الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اهانة الشعوب وخداعها

صاحب الربيعي

2011 / 6 / 10
المجتمع المدني


تبحث الشعوب المغيبة بين ركام أوهامها عن حلم سعيد تعيشه لتسعد ذاتها التعسة وباستيقاظها تتلاشى مظاهر السعادة فتسوق نفسها إلى حلم آخر لتكسب زمن جديد تستقطعه على نحو لاواعي من زمن بؤسها وشقاؤها في الواقع. لا تقتصر حالة انصياع الشعوب لأحلام اليقظة الكاذبة إلى عجزها الأبدي فقط، وإنما تعمل على تغيب وعيها باقتناص فسحة من زمن اللاواقع تعيشه بخداع أو وعد كاذب تدرك زيفه على نحو لاوعي.
لكنها تعمل على طمس حقائقه الواقعية وتتمسك بقشوره لانقاذ ذاتها الواعية من واقعها التعس والتمسك بحبال الوهم عسى أن يتحقق حلمها الكاذب أو وعد نخبها الحاكمة بتغير واقعها السيئ إلى واقع أفضل، فكلما كانت الكذبة كبيرة أو سقف الوعود عالٍ زاد عدد المؤيدين على نحو يفوق أهداف الكذبة ذاتها أو الوعود نفسها، لأنها تعمل على شحن أنماط تفكيرها القدري بالأحلام المؤجلة والأوهام وتجاهد الدفاع عن زيفها.
يعتقد (( هتلر )) " أنه يمكن خداع الشعب بأكاذيب كبيرة على نحو أكبر من خداعه بأكاذيب صغيرة ".
يعدّ الوهم مرضاً نفسياً تصاب به الشعوب العاجزة على تغيير واقعها التعس إلى واقع أفضل لذلك تتمسك به وتأسرها أحلام اليقظة الخادعة للذات، فتعدّ سيناريوهات خيالية لتحقيق هدفها المنشود وكلما كان وهم الذات أو الوعد الكذب كبيراً زاد زمن الحلم وتوسع الخيال لاستحداث قدر جديد ينقذ الحالم من واقعه ويرفض في اللاوعي أن يستقيظ من حلمه ليعي واقعه الحقيقي.
تقول (( أحلام مستغانمي )) : " إن الشعوب هكذا نهبها كثيراً من الأوهام... كثيراً من الأحلام المعلبة من السعادة المؤجلة، فتغض النظر عن الولائم التي لا تدعى إليها ".
مع كل حالة استيقاظ قسرية للشعوب من أحلام يقظتها وأوهامها تكشف أكاذيب نخبها وخداعهم فتصاب بالاحباط، وتلجأ إلى الانكماش والتقوقع حول ذاتها. وترفض على نحو واعي التجاوب مع تغييرات المحيط لشعورها بحالة اليأس وانعدام الثقة بنخبها وتعيش حالة اللامبالاة لما يجري حولها من تغييرات جراء الاهانات المتراكمة في وجدانها ما يعيقها النهوض لتغيير واقعها، فتستسلم إلى قدرها وتدمن على الاهانة من دون أن تبالي بهدر كرامتها.
وتسعى إلى تغيب ذاتها الواعية قسراً لتهرب من واقعها المهين، ومع الزمن تتراكم الاهانة ويتعاظم هدر الكرامة في وجدانها على نحو يفوق قدرتها على الكتمان فتنفجر على نحو بركان غضب كامن وقهر مدفون في الذات للانتقام من نخبها الحاكمة ما يصعب السيطرة عليه، وكلما زاد العنف ضدها استذكرت سلسلة اهانات الحاكم وهدره كرامتها لتشحن ذاته بعنف مضاد ضده يخل باستقرار المجتمع.
تعتقد (( أحلام مستغانمي )) " أن الاهانات وحدها تقتل الشعوب ".
إن استهتار الحاكم المستبد بكرامة الشعب واستخدامه العنف والاهانة لفرض أحكامه يطيل من فترة حكمه لكن مؤكداً سينال عقابه لاحقاً، لأن طاقة الذات الجمعية على استيعاب الاهانة وهدر الكرامة إن تجاوزت عتبتها الحرجة تنفجر على نحو بركان غضب شعبي لا يمكن السيطرة عليه من دون أن يفرغ ما في جوفه من حقد كامن وينتقم من الحاكم المستبد ونظامه على نحو عشوائي. ومن دون وجود قيادات واعية تعمل على لجم حالات الانتقام والثأر الشخصي بتفعيل دور القانون للقصاص العادل من الحاكم المستبد ونظامه الجائر من الصعب ضبط الحراك الشعبي، ما يُمكن حثالات قاع المجتمع فرض سطوتها على مرافق الحياة حال انهيار النظام المستبد.
موقع الكاتب الشخصي : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مع اقتراب نيران المعارك.. اللاجئون بمخيم جباليا يخلون المدار


.. الأمم المتحدة تدين اعتقال المحامين في تونس




.. أزمة اللاجئين السوريين في لبنان: بين مخاوف من ترحيل لاجئين م


.. سودانيون يا?كلون ورق الشجر والأمم المتحدة تصف وضعهم بالجحيم




.. بانتظار تأشيرة للشرق الأوسط.. لاجئون سودانيون عالقون في إثيو