الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في فكر راشد الغنوشي: هل في الإسلام مواطنة

عبد القادر أنيس

2011 / 6 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أتعرض، في عدة مقالات، بالقراءة لآراء المفكر التونسي الإسلامي راشد الغنوشي حول جملة من المسائل كان قد تناولها في مقالاته. وسوف أعتمد في كل مرة على إحدى هذه المقالات.
ولكني أحب أن أمهد لها بهذا الموقف الغنوشي كتمهيد لما اعتبرته سابقا، ومازال، صفة ثابتة في فكر الإسلاميين، أهم مميزاتها الخداع والتحايل والانتقائية. يقول في حوار معه:
http://www.maghress.com/attajdid/38915
ردا عن سؤال: ((بما تردون على الشكوك التي تلوح في الافق كل مرة، بأن الاسلاميين في أي مكان يريدون تحويل بلدانهم إلى دول إسلامية، وأن برنامجهم الحقيقي هو تطبيق الشريعة تحت شعار الاسلام هو الحل ؟))
فيجيب ((لا يحتاج الاسلاميون للقيام بانقلابات على الدول القائمة لتحويلها دولا إسلامية فهي دول إسلامية سواء أكان من جهة أن غالبية سكانها مسلمون، أم كان من جهة دساتيرها فكلها تقريبا تنص على أنها دول ليست علمانية معادية للإسلام أو محايدة إزاءه، بل لها دين هو الاسلام وقد تشرح ذلك بأن الشريعة الاسلامية المصدر الوحيد أو الرئيسي للتشريع وهو شرح مترتب على أصل الاعتراف بأن للدولة دينا هو الاسلام، وإذن فما يحتاج الاسلاميون إلا لتفعيل هذه الحقيقة حتى تمتد آثار هذا الجذع في كل فروع هذه الدولة ولا تظل مجرد شعار خاو وضربا من النفاق)).
فهل يمكن أن يكون الغنوشي ديمقراطيا وإسلاميا في نفس الوقت وهو يتبنى هذا الطرح؟
ولي عودة للقيام بقراءة متأنية لهذا الحوار، ولكني سأحصر قراءتي اليوم في مقالة أخرى للكاتب يجدها من يريد قراءتها كاملة في الرابط التالي تحت عنوان: الإسلام والمواطنة.
http://www.ghannoushi.net/index.php?option=com_content&view=article&id=417:mouatana&catid=25:fikr&Itemid=2

أبدأ بهذه المقال في هذه السلسلة من القراءات نظرا إلى أن المواطنة هي حجر الزاوية للحكم على سلامة ونضج أي تجربة ديمقراطية. ونظرا إلى أنني أزعم أن الحكم الإسلامي يتناقض تماما مع المواطنة في دولة متعددة الأديان والمذاهب والآراء كما هو شأن بلداننا وكما هو شأن أغلب دول العالم. ولقد عالج الغنوشي هذه المسألة في 12 نقطة. سأتناول هنا النقطتين الأوليين.
النقطة الأولى استهلها بقوله: "يرتبط مفهوم المواطنة كما تبلور في الفكر السياسي الحديث بالدولة القومية من جهة وبالديمقراطية من جهة ثانية. والتطور إليهما ارتبط بالعلمانية غالبا، إذ أنه في المجتمعات ما قبل الدولة القومية حيث سادت أوروبا إمبراطوريات جامعة لعدة أعراق وقوميات، كان الرباط الديني هو الرباط الجامع، حتى إذا تفككت تلك الإمبراطوريات وتشكلت على أنقاضها دول قومية بحثت لها عن مصادر بديلة للشرعية تبلورت بعد سلسلة من التطورات الفكرية والحروب الدينية الطاحنة في معاهدة وستفاليا بين الدول الأوروبية في النصف الثاني من القرن السابع عشر في ما هو متعارف من دول قومية علمانية ديمقراطية، يتمتع فيها كل سكانها على اختلاف الدين والعرق بحقوق متساوية باعتبارهم مواطنين، تنطلق حقوقهم لا من الاشتراك في عقيدة بل في أرض".
ثم يستدرك الغنوشي فيقول: "مع أن المواطنة لم تكن دائما تعني المساواة في الحقوق مع اختلاف الثروة والجنس. فلقد ظل حق الانتخاب مقصورا على مالكي الأراضي والأرستقراطيين، ولم تستكمل المرأة نظريا -على الأقل- حقوق المواطنة مثل الانتخاب إلا في زمان متأخر، وإن ظلت -عمليا- ضحية التمييز في الأجر حتى أيامنا هذه".
هل يجب أن نفهم من هذا الكلام أن معاهدتي وستفاليا قد نصت فعلا وفي هذا الوقت المبكر جدا، على تبني العلمانية والديمقراطية والمواطنة في بلدان أوربا التي وقّعت عليها عام 1648؟
الواقع أن أهم ما تمخضت عنه هذه المعاهدة في سبيل وضع حد لحروب دينية طاحنة ومريرة تواصلت عشرات السنين بين مختلف الدول في أوربا هو الاتفاق على تقسيم جديد لأوربا وبداية ظهور الدولة الأمة l’Etat-nation التي تطلب الأمر قرونا أخرى حتى تستكمل مقوماتها وتستقر على حدودها الحالية. أما من الناحية الدينية فقد نصت على الاعتراف بالمذاهب الدينية الكبرى الكاثوليكية واللوثرية والكالفينية التي كانت ذريعة لكل الحروب بين الشعوب الأوربية يومئذ، وعلى احتفاظ الأمراء بالحق في فرض مذهبهم على رعاياهم والامتناع عن التدخل في شؤون بعضهم البعض وصار الدين مجالا تديره كل دولة سيدة بكل حرية ضمن حدودها، وهذا كان خطوة كبيرة نحو بداية التخلص من الهيمنة البابوية السياسية. وليس من الصعب على أي منا أن يتأكد من ذلك في عصر الإنترنت خلافا لما يعتقد الغنوشي.
وعليه فكل حديث يربط المواطنة والديمقراطية والعلمانية بمعاهدة وستفاليا هو حديث خرافة المراد منه الخداع والتحايل على تاريخ الغرب المسيحي مثلما تحايلوا على تاريخ الشرق المسلم كما سنرى فيما بعد، لتمرير أفكارهم وبرامجهم السياسية، على أنها علمية موثقة.
وعليه فكلام الغنوشي لا يعدو أن يكون تمهيدا ماكرا لنسف العلاقة الجدلية بين المواطنة بالديمقراطية والعلمانية، حتى يصل، في الأخير، كما سنرى، إلى نفي أية علاقة ضرورية للمواطنة بالعلمانية لأنها فعلا لا تستقيم ومشروع الدولة الإسلامية التي يعمل الإسلاميون على إقامتها.
يسأل الغنوشي "هل هذا الارتباط بين الدولة القومية والعلمانية والديمقراطية من جهة، والمواطنة من جهة أخرى هو من نوع الارتباط المفاهيمي الضروري كما يزعم البعض؟ أم هو مجرد واقعة تاريخية لا تبرر أي مصادرة على المستقبل، فما حدث في الماضي حتى وإن تكرر لا يحمل دلالة ضرورية على أن المستقبل سيكون على نفس المنوال، حتى مع افتراض أن الماضي كان دائما كذلك، وهو أمر مشكوك فيه؟"
ثم يجيب "تقديرنا أن هذا الارتباط حتى ولو صح لا يحمل أي دلالة لزومية وإنما مجرد حدث غربي، والغرب اعتاد في بحثه للظواهر الاجتماعية أن ينطلق من مسلّمة مركزيته الكونية، فما يصح في تاريخه ومجتمعاته يصح قانونا للبشرية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها !".
قول الغنوشي بأن هذا الارتباط بين العلمانية والمواطنة واقعة تاريخية فيه الكثير من الغش. ذلك أن مسيرة المجتمعات الغربية إلى غاية توطيد أركان المواطنة والديمقراطية والعلمانية لا تستند فقط لمجرد واقعة تاريخية أو مصادفة أو ضربة حظ. إنه تاريخ كامل تواصل مئات السنين، وما معاهدة وستفاليا إلا حجرة بسيطة في هذا الصرح العظيم. يكفي القارئ، لكي يتأكد من كلامي واتهامي، أن يعيد الاطلاع على فكرة العقد الاجتماعي التي تشكل معلما بارزا في تطور فكرة المواطنة، وكيف ولدت وكيف بلغت نضجها على يدي روسو بعد مخاض طويل حول السلطة مع ماكيافلي (المولود عام 1469) ثم هوبز ثم لوك وليس انتهاء بروسو، لكي نكتفي بالمشاهير فقط، أما نضجها في واقع الناس وحياتهم فقد تطلب جولات أخرى وأنهارا من الدماء والدموع ضد الطغاة والمستبدين والفاشيين والنازيين.
فكيف تكون هذه المبادئ الكبرى التي غيرت مجرى التاريخ البشري جاءت نتيجة لواقعة تاريخية (معاهدتا وستفاليا) لم يكن لها في الحقيقة إلا دور ضئيل فيها.
ومن جهة أخرى فإن هذا الخطاب يعيد إلى أذهاننا الخطاب الإسلامي حول انحطاط العالمي الإسلامي الذي تواصل قرونا ومازال بسبب واقعة تاريخية (إن صحت)، يفسرون بها هذا الانحطاط بعد أن تمكن رجل يدعى عبد الله بن سبأ من بث الوقيعة بين المسلمين فتفرقوا وضعفوا وانحطوا. أما أن يقول الغنوشي بأن ((الغرب اعتاد في بحثه للظواهر الاجتماعية أن ينطلق من مسلّمة مركزيته الكونية، فما يصح في تاريخه ومجتمعاته يصح قانونا للبشرية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها !)). فهو مجرد تمهيد للتشكيك في عالمية المواطنة والعلمانية وارتباطهما بالديمقراطية. والغرابة في هذا الكلام أن الإسلاميين ظلوا، كل مرة ينهزمون فيها أمام ضرورات الواقع ومتطلبات التقدم، يلجئون إلى التقهقر ثم القبول ولكن بعد أن يلتفوا على الوافد الجديد ويؤسلموه ويشوهوه ويفرغوه من مضمونه ثم يتخندقوا وراءه مثلما يتخنقدون الآن وراء الديمقراطية، التي هي آخر ما تبنوه بعد أن ظلوا يعارضونها قرنا من الزمان باسم الشورى، ولكن بعد أن اختصروها حاليا في آليتها الانتخابية فقط. وهذا الموقف يعتبر خاصية عربية إسلامية بامتياز. فإلى حد الآن ابتكر الغرب قيما كثيرة تبناها الناس في شتى أصقاع العالم خارج أوربا بكل تواضع وامتنان واعتراف بالجميل، وتآلفوا معها وأثْروها فاستفادوا وأفادوا، إلا نحن رغم قربنا من أوربا وسبقنا إلى الاحتكاك بها سلبا وإيجابا. المحزن أن المراقب الحصيف لكل المنجزات الحضارية الحديثة يلاحظ أن العرب والمسلمين عموما لم يساهموا حديثا بمثقال ذرة في أي إبداع ومع ذلك يريدون أن يكون لهم رأي فيه ويريدون أن يعترف لهم العالم بهذا الرأي. لاحظنا ذلك في تحفظ الدول العربية والإسلامية على أغلب المواثيق الدولية بحجة أنها لم تأخذ بعين الاعتبار بإسهامات حضارتهم وموروثهم الروحي فيها ويتهمونها بأنها يهودية مسيحية. وكان نتيجة هذه التحفظات أن بادروا إلى الالتفاف على هذه المواثيق فأصدروا مواثيق متخلفة ذات مرجعية قومية وإسلامية مثل "الميثاق العربي لحقوق الإنسان"، "الميثاق الإسلامي لحقوق الإسلام" وغيرها إلى غاية "الميثاق الإسلامي العالمي للأخلاقية الطبية والصحية" وكأن لهم إنجاز طبي يعتد به يستحق هذا كما يستحق تأسيس الهلال الأحمر تحديا للصليب الأحمر، ولم تفعل هذا شعوب أخرى رغم أن لها من العراقة في الحضارة يفوق ما لأروبا! كما لا نجد نظرية أدبية ولا علمية ولا فلسفية، ابتكروها حديثا، لا نجد فنا من الفنون ولا رياضة من الرياضات قديمة أو مبتكرة أسهموا بها في التراث العالمي. بل حتى الرقص الشرقي كفن وحيد ينسب إلينا نراه يزدهر في الغرب ويذبل عندنا تحت ضربات الإسلاميين.
وهذا بالضبط ما يقوم به الغنوشي لضرب الديمقراطية كأكبر ابتكار غربي عندما يبذل كنوزا من الحيل والخدع لتجريدها من ركائزها الأساسية ولجعلها خاصية أوربية لا تصلح للتعميم. لنقرأ: ((وقد تقدم أن الارتباط بين الديمقراطية والعلمانية هو من هذا القبيل هو في أعلاه مجرد واقعة وليست قانونا، وكذلك الأمر بالنسبة للعلاقة بين فكرة المواطنة والعلمانية أو المواطنة والدولة القومية. فلقد عرف العالم ومنه أوروبا دولا قومية علمانية لا تعترف لكل مواطنيها بحق المساواة بل قد تقترف في حقهم اضطهادا يبلغ حد الإبادة ، كما فعلت النازية والفاشية)).
الغنوشي يضع كل من الدولة القومية والعلمانية والديمقراطية والمواطنة في سلة واحدة، كبضاعة غربية ليس من الضروري تعميمها على الشعوب غير الغربية إلا بعد فرزها وتنقيتها وتمريرها على غربال الإسلام العتيق. وبما أن الغنوشي لا يمكن أن يجرؤ اليوم على التشكيك في جدوى الديمقراطية رغم أنه لا يؤمن بها بتاتا شأنه شأن كل إسلاميينا رغم أنها هي الأخرى بضاعة غربية، فهو يحاول الالتفاف عليها من جميع الجهات لعزلها عن أهم مقوماتها وهي المواطنة والعلمانية. فلماذا لا يرفض الغنوشي الديمقراطية ويريحنا، وسوف يسمو في أعيننا كإخوانجي مخلص لأسلافه في حركة الإخوان المسلمين الذين كانوا يرفضون الديمقراطية أيضا بوصفها بضاعة غربية كافرة تجعل الحكم بين أيدي الشعب بينما الحكم عندهم لله يتولاه وكلاؤه على الأرض وهم رجال الدين: قال بذلك المودودي والحسن البنا وسيد قطب وحتى الغزالي والقرضاوي قبل اليوم.
الغنوشي والقرضاوي وغيرهما من الإخوان المسلمين صاروا يتبنون اليوم الديمقراطية فقط لأن آليتها الانتخابية صارت تغريهم بعد أن تضخمت صفوفهم بالأتباع، خاصة في الدول التي تولت الحكم فيها قيادات قومية ويسارية وفشلت وفقد بريقها وجماهيريتها.
تبنى الإسلاميون إذن الديمقراطية ووضعوا شوراهم في الأدراج ريثما يحين حينها تماما مثلما يتعاملون مع الناسخ والمنسوخ: الآن يروجون لآية (لا إكراه في الدين) وقبل الآن كان يروجون لآيات الجهاد، وبعد الاستيلاء على الحكم سوف تعود آيات التكفير والجهاد إلى الواجهة حتى تفنى الأوطان كم حدث في أفغانستان والصومال والسودان وغزة. هذا ما نفهمه من قول القرضاوي الذي يمثل مرجعا كبيرا للغنوشي:
"وأنا لا أكاد أرى نسخًا في القرآن الكريم حقيقة، وبعض العلماء مثل الإمام الزركشي، يرى أن كثيرا من الآيات التي يقال عنها منسوخة هي "منسأة" وليست منسوخة، وهناك قراءة في القرآن (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا) بالهمز، يعني نؤخرها، فهو يقول إن ما ذهب إليه كثير من المفسرين في الآيات مثل (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، و(خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ)، من أنها منسوخة، هي ليست منسوخة لان المنسوخ لا يعود له حكمه، ولكنها "منسأة" يمكن أن يعود لها حكمها، وهذا في حالات الضعف، حين يكون المسلمون مستضعفين ولا قدرة لهم على مقاومة عدوهم، فعليهم أن يصبروا ويقولوا التي هي أحسن، ويدعوا بالحكمة والموعظة الحسنة، فإذا أصبحوا أقوياء كان لهم شأن آخر، وهذا من ضمن التفسيرات لآيات النسخ".
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=210917
هكذا هم الإسلاميون منذ برزوا على مسرح الأحداث: شعارهم المفضل "إنما هي الحرب خدعة". لهذا يبرعون في التحايل والخداع وإعادة التخندق وراء الشعارات. وها هم يعتبرون الديمقراطية من صميم الإسلام، ولِمَ لا؟ أليست الحكمة ضالة المؤمن يطلبها أنى وجدها؟ !!! لكنهم بارعون أيضا في السطو والنهب على إنتاج الغير وتأميمه وأسلمته.
والسيد الغنوشي من أكثر الإخوان مراسا في هذه الصناعة. قراءته صعبة جدا يقع في حبائلها الكثيرون. ولهذا اكتسب شهرة كبيرة كرجل معتدل وعصراني وديمقراطي ومتسامح دون وجه حق. ولقد رأينا كيف سقط في فخ أمثاله رجل مفكر محنك مثل منصف المرزقي.
لنعد إلى تفكيك حيل الغنوشي. هل يمكن مثلا فك الارتباط بين الديمقراطية والعلمانية وبين الديمقراطية والمواطنة وبين المواطنة والعلمانية؟ عند الغنوشي المسألة بديهية ويكفي أن يقرر: ((وقد تقدم أن الارتباط بين الديمقراطية والعلمانية هو من هذا القبيل هو في أعلاه مجرد واقعة وليست قانونا، وكذلك الأمر بالنسبة للعلاقة بين فكرة المواطنة والعلمانية أو المواطنة والدولة القومية. فلقد عرف العالم ومنه أوروبا دولا قومية علمانية لا تعترف لكل مواطنيها بحق المساواة بل قد تقترف في حقهم اضطهادا يبلغ حد الإبادة، كما فعلت النازية والفاشية)).
الغنوشي يتمادى هنا في التعمية عندما يخلط بين القومية والديمقراطية والعلمانية والديمقراطية. فما علاقة القومية بالديمقراطية؟ وما علاقة القومية بالعلمانية؟ صحيح هناك علاقة ما بين القومية والمواطنة ولكن القومية كفكرة عنصرية تستبعد من مجال المواطنة كل ما ومن لا يدخل ضمن مقومات قوميتها كما تستبعد كل المواطنين من لعب أي دور في حياة بلدانهم، هي فقط في حاجة إليهم كمواطنين للتعبئة ضد العدو الحقيقي والوهمي والمختلق على حد سواء.
فماذا نفهم من هذا الكلام؟ إذا كانت النازية والفاشية في ألمانيا وإيطاليا مثلا دولا قومية، فهل كانت بالفعل دولا ديمقراطية؟ الغنوشي لم يقل إنها كانت دول ديمقراطية ولكنه قال إنها دول علمانية وطول مواطنة فهل كان فعلا كذلك؟ الخلط الذي تعمده بين القومية والعلمانية والمواطنة والديمقراطية يوهم القارئ بذلك. ومع ذلك فهل كانت علمانية؟ وهل كانت دول مواطنة؟ قد تكون علمانية فقط لو طبقنا عليها المفهوم المشوه للعلمانية عند الإسلاميين وهو عدم تطبيق الشريعة، وهذا المفهوم المشوه للعلمانية هو الذي جعلهم يحكمون على الدول العربية القومية بأنها علمانية. هل كان الدين في ألمانيا وإيطاليا مستقلا عن الدولة أم كان في خدمتها إبان الحكم الفاشي والنازي؟ صحيح أنه لم يكن للدين نفوذ على الدولة ولكن الدولة كانت مهيمنة على المؤسسات الدينية تسخرها في كل مشاريعها التسلطية مثل محاربة الحريات والأفكار اليسارية ومعاداة السامية الخ.. وهذا يكفي لتكون هذه العلمانية المزعومة مخدوشة والمواطنة نفسها لم تكن تمارس فيهما كما نفهمها اليوم:هنا مواطنون في جبهات القتال ولامواطنون في السجون أو في القبور.
ويقدم لنا الغنوشي مثلا آخر لإمكانية الفصل بينها تأييدا لزعمه ((ولم يكتسب السود في الولايات المتحدة، مع أنها دولة قومية علمانية، حقوق المواطنة ولو من الناحية النظرية إلا في ستينيات القرن الماضي، ولا يزال المسلمون يتعرضون وكذلك أعراق وديانات أخرى لضروب بشعة من التمييز والقمع في دول قومية علمانية عديدة، بما يؤكد أن هذا الربط لا يحمل أي دلالة عابرة للتاريخ وإنما هو مجرد واقعة، ومقابل ذلك قامت في الغرب والشرق حكومات ديمقراطية على أساس المواطنة دون أن تكون علمانية بل تتبنى دينا رسميا مثل المملكة المتحدة البريطانية حيث تجتمع في رئاسة الدولة السلطتان الدينية والسياسية، وكذا حكومات غربية وشرقية أخرى)).
وهذا الكلام هو الآخر لا يصمد أمام محك النقد والمنطق. فلو قال الغنوشي ذلك قبل خمسين عاما لجاز له ذلك، أو أنه قاله قبل سنة فهو كلام بائس. ففرنسا كانت دولة علمانية وديمقراطية بين حدودها التاريخية ومع ذلك كانت تتعامل مع شعوب مستعمراتها بطريقة عنصرية رغم أنها تعتبرها جزءا لا يتجزأ من أراضيها. هي ديمقراطية مع مواطنيها ولكنها ليست كذلك مع غير مواطنيها وإن كانت تزعم أنهم مواطنوها ولو بدرجة أدنى. فهل نتخذ هذه التجارب السيئة، أو بالأحرى هي تجارب كان مفهوم المواطنة يتطور ولم ينضج، كما تم فيما بعد، حجة على العلمانية وعلى الديمقراطية كما يجب أن نتبناهما اليوم؟
وحتى مثال أمريكا ليس حجة لا على العلمانية ولا على المواطنة ولا على الديمقراطية. كانت أمريكا فعلا دولة ديمقراطية مع البيض، ولكنها لم تكن كذلك مع السود وغيرهم من الأقليات. بل يمكن أن نذهب أبعد في التاريخ: أثينا كانت ديمقراطية، وهي أول ديمقراطية في التاريخ، ولكنها كانت ديمقراطية خاصة بمواطني أثينا من الأحرار مع استبعاد العبيد والنساء وغير الأثينيين. ولكن هذا لا يقلل منها كتجربة فذة في التاريخ كما لا يقلل من التجارب الحديثة قبل نضجها ولكنها جميعا لا تبرر رفضنا لها في بلداننا.
ويحلو كذلك للإسلاميين أن ينعتوا دولة يثرب/المدينة بأنها كانت مثال الحرية والمساواة والإخاء كما هو شعار الثورة الفرنسية، ولكنها مع ذلك كانت خاصة بالمسلمين الذكور دون العبيد ودون النساء ودون الكفار ودون المؤمنين بغير دين الإسلام، ورجالها هم أيضا طبقات وقبائلها طبقات، حتى جعلت الخلافة في قريش قرونا من الزمان.
الديمقراطية والمواطنة والعلمانية تتناقض مع العنصرية والاستعمار واحتكار طبقة للحكم بقوة القانون المدعوم بالحديد والنار، وهذا كان حال الكثير من دول العالم بما فيها أمريكا. ولا يجب أن تكون هذه التجارب حجة علينا لقبول دعوى الإسلاميين لإقامة دول إسلامية. فهذه التجارب التي استغلها الغنوشي عفى عليها الزمان وعرفت بلدانها تحولات جذرية تفاداها الغنوشي لحاجة في نفس يعقوب. اليوم يرأس أمريكا رجل أسود من أب مسلم، بينما مازال في بلادنا العربية أقليات محرومة من الجنسية في أوطانها كما تُقِصَى أغلبية شعوبنا من المشاركة الحرة في تقرير مصير أوطانها رغم تبجحها بديمقراطية مغشوشة ومواطنة مهدورة. هل يعقل أن يبني الغنوشي رفضه للعلمانية على تجارب غربية كانت ناقصة ولكن أهلها تمكنوا من تجاوزها نحو الأحسن منذ عشرات السنين. منذ يومين شاهدت الغنوشي وهو يتحدث من لندن بعد أن حضر لقاء يبدو أن الهدف منه كان طمأنة الغرب حول الحكم الإسلامي وهم يتأهبون للاستيلاء عليه ضمن ديمقراطية عرجاء. الغنوشي استغل الحكم في تركيا واصفا إياه بأنه حكم إسلامي ومع ذلك فهو ديمقراطي، ولكنه تعمد بخبث الإشارة إلى ما يحرص عليه (الإسلاميون) الأتراك في التذكير المتواصل بأنهم لا يفكرون أبدا في التخلي عن علمانية تركيا ولم يصدر عنهم حتى الآن ما يمس بالتعددية الديمقراطية في هذا البلد بينما هو يبذل المستحيل لجعل العلمانية زائدة دودية لا غير كما قال المرزوقي.
المحزن في كل هذا أن شعوبنا، سوف تضطر إلى مزيد من الدماء والدموع للإطاحة بالمستبدين ثم سيكون عليها بذل مزيد من الدماء والدموع للانتصار على جميع أعداء الحرية والديمقراطية والمواطنة والعلمانية خاصة من الإسلاميين: فأي لعنة هذه على رأي الدكتور كامل النجار في مقاله الأخير!
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يروجون الآن للدولة المدنية
عبدالله ( 2011 / 6 / 19 - 15:05 )
وفوق كل هذا فالإسلاميين يورجون الآن للدولة المدنية ذات المرجعية الدينية، ولا يمكن أن يمر هذا الترويج إلا على البسطاء والسذج، فالدولة المدنية كمفهوم تم اشتقاقه من - التمدن - حيث حرية الرأي والتعبير وحرية التفكير والاعتقاد وحرية المأكل والملبس وهي أبسط الحقوق الفردية. لا شك إذن في لجوء الإسلاميين إلى الخداع والتحايل والكذب على الناس لتمرير مشروع الدولة الإسلامية، دولة تقوم على اعتبار وحقوق كاملة للإسلاميين مع تجاهل الأقليات والمعارضين للتشريع الإسلامي.
مقالة رائعة وقراءة حصيفة لمنطق الغنوشي والإسلاميين عامة.


2 - لعنة ألضلال
SAID ( 2011 / 6 / 19 - 15:46 )
إنها لعنة إستسهال التقليد و عدم الإبداع و التطوير للمستقبل التي أصابت الجميع ، أرى أن حتى الكاتب مع المقولة التي كلست عقول الإسلاميين والعلمانيين ليس بلإمكان أحسن مما كان


3 - مقال رائع كالعادة
محمد أبو هزاع هواش ( 2011 / 6 / 19 - 19:01 )
تحية استاذ عبد القادر ومقالك اليوم رائع كالعادة. وكما تعرف فإن الاسلاميون لايؤمنون بحقوق المواطنة لأي شخص يختلف عنهم. لايقلبوا بالاختلاف وهذه الايام فرصة ذهبية لهم. سنرى كيف سيتصاعد نفوذهم وستتسرب ايدلوجياتهم لتصبح قوانين مع الايام. وانما الحرب خدعة كما يقولون.

مع التحية


4 - إعادة انتاج النهب والسرقة
محمد البدري ( 2011 / 6 / 19 - 20:06 )
منذ ظهر الاسلام السياسي في الربع الاخير من القرن الماضي لم اجد مفكرا او شيخا او فقيها اسلاميا مؤيدا للاسلام السياسي الا وكان الكذب والتضليل سمه اساسية وكامنه في صلب اقواله. حتي العلوم الطبيعية فقد اضحكوا العالم علينا وعليهم عندما نسبوها الي كتابهم وسنة نبيهم. فدولة يثرب التي يكذبون علينا بها فان احداثها ليست سرا علي احد وليس لديهم كتب سرية مخفية حتي يدعوا انهم علي علم بما ليس متاحا لاي فرد آخر علمانيا او كافرا او من دين غير الاسلام. فما قام في يثرب لم يكن اكثر من نظام البلطجة والاتاوة والجزية. انظر الي الادعاء السفية بعدل ابن الخطاب، كان الرجل يوزع بعدل علي اهل يثرب ما نهبه ولاته في الامصار الغير مسلمة كالعراق ومصر وبلاد الشام. ومع ذلك نسمع ان ابو ذر كان يخرج معترضا ويشهر سيفه من اجل الطعام وان امرأة كانت تغلي الحصا لتسكت اطفالها حتي يناموا. حتي المنهوب والمسروق كان يعاد نهبه عند وصوله الي يثرب. تحية وشكر للاستاذ انيس علي شهادته ونقده لاحد كبار مشايخ الكذب.


5 - إلى عبد الله
عبد القادر أنيس ( 2011 / 6 / 19 - 23:06 )
فعلا أخي عبد الله، كذبة الدولة المدنية التي يرحبون بها ويرفضون الدولة العلمانية لا يجب أن تنطلي على أحد. طبعا هم يقصدون بالدولة المدنية تلك التي لا يتولى السلطة التنفيدية فيها رجال الدين، ولكنهم يشترطون أن تحتكم للشريعة أو على الأقل تكون في (إطار مبادئ الشريعة) التي يسلم لهم فيها علمانيون أمثال البرادعي والمرزوقي وهو تحصيل حاصل، لأنه في نهاية المطاف، من يوكل إليه مراقبة هذه الدولة ومدى توافق قراراتها مع شرع الله؟ إنهم رجال الدين. في إيران مثلا السلطة الفعلية يمسك بها رجال الدين في إطار مؤسسات غير منتخبة ولا تخضع للرقابة الشعبية أشهرها مؤسسة الولي الفقيه الذي يملك من الصلاحيات ما لا يملكه الرئيس والبرلمان مجتمعين (انظر الدستور الإيراني)، رغم أنهما منتخبان من طرف الشعب. وفي غير إيران ينصب رجال أنفسهم أوصياء من خلال مؤسسات كثيرة ومن خلال هيمنتهم على المساجد وعلى مناهج التدريس وعلى العامة المخدوعة.
تحياتي


6 - إلى سعيد
عبد القادر أنيس ( 2011 / 6 / 19 - 23:11 )
شكرا سيد سعيد. أتبنى قولك ((إنها لعنة استسهال التقليد وعدم الإبداع)). الإبداع والحداثة والديمقراطية والعلمانية مغامرة بشرية تتطلب شعوبا يقظة لا تنام ولا تقتنع بالقدر. أما شعوبنا فهي تنام وتحلم بالمهدي المنتظر أو بالمستبد العادل الذي يغنيها متاعب التنظيم والتظاهر والسهر والتعلم وغيرها. تحياتي


7 - إلى أبو هزاع
عبد القادر أنيس ( 2011 / 6 / 19 - 23:18 )
أهلا أخي محمد أبو هزاع. شكرا على المرور. الإسلاميون سيظلون في نظري عامل عرقلة لمدة طويلة حتى لو لم يكونوا في السلطة. فهم إذا لم يتحالفوا مع الاستبداد كما هو واقع، يساهمون في تحريف وعي الناس وتضليلهم وتعويق حركاتهم.
تحياتي


8 - إلى البدري
عبد القادر أنيس ( 2011 / 6 / 19 - 23:37 )
شكرا محمد البدري على مرورك وتعقيبك الصريح والطريف. في الحقيقة التربية والتعليم والمساجد عندنا تمكنت من غسل عقول الناس حتى صاروا يصدقون ما لا يصدق. شكرا


9 - الشيوخ الكذبه
على سالم ( 2011 / 6 / 20 - 01:25 )
يكاد يكون مستحيلا لى ان اثق بشيوخ الاسلام ,انهم كاذبون غادرين وايضا منافقين عبر تاريخهم الاسود الدموى وهم مدفوعين بالكذب من واقع دينهم والذى يحض على الكذب عبر ايات واضحه وصريحه ,الفقر والجهل والتخلف بين الغالبيه الكاسحه من المسلمين يجعل هذا تربه خصبه لهؤلاء الشيوخ الكذبه ان ينشروا هذا المعتقد الشرير بين ابناء هذه الامم البائسه ,بالطبع الشيخ الغنوشى احد هؤلاء الكذبه ,لك تحيتى


10 - الإزدواجية أكبر وجهٍ في الإسلام
الحكيم البابلي ( 2011 / 6 / 20 - 06:55 )
الأخ عبد القادر أنيس
موضوع ذكي يضع الكثير من النقاط لتوضيح حروف البعض الذي يدعي الشطارة
وكما قال أحد الأخوة المعلقين ، الإسلام مبني أساساً على الحيلة والخدعة والتمويه والمراوغة والإزدواجية التي ربما كانت واحدة من أهم اسباب ديمومته لحد الأن ، فهو يُرضي الغلابة الطيبين - وهم الأكثرية الجاهلة - بوجه ، ويُمارس مخلبيتهِ بألوجه الآخر
لهذا سنراه - راي خاص - يلجأ ومن خلال إزدواجيته ، للبدعة المسماة ب الشورقراطية للتحايل على المجتمع الدوالي ، والتي سيكون له فيها مآرب أكثر مما كان لموسى في عصاتهِ

المهم إننا نرى الإسلام اليوم يلجأ لكل الطرق التي اُضطر للجوئها ، كالغريق الذي يتشبث بقشة ، ورغم علمنا بأنه لن يغرق عاجلاً ، لكننا نعلم أيضاً بانه سيغرق لا محالة ، فسدوده متضعضعة ، والزمن لم يعد حليفاً له ، والمسألة مسألة وقت ، حتى وإن لم نكن من المحظوظين الذين سيحتفلون بيوم سقوط المسوخ
تحياتي


11 - لا ومليون لا
سناء نعيم ( 2011 / 6 / 20 - 09:06 )
لظروف قاهرة لم أستطع قراءة المقال بالتركيز المطلوب وسأعود لقراءته بطريقة متانية لا حقا وهذا لا يمنعني من إبداء تعليق حوله:فالغنوشي ومواطنه مورو وأستاذه القرضاوي وكل إسلامي معتدلا كان أم سلفيا لايؤتمنون لأنهم ينهلون من منبع واحد راكد لا يعترف بالديمقراطية ولا المواطنة ولا حقوق الإنسان وما تصريحاتهم الإنتقائية إلا خداع للسذج البسطاء الاميين المنساقين وراء دجل الإسلاميين.الغنوشي أنكر فضل بورقيبة عندما صرّح ان مجلة الاحوال الشخصية هي إإجتهاد فقهي ولا تتعارض مع الشريعة..تصوروا قمة الكذب تماما كما يكذب أبوجرة وهو يردد ،بلا حياء، أن لا إكراه في الدين وان الإسلام دين الحرية فيكذبه الشيخ أبو عبد السلام وهو يفتي،بلا خجل،بأن خروج المراة سافرة هو عدوان على الرجل وعلى حرّيته...هل يجب الثقة في امثال هؤلاء؟بالطبع لا ولكن لمن تقرأ زبورك يا داوود.تحياتي لك ولكل عقلاني رافض للخرافة.


12 - إلى علي سالم
عبد القادر أنيس ( 2011 / 6 / 20 - 14:17 )
شكرا على المرورو والتعليق والتجاوب.
أتفق معك سيد علي سالم. المحزن أن يجد هؤلاء من يسمعهم ومن يؤيدهم ومن يسير وراءهم بالملايين بسبب انحطاط مستوى العقلانية في بيئاتنا بالإضافة إلى ضعف معرفة الناس بالتاريخ وخاصة تاريخ الإديان، تحياتي


13 - إلى الحكيم
عبد القادر أنيس ( 2011 / 6 / 20 - 14:29 )
شكرا يا حكيم. أضيف إلى رأيك حول ديمومة الدين كونه يرضي الغلابة الباحثين عن فرَج قريب في الدنيا وجنات عرضها السموات والأرض، فهو دين ذكوري قدم للرجل سلطة وشرفا وهميين جعلته ينخدع بها ويدافع عن ديمومته . أتفق معك حول مصير الأديان خاصة في بيئاتنا المتخلفة بشرط تزايد وعي الناس ومعارفهم. وهذا ما يجب أن نقوم به.
تحياتي


14 - إلى سناء
عبد القادر أنيس ( 2011 / 6 / 20 - 14:41 )
صحيح يا سناء، المقال فيه مد وجزر فرضهما أسلوب الغنوشي المراوغ. أبوجرة يرأس حزبا إسلاميا يتبع سياسة انتهازية مراوغة شأنه شأن نهضة الغنوشي. أما أبو عبد السلام فهو (نية) كما نقول في الجزائر و(على نياته) كما يقول المصريون لا تهمه السياسة، ولهذا فهو في فتاواه صادق مع دينه ولا يعرف التستر على سلبياته رغم أنه مستشار في وزارة الشؤون الدينية في دولة لها دستور مراوغ هو الآخر: من جهة حرية الاعتقاد ومن جهة الإسلام دين الدولة.
تحياتي


15 - ألأشرار و الأخيار
SAID ( 2011 / 6 / 21 - 01:40 )
للأسف الأحزاب اليساريةأيضا ـ إلى جانب اليمين والسلفية ـ في المغرب أكبر داعم للإستبداد،الكلام النظري عن العلمانية و الفكر اليساري جميل،أليس غريبا أن القوى المعارضة للإستبداد في تركيا ومصر و تونس و المغرب إسلامية المرجعية !في نظري لا داعي للإستمرار في التخندق الإيديولوجي .بإنسبة لأخي البدري لو كان في تاريخ روسيا حاكم في القرن السابع كعمر بن الخطاب لاستحق منهم الإحترام .ل


16 - إلى سعيد
عبد القادر أنيس ( 2011 / 6 / 21 - 10:19 )
في كلامك شيء من الخلط. فلا يجب التعميم. هناك في المغرب كما في غيره حركات وأحزاب وتيارات ضد الاستبداد، وهنا الأحزاب التقليدية التي تألفت مع الاستبداد الملكي. الإسلاميون في تركيا، إن صح التعبير، وجدوا دولة قوية بناها العلمانيون. وليس في الشرق دولة مثل تركيا بناها إسلاميون. الإسلاميون في تركيا ليسوا ضد العلمانية ومختلف الحريات، حتى الآن على الأقل. أما الإسلاميون في المغرب وفي غيره فهم يحملون فكرا استبداديا أقبح مما هو موجود. هم ضد الحريات المختلفة، وهم ضد الاستبداد الحالي ليس لأن عندهم أفضل منهم بل لأنهم يلومون الملكية على أنها ليست أكثر استبدادا كونها لا تعمل بشريعتهم. الديمقراطية عندهم تقف عند الانتخابات مادام الشعب معهم أما الحريات الأخرى فهي كفر بواح.
رأيي من رأيي البدري حول عمر. فهو موزع غنائم لا غير.
تحياتي


17 - بين الممارسة و النظرية
said ( 2011 / 6 / 21 - 18:26 )
فعلا التعميم لا يفيد وفي قول السيد البدوي الكثير منه (منذ ظهر الاسلام السياسي في الربع الاخير من القرن الماضي لم اجد مفكرا او شيخا او فقيها اسلاميا مؤيدا للاسلام السياسي الا وكان الكذب والتضليل سمه اساسية وكامنه في صلب اقواله.) كما ان اختزال عمر بن الخطاب في ^جامع و موزع غنائم ^من اجل *اغتياله* فيه تجني , فكل رجال التاريخ _ممن مار سوا الحكم فعلا _ يمكن تبخيس انجازاتهم بمثل هدا الاختزال فالرجل كان حال ولاته احسن من حاله... لم يبني قصرا او قبرا مهيبا كمن سبقوه او يترك جثة محنطة كلينين او تماثيل كالتي تملئ دول التجارب الاولى للشيوعية العلمانية .... ففي القرن السابع اشتغل على الحكم باعتباره مسؤولية وليس تشريفا و منع ابنه من خلافته وتراجع عن قرار امام اعتراض امراة و عاقب والي مصر امام مواطن قبطي وامر بصرف مال ليهودي عجوز من بيت
مال المسلمين طبعا يمكن ايجاد نقائص كثيرة في فترة حكمه, لكنها كانت بدايات جيدة لولا الانتكاسة التي بدات بالحكم الاستبدادي;شكرا على ردودك


18 - إلى سعيد
عبد القادر أنيس ( 2011 / 6 / 21 - 21:38 )
تقول سيد سعيد في تعقيبك الأخير : ((طبعا يمكن ايجاد نقائص كثيرة في فترة حكمه، لكنها كانت بدايات جيدة لولا الانتكاسة التي بدأت بالحكم الاستبدادي)). يلاحظ ابن خلدون أن الفترة الأولى لبناء الدول يكون المؤسسون فيها قريبي عهد بالبداوة والبساطة وشظف العيش وقريبين من أنصارهم الذين رفعوهم إلى الحكم ضمن ما يشبه الديمقراطية البدائية. لكن الجيل الثاني يبدأ في الابتعاد عن هذه الصفات بسبب الثراء وما يصحبه من ترف، وتزداد الهوة بين القيادة التي تستحوذ على السلطة والثروة (الاستبداد) والشعب المحروم. وهذا ما حصل في دولة الإسلام. إنها دولة بشر عاديين لولا هالة القداسة التي اكتسبوها من الدين وأدت في النهاية إلى الانحطاط لأن الأفكار تكلست واستعصت بسبب قدسيتها على التطور لمواجهة المستجدات. الانتكاسة لم تكن غريبة عن الإسلام ولا كانت انحرافا عنه بل هي كامنة في أحشائه. ومادامت شعوبنا لا تزال مرتهنة لهذا الفكر البسيط فلن تتمكن من التقدم. إنه دواء تجاوز صلاحيته ولا ينفع تعاطيه بل يضر شأنه شأن أي دواء فاسد.


19 - ??دولة الإسلام
said ( 2011 / 6 / 22 - 01:50 )
لا أدافع عن دولة الإسلام إنما إرتأيت أن أعطي عمر بعض حقه؛أما بخصوص ملاحظات العبقري إبن خلدون أن (الفترة الأولى لبناء الدول يكون المؤسسون فيها قريبي عهد بالبداوة والبساطة وشظف العيش وقريبين من أنصارهم الذين رفعوهم إلى الحكم) ربما تخص المناطق الإسلامية التي درسها،،،ربما تمنى بعض أصحاب و أنصارو مواطني ستالين لو لم يبقوا قريبين ممن رفعوه إلى الحكم في الفترة الأولى لبناء الدولة؛


20 - الصورة هي هي
عبد القادر أنيس ( 2011 / 6 / 22 - 10:18 )
صدقني الصورة هي هي في دول ابن خلدون وفي دولة روسيا الشيوعية في بداياتها وحتى في الجزائر بعد الاستقلال مباشرة. كان القادة الأوائل بشر، مثلما كان عمر يتجول في الاسواق وكان لينين قريب من أصحابه وكان بن بلة شعبويا يمشي في الشوارع. ثم تحول من جاء بعدهم إلى آلهة أو أنصاف آلهة على الأقل. وحتى في المغرب فإن محمد الخامس كان بسيطا جدا مقارنة بحفيده المتعجرف صاحب مئات السيارات الذي لا يعتقد أن المغرب ملك لشعبه وليس له. وحدها الديمقراطية أعادت الحكام بشرا في خدمة الشعب وليس العكس.
تحياتي

اخر الافلام

.. 111- Al-Baqarah


.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال




.. لايوجد دين بلا أساطير


.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف




.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس