الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعارض وطني

علي شايع

2011 / 6 / 18
المجتمع المدني


تشترط الديموقراطية، ضمناً، على جميع الأضداد، ممن يشكلون مكوناتها، أن يكون لهم تلاق وطني بيّن، هو الأهم للتراجع، نحو مشترك ونقطة تواصل، يتقلص إلى حدودها الفرقاء في لحظة عقلائية، مغادرين جهاتهم القصوى نحو الحوار أو المراجعة الضامنة للسلامة الوطنية وليس أي رهان آخر.
وفق هذه الرؤية لابد من السؤال :ترى هل يوجد بين أضداد السياسية العراقية الجديدة مشترك وطني يمكن العودة إليه والتلاقي في حدوده لإعادة ترتيب الأوراق من جديد؟. لعل الإجابة ستمرّ في رحلة مريرة السنوات، ضاعت الحلول الوطنية وقتها في مسميات الشراكة والمحاصصة، وغيرها من جديد ما سبقنا إليه أحد!، حتى سمعنا من محللين سياسيين عالميين عن حيرتهم في إيجاد صيغة وصف لما يجري في العراق ديموقراطياَ، ولعلّ من أشهر ما قيل بهذا الخصوص كلمة للكاتب الاميركي توماس فريدمان حين أشار (وبما معناه) إن العراق سيكون بوابة الديموقراطية العربية، لكن تجربته ستكون مختلفة عن أي تصور مسبق!. ولعلّه كان يقارن بين الفعل الديموقراطي الأول المتمثل بانتخاب متبوع بأحقية الفائز بتشكيل حكومة تكون الأطراف الأخرى معارضة لها، وساعية لإسقاطها بايجابية وضمن شروط الانقلاب البرلماني وصولاَ إلى انتخابات أخرى. وهو ما لم يحصل في بغداد حين زحفت جميع القوى لتشكيل الحكومة، مخيبين آمال من كانوا ينظرون إلى ديموقراطيات العالم ويحلمون بمثيلها في حكومة تتحمل مسؤولية الوفاء بتنفيذ وعودها الانتخابية من طرف، ومعارضة تجدد رهان صلاحية برنامجها الانتخابي كطرف بديل.
الحالة العراقية الجديدة المغايرة للشكل الديموقراطي الغالب عالمياَ أخسرت كل من شارك في الانتخابات رغبته الأكيدة في التعارض؛ حين تغيب قدرة الجهة التي صوّت لها على الحكم بطريقة منتجة. فالناخب راهن على برنامج سياسي وحيثيات معلومة لديه، أكثر من رهانه على أشخاص يتفاوضون حتى اللحظة الأخيرة على مكسب شخصي، أصبح الكثير من السياسيين ينظرون إليه كغنيمة وهبتها ظروف (عراقية) بدأت منذ تشكيل مجلس الحكم والحكومة الأولى وفق اعتبارات الانتماء الديني أو المذهبي أو العرقي، وكان من الأحرى بكل من رصدوا مجريات الوقائع وخاصة السياسيين الوطنيين رفض ذلك بشدّة؛ استقراءً لما نعانيه.
الحالة العراقية الفريدة وضعت جميع القوى في مأزق واحد يدفع بالأمور الى وقائع خارج التوقع، ضحيتها الأساس الإنسان العراقي لأنه لم يخسر الوقت فقط، بل خسر الكثير من المستحقات المرجوة في طريق الخلاص بدولة مدنية ترعى شؤونه وتحميه، وهو واع ومراقب للمشهد أكثر من أي وقت، ويعيش على أمل أن يقول من جديد كلمته الفصل في الاقتراع القادم، يوم يكون الصندوق الانتخابي فيصلاَ حاسماَ للنزاع. لكن هل ستفرز تلك الانتخابات نموذجاً جديداَ للعمل الديموقراطي؟. وحده الناخب يعلم هذا ويقرّر فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة


.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق




.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟


.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع




.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد