الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول الصراع بين مذهب السلطة ومذهب الانقلاب

محمد لفته محل

2011 / 6 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كانت الأسماء في المذاهب المحمدية جزء من صراعها السياسي خصوصا الصراع بين مذهب السلطة ومذهب الانقلاب، فالأول ُسمي وعرف بالمذهب السني، نسبة إلى ُسنّة (محمد عبد الله) أي القوانين التي سنّها المؤسس والزعيم للدين السياسي (المحمدية) وهي نظرية سياسية للحكم (1)، والثاني عرف بالمذهب الشيعي نسبة لأشياع (علي عبد مناف) الذي حاول أن يكون خليفة ألمؤسس الوحيد، وهكذا استطاعوا أن يغطوا صراعهم السياسي بغطاء عقائدي من خلال هذه الأسماء! لكن هذا الصراع كان متوافقا في جوهره لأنه كان يستهدف السلطة وليس اختلاف فكري أو أيديولوجي، فالامتيازات التي يمتلكها رجل الدين من الاقتداء بفتاواه وتقليده كالببغاء إلى إعطائه نسبة من المال من حصة كل فرد، إلى كراماته المفترضة، جميعها مماثلة تماما لأي سياسة سلطان حاكم من مذهب السلطة، إن الاختلاف هو العمود الفقري والإستراتيجية في مذهب الانقلاب، للتمايز عن مذهب السلطة كهوية مستقلة وجعل هذه الهوية السياسية هوية الفرد الأولى! فينقسم الناس لهويتان سياسية، سلطوي وانقلابي، وبلغة الأسماء الرسمية المُحرفة سنة وشيعة! لكنهما في الحقيقة وجهان لعملة واحدة، مشتركين في الأهداف السياسية، فولاية الفقيه هي الوجه الآخر لنظرية الحق الإلهي والخلافة لفقه السلطة، كلاهما تكرس الاستبداد والقمع وإلغاء الحرية والفردية والتعددية لتطبيق أحكام الرب! فمذهب السلطة مكرس لخدمة الحاكم كعدم الخروج عليه حتى لو كان ظالما، ووجوب طاعته باعتباره ولي الأمر، وظل الله على الأرض وتكفير نقد قوانينه الدينية أو الخروج عليها، بالمقابل يقوم مذهب الانقلاب بنقل هذه الامتيازات وإسقاطها على رجل الدين من مذهبه، ومبدأ العصمة ألاهية خير دليل على ذلك، وفكرة المُنقذ (2) لها مدلول واحد رغم اختلاف معناها عند كل فريق، فالمنقذ في مذهب السلطة له دلالة انقلاب مقدر ومنتظر على فساد العالم الخارجي أو بسبب فساد الناس ويكون الحاكم الممهد له أو السائر على خطاه، ويستخدم عند مذهب الانقلاب كانقلاب حتمي مقدر على فساد النظام الحاكم ويكون رجل الدين الناطق باسمه أو الممهد له (بموازاة المحاولات الانقلابية الممكنة)، وبما أن المنقذ لم ولن يوجد أبدا لأنه أسطورة فسيبقى الحاكم الممهد له حتى مماته ومن بعده أتباعه، وإذا كان مذهب السلطة قد تبنى التوريث الملكي سياسيا فيما بعد، فأن التوريث الملكي هو أساس مذهب الانقلاب من البداية، وإذا كان (محمد عبد الله) هو مؤسس المحمدية، فأن (علي عبد مناف) عند مذهب الانقلاب هو بمثابة مؤسس موازي، ومذهب الانقلاب يدعي صراحة أن زعيمهم بمنزلة مؤسس، وانه أفضل من كل مؤسسي الديانات الذين سبقوه، وأوضح دليل على الجذور السياسية للمذاهب هو الأسماء التي يطلقها الأعداء على خصومهم فأتباع مذهب السلطة يسمون مذهب الانقلاب بالرافضة، أي الرافضين تاريخيا لزعماء مذهب السلطة، أما مذهب الانقلاب فيسمون أتباع مذهب السلطة بالنواصب (2) أي المنصبين تاريخيا لزعماء مذهب السلطة! ذلك إن النزاع كما هو معروف تاريخيا قد نشأ بالأساس من الصراع على تولي السلطة بعد موت (محمد عبد الله) الذي احتكرها له دون إنابتها لأي خليفة له بسبب استبداده، حتى إن كثير من أتباع مذهب السلطة والانقلاب يسمون ذريتهم بأسماء قادتهم السياسيون تاريخيا ومن هم مقربين لهم أو أتباعهم، فحتى اختيار الأسماء أصبح جزء من اللعبة السياسية للتمايز عن خصومهم وجعلها علامتهم التي ُيعرف بها، والقسَم أيضا أصبح ضمن هذا الصراع فأتباع كل فريق يتخذ من زعمائهم السياسيون فيصل للحق والباطل بعد تقديسهم من خلال القسم باسمه!(3) وكذلك الخواتم لها دور في التمييز السياسي التي يلبسها كل فريق.
أن الانقلاب العسكري الفاشل الذي قاده (حسين علي عبد مناف) هو المحاولة الأولى والأبرز في تاريخ مذهب الانقلاب والذي سحق بقوة من قبل مذهب السلطة، وهو الواقعة التي تدور عليها كل طقوس مذهب الانقلاب بتمثيلها سنويا مع البكاء عليها، لكن بتحويل هذا الانقلاب الفاشل إلى نصر عبر تضحية (حسين علي) بجسده وأولاده كضرورة لإكمال الدين!؟ والى تصوير وحشية مذهب السلطة البشعة التي قضت على هذا الانقلاب في تناقض محير؟ فإذا كان مذهب السلطة المسؤول عن قتل (حسين علي)، فكيف ارتبط موته بضرورة إكمال دينه؟ أو إذا كان موته مرتبط بتمام دينه مقدرا، فما مسؤولية مذهب السلطة؟ وبطبيعة الحال لو نجح الانقلاب لما كان أفضل من نظيره الحاكم لان كلاهما حاكم فردي مطلق يدّعي الحكمة والعصمة من الرب؟ يكفر ويقتل كل من يخالفه أو يحاوره أو ينافسه، وإيران والسعودية التي تمثل قطبي المذهبين خير مثال على ذلك، والحقيقة أن القوة التي استخدمت لسحق الانقلاب كانت درسا جعلت عبرة لكل من جاء بعد (حسين علي) أن لا يكرر هذه المحاولة مجددا، وربما كانت السبب الذي جعل منهم أقلية بالنسبة لمذهب السلطة حتى اليوم؟. من الواضح أن (حسين علي) جاء بانقلاب سياسي للاستحواذ على السلطة وليس ليضحي بجسده من أجل الدين وإلا ما جاء ومعه هذا الجيش الذي حارب وخسر؟ كان من الممكن أن يذهب لوحده ليموت بسيوف مذهب السلطة بدون أن يصطحب جيشا؟ أن محاولة نقل قضية (حسين علي) السياسية إلى قضية دينية هي الديدن لمذهب الانقلاب لإضفاء القداسة على زعيمهم وقضيته السياسية!. ومن الملاحظ سيكولوجيا أن مذهب الانقلاب أكثر شتما لزعماء مذهب السلطة وأكثر تشككا بالتاريخ، ويسيطر عليهم وسواس المؤامرة، متعصبين في الدفاع عن أنفسهم وفي الهجوم، ما يدل على ضعفهم، ولا يتهاونون بالتسميات لذريتهم التي تقترن بزعمائهم عكس مذهب السلطة الأقل تشددا، وهم أكثر التزاما بالطقوس والإكثار منها وتنوعها وتمحورها حول زعمائهم وعبادتهم عكس المذهب المقابل الذي قليل الطقوس ولا يعبد زعمائه الأموات عدا زعيمهم المؤسس، هذا التعصب ربما لشعورهم أقلية وسط مذهب قمعهم في الماضي ولا زال يعتقد بأنهم خطر بسبب ميولهم الانقلابية، وهم دائما يبادرون إلى الاختلاف، فإذا كانت المناسبة يوم كذا لدى مذهب السلطة، تكون المناسبة لديهم في اليوم التالي! وهذا واضح جدا لكل متابع للاختلافات الدينية في المناسبات.
ـــــــــــــــــــ
1ـ سمى (محمد عبد الله) أيديولوجيته بالإسلام ولم يسميها باسمه كجزء من لعبة الأسماء السياسية، لكي يدعي أن أيديولوجيته سماوية ألاهية وليست من ابتكاره، حتى يخضعوا لها الناس مطلقا ويلغي وجود المعارضة والمنافسة والاختلاف.
2ـ فرضية المنقذ كطقس اجتماعي تختلف عن دلالتها عند الفرد، ففي الحالة الأولى هي عادة اجتماعية تشعر الفرد بالانتماء والإيحاء الاجتماعي، أما في الحالة الثانية فهي رغبة طفولية لاستنجاد الطفل بأبويه حين يحس الفرد بالضعف والعجز والخطر.
3ـ هناك أسم ثاني يطلقه مذهب الانقلاب على مذهب السلطة (أبناء العامة) أي عامة الناس التي تمتاز بالبساطة والسطحية، وهو اعتراف بكونهم أقلية بالنسبة لخصومهم العامة!، لكن أقلية مختارة أو نخبة مثقفة، في حين يدعون أن ثورتهم ثورة (محمدية) شاملة!!. ولمذهب السلطة اسم ثاني لمذهب الانقلاب (الصفويين) وحرب الأسماء هذه تندرج كما أوضحت ضمن الإستراتيجية السياسية لكل فريق.
4ـ بل أن أسماء زعماء مذهب الانقلاب في بعض الأحيان لا تسمى بأسماء ذريتهم إلا وتسبقها كلمة (عبد) مثل (عبد الحسن، عبد الحسين، عبد المهدي) وهذا الشيء لا ينطبق عند مذهب السلطة إلا على أسماء الله، أي أنهم اللهو زعمائهم لذلك تكثر عندهم ظاهرة عبادة الأفراد، ويصل الأمر عند مذهب الانقلاب أنهم يقدسون التراب الذي مات في قائد ثورتهم (حسين علي) ويتخذونه موضع سجود لهم في طقوس الصلاة وُيقبلونه ويسمون مساجدهم باسمه (الحسينية)، ولا يدفنوا بعد موتهم لا في ارض زعيم مذهبهم، الذي أصبح جزء من ثالوثهم المقدس (الله، محمد، علي) وقد يتقدم على البقية بالاستعانة به بدلهم في أزماتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمطار ورعد وبرق عقب صلاة العصر بالمسجد الحرام بمكة المكرمة و


.. 61-An-Nisa




.. 62-An-Nisa


.. 63-An-Nisa




.. 64-An-Nisa