الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عنف الحاكم واستبداده

صاحب الربيعي

2011 / 6 / 12
المجتمع المدني


إن هيمنة السلطة المستبدة على مؤسسات الدولة وإخضاعها إلى نهجها التعسفي خاصة أجهزة الضبط والتحكم يخلق هوة كبيرة بين الحاكم والمحكوم ما يفقدها الحياد بعدّها أجهزة دولة مهمتها الأساس الحفاظ على النظام الاجتماعي والدفاع عن الوطن، وليس حرف مهامها لتكون أداة عنف يستخدمها الحاكم المستبد ضد المجتمع. وحين تزول الحدود الفاصلة بين مؤسسات الدولة ومهامها وأجهزة السلطة ومهامها من ذهن المواطن ينتقم بالتخريب لكل ما يمت بصلة للدولة بعدّها ملك السلطة.
هذا المنعطف القمعي الخطير لأجهزة السلطة بإستهداف المواطن يضعف شعوره الوطني ويجعله يرفض على نحو لاواعي التمييز بين مؤسسات الدولة وأجهزة السلطة، ومع توريط الجيش بدم المواطنين من خلال تغيير اتجاه فوهات بنادقهم من جباه العدو إلى جباه أبناء الوطن يفقد الجيش صدقيته في المجتمع كونه حامياً للوطن.
يعتقد (( منذر حلوم )) " أن وظيفة العسكري هي القتل، وأجود العسكر أكثرهم قدرة على القتل، أكثرهم مهارة على اصابة العدو بمقتل. وأما العدو فلا يصعب تدبر أمره، العثور على عدو دائماً ممكن، فدائماً هناك في مكان ما قريب أو بعيد، وأما المسافة فلا أهمية لها، هنا لا أهمية لصلة الدم، يكون الانتماء إلى سفك الأخير أشد من الانتماء إليه ".
إن مفهوم الشهادة العام الموت دفاعاً عن الوطن، لكن أن تسقط شهيداً دفاعاً عن حقوق المواطنين ضد سلطة مستبدة، تعدّ شهادة من نوع آخر أكثر شرفاً وتكريماً لأن الشهيد لا يموت برصاصة عدو وإنما برصاصة غدر من حاكم مستبد وجيش من المرتزقة. وبذلك يكون نمط الشهادة مختلف بعدّ السلطة تخون الشعب، وباختلال مفهوم الشهادة تختل معه مفاهيم سياسية واجتماعية أخرى تستخدمها السلطة مبررات لارتكاب جرائم القتل الجماعي. إن الدم المهدور يخط حدود القطيعة بين السلطة والمجتمع، وتستغله جهات دولية معادية لتخط به الحدود بين فئات المجتمع على نحو حرب أهلية تمهيداً لتقسيم الوطن إلى كانتونات عرقية وطائفية.
تقول (( أحلام مستغانمي )) : " إن اسماء الشهداء وحدها غير قابلة إلى التزوير، لأن من حقهم علينا أن نذكرهم باسمائهم كاملة. كما من حق هذا الوطن علينا أن نفضح من خانوه، وبنوا مجدهم على دماره، وثروتهم على بؤسه ما دام لا يوجد هناك من يحاسبهم ".
إن السلطة المستبدة تخلق معادلاتها السياسية القسرية لتجعل من هزيمتها هزيمة للوطن ومن تقويض سلطتها تفكيك المجتمع... وبذلك تضع المجتمع أمام خيارات صعبة للغاية إما القبول بنهجها التعسفي وإما القبول بالفوضى وتفتيت الوطن. إن أزلام سلطة الاستبداد يدافعون على نحو لاواعي عن ذواتهم وامتيازاتهم، بعدّهم جزءاً منها وبإنهيارها تنهار مافيات المال والفساد. لذلك هم مستعدون لسفك الدماء حفاظاً على مصالحهم أولاً وعلى السلطة المستبدة تالياً وحال شعورهم بخطر يتهدد حياتهم ومصالحهم يتخلون عن سلطة الاستبداد على نحو سريع ويبدون استعدادهم لتغيير ولاؤهم إلى أي جهة داخلية أو خارجية تضمن حياتهم ومصالحهم كونهم قتلة مأجورين.
تخاطبهم (( أحلام مستغانمي )) قائلة : " أيها القوادون.... السراقون، القتلة، لن تسرقوا دمنا أيضاً. أملأوا جيوبكم بما شئتم، أثثوا بيوتكم بما شئتم.. وحساباتكم بأي عملة شئتم.. سيبقى لنا الدم والذاكرة بهما سنحاسبكم.. بهما سنطاردكم... بهما سنعمر هذا الوطن من جديد ".
إن تعديل ميزان القوى العنفية بين السلطة المستبدة والمجتمع يجري بالصمود والتحدي، لأن لون الدم لا يصلح أبداً شعاراً للنصر ولا عنواناً للحوار.
موقع الكاتب الشخصي : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تداعيات إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق إسر


.. بتهمة ارتكاب جرائم حرب.. الجنائية الدولية تسعى لاعتقال نتنيا




.. ما فرص تنفيذ مذكرات المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال مسؤولين


.. بايدن عن طلب #الجنائية_الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياه




.. بلينكن: نرفض طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار