراع سياسي بين كتلتي دولة القانون والعراقية من قناة أن احد المنفذين الرئيسين لهذه الجريمة (فراس الجبوري ) وهو عضو فاعل في كتلة العراقية ونشرت له صور مع زعيم هذه الكتلة وقادة أخرين فيها فضلا عن صفته كقيادي في منظمة مهتمة بحقوق الأنسان وتتبنى قضية مايسمى بالمعتقلين ، القضية التي كانت ولازالت البند الأول في برنامج كتلة العراقية.

وقدم فراس أعترافات تفصيلية عن تلك المجزرة التي جرت بدم بارد مشفوعة بمشاهد مصورة حيث أعتاد هولاء الأرهابيون على توثيق عملياتهم كما أظهرت الصور المتداولة مشاركته مع المتظاهرين في ساحة التحرير وتشير المعلومات الى أنه كان ناشطا خلال هذه التظاهرات في المطالبة بأطلاق سراح المعتقلين.

الجريمة حدثت عام 2006 فلماذا يأتي الأعلان عن تفاصيلها اليوم ، ربما تكون عمليات بغداد صادقة في روايتها حيث حصلت مؤخرا على هذه الأعترافات بعد ألقاء القبض على بعض منفذي الجريمة، بالرغم من أن هناك من يشكك في توقيت هذا الأعلان وصدقية هذه الأعترافات!

لكن تلك الشكوك التي تحيط بعملية التحقيق لاتقلل من حجم هذه المجزرة الفضيعة والتي ينبغي التوقف عندها مليا وأدانتها من قبل الجميع ، لا سيما في مؤتمر الأمم المتحدة لحقوق الأنسان الذي عقد في بغداد خلال الأيام الأخيرة ، لا أن تطغى أصوات المطالبين بأطلاق أربعة شبان من ناشطي التظاهرات على أصوات وأنين ضحايا هذه المجزرة الأليمة.

المسألة الثانية في هذا الصدد تحتم على علماء الدين فضح المسوغات الشرعية المزعومة التي تبيح أرتكاب مثل هذه الجرائم المروعة لا سيما وأن الجريمة تمت وفقا لفتوى من أمام جامع ورجل دين كما أن أحد فصول هذه الجريمة اغتصاب العروس من قبل المجموعة قد تم في الجامع (بيت الله) ، وفصولها الأخرى وسط قرية وفي مضيف شيخها وعلى مسمع ومشهد من سكان القرية رجالا ونساءا وأطفالا وفي منتصف النهار وهذه يعني توفر مقبولية معينة لما حدث وأن أهل هذه القرية كانوا مشاركين أو شهودا على هذه الجريمة التي تم التستر عليها منذ العام 2006 .

هناك فتوى من رجل دين تستند الى أرث فقهي يمتد لقرون طويلة يحرض على القتل والسلب والأغتصاب وفقا لقاعدة (تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري والنساء) وهناك الكثير من الفتاوي المتداولة التي تبيح أرتكاب الجريمة مثل فتوى القاضي نوح الحنفي:

نص فتوى القاضي نوح الحنفي في (...)
من توقف في كفرهم والحادهم ووجوب قتالهم فهو كافر مثلهم.....فيجب قتل هؤلاء الأشرار الكفار تابوا ام لم يتوبوا ! ولا يجوز تركهم عليه باعطاء الجزية ولا بأمان موقت ولا بأمان مؤبد ويجوز استرقاق نسائهم لأن استرقاق المرتدة بعد ما لحقت بدار الحرب جائز وكل موضع خرج عن ولاية الامام الحق فهو بمنزلة دار حرب ويجوز استرقاق ذريتهم تبعا لأمهاتهم?

نقلا عن كتاب العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية ص 102 و 103

هذا هو حكم الإسلام في صبيان الكفّار و المشركين و نسائهم ، ذلك مايردده بعض شيوخ السوء دائما :

ومن كلامهم في جواز الأفراط في أستخدام العنف ضد ضحاياهم ولاسيما من النساء والأطفال :

قال ابن تيمية : إن المثلة حق لهم ، فلهم فعلها للاستيفاء وأخذ الثأر ، ولهم تركها ، والصبر أفضل ، وهذا حيث لا يكون في التمثيل بهم زيادة في الجهاد ، ولا يكون نكالا لهم عن نظيرها ، فأما إذا كان في التمثيل الشائع دعاء لهم إلى الإيمان أو زجر لهم عن العدوان ، فإنه هنا من باب إقامة الحدود والجهاد المشروع ، نقله ابن مفلح عنه في الفروع ** 6 / 218

ومواقع الأنترنيت التي تسمى أسلامية مليئة بمثل هذه التشريعات التي تسوغ أرتكاب الجرائم :

(المقصود بقوله (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ): النساء مِن الرقيق، وهنّ الإماء، إذ يحقّ لمالكهنّ أن يطأهنّ مِن غير عقد زواج، ولا شهود، ولا مهر، فهنّ لسن أزواجاً، فإذا جامعهن سُمّيْنَ (سراري) جمع: سُرّيـة.وقد انتهى الرق تقريباً في عصرنا هذا، فلم يعد هناك عبيد ولا إماء لأسباب معروفة، وهذا لا يعني إبطال أحكام الرق إذا وجدت أسبابه، كالجهاد بين المسلمين والكفار، فإن نساء الكفار المحاربين سبايا تنطبق عليهن أحكام الرق، وملك اليمين، وإن أبطلته قوانين أهل الأرض)

وقال فراس الجبوري أحد منفذي الجريمة (سياسي وناشط في حقوق الأنسان) أن المجموعة التي معه عزلت الرجال والنساء والأطفال كلاً على انفراد، حيث قامت جماعة الشيخ محجوب بقتل الرجال بطلقات نارية ورميهم في النهر ثم تم اغتصاب النساء واحدة تلو الأخرى داخل المضيف ومن ثم قتلهن أيضا، اما الأطفال فقد وضعناهم مع كتل من الأثقال ورميناهم وهم أحياء في النهر وكان عددهم 15 طفلاً.

وبقيت العروس التي يبدو أن حالتها أما أشكلت عليهم شرعيا حيث الفتاوي الشرعية لديهم تأمرهم باغتصاب المتزوجات فقط أو أنهم أرادوا لشيخ الجامع المصري الجنسية أن يقوم هو الأخر بأغتصابها وفق الشريعة الأسلامية!

وتابع الجبوري اما العريسين فان ابراهيم نجم عبود وسفيان جاسم شهاب وحكمت فاضل ابراهيم وضرغام اصطحبوهما الى المفتي (أمام الجامع) الذي يكنى بابي ذيبة وهو مصري الجنسية وكان ذلك داخل جامع الحنبلي (نسبة الى أحمد بن حنبل ) حيث أمر باغتصاب العروس وقتلها مع زوجها وبالفعل قمنا بإنزالهما الى سرداب الجامع وتم اغتصابها امام زوجها من قبلنا جميعا وبعدها اقتدناهما الى النهر حيث قام حكمت فاضل ابراهيم وجمعة الملقب ابو منجل بقطع ثدي العروس التي ظلت تنزف حتى فارقت الحياة.

فأذا ما تأكد أن هذه الأعترافات حقيقية وغير ملفقة أو غير ملقنة حسب رأي خصوم الحكومة، فأنها كارثة عظيمة بحق الأسلام وهزة عنيفة للوئام في المجتمع العراقي، أن تكون قرية بكاملها شيخا وأماما ورجالا ونساءا وأطفالا مشاركة أو شاهدة على أرتكاب هذه الجريمة التي تمت نهارا جهارا.

المجتمع العراقي مدعو بكل مكوناتها الدينية والأجتماعية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني ومراكز الدراسات المعنية الى دراسة هذا الوباء الأجتماعي (الكراهية والقسوة) في المجتمع العراقي بكل مايستحق من أهتمام أستثنائي، ينبغي أن يعمل الجميع على طي صفحة الكراهية والقسوة في مجتمعنا العراقي الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تفرج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين عند حاجز عوفر


.. الأونروا تحذر... المساعدات زادت ولكنها غير كافية| #غرفة_الأخ




.. الأمم المتحدة.. تدخل الشرطة في الجامعات الأميركية غير مناسب|


.. تهديد جاد.. مخاوف إسرائيلية من إصدار المحكمة الجنائية الدولي




.. سورية تكرس عملها لحماية النازحين واللاجئين من اعتداءات محتمل