الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانسان قيمة اجتماعية أم بشرية؟

شمسان دبوان سعيد

2011 / 6 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تعيش الطيور على المستوى الفطري مرحة مبتهجة ينهج من حياته رحلات سياحية هنا وهناك لا تكل ولا يمل ، لا تعرف الحزن ولا يعرف الفقر ولا يملك أدنى ما يملكه الإنسان من خصال الحسد والأنانية والتفكير فقط كيف يجلب الشقاء والنكد لإنسان أخر . ينهمك في تفكيره كيف يزيل أخوه الإنسان من الوجود . كذلك الحيوان يعيش على المستوى الفطري يأكل ويشرب ويتناسل ويموت . لكن الإنسان يعيش على المستوى المدني الفني والثقافي المتحضر . وهذا لا ينطبق على كافة البشر على الأرض بل على مختلف طبقات المجتمع الواحد . فلو أخذنا اليمن كمثال ، هناك من أبناء المجتمع ما يزالون يعيشون عيشة فطرية واقصد بالعيشة الفطرية القناعة بالحياة السلبية . وهولاء الطبقة من الناس لا يجدون لذة الحياة وإنما يكابدون الحياة نفسها . فالهم الوحيد لهم أن يعيش يأكل ويشرب ويتعامل مع الآخرين كبشر "مستور الحال" . وهذه فطرة الله في خلقه أن خلق الفقير والغني والقوي والضعيف والمؤمن والكافر . لكن الغرض من هذا الموضوع كيف يربط الإنسان حياته بالواقع الاجتماعي والمجتمع الذي يعيش فيه دون أن يتطلع إلى الابتكار والتجديد في حياته وخططه الخاصة به وفكره وليس من الضروري أن يتقيد بما يحويه المجتمع من عادات وتقاليد ..... الخ . فالفرد – كانسان – لابد أن يسهم في عملية الابتكار والتجديد لمجتمعه ولنفسه مع الحفاظ على الأعراف الاجتماعية الايجابية التي اكتسبها من مجتمعه .
فإذا كنت تعد طعامك بنفس الكيفية التي تعلمتها من والديك أو أجدادك ، تختار من الثياب حسب ما يرد إليك من الموضة كل عام أو شهر ربما ، تنتقي كلامك من الأعراف واللوائح والمحاكة والتقليد لمجتمعك . فأنني سأواجه صعوبة و مشقة في الكشف والتعرف عليك كانسان ؟ فأنت لا تملك جديدا أضفته إلى نفسك وإبداعاتك كبشر . فكم أناس على هيئة بشر يتصرف وفق منظومة محددة ومعينة وفقا للأعراف والعادات التي اكتسبها من المجتمع سواء كانت ايجابية أو سلبية أو فوق السلبية . فعلى المستوى المحلي ونحن طلاب في الجامعة من المفترض أننا أخذنا قدر وافر من التعليم والتربية وبما فيه الكفاية لان نتكيف مع أي بيئة داخل البلد نفسه .... لكن المشكلة أن حدث العكس تماما . فداخل حرم الجامعة لاقت عمادة الكلية صعوبة في فرض لباس موحد لطلاب الجامعة . ولأول مرة أرى أناس لا يمكن أن يتأقلم مع البيئة الجديدة . فلا يمكن أن يلبس غير الثوب ... والأخر لا يمكن أن يلبس غير المعوز مثلا ..... وعلى مستوى الوجبات تلاحظ بعض الأفراد يتوافدون على المطاعم ويطلبون وجبات غريبة وربما تكون وجبات تختلف بالاسم فقط . وكل هذا بسبب الحفاظ على الأعراف الاجتماعية وان كانت أعراف خاطئة . إذن المجتمع الصالح هو مجموعة أفراد وقدر صغير من الفردية ضروري لان يفترق فيه الإنسان عن الحيوان والمجتمع عن القطيع . وليس من الضروري أن يتأقلم الإنسان مع كل المجتمعات التي يعيش فيها فألاهم للإنسان أولا أن ينشد الضروريات ، الأكل يسد رمق الجوع – اللباس يحمينا من البرد والحرارة – الدفء ... المسكن للحماية من الحيوانات المفترسة وللمبيت ، إذن الطعام والمسكن واللباس من الضروريات المنشودة في المجتمع قديما ، لكن في الوقت الحديث ارتقى المجتمع إلى أساليب عديدة في الفن والزخارف والتماثيل والديكور ...الخ . فهذه فنون الحياة ولا نرضى أن نعيش بدونها . فعلى سبيل الطعام ارتقى الفن إلى اختلاق وجبات ومسميات مختلفة وكثيرة جدا والفرد الذي يرضخ لفنون الحياة عند دخوله المطعم يحتاج إلى وقت كبير جدا لقراءة هذه الوجبات والاستفسار عن ماهيتها ومميزاتها وأسعارها ومكوناتها ..... الخ . ومن فنون الحياة أيضا موضات اللباس . فالملبس هدفه واحد كما ذكرنا وهو الستر والدفء . لكن الفن الحديث جاءنا بموضات ربما انحرفت عن الهدف الأساسي للباس فمثلا هناك ملابس نسائية خفيفة وشفافة لا تحمي الجسم من الحرارة ولا البرودة ولا تستر الجسم . وكذلك بعض الموضات الرجالية . أما المباني الحدية والفنية فحدّث ولا حرج . إذن هنا يجب أن يوفق بين القيم الاجتماعية والفردية ، فليس من العيب أن نتطلع إلى فنون الحياة الحديثة ولكن ضمن الأعراف الاجتماعية والدينية المتعارف عليها .
فالفرد كانسان يستطيع أن يختلق الإبداعات وفق قدراته المادية والتوفيق الاجتماعي . فيستطيع أن يصنع في بيته مختلف الوجبات وليس من الضروري أن تكون هي ذات الوجبات المتعارف عليها في المجتمع . وكذلك اللباس ، للفرد أن يلبس ما يشاء دون التقيد بالقيود الاجتماعية فاهم من ذلك أن يكون مرتب ونظيف ومحتشم وهذا الجمال بعينه .
إذن نحن في حاجة دائمة إلى استعمال ذكائنا وتفكيرنا كبشر كي نميز بين لذة العاطفة ولذة التعقل وبين السرور الزائل والسعادة الباقية ، بين الامتياز الذاتي في النفس وبين الامتياز المادي في العقار أي بين ما نكونه وبين ما نملكه . فالحياة الفنية هي الحياة الجميلة المرتبة . وإذا كنا ننشد فن وجمال الحياة في الأثاث والبناء والرسم ... الخ ، فانه يجب علينا أن ننشده بعناية وهمة عالية في الشخصية الاجتماعية الرشيقة والذهن اللبق الفطن والجسم الأنيق واللغة البليغة والسليمة المفهومة وكذلك في الأخلاق السامية والأهداف الروحية والعلاقات الاجتماعية . وهي معاني الجمال والفن في الحياة . وهي الباقية والخالدة إلى مرحلة ما بعد الموت وهي من ستلون تاريخك باللون الابيض بعد الممات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا